اصدر مركز زايد للتنسيق والمتابعة فى اطار احتفالات الدولة بالذكرى الثلاثين للعيد الوطنى المجيد دراسة توثيقية جديدة بعنوان «قيادات فى تاريخ الامارات» قراءة للصفحات المجيدة من تاريخ هذا الوطن الغالى وتقديرا وعرفانا بمواقف الرجال الذين كان لهم الدور الفعال فى بناء اتحاد دولة الامارات ووضع أسسه القوية. وتتضمن الدراسة معالم السياسة الحكيمة لثلاثة من رجال الرعيل الاول الذى بنى صرح هذه الدولة الفتية هؤلاء الثلاثة الذين شاركوا قائد المسيرة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان «حفظه الله» فى وضع الاسس لاتحاد الامارات وهم المغفور لهم باذن الله الشيخ راشد بن حميد النعيمى حاكم عجمان والشيخ أحمد بن راشد المعلا حاكم أم القيوين والشيخ محمد بن حمد الشرقى حاكم الفجيرة فلقد كتب هؤلاء الراحلون العظماء مع أخوانهم حكام الامارات الصفحات الاولى المجيدة من تاريخ هذه الارض الطيبة ووضعوا معا الخطوط الاساسية لمستقبل هذه الدولة الذى اختاروا له بمحض ارادتهم وبحكمة عقولهم شكل الاتحاد كنموذج ونبراس تهتدى به أجيال أمتنا العربية كلها على طريق تحقيق حلمها الدائم والكبير حلم الوحدة العربية. كما أصدر مركز زايد للتنسيق والمتابعة مؤخرا دراسة عن سيرة حياة صاحب السمو الشيخ راشد بن سعيد ال مكتوم «رحمه الله» بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لرحيله والتى صادفت السابع من شهر أكتوبر الماضى تناول فيها الدور البارز لسمو الشيخ راشد فى ارساء قواعد الاتحاد الذى بات أنجح تجربة اتحادية فى التاريخ العربى الحديث ففى الذكرى الثانية لقيام الاتحاد قال سموه «ان دولة الامارات حققت خلال فترة قصيرة ما يعتبر مثالا يقتدى به ويعكس اهتمام المسئولين فيها برفع مستوى المواطن وتأمين احتياجاته فى كافة الميادين.. ان قيام دولة الامارات العربية المتحدة كان ضرورة لدفع عجلة التطور والنمو الاقتصادى والاجتماعى عن طريق حشد الطاقات والامكانات فى كل الامارات». وتقدم دراسة «قيادات فى تاريخ الامارات» عرضا تاريخيا لواقع وظروف وأوضاع الامارات قبل الاتحاد ومساعى الاستعمار والقوى الاجنبية للتفريق بين العرب أينما كانوا وبشتى الوسائل وأساليب المقاومة العربية فى هذه الامارات وسعيها نحو تحرير أراضيها واستقلال ارادتها. وتتعرض لمسيرة العطاء والبناء للشيخ راشد بن حميد النعيمى «رحمه الله» وانجازاته ومساعيه الفعالة لاقامة دولة الاتحاد وسياسته الحكيمة التى ساعدت بشكل كبير على صمود هذه الدولة الفتية أمام التحديات التى واجهتها ثم تقدم عرضا لمسيرة العطاء والبناء والانجازات للشيخ أحمد بن راشد المعلا «رحمه الله» الذى كان يأبى دائما أن يتحدث عن نفسه ويفضل أن يعمل فى صمت ويترك التاريخ يحكى بنفسه للاجيال القادمة أمجاد الاباء والاجداد. كما تتناول مسيرة الوفاء والعطاء للشيخ محمد بن حمد الشرقى «رحمه الله» وتواصله الدائم مع جامعة الدول العربية وأمينها العام انذاك ودعمه وتأييده لجهودها فى منطقة الخليج ومشاركته الفعالة فى كل اللقاءات التى مهدت لقيام دولة الاتحاد. انها وقفة تأمل وتدبر واعتزاز من مركز زايد للتنسيق والمتابعة بأولئك الذين كتبوا بحياتهم تاريخ هذه الارض الطيبة وصنعوا واقع مجدها ونهضتها ووضعوا الجهد بجانب الجهد واليد فى اليد لبناء الدولة ورفاه الشعب ووجب علينا وعلى شباب اليوم الاطلاع على سيرهم واعادة قراءة حياتهم وما أتيح من تفاصيلها للاستفادة منها فى سيرورة الحاضر واضافتها