كشف فيصل الحمودي مدير برنامج «تكامل» التابع للجنة أبوظبي لتطوير التكنولوجيا، لـ«البيان» عن تمكن البرنامج من رفع أعداد براءات الاختراع التي سجلتها دولة الإمارات إلى 120 براءة اختراع دولية، وأن هناك 24 براءة اختراع حالياً قيد الدراسة منذ بداية العام الحالي 2015..
مؤكداً على الدور الريادي الذي يقوم به البرنامج في توفير الدعمين القانوني والمادي المباشرين للمخترعين الإماراتيين بما يمكنهم من تسجيل براءات اختراعاتهم دولياً، مما عزز فوز «تكامل» بجائزة «أفضل سياسة وطنية لنقل التكنولوجيا وتعزيز الملكية الفكرية» عام 2013 من قبل جمعية خبراء الترخيص الدولية «LESI».
وتحدث فيصل الحمودي في الحوار التالي مع «البيان» عن انطلاقة برنامج «تكامل» كجزء من مبادرات لجنة أبوظبي لتطوير التكنولوجيا، مستعرضاً دور البرنامج في تبني الأفكار الابتكارية من مرحلة تولدها وصولاً لتحولها لقيمة اقتصادية حقيقية، والإنجازات التي تمكن من تحقيقيها خلال أربع سنوات من انطلاقه:
تأسيس
بداية متى انطلق برنامج «تكامل»؟
تأسس «تكامل» العام 2011، كبرنامج وطني إماراتي يوفر الدعم القانوني والمادي المباشر للمخترعين في الدولة، لمساعدتهم على تسجيل براءات اختراعاتهم دولياً، حيث فعل البرنامج أنشطة تحقيق القيمة التجارية للأفكار والابتكارات ودعم الجهات المستحقة في أبوظبي والدولة بمساندة خبراء دوليين متمرسين.
من الجهات التي ستهدفها البرنامج بالدعم والرعاية؟
حالياً يقدم برنامج تكامل الدعم لثلاث مجموعات تشمل، المؤسسات الأكاديمية في الدولة، والشركات التجارية الحكومية والخاصة في الدولة أيضاً، وكذلك الأفراد المواطنون.
هل سبق طرح البرنامج دراسة لواقع براءات الاختراع في الدولة؟
بالتأكيد، حيث إن الحاجة لهذا البرنامج جاءت بعد دراسة متعمقة لموضوع الملكية الفكرية وبراءة الاختراع في الدولة، كون براءات الاختراع لأي دولة يمثل مقياساً حقيقياً للابتكار فيها..
فوجدنا في هذه الدراسة أن براءات الاختراع والملكية الفكرية التي سجلت حتى العام 2011 للإمارات على مستوى الولايات المتحدة الأميركية قليلة جداً مقارنة بدول أخرى تسجل مئات الاختراعات، وكانت عملية المقارنة على مستوى أميركا باعتبارها أكثر وجهة في العالم يتجه إليها المخترعون عادة لتسجيل براءات اختراعاتهم، لما تتمتع به من خبرة وقوانين واضحة في هذا المجال.
مراحل
كيف يتم تبني الأفكار، وما المراحل التي تمر بها لتصل إلى تسجيلها كبراءات؟
البرنامج يعمل على دعم وتمكين كل مراحل الابتكار، بدءاً من عملية توليد الأفكار، وانتهاء بالوصول بها لتصبح منتجات وخدمات مبتكرة ذات قيمة تجارية، ويتم ذلك على مرحلتين، الأولى مرحلة «حماية الملكية الفكرية»..
والتي يتم خلالها توفير الدعم القانوني والمادي لتسجيل براءات الاختراع دولياً بالإضافة لتعزيز التوعية بأهمية تسجيل الملكية الفكرية، والتعريف بآليات وخطوات تسجيل براءات الاختراع من خلال ورش عمل الملكية الفكرية التي ينفذها «تكامل».
أما المرحلة الثانية فهي مرحلة «تحقيق القيمة التجارية»، حيث بدأ برنامج تكامل من العام 2013 أنشطته لدعم تحقيق القيم التجارية للاختراعات والابتكارات..
وذلك من خلال المساعدة في دراسة الجدوى السوقية للاختراعات المنجزة، ودعم النموذج التطبيقي العملي والمساهمة في توصيل الفكرة للأسواق والمشترين المحتملين، كما أنشأ البرنامج «مكتب تكامل لنقل التكنولوجيا» ليشكــل مصدر دعــم لتحقــيق القيــم التجاريــة للملكيــة الفكريــة فــي الإمــارات.
