طلب النائب العام بدبي المستشار عصام عيسى الحميدان إنزال عقوبة الإعدام بحق "حمد سعود جمعة" وعشيقته "العنود محمد العامري" المتهمين بحجز حرية ابنتي المتهم "وديمة" و"ميرة" وتعذيبهما بالصعق الكهربائي، وحرقهما بالمكواة والسجائر، وسكب الماء المغلي على جسديهما، وحجزهما في حمام المنزل، وفي خزانة الملابس دون طعام أو شراب لساعات طويلة، ما أفضى إلى وفاة المجني عليها الطفلة "وديمة"، وإحداث عاهة مستديمة تقدر بـ10 ٪ بحق أختها "ميرة". ووجهت النيابة العامة بدبي للمتهم الأب وعشيقته تهمة إخفاء جثة الطفلة "وديمة" بعد موتها، ودفنها في الصحراء دون إذن، وتهمة هتك العرض بالرضا.

وقال الحميدان ـ خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده صباح أمس في مبنى النيابة بحضور المستشار يوسف حسن المطوع المحامي العام الأول، والمستشار خليفة بن ديماس المحامي العام، ومحمد علي رستم رئيس نيابة الأسرة والأحداث ـ: تم إحالة ملف القضية إلى محكمة الجنايات أمس "الاثنين" بعد استكمال توصيف التهم، وإن هذه الجريمة هزت وجدان المجتمع، وآذت شعور كل من تعامل معها في سلك الشرطة أو النيابة أو الخبراء.

وأضاف أنه منذ وصول البلاغ تم العمل بالتنسيق مع رجال الشرطة بإدارة المباحث الجنائية، وتم تشكيل فريق عمل خاص من نيابة دبي لبحث القضية والوقوف على تفاصيلها برئاسة المستشار محمد علي رستم والمستشارين شهاب أحمد وعيسى بن سرت، وتم العمل على مدار الساعة، وبمتابعة مباشرة مني ومن المستشار خليفة بن ديماس، وتم الاستماع إلى الشهود وجميع الأطراف والمتهمين في الأسبوع الأول من تحويل الجريمة إلى النيابة.

تجرد من المشاعر

وأشار الحميدان إلى أنه ثبت للنيابة العامة بعد الانتهاء من التحقيقات والاستماع للشهود، ودون أدنى شك، أن المتهمين الأب والعنود قد تجردا من كل مشاعر الإنسانية، وحجزا الطفلتين داخل حمام الشقة وخزانة الملابس لمرات عدة وساعات طويلة دون تزويدهما بالماء أو الطعام، وضربهما ضربا مبرحا، وحرق جسديهما بالسجائر والمكواة، وتعذيبهما بطرق وحشية غير إنسانية وشنيعة، ما أدى لوفاة الطفلة "وديمة" وإصابة "ميرة" بعاهات مستديمة تقدر بـ10 ٪، مؤكدا أنه، وبوصف نيابة دبي سلطة الاتهام نيابة عن المجتمع وعن المجني عليهما، فإنها تطالب بإعدام المتهمين استنادا إلى المادة 344 من قانون العقوبات الاتحادي.

ووجه النائب العام بدبي الشكر نيابة عن نفسه وعن جميع أعضاء النيابة والمستشارين ورؤساء النيابة العامة الذين ساهموا في التحقيقات الخاصة بالقضية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي على اهتمامه بالقضية وبالطفلة "ميرة" وزيارتها في المستشفى، الأمر الذي يعكس مشاعر الأبوة الحنون التي يتمتع بها صاحب السمو واهتمامه بقضايا أبنائه وبناته من أفراد المجتمع.

تحقيقات

ومن جانبه، قال المستشار خليفة بن ديماس المحامي العام، إنه فيما يخص الأب المتهم وما إذا كان خلال ارتكابه الجريمة متعاطياً للمؤثرات العقلية، أكد أن القانون يعاقب مرتكب الجريمة بحسب جريمته، دون النظر إلى كونه واقعاً تحت تأثر الكحول أم لا، مؤكداً أنه وخلال التحقيقات تبين أن الأب يتعاطى المؤثرات العقلية، وخاصة مادة "الترامادول" التي يجرمها القانون. أما إن كان خلال ارتكاب الجريمة متعاطياً للمؤثرات العقلية من عدمه، فإن التحقيقات لم تؤكد أو تنف ذلك، كون الجريمة وقعت قبل أشهر من الكشف عنها ومن ضبطه، مضيفاً أنه إذا ثبت أن أحداً تعاطى مؤثرات عقلية بقصد ارتكاب الجريمة والتهرب من المسؤولية، فإن القانون يشدد العقوبة عليه أكثر من كونه غير متعاطٍ، وذلك كي لا يكون لمن يفكر في ارتكاب الجرائم عذر في أنه كان فاقداً عقله أو تركيزه.