الى الرصيد المعنوى والمخزون الفكرى الذى يعبى الذات ويحفز الهمم فى ثقة نحو مستقبل يرسم أو بميلاد دولة حديثة وعصرية يرتفع كيانها شامخا بين الدول يكشف عن عبقرية الانسان العربى المؤمن بأمته ووحدته ومقوماته. ثم تذكر الدراسة بأهم الخطوات والاجتماعات التى تمت بين أصحاب السمو حكام الامارات والتى أسفرت عن ميلاد دولة الامارات العربية المتحدة التى كانت على موعد حاسم مع تاريخها المعاصر يوم الثانى من ديسمبر من عام 1971 عندما عقد حكامها اجتماعا تاريخيا تضمن التصديق على الدستور المؤقت للاتحاد وأعلنوا قيام دولة الامارات العربية المتحدة لتبزغ الى الوجود كدولة مستقلة ذات سيادة وكجزء من وطننا العربى دولة ترمى الى تحقيق ازدهار شعبها ونهضته ومناصرة القضايا العربية والاسلامية وكان الشعور الذى غمر الحكام والشعوب فى الامارات وفى العالمين العربى والاسلامى ممزوجا بالفرح والامل لنجاح هذه التجربة الوحدوية المتفردة فى تاريخنا العربى المعاصر ولاشك أن الطموحات كانت أكبر من أن تحملها أو تعبر عنها فى تلك اللحظات أى كلمات. ومنذ أعلان تأسيس الدولة الذى يصادف اليوم ذكراه الثلاثين لم تلبث دولة الامارات أن تحقق فى كل يوم مكاسب جديدة تضيفها الى رصيدها الاتحادى لصالح شعبها فى رقيه وعزته ونهضته ولصالح الامة العربية وقضاياها العادلة وفى سبيل تضامنها والذود عن كرامتها وأيضا لصالح الشعوب الاسلامية والقضايا الانسانية. وفى حديثها عن المغفور له الشيخ راشد بن حميد النعيمى «رحمه الله» تؤكد الدراسة أن بريطانيا كانت تهتم بتحركات الشيخ راشد بن حميد وبامارة عجمان التى كانت مطلقة الولاء لحاكمها الذى استطاع أن يوفر الامن والحماية لرعيته ويجنب أمارته الاضطرابات محافظا على كيانها ووحدتها وحدودها وثروتها وتذكر الوثائق البريطانية أن الشيخ راشد اعترض عام 1953م فريق تنقيب لشركة نفط تعمل غرب الذيد فى أراض يعتبرها تحت حمايته والمساس بالارض فى مفهوم سموه الذى توارثه هو مساس بالعرض ومقدسات الامة وقد قال فى ابراز هذه القيمة الأصيلة مقولة سارت بين الاجيال حكمة عربية صرفة «ليس عربيا من يصبر على الضيم وليس عربيا من يجبن أو يتردد اذا دعا داعى الموت» وهى القاعدة التى بنى عليها مواقفه من القضايا العربية التى تتطلب الحسم وسرعة الرد. فلقد كان الحس العربى متقدا فى نفسه وينبيء عن عمق انتمائه الى كيان الامة العربية فوافق على مشروعات التنمية الاقتصادية التى خصصتها جامعة الدول العربية من خلال الصندوق الذى أنشأته الجامعة فى اجتماع رؤساء الحكومات العربية فى يناير عام 1965 للنهوض بأمارات الساحل على الرغم من الضغوطات التى مارستها بريطانيا على حكام الامارات والزامهم بعدم التعامل مع الجامعة العربية كما لم يدخر جهدا ولا مالا لتسخيره فى كل ما من شأنه أن يعطى دفعا قويا للنهوض بالامارة وأبنائها وركز اهتمامه فى بداية المسيرة المباركة التى شهدتها عجمان على التعليم الذى اعتبره العمود الفقرى لاى عمل جاد ومثمر. واهتمامه بالثقافة الاسلامية واجلاله للعلماء جعله ينشى المعهد العلمى الاسلامى الذى شكل حلقة وصل بين الاجيال وتواصلا حضاريا مفتوحا على شتى أصناف المعرفة. ولقد امتدت المشروعات فى أمارة عجمان لتشمل مختلف القطاعات الصحية منها والقضائية والزراعية وغيرها وعمل المغفور له الشيخ راشد بن حميد النعيمى بتفان واخلاص كبيرين شادا على يد أخيه صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رئيس الدولة وأخوانه