كاد أن يقتلها ولكنها أبت إلا أن تسامحه.. هي أم أولاً وأخيراً، ولا يمكن أن تقبل دخول ابنها الأصغر السجن، بينما يمكنها أن تنقذه حتى لو كان وجوده خارج السجن خطرا على حياتها.. قالت إنه لم يقصد قتلها، فهو مريض يحتاج إلى علاج وليس السجن، فهو لا يزال في الثامنة عشرة من العمر ومدمن مخدرات.
قالت الأم لوكيل نيابة الأسرة في أبوظبي، إنها هي التي دللته، بل وأفرطت في دلاله حتى وصل إلى الحد الذي اعتقد فيه أنه فوق الجميع، وأن رغباته غير قابلة للرفض. كان أصغر أبنائها وأقربهم إلى قلبها، فقد أنجبته قبل ثمانية عشر عاماً بعد فترة من إخوته فكان وكأنه وحيدها، وأغدقت عليه الحب والحنان.
مبكراً بدأ في تعاطي المشروبات الكحولية، ثم أعقبها بالمخدرات.. في البداية كان يتستر حتى لا يكشفه أحد، وعندما استشرت المخدرات في جسده لم يعد بإمكانه إخفاء حالته، حيث يعود ليلاً مترنحاً وعيونه حمراء وكأنهما قطعتا دم من شدة السكر والتعاطي. وهنا كان لا بد للأم من التوقف عن المحبة الزائدة، ليس نحو الكره ولكن نحو محبة أعمق وبأسلوب صحيح، فقد شعرت بأن عليها أن توقفه عند حده، فتشاجرت معه مراراً، ثم قررت منع المال عنه.
تهديد
في يوم الواقعة حضر إلى المنزل في وقت أبكر مما اعتاد، ولكنه كان أيضاً في حالة سكر واضح. وكانت أمه في صالة المنزل، فتوجه إليها مطالباً بالمال، فلما امتنعت أخذ يصيح ويقول لها بأعلى صوته إنه يكرهها، وإنها لا تصلح أن تكون أما.. وكلمات أخرى مشابهة، ولكن قرارها كان واضحاً بعدم الاستجابة له مهما كانت الضغوط.
خرج من الصالة فلحقت به لتعرف ما يريد أن يفعل، ورأته وهو يمسك سكيناً ويخرج من المطبخ، وتملكها الرعب فركضت إلى غرفتها وأقفلت بابها بالمفتاح، وحاول هو جاهداً أن يكسر باب الغرفة مهدداً إياها بالقتل بأقسى العبارات، ولكنه لم يستطع فتح الباب المغلق، عند ذلك نزل إلى حديقة المنزل وأحضر فأساً ليكسر الباب الذي تحتمي أمه خلفه.
علمت الأم أنه مدركها لا محالة، فخرجت إلى شرفة غرفتها وحاولت النزول منها مستعينة ببعض البروزات في الحائط، ولكن كبر سنها وحجمها لم يساعداها، فسقطت على الأرض من الطابق الأول محدثة كسراً برجلها.
سابقة
استطاعت الأم أن تزحف إلى مكان تختبئ فيه من ابنها، وتذكرت أنها تحمل هاتفها المتحرك في جيبها، فقامت بالاتصال بأبنائها للاستنجاد بهم، وفي نفس الوقت كان حارس المنزل قد رأى ما يحدث، واتصل في بداية المشكلة بالشرطة التي استطاعت الوصول قبل أن يعثر الولد على والدته، فكان أن هرب بمجرد سماع صوت سيارات الشرطة تقترب، حيث كان أحد أصدقائه ينتظره في سيارته خارج المنزل.
وفي النيابة أصرت الأم على أن ابنها لم يكن يحاول قتلها، وأنه ليست له علاقة بسقوطها، رغم أن علامات الفأس لا تزال على باب غرفتها، وبالتالي لم توجه النيابة للشاب تهمة الشروع في القتل، واكتفت بتهمة الاعتداء على الجسد التي تسقط بتنازل المجني عليه، إضافة إلى تهمة تعاطي المسكرات والمخدرات، واستجابت المحكمة لرجاء الأم واكتفت بإحالته للعلاج، خاصة أنها السابقة الأولى وأنه لا يزال في الثامنة عشرة من عمره.
تنشر البيان بالتعاون مع دائرة القضاء في أبوظبي، صباح كل أحد، قصة من أروقة القضاء، بهدف توعية المجتمع.