وأضاف أنه لم يثبت بالتحقيقات أن أم الطفلتين كانت على علم بتعذيب الأب وعشيقته لهما. وفي ما يتعلق بالأسباب التي دفعت المتهمين لارتكاب جريمتهما، قال إن ما كان يردده المتهم خلال التحقيقات عن دوافع ارتكاب الجريمة هو أنه كان يحاول تأديبهما، وأنه لم يقصد قتل ابنته، وأنها ماتت بعد تأديبه لها، مؤكداً أن هذا الادعاء باطل وغير منطقي، كونه استمر في تعذيب ابنته الثانية بعد وفاة أختها، وأنه لو ندم على موت الأولى لما استمر في تعذيب الثانية لأشهر بعد موت الأولى. وفي ما يتعلق بأقوال شريكة المتهم "العنود"، أوضح بن ديماس أنها كانت تدّعي خلال التحقيقات أن المتهم هو من كان يعذب ابنتيه ويؤذيهما ويحجزهما، وأنها كانت تدّعي خوفها منه في حال أبلغت عن أفعاله، وأنها لم تستطع منعه من فعل ذلك، مؤكداً أنه لم يظهر على المتهمين أنهما يعانيان من أية مشكلات نفسية أو أمراض تجعل سلوكهما غير سوي، وأنهما ارتكبا الجريمة بكامل وعيهما، مشيرا إلى أن المتهمين لم يدعيا خلال التحقيقات أنهما يعانيان من مشكلات نفسية أو أمراض عصبية أو غيرهما.

سبب وفاة "وديمة"

وعن تحديد سبب وفاة الطفلة "وديمة"، قال إن تقارير الطب الشرعي لم تتمكن من تحديد سبب الوفاة، كون الجثة كانت متحللة وقت وجودها، مشيرا إلى أن الطفلة التي ظلت على قيد الحياة "ميرة" سردت وقائع الجريمة بتسلسل منطقي واضح، وجاء سردها مطابقاً لأقوال الشهود، ومتوافقاً مع الأدلة الجنائية والشرعية التي تم فحصها.

وفي ما يخص قانون الحضانة، قال إنه صدر في الدولة قانون اتحادي عام 2005 في ما يتعلق بالأحوال الشخصية، وهو مطبق حاليا في جميع محاكم الدولة، ومسألة الحضانة هي اختصاص المحكمة.

التهم الثلاث

 

تلا المستشار محمد علي رستم رئيس نيابة الأسرة والأحداث نص التهم الثلاث الموصوفة للجريمة، والتي حددها بأن المتهمين "حمد سعود جمعة" إماراتي يبلغ 29 عاما، و"العنود محمد العامري" إماراتية تبلغ 27 عاماً، حجزا حرية الطفلتين "وديمة" و"ميرة" وحرموهما من حريتهما دون وجه قانوني، وصحب ذلك استعمال القوة والتهديد وأعمال التعذيب البدني والنفسي لمدة تقترب من ستة أشهر، كون المجني عليهما من الإناث الأحداث، تبلغ الأولى 8 أعوام، والثانية 7 أعوام، وقد أفضى ذلك لوفاة المجني عليها الأولى "وديمة".

وذلك بعد أن قاما باحتجازهما وحرمانهما من حريتهما في استوديو، ومارسا عليهما شتى ألوان الضرب والتعذيب بصورة وحشية على جسدهما النحيل، مستخدمين مكواة وسجائر لحرقهما في أماكن متفرقة من جسدهما، وسكب الماء المغلي عليهما، واستخدام الصعق الكهربائي بالعصا الكهربائية والسلك الكهربائي في حمام الشقة، وحجزهما في الحمام وفي خزانة الملابس وإحكام إغلاق الباب عليهما ساعات دون ماء أو طعام، حيث أفضت هذه الأفعال إلى موت الطفلة المجني عليها الأولى "وديمة"، وحدوث إصابات بالثانية الطفلة "ميرة".

وجاء في التهمة الثانية أن المتهمين اعتديا على سلامة جسم المجني عليها "ميرة" باستخدام وسائل التعذيب، فحدثت بها الإصابات الموصوفة، والتي تقدر بحسب التقارير الطبية وتقارير الطب الشرعي بعاهة مستديمة بنسبة 10%. وفي التهمة الثالثة أن المتهمين أخفيا جثة "وديمة" بأن دفناها بمنطقة رملية دون تصريح.