حكام الامارات من أجل وضع أسس الاتحاد واقامة دولة قوية تجتمع تحت لوائها ورايتها كل الامارات وكان هذا ينبع من ايمانه العميق بالمصير الواحد والمصلحة المشتركة ولقد قامت امارة عجمان بدور هام لانجاح الاتحاد بفضل المواقف الوطنية المخلصة التى وقفها صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمى ولى العهد ونائب الحاكم فى ذلك الوقت. وبعد سنوات عشر قضتها امارة عجمان فى ظل مسيرة الاتحاد المباركة استفاقت صباح يوم الاحد الموافق 6 سبتمبر من عام 1981 على فاجعة فقدان المغفور له الشيخ راشد بن حميد النعيمى اثر مرض عضال استمر معه فترة من الزمن فانتقل الى رحاب ربه بعد حياة مضمخة بطيب الاثر ومعطرة برائحة الكفاح وروح البطولة والنخوة العربية تاركا بصماته فى كل شبر من ثرى عجمان الذى رواه بجهده وجهاده فى سبيل رقى شعبه وازدهاره وقد رثاه الجميع رئيسا وقيادة وشعبا. وجاءت الوفود من البلاد العربية والاسلامية تشارك العزاء فى فقيد الامارات الكبير وجاء فى نعى ديوان صاحب السمو رئيس الدولة له «لقد فقدنا بوفاة الاخ الراحل الكبير صرحا من الصروح التى ما كان لاتحاد دولة الامارات أن يقوم دونها ورجلا من أبرز الرجال الذين كرسوا حياتهم فى سبيل هذا الشعب والتفانى فى العمل لرفعة أبنائه وتقدمهم وخدمة قضايا الامتين العربية والاسلامية وأخا عزيزا واكب مسيرة الاتحاد والتقدم فأعطى من وقته وجهده بلا حساب لاعلاء كلمة وطننا وتسطير مجده وعايشناه فما عرفنا عنه سوى الولاء والاخوة والصدق». وتوثق الدراسة لتصريحات وأقوال الشيخ راشد بن حميد النعيمى فى مناسبات مختلفة فحول مواصلة مسيرة الاتحاد صرح يوم 30 سبتمبر 1973 «بأن ايماننا بالمصير المشترك والمصلحة المشتركة ووفاءنا المطلق لارض الوطن وتراث الاباء والاجداد يفرض علينا هذا الموقف الاتحادى وادراك المسئولية التاريخية لمواصلة مسيرة الاتحاد وبذل كل الجهود لتقوية وتوطيد أركانه ودعائمه على أسس سليمة مع أخواننا حكام الامارات وفى مقدمتهم صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة». أما صاحب السمو الشيخ أحمد بن راشد المعلا «رحمه الله» فتوضح الدراسة أن أمارة أم القيوين قد شهدت فى عهده قدرا عاليا من الاستقرار وتوجها طموحا نحو تجاوز كل خلاف وفتح الافاق أمام مستقبل كان ينظر اليه بعيون التفاؤل وبأيمانه المطلق بخيرات أرضه التى أحبها وبقدرة أخوانه وأهله فى الالتفاف من أجل غد أفضل فقد تمتع برجاحة عقل ورحابة صدر وحسن معاشرة جعلت منه مرجعا موثوقا فى النظر والحكم فى بعض أمور المنطقة. وعرفت الامارة التى كان يدير شئونها بخطوات جريئة نحو التنمية رغم امكانياتها المحدودة ومواردها الشحيحة وكان لا يثنيه أى عائق مادى أمام حلم كان يداعب طموحه وخياله فى أن يرى فى كل يوم جديد لبنة تضاف هنا أو هناك ولم تكن رؤيته ضيقة تنطلق من الامارة وتنتهى عندها أوغير آبه بما يتجاذب المنطقة من أحداث وتطورات فقد كانت ثقافته العربية والاسلامية تعطى للمكان فى نفسه دلالة خاصة تتجاوز الحدود والاقاليم وتطبع مواقفه بشيم العزة والاباء العربى وهو ما حدث معه حين أرادت جامعة الدول العربية تقديم المعونات لامارات الساحل فلم يتردد أو يتراجع أمام الضغوطات البريطانية. وأن بعد رؤية سموه وصوابية تقديره للمستقبل جعله يعمل باخلاص وتفان كبيرين ويمد يده بكل الفخر والاعتزاز لصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رئيس الدولة وأخوانه حكام الامارات لجمع