أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن الحديث عن استئناف الحضارة في العالم العربي يبدأ بفهم المؤشرات التي ترسم ملامح المستقبل، مشدداً سموه أن العالم العربي لديه الإمكانات المطلوبة كافة، الإمكانات البشرية المؤهلة والمتعلمة والأموال، يمتلك الأراضي الخصبة والموارد، والإرادة ولا ينقصه إلا الإدارة.
وقال سموه، خلال جلسة سموه الحوارية التي عقدت، أمس، ضمن القمة العالمية للحكومات، إن انشغاله بحالة العالم العربي ليس وليد اليوم بل بدأ برسالة صريحة وجهها سموه إلى الحكومات العربية منذ أكثر من 12 عاماً مفادها أن «عليكم أن تتغيروا أو أنكم ستغيرون».
تفاؤل بالمستقبل
وفي سؤال حول تفاؤل سموه بمستقبل المنطقة، قال «إننا اليوم نتحدث عن استئناف الحضارة وهو أمر يحتاج تعاوناً من الجميع.. مضيفاً سموه لا بد من وجود الأمل، فهذه المنطقة هي مهد الحضارة الإنسانية وأنا متفائل.. فالإنسان هو الذي يصنع الحضارات والاقتصاد والمال وإذا نجح الإنسان العربي والمسلم في بناء حضارة في الماضي فهو قادر من جديد على استئنافها».
وفي حول ما ينقص العالم العربي للدفع بالحضارة واستئنافها.. أوضح سموه أن «العالم العربي لديه الإمكانات المطلوبة كافة..الإمكانات البشرية المؤهلة والمتعلمة والأموال.. يمتلك الأراضي الخصبة والموارد..والإرادة ولا ينقصه إلا الإدارة.. إدارة الحكومات والاقتصاد والموارد البشرية والبنية التحتية.. فالإدارة هي أهم العناصر.. حتى إدارة الرياضة».
وأضاف أن هناك فشلاً كبيراً في إدارتنا لهذا المجال.. نحن حوالي 300 مليون شخص.. وأميركا 300 مليون شخص أيضاً.. ولكن انظروا كم حصدوا هم من ميداليات الأولمبياد وكم حصدنا نحن.. لدينا فشل في بعض المواطن ويجب إصلاحه فوراً.
نظرية المؤامرة
وحول إيمان سموه وتصديقه بنظرية المؤامرة وأن المؤامرات من جعلت العرب في موقعهم.. قال سموه:«نعم أؤمن بالمؤمرات وإذا كنتم تعتقدون أن الدول لا تتآمر على بعضها البعض فأنتم على غير دراية.. يتآمرون عليك لأنك تخطط بحكمة لمحصلة بلدك وشعبك ويحاربونك لذلك..المؤامرات موجودة ومنذ التاريخ وإلى آخر الزمان.. ولكن لا نستطيع إلقاء اللوم على المؤامرات.. يجب أن تجتهد وتحاول أن تصل لما تريد في ظل وجود المؤامرات.. فهي موجودة وبلادنا تعرضت للعديد من المؤمرات والانتقادات والحرب الإعلامية وتعرضت لحرب اقتصادية ولكن لم نتوقف وما تزيدنا المؤمرات إلا إصراراً».
مجلس التعاون
وفي رده على تساؤل حول مسيرة مجلس التعاون الخليجي، قال سموه: «في الماضي كان بطيئاً وكانت هناك مواقف ممتازة ووقوف أعضاء المجلس مع بعضهم البعض كان واضحاً في كثير من الأمور ووقفته في احتلال الكويت وتحرير الكويت معروفة، لقد وقف للكويت وجاء بالعالم معه في تلك الوقفة. اليوم هناك فرق عمل مشتركة وبحسب معرفتي فإن المجلس بقيادة الملك سلمان وكل القيادات في دول مجلس التعاون أرى بأنه سيكون له أثر على الأمة العربية وكل الدول في المستقبل.. وأجزم أنه خلال السنوات الأربع القادمة سنعمل في المجلس بمقدار ما عمل في العقود الأربع الماضية».
وأجاب سموه عن سؤال حول رأيه بمشروع السوق العربية المشتركة ولماذا لا يقوده، وهل يؤمن به، قال سموه اليوم نصيحتي أن توقفوا الحديث عن السوق العربية المشتركة، هذا حلم قديم، ووزراء التجارة مازالوا يحلمون بالسوق العربية المشتركة. اليوم العالم تغير وأصبح سوقاً عالمياً مشتركاً. أقول لهم اتركوا خطابات السبعينيات، واتركوا حلماً قديماً وانفتحوا على العالم. لماذا الانفتاح على الجيران فقط في ظل سوق عالمية واحدة أنهت الحدود، وضرب سموه مثلاً بشركات الطيران الوطنية قائلاً:«طائراتنا اليوم تحمل مسافرين من البرازيل إلى الصين. وطائرات أخرى تشغل 260 مطاراً حول العالم»، مضيفاً أن «السياحة تأتي من كل دول العالم.. والتجارة مفتوحة.. ولسنا مع تجارة عدة أشخاص بل مع تجارة مفتوحة كبيرة.. اليوم لدينا طلبات لشراء طائرات بــ 100 مليار درهم.. اليوم العالم منفتح نأخذ بضاعة من الصين نصدرها إلى أميركا وأفريقيا وأميركا الجنوبية».
جامعة عربية
وحول رأي سموه في جامعة الدول العربية.. قال «إن الجامعة العربية يجب أن تكون جامعة بالمعنى الحقيقي.. ونصيحتي أن تفتح مجالاً للشباب العربي والمشاريع الجديدة وتساعدهم على هذا الشيء وتفتح المجال للمتخصصين لأن العديد من الشباب لديهم الروح والأفكار الجديدة والجامعة يجب أن تجمع القلوب العربية وأنا أقترح أن يكون لها فرع للشباب في دولة الإمارات ونحن مستعدون لإطلاق دورات تدريبية وإعطائهم من خبراتنا ليصبحوا جاهزين للقيادة والإدارة».
وحول «شائعة رغبة دبي في بناء عاصمة جديدة في ليبيا زمن معمر القذافي».. أوضح سموه أنه بعد تخلي ليبيا عن المشروع النووي ورفع الحظر عنها اتصل بي القذافي وأراد إنشاء مدينة في ليبيا مثل دبي.. وبالطبع لا نقول لا لأشقائنا العرب وأرسلنا وفداً لمتابعة الموضوع وعرضوا المشروع على الرئيس الراحل القذافي كان عبارة عن مدينة متكاملة وجامعات ومستشفيات ومدارس وأحياء سكنية متكاملة.. وعندما أردنا البدء بالتنفيذ ظهرت الصراعات وأصبح الجميع يريد حصة منه، ولذلك لم ينفذ المشروع.. ولكن لو كان نفذ لكانت هناك مدينة اقتصادية لأفريقيا وليبيا.. الفساد يعيق أي تقدم.
دور الإعلام
وفي سؤال الإعلامي علي جابر مدير عام مجموعة «إم بي سي» حول دور الإعلام أكد سموه أن لديه العديد من الأصدقاء الإعلاميين، مضيفاً أن ألفاً و300 محطة في الدول العربية تقدر تكلفتها بــ 30 مليار دولار.. فجزء من الإعلام حرض على الثورات وبعض المحطات التي تحولت إلى منابر طائفية وتحريضية تغذي الصراعات والشعوب بدأت تتجه نحو قنوات التواصل الاجتماعي في وجود قنوات تحريضية وطائفية.
تطور المرأة
وحول تطور المرأة في العالم العربي قال: «قيل لي إن النساء يمثلن 17 في المئة فقط من الطاقة العاملة في العالم العربي.. وهنا في دولة الإمارات 70 في المئة من النساء من خريجات جامعات وفي الحكومة قرابة 70 في المئة يعملن في الحكومة وثلث مجلس الوزراء من النساء ولدينا بعض النساء بألف رجل.. المرأة نصف المجتمع.. فلا رئة واحدة ولا يد واحدة ولا قدم واحدة تستطيع العمل دون النصف الآخر..وأبشركم أن المرأة سيبلغ تمثيلها 50 في المئة في مجلس الوزراء في المستقبل القريب.
وفي سؤال حول كيفية تطوير الحضارة من خلال إبعاد الدين عن السياسة.. قال سموه: «قبل الإسلام كانت القبائل تتحارب وتغزو بعضها البعض فجاء الإسلام وبدأت قصة الحضارة.. وكلكم تذكرون أن الحضارة الإسلامية قدمت الكثير للعالم بأسره.. ولكن اليوم هؤلاء الذين لديهم نصف المعرفة يقتلون بعضهم باسم القرآن والدين ويفجرون أنفسهم في أوروبا وأميركا باسم الدين.. وفهمهم للدين خاطئ، فالإسلام سمح وهو سلام للعالمين وهم كل الناس على وجه الأرض وليس المسلمين فقط.. هم من يريدون قتل الرجال وسبي النساء ونسب ذلك للدين.. وهم لا يفقهون في الدين شيئاً».