اعتبر اللواء خميس مطر المزينة القائد العام لشرطة دبي، أن مشكلة المخدرات بشكل عام، ومشكلة إساءة استعمال العقاقير الطبية النفسية، بكل أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية بشكل خاص، لم تعد مشكلة فردٍ مدمنٍ أو أسرة وقع أحد أفرادها في التعاطي والإدمان، لقد أصبحت أكثر تعقيداً مما يمكن أن نتخيله، فالأسرة والمدرسة ودور العبادة والأجهزة الأمنية والجهات الصحية والمؤسسات الاجتماعية والشبابية والأنشطة الرياضية، ووسائل الإعلام وغير ذلك، كلها مسؤولة بشكل مباشر عن هذه المشكلة، وقد تكون سبباً في انتشارها واتساع مداها إذا لم تؤدِ واجباتها على الوجه الأمثل، وقد تكون في المقابل الركائز والدعائم الأساسية التي يعتمد عليها المجتمع بكل مكوناته لمحاربتها والوقاية منها وحماية الأجيال القادمة من هذا الخطر والوباء الكاسح.
جاء ذلك في كلمة ألقاها صباح أمس خلال انطلاق فعاليات ملتقى حماية الدولي الحادي عشر لبحث قضايا المخدرات تحت شعار «العقاقير الطبية والنفسية وإساءة استخدامها.. التحديات واستراتيجية المواجهة» والذي ينظمه مركز حماية الدولي للتدريب بالإدارة العامة لخدمة المجتمع، والإدارة العامة لمكافحة المخدرات والإدارة العامة للتدريب، بالتعاون مع المكتب الإقليمي المعني بالجريمة والمخدرات للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالقاهرة، والمكتب شبه الإقليمي للأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي بأبوظبي والمكتب العربي لشؤون المخدرات التابع لمجلس وزراء الداخلية العرب ومركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات التابع لمجلس التعاون الخليجي في فندق رافلز بدبي، بحضور مساعدي القائد العام لشرطة دبي، ومديري الإدارات العامة، والعميد صقر راشد المريخي، مدير مركز المعلومات الجنائية لدول مجلس التعاون الخليجي، والعميد عيسى قاقيش، مدير مكتب شؤون المخدرات التابع لمجلس وزراء الداخلية العرب، والقاضي الدكتور حاتم علي، المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في دول مجلس التعاون.
مشكلة خفية
وأضاف المزينة: عند متابعتنا لمؤشرات واتجاهات انتشار وتفشي مشكلة المخدرات سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي خليجياً وعربياً نجد أن هناك إشكاليات كثيرة تحيط بها، ولكن يعنينا في ملتقانا هذا ما يتعلق بإساءة استعمال العقاقير الطبية والنفسية التي أصبحت مشكلة كبيرة وضخمة، وقد وصفتها الأمم المتحدة بكونها مشكلة خفية منذ سنوات قليلة وبالتحديد في العام 2010، ولكنها اليوم وفقاً للأمم المتحدة أيضاً أعلنت أنها مشكلة كبيرة ومعقدة، وهذا ما يحاول ملتقى حماية الدولي في دورته الحالية تسليط الضوء عليه من مختلف الزوايا القانونية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
وأوضح أن ملتقى حماية الدولي أصبح له تأثير طيب على المستوى الإقليمي والدولي، ومن هنا نثمن غالياً جهود شركائنا الاستراتيجيين، وفي مقدمتهم الأمم المتحدة ممثلة في المكتب شبه الإقليمي للأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك المكتب العربي لشؤون المخدرات التابع لمجلس وزراء الداخلية العرب والذي له دوره البارز في العمل على تطبيق وتنفيذ توصيات ملتقى حماية الدولي، من خلال عرضها على مجلس وزراء الداخلية العرب في دورته الثانية والثلاثين التي عُقدت بالجزائر، والتي أسفرت عن توصية بتشكيل لجنة مفتوحة العضوية لتحديث الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمؤثرات العقلية بما يتوافق مع المعايير الدولية للوقاية من المخدرات التي أعدتها الأمم المتحدة، وكذلك قام المكتب مشكوراً بتعميم المعايير الدولية للوقاية من المخدرات التي قام برنامج حماية الدولي بالتعاون مع الأمم المتحدة بترجمتها إلى العربية وطباعتها.