شمل الامارات ولاقامة دولة الامارات العربية المتحدة وتثبيت أسسها ورفع شأنها ودفع بأخلاص مع كل الجهود الخيرة فى هذا الاتجاه يحدوه الامل فى وطن عزيز وشامخ يكون جزءا لايتجزأ من كيان أمتنا العربية والاسلامية. وبعد مشوار عمر طويل ورحلة فى دروب الكفاح والصبر ملؤها الخير والعطاء والوفاء للانسان والارض توفى صاحب السمو الشيخ أحمد بن راشد المعلا يوم 21 فبراير من عام 1981 تاركا وراءه أثرا طيبا ونهجا واضحا أصيلا فى القيادة العادلة الحكيمة. وتلقى صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رئيس الدولة برقيات تعزية فى الراحل من ملوك ورؤساء الدول العربية والاسلامية وعدد كبير من زعماء العالم. وقد جاء فى نعى ديوان صاحب السمو رئيس الدولة له «لقد فقد بلدنا بوفاة الراحل الكبير رجلا من أعز رجاله كان له دور بارز فى تشييد صرح الاتحاد وخدمة هذا الوطن ورعاية شئون أبنائه المواطنين والتفانى فى خدمتهم لما فيه رفعة الوطن واعلاء مكانته». ومن تصريحاته وأقواله التى توثق لها الدراسة ما جاء فى حديث له «رحمه الله» نشرته صحيفة «الاتحاد» بتاريخ 21 اغسطس 1976 أكد خلاله على دور صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رئيس الدولة فى بناء الاتحاد «ان زايد هو الذى أسس الاتحاد ودعمه منذ قيامه سواء كان ذلك بالمال أو بالجهد وقد أصبح للاتحاد برئاسة سموه كيانه سواء على المستوى المحلى أو المستوى الخارجى.. نحن متأكدون أن أعضاء المجلس الاعلى سيشاركون الشيخ زايد المسئولية وسيحاولون تذليل المصاعب التى تواجهه ونحن متأكدون أيضا من أن أعضاء المجلس الاعلى سيتعاونون مع زايد بكل طاقاتهم من أجل ازالة هذه العقبات التى تواجهه». وعن صاحب السمو الشيخ محمد بن حمد الشرقى «رحمه الله» تشير الدراسة الى أن سموه قد طالب فى بداية حكمه أمارة الفجيرة الحكومة البريطانية بالاستقلال والاعتراف به بموجب معاهدة وهو ما ذكره المقيم البريطانى فى تقرير لوزير خارجيته يقول فيه «أحيطكم علما أن الشيخ محمد بن حمد الشرقى حاكم الفجيرة قد طلب مرة أخرى اعتراف حكومة صاحبة الجلالة باستقلاله وأبرام معاهدة معه وهذا طلب دورى جرى التملص منه حتى الان وأحد أهداف الشيخ تأجير حقوق النفط فى أراضيه وأن هذه الشهادة البريطانية الموثقة تكشف عن طموح كبير مختزن بوعى ووجدان سموه طموح ينشد كافة السبل والامكانات الموجودة والمحتملة عساه يخفف من وطأة العوز الاجتماعى ويحقق نهضة وتقدم شعبه وأهله لمكانة هم أهل لها فالنفط فى تلك الفترة لم يكن بالنسبة الى سموه سوى الاداة المفترضة لتجسيد المشاريع المعلقة بين سماء الامل وأرض الواقع نظرا لشح الموارد وقلة الامكانات. ومع هذا لم يستسلم سموه الى مثبطات الواقع ولم ينسج رويته النهوضية فقط من مداخيل النفط التى كانت سجالا بينه وبين بريطانيا بل كانت قناعته تنطلق من أن الثروة الحقيقية والثابتة هى تلك الكامنة فى الانسان أى فى المواطن المتعلم والمدرب القادر على تحمل مسئولية القيام بأعباء مشاريع التنمية تفكيرا وتخطيطا وتنفيذا. وأن هذه البدايات التأسيسية السريعة والواثقة من خطواتها فى مختلف المجالات شكلت الانطلاقة العملية فى تاريخ التطوير والتحديث الذى شمل بنى الامارة الاجتماعية والاقتصادية وحدد رؤيتها المستقبلية وفق منهج سياسى واضح المعالم ومرحلى فى مخططاته وأهدافه ينسجم مع الامكانات المتاحة ويواكب حركة التغيير التى شهدتها المنطقة وعلى الصعيد الخارجى كانت رؤيته ترنو الى مد