تمكنت إدارة الخبرة وتسوية المنازعات في ديوان سمو حاكم دبي من إنهاء نزاع بين طرفين من كبار رجال الأعمال في الدولة على ملكية مجموعة من الشركات للطرفين، أصولها موزعة بين الإمارات والسوق المالي في لندن، البالغة موجوداتها 7 مليارات درهم، إضافة إلى القروض القصيرة والطويلة الأجل البالغة قيمتها مئات الملايين، وذلك بعد أن اضطرت إلى دخول سوق لندن المالي لإنجاز المهمة المعقدة والمتشعبة.
وقال هاشم القيواني، المدير العام للجنة إدارة المنازعات بديوان سمو حاكم دبي، لـ«البيان»، إن النزاع تضمن العديد من الموضوعات التي تتعلق بالدراسات الفنية والمالية، لوضع مجموعة الشركات موضوع النزاع ولسنوات سابقة عدة، تطلب فيها تحليلاً مالياً لبحث ودراسة القوائم المالية المجمعة وقوائم الدخل والتدفق النقدي المجمعة لمجموعة من الشركات يبلغ إجمالي موجوداتها نحو 7 مليارات درهم، إضافة إلى دراسة القروض القصيرة والطويلة الأجل للمجموعة التي تبلغ قيمتها مئات الملايين، وأثر القروض على الوضع المالي لهذه لشركات.
وضع مالي
وذكر أن الخلاف بين طرفي النزاع تمحور حول ملكية الشركات وتقسيم الحصص، والاستناد إلى المعطيات والأداء المالي المقدم من أحد أطراف النزاع، وعدم موافقة الطرف الآخر لتلك النتائج، مما تطلب من اللجنة دراسة المركز المالي للشركة موضوع النزاع، خاصة الوضع المالي لها من ناحية تسييل الالتزامات، وما يتضمن كشف التدفقات النقدية وحساب الأرباح والخسائر ودراسة الديون والارتباطات المشغولة بها ذمة الشركة وآلية تسديدها، وتوضيح بنود الوفر والعجز بها خلال السنوات الخمس السابقة، وبيان ما إذا تم سحب أي مبالغ مالية من ميزانية الشركة موضوع الدعوى من قبل أحد الشركاء خلال الفترة الزمنية محل النزاع، إضافة إلى بيان الالتزامات والارتباطات المشغولة بها ذمة الشركة عند الاتفاق مع المستثمرين عند طرح أسهم الشركة، وبيان ما إذا كان الوضع المالي للشركة في السنوات السابقة يعطي مؤشراً إلى أن الأرباح المحققة للشركة سوف تتجاوز مبلغاً معيناً خلال سنوات لاحقة، مع تحديد الاختصاصات لكل من الشركاء من حيث الإدارة المالية وصلاحية الصرف من أموال الشركة المذكورة، وبيان المفوضين بالتوقيع على الشيكات الصادرة عن الحسابات البنكية للشركة وبيان ما إذا كان لأحد الطرفين الحق في الصرف من أموال الشركة، سواء السائلة أو المودعة لدى البنوك، وبيان ما إذا كان الصرف لأغراض الشركة أم لأغراض شخصية، وبيان تلك المبالغ في الحالتين.
وأوضح أنه مع بيان وقائع طرح أسهم الشركة للاكتتاب في سوق لندن للأوراق المالية من قبل المشكو ضده وأسباب عدم إدخال الشاكي بحصة في الشركة التي طرحت للاكتتاب العام، مع بيان ما إذا كان أي من المشكو ضدهم قد استثمر في الشركة من عدمه، وإذا ما عاد ذلك عليهم مادياً وأثر ذلك في الشاكي.
