ما إن وعى الحياة حتى وجد أمامه الأقلام والدفاتر والكتب، فوالدته كانت محبة للعلم؛ تقرأ وتكتب، ووالده كذلك، شكّلا روضته الأولى التي نشأ فيها على حب العلم، فشق حياته بدراسة القرآن على يد المطوع، وفي الخامسة من عمره التحق بمدرسة الراشدية بعجمان، وهي أول مدرسة نظامية في الإمارة، وبما أنه ينتمي إلى عائلة تعمل في التجارة أباً عن جد، فقد استهواه البقاء إلى جانب أبيه.
في تلك المرحلة العمرية ظل الدكتور خالد الخاجة عميد كلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية بجامعة عجمان اليوم؛ يذهب مع والده إلى الدكان أو بالأحرى «الملتقى»؛ ملتقى الحكمة والخبرة، ليتعلم فيه ما لم يتعلمه في المدرسة، فظل التلميذ المجتهد الذي نهل من العلم والمعرفة في مدرسة الحياة، ليصبح أحد رواد الدفعة الأولى التي التحقت بجامعة الإمارات في العام 1977، والتي كان عددها 450 طالباً وطالبة.
الخيار الثاني
الدكتور خالد الخاجة تحدث عن مسيرته في الدراسة الجامعية بعد أن حصل على شهادة الثانوية العام الدراسي 1976 /1977، مؤكداً أنه اختار جامعة الإمارات حين أحضروا إلى مدرسته طلبات الالتحاق بالجامعة، وتم توزيعها على الطلبة داخل الفصول، وأنه كان ينوي دراسة القانون ولكون التخصص غير متوفر في العام الأول، انتقل إلى خياره الثاني، اللغة الإنجليزية وآدابها كتخصص رئيسي والمحاسبة تخصص فرعي، وتخرج من الجامعة العام 1981، ثم عمل في بنك أبوظبي التجاري لمدة 6 أشهر وبعد ذلك التحق بجامعة الإمارات، وعُيّن معيداً فيها بقسم اللغة الإنجليزية، قبل أن يبتعث إلى أميركا للدراسة فحصل على الماجستير في تعليم اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية، بالإضافة إلى شهادة تعليم اللغة الإنجليزية لغير الناطقين بها من جامعة جنوب كاليفورنيا بلوس أنجلوس، بعدها عمل بجامعة الإمارات مدرساً لمدة سنتين، ثم ابتعث إلى بريطانيا لدراسة الدكتوراه في تخصص علم اللغة التطبيقي.
دفعة استثنائية
وقال الخاجة إن عدد الطلبة الجامعيين الذين يدرسون في الفصل الواحد عند افتتاح الجامعة كان لا يتعدى 12 طالباً الأمر الذي مكّنهم من تكوين علاقات زمالة قوية وصداقة أخوية بينهم والأساتذة، حتى أضحت الحياة الجامعية أشبه بالعائلية بين كافة الطلبة من مختلف الكليات، لافتاً إلى أن الدفعة الأولى التي التحقت بجامعة الإمارات كانت دفعة مميزة ومحظوظة، فالخدمات المقدمة لهم «5 نجوم»، منها وجبة الإفطار التي يتم إحضارها من فندق «هيلتون»، ثم السكن في أرقى الفلل بوجود مشرف وأخصائي رياضي. كافة أسباب الراحة كانت مهيأة، إضافة إلى الرواتب الشهرية التي تُمنح للطلبة، وكان التفاعل كبيراً والتنافس شديداً بين الطلبة في أداء البحوث التي يكلّفون بها، ما أوجد نوعاً من التميز في الأداء الطلابي.
وتابع: الصداقات الجامعية ظلت مستمرة بين طلبة الدفعة الأولى، بحكم زمالة استثنائية امتدت 4 سنوات في مكان واحد تخللتها رحلات داخل الدولة وخارجها بصحبة الأساتذة خلال إجازة منتصف العام، بعد توزيعنا على مجموعات، للسفر إلى بريطانيا وألمانيا وكوريا وفرنسا، وذلك بهدف إكسابنا اللغات المختلفة، لافتاً إلى أنه اختير ضمن مجموعة بريطانيا، وتم توزيعهم للسكن مع الأسر البريطانية، ودرسوا اللغة الإنجليزية في أحد المعاهد، فحققوا مهارات عدة في تعلم اللغة، كما اكتسبوا الدقة في المواعيد واحترام القانون والانضباط والصدق.
تجربة مريرة
تطرق الدكتور الخاجة إلى أنه خلال سنوات الدراسة عايش تجربة مريرة، حين كتب بحثاً عن شخصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وطلب منه أحد الزملاء الاطلاع على البحث، فنقله بالحرف الواحد وسبقه في تسليمه إلى الدكتور المشرف على البحوث، ما أوقعه في أمر محرج بعد أن سلم بحثه، فدعاهما المشرف إلى «محاكمة» لأن البحثين متشابهان، ورغم اعتراف الطالب الآخر بالغش، إلا أن المشرف طلب من كل واحد تقديم بحث آخر، مبيناً أنه مر بالتجربة نفسها أيام الدراسة في أميركا عندما طلب منه أحد زملائه من دولة خليجية أن يطلع على بحثه، فسرقه وقدّمه هو الآخر إلى الدكتور المشرف، لكن في هذه المرة كياسة المشرف أنقذتني من إعادة البحث، لأنه تمكن من اكتشاف المذنب.
وقال إن الطالب الجامعي في السابق يعتمد على ذاته في إعداد البحوث، والدكتور المشرف يدقق ويمحص ويعرف إذا كان البحث منقولاً أم لا. واختتم الخاجة أنه اكتسب من عمله الإداري في كلية العلوم الإنسانية، العديد من المهارات والخبرات، حيث عمل مع 5 من العمداء، وكل منهم ينتمي إلى مدرسة مختلفة في الإدارة، ما أثرى من خبرته العملية والعلمية، فتعلّم منهم ومن تجاربهم التي طبقها في حياته العملية.
إعلان
أوضح الدكتور الخاجة أنه بعد عمل 6 أشهر في بنك الخليج، قرأ إعلاناً يفيد بأن جامعة الإمارات تبحث عن معيدين، فسارع إلى التقدم، ومن ثم اختير معيداً لتدريس اللغة الإنجليزية في العام 1981. وفي الجامعة زامل معالي مريم الرومي وزيرة الشؤون الاجتماعية، وبعدها ابتعث لدراسة الماجستير في أميركا، ثم الدكتوراه من جامعة سالفورد ببريطانيا عام 1989، وعاد ثانية إلى جامعة الإمارات، وعمل فيها رئيساً لوحدة الإرشاد، ثم عميداً لشؤون الطلبة، فوكيلاً لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، حيث كانت تضم 12 تخصصاً يدرس فيها 5 آلاف طالب وطالبة.