جسور التعاون والاخاء مع باقى العالم العربى والاسلامى متخطيا فى ذلك كل العقبات التى فرضتها الوصاية البريطانية لعزل المنطقة والاستفراد بمقدراتها وفرض خياراتها عليها. وسيذكر التاريخ أيضا لسموه أن واحدة من أعظم انجازاته هى ما أقدم عليه بايمانه العميق وعمله الجاد والمتواصل سعيا مع صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رئيس الدولة وأخوانه حكام الامارات فى سبيل ارساء دعائم الاتحاد وتحضير الارضية الصلبة التى ارتفع عليها بنيانه شامخا وقوت به أركانه ولم يأل جهدا أو مالا من أجل أن يصبح لحلم الوحدة الذى راوده كثيرا رصيد فى واقع الدولة وحياة الشعب. ولقد شاء قضاء الله وقدره أن يرحل صاحب السمو الشيخ محمد بن حمد الشرقى فى يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر سبتمبر عام 1974م فى احدى مستشفيات لندن حيث كان يعالج هناك بعد مسيرة حافلة بالجهد والجهاد تاركا خلفه سجلا معطرا بجسيم التضحيات وعديد الانجازات وروعت البلاد بفقدانه وشيعت جنازته فى مشهد مهيب يتقدمه صاحب السمو الشيخ زايد وأصحاب السمو حكام الامارات وأصحاب السمو الشيوخ ومعالى الوزراء وجمهور غفير من أبناء شعب دولة الامارات. وقد نعاه ديوان صاحب السمو رئيس الدولة «تولى المغفور له الفقيد الحكم فى أمارة الفجيرة فى عام 1952 وظل منذ ذلك الحين يعمل جاهدا فى سبيل تقدمها ورفعتها كما كان رحمه الله من العاملين المخلصين فى سبيل تأسيس الاتحاد بين الامارات العربية الشقيقة وتوثيق عراه وفى سبيل استقلال وتكوين دولة الامارات العربية المتحدة وقد ظل سموه رحمه الله يتابع السعى من خلال عضويته فى المجلس الاعلى للاتحاد لتوطيد دعائم الدولة الجديدة ورفعة شأنها». ومن أقوال وتصريحات المغفور له الشيخ محمد بن حمد الشرقى التى وثقتها الدراسة قوله «أن الاتحاد واقع فعلا فى ضمير الامارات ولا حاجة لقرار يوخذ فى هذا الصدد ولا بيان يذاع فنحن أسرة واحدة تجمعنا وحدة الهدف والمصير والحكام كل الحكام طريقهم واحدة وكلهم عرب». وقال فى تصريح له نشرته صحيفة «الاتحاد» فى عددها الصادر بتاريخ 26 يوليو 1973 «لقد قامت الحكومة بواجبها اننا لم نكن نتوقع أن تتحقق كل هذه الانجازات خلال الفترة القصيرة الماضية ونحن نتطلع الى تحقيق المزيد من الاعمال لخير أمتنا.. إن سمو رئيس الاتحاد لا يألو جهدا فى سبيل تحقيق الاهداف التى يتطلع اليها شعبنا لقد تحقق الكثير فى الامارات». ان مركز زايد للتنسيق والمتابعة واذ يحيى ذكرى هؤلاء الرجال العظماء الثلاثة من خلال هذه الدراسة المتواضعة أمام مسيرة عطائهم المجيدة انما يقدم جزءا من التقدير والعرفان والذكرى الطيبة لهؤلاء الذين رحلوا عنا وتركوا لنا صفحات مجيدة من الانجازات والجهد العظيم فى تأسيس وبناء اتحاد دولة الامارات العربية المتحدة ولا خلاف أن القائمة التى صنعت مشاهد بطولية من ذلك التاريخ المجيد وخطت بدمائها وعروقها صفحات ناصعة مطبوعة بأحرف من ذهب فى قلوب الاجيال المتعاقبة طويلة جدا ولا يمكن حصرها أوعدها فى هذا المقام لكنها محفوظة بكامل سجاياها الكريمة ومآثرها النبيلة فى ذاكرة الوطن الحية وموشومة بكل مزايا الخير والوفاء فى قلب ووجدان كل وطنى صادق مع نفسه وأمته وكما قال نبينا عليه الصلاة والسلام «من لم يشكر للناس لم يشكر لله» ولهذا وجب الشكر والعرفان لجيل الاباء وبناة دولة الامارات العربية المتحدة التى يرفل فى عميم خيرها وظلال عزها كل مواطن ووافد. ابوظبي ـ مكتب «البيان»: