ارتبط اسم «دولة الإمارات العربية المتحدة» منذ القدم بالصحراء، وحتى عقود قليلة ماضية كانت عبارة عن بحر من الرمال المتوهجة يشح ماؤها وتموت نباتاتها ولا يروي عطشها إلا أمطار قليلة تهطل في فصل الشتاء غيثاً ورحمة.

وعاش أبناء بادية الإمارات على فطرتهم بجلد وصبر يتحملون الحر والقيظ والظمأ والتعب وكثرة الترحال دون تبرم أو ضجر رغم قساوة الصحراء.

وقبل أن يعرف أهل البادية وسائل النقل الحديثة في سفرهم من المناطق الداخلية إلى الساحل أو عند أداء فريضة الحج، كانت الإبل هي وسيلة نقل المواطنين الوحيدة للسفر إلى تلك الأماكن، حتى إن كبار السن يذكرون أن الجمال في السفر كانت تربط كالقطار وتمشي القوافل في النهار وبعض الليل وينامون ليلاً حتى لا يضلوا الطريق وترتاح الإبل..

وكانت الطرق معروفة ومحددة ولها محطات، والوقود فيها روث الإبل وحطب الصحراء، كما يقول المواطن راشد محمد المزروعي «75 عاماً».

ويضيف المزروعي: ظل الجمل الحيوان الأساسي ووسيلة النقل العملية الوحيدة في حياة البدو، وهو أيضاً وسيلة الترفيه في مضامير سباق الهجن، حتى ظهرت سيارات العريبي (شاحنات لنقل الركاب) وأصبحت وسيلة مواصلات جديدة بجانب الإبل للسفر إلى المناطق الساحلية أو الدول المجاورة.

اللؤلؤ الصناعي

وشهد أهل الساحل في تلك الحقبة الزمنية نهاية عصر اللؤلؤ حين انتشر اللؤلؤ الاصطناعي في عشرينات القرن الماضي، وهي الضربة القوية للحركة التجارية في الإمارات ودول الخليج، إذ إن رحلات الصيد والغوص لم تعد ذات جدوى في الوقت الذي غزا فيه اللؤلؤ الاصطناعي الأسواق..

وهو ما حدا بتجار اللؤلؤ ومحترفي صيده إلى البحث عن موارد أخرى للرزق لعلها تعوض هذه التجارة التي طالما درت الكثير من المال على سكان الإمارات والمنطقة، ومثل كل ذلك نقلة نوعية أثرت سلباً في التجارة.. وتبع تراجع اللؤلؤ وسنوات المعاناة في عقدي الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العالم كله خلال الحرب العالمية الثانية وأزمة الغذاء.

ويذكر المزروعي أنه في ذلك الوقت كانت الرمال سيدة المكان، وكان السفر من العين إلى أبوظبي يستغرق وقتاً طويلاً، وكانت قيادة المركبة تحتاج إلى سائق ماهر يفرغ إطارات السيارة من بعض الهواء لتلائم الصحراء ويقود المركبة برشاقة وبراعة، أما إذا كان السفر على ظهور الإبل فإن الرحلة تدوم أكثر من يوم، ليجد المسافر نفسه أمام معاناة عبور المياه عند جسر المقطع.

حياة بدوية

ويقول: ظلت الحياة الاجتماعية البدوية البسيطة التي عاشها شعب دولة الإمارات معتمداً على تجارة اللؤلؤ وتواجد القبائل والعشائر، ولم يتغير المشهد إلا عندما شعر حكام الإمارات بالمسؤولية، لاسيما المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي وضع تصوراً في ذلك الحين لتطوير أبوظبي وتحديثها.

وذاع صيت الشيخ زايد في وقت تراجع اللؤلؤ وسنوات المعاناة، وبات أهل الإمارات والخليج العربي في أمس الحاجة إلى موارد جديدة، حتى كان الذهب الأسود والغاز الذي يشكل اليوم ثروة هائلة في منطقة طالما عانت الأمرين في مراحل مختلفة من تاريخها.

أمن وأمان

ويضيف المزروعي: في عهد المؤسس والباني الشيخ زايد نالت دولة الإمارات العربية المتحدة إعجاب كل من زارها من القادة والزعماء وكبار المسؤولين من مختلف الدول الشقيقة والصديقة، والذين أعربوا عن تقديرهم للإنجازات الكبرى والنهضة الحضارية في الإمارات وما وصلت إليه الدولة في كل المجالات خلال وقت قياسي، وهو ما لم يتحقق لدول كثيرة قياساً بعمر قيام دولة الاتحاد.

ويضيف: الحمد لله اليوم ينعم جيل الأبناء باتحاد الإمارات الذي يعد الركيزة والقوة والأمن والأمان لأرض وشعب الإمارات كله، والذي كان بفضل الله سبحانه ثم جهد الشيخ زايد يرحمه الله وإخوانه حكام الإمارات الذين أيدوا وساندوا القائد المؤسس في اتخاذ القرار الحكيم والخطوة التاريخية، ولولا قيام اتحاد الإمارات لما عشنا النهضة التي نحياها..

واليوم وبكل فخر نقول: الحمد لله الذي أنعم علينا بقادة عظام وبتوفيق من الله سبحانه يسيرون على خطى القائد المؤسس رحمه الله الذي أسس حضارة دولة الإمارات العربية المتحدة، ويكمل مسيرة البناء والعطاء التي أرادها الشيخ زايد رحمه الله، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله..

وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وبمتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السمو حكام الإمارات الذين نذروا أنفسهم من أجل رفعة الوطن وتقدمه ورفاهية شعب الإمارات.

تطور

ويؤكد أن القادم للإمارات اليوم يندهش من رؤية جميع أنماط التطور والرقي من نافذة الطائرة، ومنذ أن تطأ قدمه أرض مطاراتها يأسره ويدهشه مستوى النظافة وشوارعها التي تعمها الزهور والأشجار الخضراء، وقبل أن يغادر سيجد العديد من اللوحات التي ترشده إلى وجهته المقبلة..

وبمجرد مغادرته أرض المطار سيكتشف أنه في بلد مختلف يعيش فيه نحو 8 ملايين نسمة بحب ووئام، وسينتقل في الإمارات في أي وقت من ليل أو نهار وسط أجواء الأمن والطمأنينة.. كما ستدهشه ناطحات السحاب التي يراها تعانق السماء وتقف متراصة جنباً إلى جنب بأشكال هندسية رائعة يتوجها برج خليفة في مدينة دبي الأطول في العالم وبرج محمد بن راشد في العاصمة أبوظبي.

تقع الإمارات في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية عند الطرف الجنوبي من مضيق هرمز، ويطل جزء كبير من سواحلها الشرقية على المحيط الهندي، وهذا الموقع الجغرافي مميز جداً، وموانئها تعد من أهم الموانئ التجارية في العالم، ما جعلها من أهم مراكز التجارة في العالم، وبالإضافة إلى كونها من أهم مراكز المال والأعمال في العالم فإنها بلد سياحي بامتياز؛ إذ تتوافر فيها العديد من الوجهات السياحية المتميزة.