وقال اللواء المزينة إن العمل الجماعي في التعرف على جميع أبعاد المشكلات الأمنية المحيطة بنا، والتي أصبحت تحيط بنا أفراداً ومجتمعات ودولاً، يعد السبيل الأفضل لاتخاذ كل الإجراءات الإيجابية التي يمكن من خلالها تطويقها والحد من تأثيراتها السلبية، وهذا كان الهدف الرئيسي الذي من أجله أُنشئ برنامج حماية الدولي دعماً لتوحيد الكم المعرفي والمعلوماتي لدى العاملين في مجال مكافحة المخدرات.
كلمة وزارة الداخلية
وقدم العقيد سعيد بن توير مدير مكافحة المخدرات الاتحادية في وزارة الداخلية، كلمة وزارة الداخلية، حيث قال إن البشرية تنظر إلى التحديات العالمية الراهنة في مواجهة مشكلة المخدرات، إزاء الشعور بتفاقم هذه المشكلة ومحدودية النتائج المحققة، فقد عزم المجتمع الدولي ممثلاً في هيئة الأمم المتحدة على عقد دورات استثنائية للجمعية العامة خلال العام المقبل لمناقشة مشكلة المخدرات وتحليل الإنجازات والثغرات والتحديات وتحديد أولويات المواجهة.
وأضاف إن وزارة الداخلية في دولة الإمارات تؤمن أن العقاقير الطبية النفسية أو ما يعرف (بمخدرات الوصفات الطبية) تعد من أولويات تلك المواجهة، فحجم هذه المشكلة في الدولة يشكل 54% من الحجم العام لمشكلة المخدرات، وعدد الوفيات الناجمة عن تعاطي المؤثرات النفسانية في العديد من دول العالم بلغ مستويات عالية، كما أن تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات الصادر هذا العام، ذكر بأنه في السنوات الأخيرة أصبح ظهور عدد متزايد من المؤثرات النفسية الجديدة، غير الخاضعة للمراقبة، من أكبر المخاطر على الصحة العامة وتشكل ظاهرة عالمية بكل معنى الكلمة وتمثل أحد التحديات الكبرى التي تهدد الصحة العامة في أوروبا.
مكتب الأمم المتحدة
من جانبه قدم الدكتور حاتم علي المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في دول مجلس التعاون، كلمة شكر فيها القيادة العامة لشرطة دبي لتنظيمها الملتقى السنوي لبحث قضايا المخدرات، الذي يعد إحدى النوافذ المهمة في مناقشة التحديات العالمية لمكافحة المخدرات، كما أنه أصبح من أهم مكافحة المخدرات إقليمياً من خلال تبادل الخبرات والمعلومات بين الوفود المشاركة في الملتقى، مؤكداً ضرورة التعاون بين جميع الدول لمكافحة المخدرات.
تكريم
عقب الكلمات شاهد الحضور فيلماً قصيراً تحت عنوان «لو أني أعرف خاتمتي» يتحدث عن قصة حقيقية لمدمن تعرض أثناء دراسته في الخارج للإغواء من فتاة ولمواقف تتناقض مع قيمه ودينه وتقاليده فلجأ للخروج من صراعه مع الثقافة الجديدة إلى «حبة السعادة»، وكانت بدايته مع الإدمان، وعاد إلى بلده فاشلاً في دراسته الجامعية مريضاً منهاراً.
ويسلط الفيلم الضوء على تلك المعاناة ودوافعها وأسبابها. وهو من سيناريو بلال ميرزا وإخراج صابر الذبحاني من قسم البرامج التلفزيونية في إدارة الإعلام الأمني في الإدارة العامة لخدمة المجتمع.
وبعد الفيلم قام اللواء خميس مطر المزينة يرافقه العميد صقر راشد المريخي والدكتور حاتم علي، بتكريم المتفوقين في برنامج الدبلوم الإلكتروني الدفعة الرابعة البالغ عددهم 15 متفوقاً.
المعرض المصاحب
وافتتح اللواء خميس مطر المزينة، المعرض المصاحب لفعاليات ملتقى حماية الدولي الحادي عشر، بمشاركة برنامج خليفة لتمكين الطلاب، ومركز حماية الدولي، وجمارك دبي، خدمة الأمين، مركز البحوث والدراسات بالقيادة العامة لشرطة الشارقة، الهلال الأحمر، و الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات، وسواها.
