في أمسية رمضانية علمية وإعلامية استضافها مجلس خلف أحمد الحبتور مساء أول من أمس، تم إطلاق كتاب «المختصر الفقهي» لشيخ المالكية محمد بن عرفة الورغمي التونسي، وصدر الكتاب عن كلية الإمام مالك للشريعة والقانون، ومسجد ومركز الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ويتناول الكتاب الذي رعته مؤسسة خلف أحمد الحبتور للأعمال الخيرية العديد من القضايا التشريعية الهامة، من خلال 10 مجلدات من القطع المتوسط، ويضم الجزء الأول أربعة فصول، يتناول الفصل الأول الطهارة، ويرصد الفصل الثاني الصلاة، وتم تخصيص الفصل الثالث والرابع للجنائز والزكاة.

وتضمن الكتاب مقدمة بقلم سلطان الحبتور قال فيها إن مذهب الإمام مالك بن أنس يمثل العمود الفقري للمذاهب الفقهية المعتمدة لما يتميز به من خصائص فريدة ومميزات كثيرة جعلته في صدارة المذاهب، «يعد كتاب المختصر الفقهي نموذجاً فريداً بين مؤلفات المذهب المالكي، ويؤسس مؤلفه لمنهج فقهي متميز يعرف عند الفقهاء بالتفقه، وهو يهدف لإثراء فقه واقعي يلمس حياة الناس ويجد الحلول لما استجد من الأحكام المعاصرة».

وسيتم توزيع الكتاب مجاناً على الجامعات والمكتبات ودور البحوث، بالإضافة إلى دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، ودائرة المحاكم والمؤسسات الإسلامية في أرجاء العالم الإسلامي.

وكان في مقدمة الحضور رجل الأعمال خلف الحبتور رئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور، وسلطان الحبتور رئيس مجلس أمناء مؤسسة خلف أحمد الحبتور، والدكتور عيسى عبدالله بن مانع الحميري الرئيس التنفيذي لكلية الإمام مالك للشريعة والقانون، والدكتور أحمد عبدالعزيز كبير مفتين، مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والأوقاف والعمل الخيري، والدكتور سيف الجابري مدير إدارة البحوث بدائرة الشؤون الإسلامية والأوقاف والعمل الخيري، والدكتور حافظ عبدالرحمن خير أستاذ الفقه بكليَّة الإمام مالك للشريعة والقانون بدبي والقائم على تحقيق الكتاب، والشيخ فارس المصطفى إمام وخطيب مسجد الفاروق عمر بن الخطاب، وعدد من شخصيات المجتمع الإماراتي والإعلاميين.

دور كبير

وتحدث خلف الحبتور عن الأئمة الأعلام، الذين أبلوا بلاء حسنا في خدمة الدين الإسلامي الحنيف، وفي مقدمتهم أئمة المذاهب الذين أسسوا مدارس فقهية، ساهمت في تكوين حركة علمية كبيرة، قامت على علوم الدين الإسلامي.

وقال إن هؤلاء الأئمة أرسوا دعائم هذه المدارس الفقهية، ووضعوا أصولها واجتهاداتها، وكان لهم تلاميذ قاموا بنشر علمهم وآرائهم، «فكانت تلك المدارس خير معين في إيجاد الحلول المناسبة لكل المشاكل والقضايا التي واجهت المسلمين قديماً وحديثاً».

وأشار الدكتور عيسى بن عبد الله بن مانع الحميري إلى أن كتاب «المختصر الفقهي» يعد من أعظم الكتب المالكية، التي تتضمن مسائل فقهية تهم المسلمين، وقال إن الكتاب يتميز بسهولة العبارة على غير عادة كثير من الفقهاء، داعيا إلى أهمية بذل الجهد في طلب العلم والتفقه في الدين.

وقال الدكتور أحمد الحداد إن هذه الأمسية تعد مناسبة طيبة لإخراج هذا الكتاب التراثي العظيم الذي ظل حبيس الأدراج لفترة طويلة من الزمن، وتناول الدكتور الحداد ثلاث مسائل وهي: أولا أهمية نشر التراث الفقهي، وثانيها المسؤولية الملقاة على عاتق العلماء وأصحاب رؤوس الأموال لنشره، وثالثا مسؤولية الجمهور وطلبة العلم للانتفاع بهذا التراث.

وقال الدكتور سيف الجابري إن دولة الإمارات العربية المتحدة احتضنت الفقه المالكي، وعملت على نشره والاهتمام به خدمة للدين الإسلامي والمسلمين، وقال إن الفقه المالكي يشمل الشروح المختصرة والمتوسطة والشروح الكبيرة.

وأوضح الدكتور حافظ عبدالرحمن القائم على تحقيق الكتاب، أن مختصر ابن عرفة الورغمي هو موسوعة فقهية متكاملة خصصه المؤلف لأحكام الفقه المالكي، فعرض كل المسائل التي لم يرد ذكرها في مؤلفات أخرى كثيرة.

 وقال إنه وعلى الرغم من كونه مختصراً وموجزاً في أسلوبه إلا أن المؤلف تعمد التوسع في بحث الآراء المهملة والمعمول بها، وهو بلا شك مصدر لا غنى عنه للمحققين والدارسين إذ يحيط بأكثر الأقوال المنقولة عن أئمة المذهب المالكي حتى نهاية القرن السابع الهجري.

مقاصد إنسانية

وقال سلطان أحمد الحبتور رئيس مجلس الأمناء بمؤسسة خلف أحمد الحبتور للأعمال الخيرية إن العلم أسمى المقاصد الإنسانية، فهو الذي يرتقي بالأمم ويعلي من مكانتها وهو أساس بناء المجتمعات.

وقال إن المسلمين أسهموا إسهاما كبيرا في تقدم العلوم ونمائها، و«يعتبر التراث الفقهي من الدعائم التي شُيدت عليها حضارة الإسلام، فهو المعين الذي لا ينضب إذ إن مبادئه تحقق السعادة والرخاء والسلام في ربوع العالمين».

ويعد كتاب المختصر الفقهي، لشيخ المالكية محمد بن عرفة الورغمي التونسي (ت:803هـ) نموذجاً فريداً بين مؤلفات المذهب المالكي، يجمع بين أصالة الماضي وحداثة المستقبل، ويؤسس مؤلفه لمنهج فقهي متميز يعرف عند الفقهاء بالتفقُّه، وهو يهدف لإثراء فقه واقعي يلمس حياة الناس، ويجد الحلول لما استجد من الاحكام المعاصرة، فكانت طباعة هذا الكتاب لأول مرة بعد أن ظل حبيس خزائن المخطوطات لقرون مضت تلبية للحاجة الملحة إليه، وإثراءً وتشجيعاً للبحث العلمي، وإسهاماً في نشر وسائل المعرفة بين المجتمعات المعاصرة.