وأوضح أن المهمة تطلبت الانتقال إلى الجهات التي أسهمت أو أشرفت وشاركت في عملية الاكتتاب، وفقاً لما هو ثابت في النشرة التعريفية للاكتتاب في سوق لندن للأوراق المالية، لبيان كيفية سداد الشاكي وبيان كيفية سدد المشكو ضده، مع تحديد الجدوى الاقتصادية للمشكو ضده من شراء حصص طرفي النزاع في الشركة موضوع الدعوى، وما إذا كان الاستحواذ سبيلاً يتبع لإنقاذ الشركة من عثراتها المالية بعد ضخ الأموال فيها، أم أنه من الأصول المرعية في هذا الشأن، وبيان حقيقة ملكية أو عدم ملكية أحد طرفي النزاع لحصصه في الشركة، وتحديد أوجه النشاط التي تمارسها الشركة موضوع الدعوى.
تقييم شامل
وأضاف: «أجرت إدارة الخبرة وتسوية المنازعات بديوان سمو الحاكم تقييماً شاملاً للشركة، بما فيه إجراء تقييم مالي للموجودات والمطلوبات للسنوات موضوع الدعوى، وتقييم الأداء لأهداف الشركة واستراتيجيتها المحددة لها بموجب قرارات مجلس الإدارة، للوصول ومعرفة المخاطر المحيطة بالمؤسسة والربحية من خلال تحليل المعلومات المالية الصادرة عنها، لا سيما تقارير التدقيق المالي والتقارير السنوية والتقارير الموسمية، وذلك لصياغة أساس لتقييم وتسعير مخاطر الائتمان الأساسي، بشكل يؤدي إلى تنفيذ المهمة الموكولة للخبرة».
وأكد أن مراحل تحليل القوائم المالية مرت بالإجراءات التالية عند تحليل قوائم وبيانات الشركة المذكورة، حيث تمت إعادة صياغة البيانات المالية، حيث يتم تعديل طريقة عرض البيانات المالية بما يتوافق مع معايير المحاسبة الدولية، لتقديم معلومات دقيقة وسليمة معبرة عن حقيقة هذه الحسابات.
كما تم استخدام نسب السيولة التي توضح قدرة الشركات على سداد التزاماتها القصيرة الأجل وقت استحقاقها باستخدام أصولها قصيرة الأجل ومقابلة الاحتياجات المالية غير المتوقعة للشركات، للتوصل إلى أسباب المشكلة التي عانت منها مجموعة الشركات موضوع الدعوى النقص الحاد بالسيولة، حيث تم التوصل عن طريق التحليل المالي وتحليل قوائم التدفق النقدي ونتيجة لاستخدام نسبة التداول ونسبة التداول السريع وتحليل رأس المال العامل إلى أن سبب النقص الحاد في السيولة للسنوات موضوع الدعوى كان التوسع في الإنفاق على الشركات التابعة والمملوكة للشريكين الأساسيين والتوسع في الاستثمار في العقارات.
نسب مالية
وأوضح القيواني أنه تم أيضاً استخدام النسب المالية الخاصة بقياس نسبة القروض إلى الموجودات التي توضح قدرة الشركة على البقاء والاستمرار في العمل لفترة زمنية طويلة، حيث تتم مقارنة إجمالي التزامات الشركة بإجمالي أصولها أو مقارنة إجمالي التزامات الشركة بإجمالي حقوق الملاك والمساهمين بالشركة، لمعرفة كم تمت تغطية نشاطات الشركة من القروض القصيرة الأجل (التي تسدد خلال فترة متوسطها سنة مالية) والطويلة الأجل (التي تسدد خلال مدد طويلة وصلت في حالة الشركة موضوع الدعوى إلى خمس سنوات)، حيث تبين أن القروض والتسهيلات التي وصل عددها بالمئات خلال عام واحد كانت قيمتها أكثر من نصف موجودات الشركات.