برنامج وخبراء
أوضح العقيد سعيد بن توير مدير مكافحة المخدرات الاتحادية في وزارة الداخلية أن أبرز الصعوبات التي تواجه الحكومات في التصدي لهذه المشكلة هي ضرورة إنتاجها وتوفيرها للاستخدامات الطبية وضمان عدم تسربها وإساءة استخدامها.
وأكد أن الإمارات لن تألو جهداً في توفير ممكنات خفض الطلب على المخدرات بالطاقات الوطنية، ويجري حالياً التعاون مع المكتب شبه الإقليمي للأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون بأبوظبي، لتصميم برنامج متكامل لإعداد خبراء وطنيين في مجال خفض الطلب على المخدرات.
كشف عدد من الخبراء والمختصين في مجال مكافحة المخدرات عن أن إساءة استخدام العقاقير الطبية تشكل تحدياً كبيراً يواجه العالم بأكمله.
وأكد خالد حمد المهندي رئيس وحدة الدراسات والبحوث في الكويت لـ«البيان»، أن الترامادول من أكثر الضبطيات في دول مجلس التعاون الخليجي، وأن نحو 71 عقاراً جديداً يُرصد عالمياً من قبل الاتحاد الأوروبي، يدخل ضمن نطاق العقاقير المخدرة، مشيراً إلى أن المرضى يعلمون بالعقاقير الجديدة، ويتابعونها قبل الأطباء، وهو ما يحتاج إلى جهود مضاعفة.
وأشار إلى أن ظهور مركّبات جديدة وملاحقتها عبر إدراجها على جداول المخدرات ليس حلاً ناجحاً، وأنه يحتاج إلى توعية ومزيد من جهود مؤسسات المجتمع المدني، وأن أجهزة الشرطة لا تتمكن لوحدها من القضاء أو الحد من إدمان العقاقير، خصوصاً من فئة الشباب.
الإدمان الشرعي
وقال المهندي إن المدمنين المتزوجين في الكويت أعلى من العزاب، وإنه تم إعداد دراسة عن الإدمان الشرعي والذي يتم تحت مظلة العيادات المتخصصة، عبر إساءة استخدامها، وأن هناك مرضى يصطحبون أصدقاءهم وأقاربهم للحصول على كميات إضافية من العقاقير، لافتاً إلى أن هناك إقبالاً على عقاقير الصرع من قبل المدمنين.
ولفت إلى أن هناك 5 تركيبات للترامادول غير مدرجة على جداول المخدرات منها التركيبة الهندية والإيرانية والصينية.
أكثر من عقار
أما الدكتور علي المرزوقي من المركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، فقال في ورقة العمل التي قدمها بعنوان «المخاطر الصحية لإساءة استخدام العقاقير الطبية والنفسية»، إن 75% من المدمنين تبين أنهم يستخدمون أكثر من عقار، وأن المركز استقبل 428 مريضاً عام 2014، وتبين أن 329 مريضاً أي ما يعادل 76.8% من مجموع المرضى يدمنون أكثر من مادة، لافتاً إلى أن 60% من نزلاء المركز من إمارة أبوظبي، و14% من دبي، و11% من الشارقة، والنسبة المتبقية من باقي الإمارات، منوهاً بأن 70% من مدمني العقاقير من العزاب و27% من المتزوجين، وسجل نسبة المدمنين على الكحول من المتزوجين 75%، وأن 55% من المدمنين يأتون إلى المركز طواعية.
وطالب المرزوقي بإيجاد لجنة عليا لمراقبة شركات الشحن السريع ووضع منظومة متكاملة للرقابة على الواردات عن طريق هذه الشركات، لافتاً إلى أن التوقف عن تعاطي المهدئات فجأة بعد التعود عليها لمدة طويلة، قد يعرض المريض لحالات صرع ونشاط مفرط، وأن تعاطي جرعات كبيرة قد يسبب توقف التنفس والوفاة، كما أن تعاطي المنبهات قد يجعل الشخص يشعر بالعداوة والتخيلات والارتياب، مؤكداً أن الجرعات العالية تؤدي إلى ارتفاع حرارة الجسم وعدم انتظام دقات القلب وتوقف الجهاز الدوري أو الصرع.
