تعد العلاقات الإماراتية المغربية مسيرة متألقة من العلاقات الأخوية ووحدة المصير والتعاون المستمر، حرصت على دعمها وتطويرها قيادتا البلدين، ورسخت سجلاً حافلاً من التميز، والمشاريع التنموية التي أسهمت فيها دولة الإمارات حتى كانت أكثر دولة عربية استثماراً في المغرب.
وفي هذا الصدد تأتي زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة اليوم للمملكة المغربية الشقيقة وتستغرق يومين، تلبية لدعوة كريمة من الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية.
وسيجري الملك محمد السادس وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مباحثات رسمية، ويشهدان مراسم توقيع اتفاقيات تعاون بين البلدين، كما يشهدان تدشين مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بمدينة الدار البيضاء ومصنع إفريقيا للأسمدة ومعمل تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر بإقليم الجديدة.
وأكد العصري سعيد الظاهري سفير الدولة لدى المملكة المغربية أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للمملكة المغربية الشقيقة يومي 17 و18 مارس الجاري تأتي تتويجا لمسار متميز ومتألق في مسيرة التعاون بين البلدين الشقيقين وتؤكد أهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية.
وأشار إلى أن مسار التميز الذي طبع العلاقات الإماراتية ـ المغربية نشأ منذ عهد المغفور لهما بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك الراحل الحسن الثاني رحمهما الله.
وقال: «لعل البرنامج الحافل لهذه الزيارة الكريمة الذي يتضمن توقيع اتفاقيات تعاون ثنائي بين البلدين الشقيقين وتدشين مستشفى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ بمدينة الدار البيضاء ومصنع إفريقيا للأسمدة ومعمل تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر بإقليم الجديدة، يؤكد أهمية هذه الزيارة في تعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين الشقيقين.
شريك استراتيجي
وأكد السفير أن دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تعتبر المملكة المغربية شريكا استراتيجيا ووجهة رائدة في مجال الاستثمارات، ولعل السنوات الأخيرة تشهد على الحراك الاقتصادي والتجاري بين البلدين الذي تميز بارتفاع حجم التبادل التجاري وأيضا ارتفاع الاستثمارات الإماراتية في المغرب التي بلغت عام 2013 ما قيمته 1.3 مليار دولار، وتميزت سنة 2014 بشراء شركة »اتصالات الإمارات« لـ53 % من رأسمال شركة »اتصالات المغرب« بـ4.2 مليارات يورو. وشهدت السنة نفسها بناء شركة طاقة للجرف الأصفر التابعة لشركة »طاقة أبوظبي« محطات إنتاج جديدة للطاقة الكهربائية.
وأضاف: »أصبحت الإمارات أول مستثمر في بورصة الدار البيضاء عام 2014 بـ55 مليار درهم مغربي، كما قدمت الإمارات مساهمتها بـ1.25 مليار دولار في المنحة الخليجية البالغة 5 مليار دولار لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المغربية مشيرا إلى أن الإمارات ساهمت كذلك بـ500 مليون يورو في رأسمال صندوق وصال للتنمية السياحية البالغ 2 مليار يورو.
كما أن صندوق أبوظبي للتنمية ساهم منذ تأسيسه عام 1974 في دعم مسيرة التنمية المستدامة في المملكة المغربية، وبصماته بارزة في المجالات الإنمائية التي تهم البنى التحتية من مستشفيات وسدود وموانئ وطرق، وآخر هذه المساهمات هو تمويل بناء ميناء طنجة المتوسط بمساهمة تقدر بـ300 مليون دولار، بالإضافة إلى مساهمة الصندوق في تمويل إنشاء القطار فائق السرعة بين طنجة والدار البيضاء بـ100 مليون دولار.
علاقات متعددة
وقال العصري سعيد الظاهري: «إن العلاقات الإماراتية ـ المغربية لا تنحصر فقط في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، بل تمتد إلى المجالات الإنسانية والاجتماعية، حيث قدمت الإمارات مساهمات في المجال الاستشفائي من خلال بناء مستشفى الشيخ زايد بالرباط ومركز سمو الشيخة فاطمة لعلاج النساء مرضى السرطان ومستشفيات أخرى بالمنطقة الشرقية والوحدة الطبية المتنقلة لعلاج مرضى العيون، بالإضافة إلى حملات استشفائية لعلاج مرضى القلب».
