يعتبر شهـر رمضان المبارك مناسبة خاصة لجميع المسلمين حول العـالم، وأنا منهم، وكلما اقترب الشهر الفضيل، تراودني نفس اللهفة التي شعرت بها عندما كنت صبياً صغيراً أستعد للصيام لأول مرة.

ويمنحني شهـر رمضان السلام الداخلي، ويتيح لي قضاء وقت إضافي مع أبنائي وبقية أفراد عائلتي وبالأخص أمي وأبي اللذين أراهما يومياً، وأقدر عالياً أي فرصة تتاح لي لمشاركة وجبة الإفطار خلال الشهر الفضيل، أو البقاء لوقت متأخر ليلاً مع الأقرباء والأصدقاء والجيران، واعتبر نفسي محظوظاً جداً لتمكني من مشاركة هذه اللحظات الخاصة معهم وسط أجواء وديّة هانئة.

ولكن للأسف لا ينطبق ذلك على جميع الناس، فهناك أكثر من 59 مليون شخص حول العالم أجبروا على ترك منازلهم ومنهم 20 مليون لاجئ في بلدان أخرى. كما ينزح في كل دقيقة 29 شخصاً تاركاً وراءه كل شيء للهرب من الحرب أو الاضطهاد أو الإرهاب، علماً بأن 40% من هؤلاء النازحين هم من منطقة الشرق الأوسط.

وبمناسبة اليوم العالمي للاجئين، نسلــط الضوء على المحنة الصعبة لأولئك الأشخاص الذين اضطـروا للفرار من بلدانهم بحثاً عن الأمان علماً أن 10 ملايين منهم دون سن 18. وفي هذا السياق، ندرك وجود حاجة ماسّة إلى توفير التعليم السليم للأطفال والشباب اللاجئين، وذلك لتمكينهم يوماً ما بعد عودتهم إلى أوطانهم من مواصلة التطور والنجاح كأطباء ومعلمين ومهندسين ومحامين وأهالي، أو أن يكونوا أعضاء مساهمين وفاعلين في المجتمعات المضيفة لهم.

وبحسب «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» (UNHCR)، يلتحق 50% فقط من الأطفال اللاجئين في مدارس التعليم الأساسي وتصل نسبة الطلاب اللاجئين في المرحلة الثانوية إلى 25% فقط، ولا تتعدى 1% لمرحلة التعليم العالي. إذاً، ما هو مصير الغالبية العظمى من هؤلاء الأطفال والشباب إذا لم يستكملوا تعليمهم؟ في الواقع هناك العديد من الإجابات التي يأبى معظم الأهالي التفكير بها ملياً، وهي تنامي خطر الاتجار بالبشر، وعمالة وزواج الأطفال، وتجنيد الأطفال في جماعات متطرفة.

وعندما أسافر للاطلاع على برامجنا، يشدد الأهالي الذين تم تهجيرهم قسراً على أهمية التعليم ورغبتهم في عودة أبنائهم إلى المدرسة؛ وهم يتشاطرون هذه الرغبة مع أطفالهم. وفي هذا السياق، يترتب على المعلمين ومديري المدارس في المجتمعات المضيفة – وبالأخص المجتمعات التي تستوعب أعداداً كبيرة من الأطفال اللاجئين – توفير الموارد التعليمية المناسبة على نطاق أوسع.

وعندما أسمع منهم عن ندرة الكتب والمواد التعليمية للنازحين الجدد، يغمرني فخر كبير لدوري كشريك في حملة رمضان «أمة تقرأ» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله..

والتي تهدف إلى طباعة وتوزيع خمسة ملايين كتاب يستفيد منها الأطفال في البلدان النامية، وستتوافر هذه الكتب في المكتبات والفصول الدراسية بهدف تأمين موارد مناسبة للقراءة بحسب الفئة العمرية، الأمر الذي يدعم التعليم ويوفر ملاذاً أفضل من واقع الحياة اليومية.

ونأمل في دبي العطاء، وبالتعاون مع شركائنا، أن ننجح في قلب الموازين بالنسبة للأطفال والشباب اللاجئين ممن فقدوا فرص التعليم بسبب نزوحهم عن أوطانهم، فبالنسبة لهم، يشكل التعليم بارقة أمل تعطيهم الأمل وتجعلهم أكثر مرونة وقوة.

ويعد نصيب التعليم في المساعدات الإنسانية ضئيلاً جداً، ففي 2014، 2% فقط من تمويل النداءات الإنسانية وجّهت للتعليم، ونتيجةً لذلك، التزمت دبي العطاء بزيادة حصة برامجها المخصصة للاجئين والأطفال والشباب النازحين داخل بلدانهم لتصل إلى 33% من محفظتنا المالية على مدى العامين المقبلين، ونلتزم أيضاً بدعم صندوق «التعليم لا يمكن أن ينتظر» الذي تمّ إطلاقه خلال القمة الإنسانية العالمية التي استضافتها إسطنبول خلال شهر مايو.

وذلك بهدف معالجة شح التمويل لصالح قطاع التعليم في حالات الطوارئ، وكذلك التعاون بين جميع الأطراف المعنية، وأعتقد أنه بإمكاننا إحداث فارق إيجابي من خلال التحلي بالحيوية والعمل الجماعي لدعم الوصول إلى فرص التعليم السليم في الطوارئ والأزمات طويلة الأمد.

أثناء تناول الإفطار مع عائلتي في اليوم العالمي للاجئين، سأفكر بجميع أولئك الذين حُرموا من تناول الطعام مع أحبائهم وأُجبروا على ترك منازلهم وبلداتهم وبلدانهم، وأعاهد نفسي على السعي قدر ما أستطيع للحد من معاناتهم والتخفيف عن الأطفال اللاجئين.