ومن جانبه أكد الدكتور أمين الأميري وكيل وزارة الصحة المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص في دولة الإمارات، أنه تم رصد 13 نوعاً من المؤثرات العقلية التي يساء استخدامها والتوصية بإدراج تلك المؤثرات العقلية إلى الجدولين رقم (6) ورقم (8)، وأنه تم رصد 16 مركباً من هذه المجموعة، وسوف يتم إضافة 16 مركباً للمجموعة التي تعتبر من أكثر المركبات شيوعاً على مستوى العالم، والتوصية بإدراج المواد أعلاه في الجدول رقم (5) بالقانون الاتحادي.
بنية المجتمع
ودعا الأميري المؤسسات المعنية بالشباب والأطفال إلى تعزيز تفاعلها مع المجتمع وأن لا تكتفي بالطروحات النظرية والقيام بدلاً عنها بفعاليات ميدانية على مستوى الأسر والجماعات الاجتماعية الأخرى بغية زيادة بغية زيادة الوعي الجماهيري بالمخاطر الجسيمة التي تشكلها ظاهرة تعاطي المخدرات، كما حث وسائل الإعلام المحلية المرئية منها والمسموعة والمقروءة على إيلاء هذه الظاهرة الاهتمام التي تستحق لما تمثله من مشكلة معقدة من شأنها تدمير بنية المجتمع، فضلاً عما تشكله من تحد لحركة التنمية الوطنية، ذلك أنها تستهدف شريحة الشباب التي تمثل عماد مستقبل الدولة والطاقة الأكثر فاعلية في العملية الإنتاجية.
ودعا الأميري خلال التوصيات المؤسسات التربوية والتعليمية إلى إعادة النظر بأساليبها التربوية وتكيفها بالشكل الذي يعزز من فاعلية تأثيرها لمجمل التحديات التي سيتعرض لها المجتمع بضمنها مشكلة تعاطي المخدرات، والعمل على إدراج المواضيع التي تتبنى الحد من انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في المناهج الدراسية للمراحل المختلفة بطريقة علمية مدروسة، لافتاً إلى دور التخطيط والتنسيق بين الجهات المعنية (وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وزارة التربية، وزارة الصحة، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وزارة العدل، جمعيات حقوق الإنسان) وأهمية النظرة الشمولية لمعالجة قضايا المخدرات في المجتمع.
مواد جديدة
وقال الأميري مخرجات اللجنة العليا لمراجعة جداول الإدوية المخدرة إضافة بعض المواد غير المدرجة في الجداول الدولية مثل مادة الكيتامين إلى الجداول الخاصة بالمواد المخدرة والمراقبة الواردة بالقانون الاتحادي رقم 4 لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة وتعديلاته، وإضافة مادة البروسيكليدين إلى الجداول الخاصة بالمواد المخدرة والمراقبة الواردة القانون الاتحادي رقم (41) لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة وتعديلاته، وإضافة مادة الترايهكسيفينيديل إلى الجداول الخاصة بالمواد المخدرة والمراقبة الواردة القانون الاتحادي رقم (41) لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة وتعديلاته.
اكتشاف نوعين جديدين
أكد العقيد عيد محمد ثاني حارب مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، اكتشاف نوعين جديدين من المخدرات في الإمارات رفض ذكر اسمهما منعاً لسرعة انتشارهما، وأن العمل جارٍ على إدراجهما في جدول المخدرات قريباً.
ولفت حارب إلى أن أحدث الدراسات التي أجرتها الإدارة أكدت أن 37% من الشباب يدمون المخدرات بسبب أصدقاء السوء و27% بسبب حب التجربة و11% بسبب التفكك الأسري، موضحاً أن الأدوية النفسية والعقاقير الطبية أبرز التحديات التي تواجه العالم، وأن الترامادول لم يعد هدف الشباب بعد أن ظهرت أنواع جديدة. ونوه حارب بأن السلائف الكيمائية وخلط أكثر من عقار من قبل الشباب، تحديات جديدة، وأن الإدارة تعمل حالياً على وضع خطة لمواجهة هذه التحديات في مجال المكافحة.
3 %
أكد الدكتور علي المرزوقي من المركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، أن 3% من نزلاء المركز من الفتيات، بعد استحداث وحدة لاستقبالهن العام الماضي، متوقعاً زيادة الإقبال على المركز من العنصر النسائي مستقبلاً، مشيراً إلى أن 50% من المدمنين تتراوح أعمارهم بين 18-25 سنة، و32% منهم تتراوح أعمارهم بين 26- 35 عاماً.
الاتحاد الأوروبي يرصد 71 عقاراً جديداً