وكان للمساهمات الإنسانية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله في دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بـ100 مليون دولار ودعم مؤسسة محمد الخامس للتضامن بـ10 ملايين دولار البصمة الطيبة والأثر الإيجابي في دعم المبادرات الإنسانية والاجتماعية لهذه المؤسسات المغربية. وتشرف سفارة الإمارات لدى المملكة المغربية سنويا على إطلاق حملة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لإفطار الصائم لتخفيف المعاناة عن أكثر من 25 ألف أسرة مغربية متعففة.
وقال السفير العصري: "إن المملكة المغربية تعد نموذجا رائدا في الاستقرار والإصلاح والتنمية وشريكا استثنائيا لدولة الإمارات، الشيء الذي تعكسه اللقاءات والزيارات المتبادلة على أعلى مستوى بين البلدين الشقيقين، وتطابق الرؤى بين قائدي البلدين تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك وتجاه تطورات الوضع الإقليمي والدولي. ونتوقع أن تشهد العلاقات الثنائية مستقبلا واعدا ورائدا في مختلف المجالات.
وقال إن دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية تسيران جنبا إلى جنب وبخطى ثابتة نحو شراكة استراتيجية متعددة الجوانب، وبرزت معالم هذا التعاون من خلال التدفق الهائل للاستثمارات الإماراتية نحو المغرب في مختلف القطاعات الصناعية والسياحية والعقارية والزراعية، علاوة على الارتفاع الذي شهده التبادل التجاري بين البلدين بفضل تنفيذ اتفاقية التبادل الحر الموقعة منذ عام 2001.
وقد وقعت دولة الإمارات مع المملكة المغربية ما يزيد على إحدى عشرة اتفاقية منذ عام 1982 شملت مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والتقني والزراعي والسياحي والصحي والعسكري والنقل الجوي والأمن والازدواج الضريبي إضافة إلى 8 مذكرات تعاون في مجالات التبادل الإعلامي والاتصالات والبريد والبيئة والتجارة والإعفاءات الدبلوماسية، و4 بروتوكولات.
هدية إماراتية
يعد مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان التخصصي بالدار البيضاء بالمملكة المغربية الذي تم تنفيذه بناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة - حفظه الله – والذي سيفتتحه رسميا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يعد هدية دولة الإمارات لشعب المملكة المغربية الشقيقة بتكلفة إجمالية بلغت 100 مليون دولار.
وقد بادرت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية المشرفة على المشروع بتنفيذ المشروع في وقت قياسي تأكيداً لالتزام المؤسسة بتوفير المرافق الخدمية بما يتلاءم مع احتياجات القاطنين في محيط موقع المشروع وكذلك لجعل المشروع رافداً لجهود استكمال البنية التحتية الصحية في المملكة المغربية.
ويحتوي المستشفى على ثلاثة أقسام رئيسية وهي الطوارئ وأمراض القلب والشرايين وقسم الأورام وأمراض السرطان بالإضافة إلى العديد من الخدمات والأقسام المساندة مثل أقسام التشخيص المختلفة وثماني صالات كبرى للعمليات الجراحية ووحدة خاصة للحروق ووحدة شاملة لطب الأطفال والأمومة، كما يضم المستشفى 132 سريرا وقد تم تصميم المشروع على مساحة 36 ألف متر مربع وموزعة على مساحة الأرض البالغة 65 الف متر مربع حيث تم توزيع المبنى الرئيسي للمستشفى والخدمات الخارجية بصورة توفر مساحة للتوسع المستقبلي.
ومن المتوقع أن يكون المشروع إضافة مهمة للقطاع الصحي في المملكة المغربية حيث يتميز تصميم المشروع بخصائص تجعله يرتقي إلى الطراز العالمي وذلك باستخدام المعايير الدولية في التصميم مع مراعاة النظم المحلية المعتمدة في المملكة المغربية.
تطور متواصل
تشهد العلاقات الإماراتية ـ المغربية تطوراً متواصلاً في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية والعلمية والسياحية والأمنية والثقافية والقضائية، بفضل التوجيهات السامية لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وأخيه الملك محمد السادس نصره الله، ويحذو القيادتين رغبة مشتركة لتعزيز التعاون الثنائي، والاضطلاع بدور هام في المحيط العربي والإسلامي من أجل ترسيخ أسس العمل العربي المشترك.