كشف ملابسات القضية في لندن
زارت إدارة الخبرة وتسوية المنازعات سوق لندن للأوراق المالية، للاطلاع على المستندات المقدمة من الشركة ووكلائها المكلفين بإدراج أسهم الشركة للتداول في سوق لندن للأوراق المالية، وتمت مطابقة تلك المستندات مع البيانات المالية الخاصة بالشركة المذكورة التي تم الحصول عليها في الدولة، إذ تبين أنه تم تأسيس شركة قابضة تملك مجموعة الشركات موضوع الدعوى، وإضافة نشاط يسمح لها بتملك الأجانب نسبة 100% من الشركة التي كانت أهم شروط سوق لندن للأوراق المالية لإدراج أسهم المجموعة للاكتتاب لديه، كما تم الاطلاع خلال تنفيذ المهمة على تقارير عدة صادرة عن شركات دولية قُدمت لسوق لندن للأوراق المالية كمتطلبات للسوق للموافقة على إدراج أسهم الشركة موضوع الدعوى للاكتتاب، تتضمن تقييم موجودات الشركة ومطلوباتها، والتحقق من مطابقة المعلومات المقدمة للسوق، لتحديد سعر السهم الاسمي وعدد الأسهم الإجمالي الخاص بالشركة موضوع الدعوى بالجنيه الاسترليني.
كشوف
وتوجهت الإدارة في لندن إلى مجموعة من الشركات المالية والبنوك وشركات الدراسات المالية والاستشارات التي كانت على علاقة بمجموعة الشركات موضوع الدعوى، بحضور وكلاء الشاكي والمشكو ضدهم، وخاصة المستندات المتعلقة بتكليف تلك الشركات من قبل الشركة موضوع الدعوى، لمساعدتها على إدراج أسهمها للاكتتاب في سوق لندن للأوراق المالية، والاطلاع والحصول على كشوف الحساب الخاصة بمجموعة الشركات موضوع الدعوى لديها، والحصول على الاتفاقيات والمراسلات ما بين مجموعة الشركات موضوع الدعوى والشركات المشار إليها أعلاه، علماً بأن الانتقال إلى العاصمة البريطانية لندن كان له الدور الكبير في التوصل إلى النتيجة والرأي الفني في الدعوى، وبهذا نجحت إدارة الخبرة وتسوية المنازعات بديوان سمو الحاكم في إنجاز مهمتها على أكمل وجه في دعوى تعتبر من الدعاوى المتشعبة والمعقدة مهنياً.
مستندات
ذكر هاشم القيواني أنه تم خلال تنفيذ مهمة الخبرة الحصول على مجموعة ضخمة من المستندات الخاصة بموضوع الدعوى، نظراً إلى أن المهمة طويلة ومتشعبة، وتتطلب الاطلاع على هذا العدد من المستندات، حيث تمت دراسة المستندات وتحليلها ومدى انعكاس تسجيلها على البيانات المالية الخاصة بالشركة موضوع الدعوى، استناداً إلى المبادئ والمعايير والأعراف المحاسبية المتعارف عليها. كما تم الانتقال مرات عدة إلى مقرات مجموعة الشركات موضوع الدعوى داخل الدولة، وكذلك إلى البنوك والمؤسسات التي كانت تتعامل معها الشركة المذكورة داخل الدولة.
خبير
بعد مناقشة موضوع الدعوى وما تم فيها من إجراءات، ووفقاً لما تتطلبه المهمة، تقرر الانتقال إلى لندن لبحث وتحديد الإجراءات التي تم اتخاذها لإدراج أسهم الشركة موضوع الدعوى في سوق لندن للأوراق المالية، وعلى الرغم من القيود الكبيرة التي تفرضها القوانين الدولية للاطلاع على المستندات والحصول على نسخ منها من المؤسسات المالية في دول أخرى من قبل الأطراف الخارجية، وحصلت الإدارة على الموافقات الرسمية المطلوبة، للسماح للخبير بالانتقال إلى مقرات الجهات المعنية، والاطلاع على أي مستندات تحتاج إليها الخبرة متعلقة بموضوع الدعوى.