انتقل «الهاسب» أو نظام ضمان سلامة الغذاء، من العالمية للمحلية ليصبح الأداة المثلى التي تعتمد عليها مختلف المؤسسات المعنية بالغذاء في العالم لضمان حصول المستهلك على وجبة صحية آمنة بنهاية المطاف، حيث يعد هو حائط الصد الذي يرصد أي مصدر تلوث يؤثر على سلامة الغذاء خلال كافة مراحل السلسلة الغذائية، بدءاً من المادة الخام التي تُصنع منها الأغذية بأنواعها المختلفة وصولاً إلى المنتج النهائي الذي يشق طريقه إلى معدة المستهلك دون أن يتسبب له في أية أضرار صحية.
وكان الفضاء الخارجي هو الشاهد الأول على ظهور هذا النظام حين عهدت وكالة الفضاء الأميركية ناسا في العام 1960 إلى أحدى الشركات الأميركية بتطوير نظام يمنع تلوث الغذاء المقدم لرواد الفضاء في ظل ظروف انعدام الجاذبية، فظهر «الهاسب» (HACCP) ليتخذ طريقه نحو العديد من بلدان العالم ويصبح هو القاسم المشترك لدى مختلف الجهات المعنية بسلامة الأغذية ومنها دولة الإمارات من أجل تطبيقه في كافة المنشات الغذائية من أجل ضمان وصول الغذاء الآمن للمستهلكين.
وعلى الصعيد المحلي وبالتطبيق على إمارة أبوظبي، قام جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية باتخاذ التدابير اللازمة من أجل تطبيق هذا النظام عبر الرقابة الصارمة التي يتم فرضها على كافة مراحل السلسلة الغذائية، وكذلك التأهيل الذي يخضع له المتعاملون في مجال الغذاء سواء المنشآت الكبيرة أو الصغيرة، كما يفرض الجهاز الآليات المحكمة والرقابة المشددة على المنتج الغذائي المستورد، حيث تلتزم المنافذ الحدودية بتطبيقه إجراءات رقابية صارمة لضمان وصول الأغذية الآمنة فقط إلى الدولة.
وأتلف الجهاز خلال العام الماضي ما يقارب 322 ألف كيلوغرام مواد غذائية واردة عبر المنافذ الحدودية المختلفة، فيما رفض دخول حوالي نصف مليون كغرام، وذلك لأسباب عديدة منها وجود عطل في التبريد، ومخالفة شروط التخزين والحفظ، أو أن يكون النشاط التجاري للشركة منحصراً في خدمات تموين المواد الغذائية، بالإضافة إلى قرب نهاية الصلاحية، وعدم الإشارة لشروط التخزين، وعدم ذكر اسم المنتج على الشهادة الصحية ووجود حشرات.
وأكد جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية أن تطبيق أنظمة إدارة سلامة الغذاء استناداً إلى مبادئ نظام تحليل المخاطر ونقاط الضبط الحرجة (الهاسب) يعتبر من أهم الممارسات التي تطبقها المنشآت الغذائية التي أثبتت فعاليتها عالمياً لحماية المستهلكين من الأمراض المنقولة بواسطة الغذاء، وقد أصدر جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية النظام رقم (6) الذي يلزم جميع المنشآت الغذائية في إمارة أبوظبي بتطبيق أنظمة إدارة سلامة الغذاء. وأوضح أنه يسعى إلى تأهيل المتعاملين في المجالات الغذائية نحو تطبيق كافة الممارسات الآمنة في الطبخ، التنظيف، التبريد، وتجنب التلوث التبادلي، وكذلك المحافظة على سلامة الأغذية باتباع إجراءات يومية بسيطة وتسجيل كيفية تطبيق وإدارة هذه الممارسات بشكل يومي.
ويعد نظام الهاسب أو نظام تحليل مصدر الخطر ونقاط التحكم الحرجة هو الطريقة المنهجية للتعرف على مصادر الأخطار وتقييمها والسيطرة عليها قبل وصول الغذاء إلى المستهلكين، حيث انه برنامج وقائي منعي يتعامل مع مصادر الخطر قبل وقوعها بتطبيق عدة وسائل للتحكم في منع مصادر الخطر أو تقليل تكرار حدوثها، ويتم ذلك عن طريق تحديد نقاط التحكم الحرجة أثناء الإنتاج بدءاً من المواد الأولية والخامات وحتى استهلاك المنتج النهائي.
وتتعدد فوائد هذا النظام حيث تحصل المنشآت الغذائية خلاله على برنامج تنظيمي للمراقبة يغطي كل نواحي السلامة ابتداء من الخام وحتى المنتج النهائي، مما يعطيها تحكماً أفضل في العملية الإنتاجية، كما ينقلها من نظام فحص المنتج النهائي إلى اتجاه جديد نحو منع حدوث الأخطاء قبل ظهورها وهذا يؤدي إلى إنتاج عالي الجودة وتقليل الفاقد من المنتج النهائي.