دعم
كم براءة اختراع حتى الآن تم دعمها وما المراحل التي وصلت إليها؟
منذ انطلاق البرنامج إلى اليوم دعمنا 120 براءة اختراع، منها 66 وصلت مرحلة الدراسة الدقيقة، أي أنها سجلت كبراءة، ودخلت مرحلة دراستها كقيمة تجارية، ويتم خلال هذه المرحلة دراسة مدى جاهزية الفكرة للسوق وهل تحتاج للتطوير..
ومن ثم تخضع لدراسة متعمقة أكثر حول امكانية تسويقها، ويتم بعدها عمل دراسة جدوى تجارية، وفي حال تم استقطاب مؤسسة أو شركة مهتمة بالفكرة وترغب في تبنيها، يتم عمل نموذج تطبيقي لتأكيد الفاعلية والقيمة التجارية.
نماذج
هل هناك اختراعات سنشهد قريباً تحولها لقيمة تجارية ذات مردود اقتصادي؟
دعم البرنامج ثلاثة نماذج تطبيقية عملية لتصبح ذات قيمة اقتصادية تجارية وجذابة للمستثمر تعود لجامعة الإمارات ومعهد مصدر وجامعة خليفة، وتم الحديث فيها مع شركات عالمية وقدم البرنامج لها الدعم المالي لعمل ثلاثة نماذج تطبيقية لها لإثبات فعالية هذه الاختراعات وجعلها جاذبة للمستثمر..
كما ساهم «تكامل» في إطلاق شركة وطنية جديدة «غرين نانوتاك» بالاستناد لأحد الاختراعات، وهي تعمل في مجال تدوير مخلفات الكربون باستخدام تقنية النانو الحديثة..
فهي شركة ريادية والأولى من نوعها في الدولة والشرق الأوسط في مجال تصنيع الأنابيب النانوية الكربونية من النفايات الغنية بالكربون، بالإضافة إلى قيام البرنامج بدعم المفاوضات لبراءات الاختراع التي تم دعمها من خلالها وذلك مع شركات دولية حول تراخيص لهذه الاختراعات.
دور
هل دعم البرنامج المخترعين وساهم في تكريمهم؟
صحيح، كان للبرنامج دور رئيسي في تكريم أربعة مخترعين، والذين كرمهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خلال حفل تكريم أوائل الإمارات في الذكرى الـ 43 لقيام الاتحاد، حيث تم تكريم أحمد الحارثي من معهد مصدر كأول من ابتكر آلية لتوليد الوقود الحيوي باستخدام الطحالب المعدلة جينياً..
والدكتور محمد المرزوقي من جامعة الإمارات كأول من يخترع آلياً (روبوت) للكشف عن الغازات السامة بالقراءة الحرارية، والبروفيسور علي النقبي من جامعة الإمارات أول من يخترع كبداً صناعياً من الألياف المجوفة على مستوى العالم، بالإضافة لتكريم صقر ماجد المري كأول مخترع إماراتي.
ما طبيعة الدور الذي يلعبه البرنامج في التوعية بموضوع الملكية الفكرية؟
البرنامج منذ تأسيسه ركز على دورين أساسيين هما براءة الاختراع التي تم الحديث عنها، وكذلك التوعية في المجتمع وبخاصة بين الأفراد بكيفية الحصول علــى بــراءة الاختراع وحقوق الملكيــة الفكرية، فكثيــرون كانوا يقومون بعرض أفكارهم الابتكارية في الإعلام والحديــث عنها علناً قبــل تسجيلهــا وحماية حقوقهم فيها..
وبمجرد نشرها يكــون الفرد قد فقد حقه في تسجيلهــا كبراءة اختراع، ولذلك يتم التأكيد على الأفراد المبتكرين بعدم الإعلان عن اختراعاتهــم وأن يبدؤوا بمرحــلة تسجيلهــا إذا وجدوا فيها ابتكــاراً يستحــق التسجيــل كاختــراع.
وقد نفذنا من خلال البرنامج إلى الآن 44 ورشة عمل في الملكية الفكرية وبراءة الاختراع، توجهنا فيها للأفراد والمؤسســـات وبخـــاصة مؤسسات التعليم العالي التي لديها مراكز بحثية، وأقوم بنفسي بتقديم ورش الملكية الفكرية حيث لدي شهادات متخصصة فــي هــذا المجــال.
شراكات
■ فيصل الحمودي
للحصول على براة اختراع، يجب تسجيل براءة الاختراع في مكاتب براءة الاختراع والتي توجد في كل دولة في العالم، وهناك منهج أساسي للحصول على البراءة، يبدأ بأن يفكر الشخص في طبيعة فكرته وهل تستحق أن تسجيل كبراءة اختراع..
والدولة التي سيسجل فيها، ثم يقوم بالتأكيد على جوانب الحداثة والتجديد في الفكرة وأنها مبتكرة، بعدها يقدم طلب التسجيل على براءة الاختراع في الدولة التي يرغب الحماية بها بمساعدة من محامٍ مختص في براءة الاختراع.
ويعتبر هذا التاريخ هو تاريخ الأولوية، وتخضع براءات الاختراع لثلاثة اختبارات في مكتب براءة الاختراع وهي: الحداثة التامة للاختراع وقابلية الاستخدام وخطوة الابتكار.
فرصة
بعد 18 شهراً يتم نشر براءة الاختراع من خلال مكتب براءة الاختراع للتأكد من حداثتها من خلال إتاحة الفرصة لمن لديه اختراعات مشابهة التقدم باعتراضه، ومن ثم مرحلة المقاضاة في حال الطعن من خلال مكتب براءة الاختراع بأحقيته بهذا الاختراع أو وجود من يدعي أن الاختراع يعود إليه..
وهنا يثبت من خلالها المالك الحقيقي للفكرة ومدى أحقية مقدم الطلب في الحصول على تسجيل البراءة، وفي النهاية تكون مرحلة الحصول على البراءة أو رفضها، أما الفترة بين تسجيل براة الاختراع والحصول عليها فهي من سنتين إلى أربع سنوات وذلك اعتماداً على الدولة المسجل بها ونوع الاختراع.
حقيقي للابتكار
أكد فيصل الحمودي مدير برنامج «تكامل» التابع للجنة أبوظبي لتطوير التكنولوجيا، أن أهم التحديات التي تواجه البرنامج هو الوعي، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات، في ما يتعلق بموضوع الملكية الفكرية والطريق إلى تسجيل براءات الاختراع.
وأكد أن هذا هو ما يتم العمل على تعزيزه، وحققنا فيه إنجازات واضحة، حيث بات العديد من المخترعين في الدولة يعرفون طريقهم إلينا، لأن برنامج «تكامل» هو البرنامج الوحيد في الدولة المعني بتسجيل براءات الاختراع وتحويلها لقيمة اقتصادية، كونها عملية مكلفة على الأفراد والمؤسسات.
قال الحمودي: نسعى إلى زيادة أعداد براءات الاختراع المسجلة عالمياً للإمارات، لأن ذلك يعزز من مقياس الابتكار والتقدم في الدولة، وإن كل جهودنا تصب لصالح تحقيق رؤى القيادة الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والتي أعلنت العام 2015 عاماً للابتكار..
كذلك إطلاق استراتيجية الابتكار على مستوى الدولة، لذا فإن المؤسسات المختلفة يقع على عاتقها اليوم مسؤولية كبيرة في كشف ودعم الابتكار، ويجب أن تتكاتف الجهود لتعزيز الأفكار الابداعية الوطنية وتسويق الاختراعات، وقد صمم برنامج «تكامل» موقعاً إلكترونياً خاصاً بهدف عرض وتسويق الابتكارات التي يقوم بدعمها، كما يوفر الموقع ورشاً إلكترونية للملكية الفكرية للتوعية بها.
أكد فيصل الحمودي، أن برنامج تكامل يعقد شراكات استراتيجية مع رواد الصناعات المرتكزة على المعرفة، منها اتفاق مع شركة «أدنوك» على إدارة ملف الملكية الفكرية الخاص بها، إلى جانب دعمه التسجيل في مكتب براءات الاختراع في الولايات المتحدة الأميركية..
كما تم التوقيع مؤخراً على اتفاق مع مصرف الإمارات للتنمية، لدعم المخترعين الإماراتيين، وهناك أيضاً شراكة مع مؤسسات التعليم العالي ذات المجهود البحثي، كما يدعم البرنامج تسجيل الابتكارات في معاهدة التعاون الدولية لتسجيل براءات الاختراع، والتي تضم 148 دولة منها دولة الإمارات.