شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في مجلس سموه الرمضاني، أولى محاضرات الشهر الكريم بعنوان «التصورات الخاطئة لدى الجماعات المتطرفة» للدكتور أسامة السيد الأزهري، مستشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وذلك في إطار برنامج المحاضرات والأمسيات الفكرية الرمضانية التي ينظمها مجلس سمو ولي عهد أبوظبي بقصر البطين بأبوظبي.

وقال المحاضر إن فكرة الوطن فكرة أصيلة وعميقة في الشرع، وقد حاولت التيارات المتطرفة تشويهها، لكن الوطن أصل عظيم تنطق به الشريعة كالشمس في وضح النهار، وأضاف أنه قد خرجت علينا في الأعوام الماضية تيارات لا زاد لها من العلم الأصيل سوى الحماس الأهوج، قرأوا القرآن فحولوا هداية الرحيم إلى قتل وتشريد، مؤكداً أن تفكيك فكر التطرّف يكون بتفنيد أسسه ومواجهة أفكاره وإبراز مقاصد الشريعة التي جاءت للإحياء (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً).

وأشار المحاضر إلى أن مدارس العلم الأصيل كانت تصنع العلماء الموحدين الذين أدركوا مقاصد الشريعة واتصفوا بالرحمة وصنعوا الحضارة.

حضور

وشهد المحاضرة سمو الشيخ عبد الله بن راشد المعلا، نائب حاكم أم القيوين، وسمو الشيخ سيف بن محمد آل نهيان، وسمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وسمو الشيخ ذياب بن زايد آل نهيان، وسمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ومعالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي.

وشهد المحاضرة أيضاً عدد من الشيوخ والوزراء والعلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة، ولفيف من السفراء والإعلاميين.

وتقدم المحاضر في بداية محاضرته بالتهنئة بمناسبة شهر رمضان المعظم، متمنياً من الله تعالى أن يعيده على أوطاننا بالخير واليمن والبركات، ومتوجهاً بخالص الشكر إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، باسمه وباسم العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة لإحياء أيام وليالي رمضان، وسائلاً الحق أن يمتعه بموفور الصحة والعافية، وأن يديم في ربوع الإمارات السداد والتوفيق.

شكر الإمارات

وتقدم إلى صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، من وجدان شعب مصر العظيم وقيادتها بالشكر والعرفان على موقف دولة الإمارات الشهم والشجاع الذي وقفته الإمارات مع أرض الكنانة في وقت عصيب ومحنة صعبة مرت بها مصر، معرباً عن الشكر لدولة الإمارات والسعودية الكويت والبحرين والأردن مع بلده مصر، ومستشهداً بمقولة الرئيس المصري في هذا الموقف إن مصر لا تنسى الأشقاء الذين مدّوا أيديهم إليها في وقت صعب، وداعياً الله أن يجازي هذه الوقفة العظيمة بخير الجزاء ويديم العلاقة بين شعوبنا.

وقال إن المدارس العلمية كانت غرة في جبين أمتنا، وثمرة أثمرتها رايتها التي هي أمة علم وحضارة، حيث كان الأزهر الشريف وجامع الزيتونة في تونس والقيروان في فاس وفي اليمن ومدارس العلم في الحرمين الشريفين وفي الشام والعراق والهند والمالاي وكانت في الإمارات المدرسة الأحمدية، وكانت هذه المدارس تعمل على تحويل الناس إلى صناع للحضارة، يعبرون عن مواريث المودة بصدق، وتظهر على أيديهم منظومة الأخلاق، مشيراً إلى أن صنعة العمل كانت صناعة معرفية دقيقة، يعكف الطالب على يد أساتذته عشرات الأعوام، ما يسفر عن صناعة العالم المتدبر بعلوم دينه الذي تعلم النحو وعلوم البلاغة والعلوم العقلية.

نشأة التيارات المتطرفة

وأضاف أنه نشأت في الثمانين عاماً الأخيرة تيارات افتقدت أدوات الفهم، حيث لم تصبر على تلقي العلم، ولم تجلس على تلك المدارس الكبرى التي أشرت إليها، وليس لديها مناهج علم، وتولدت عن تلك عدد من المقولات والأفكار والتيارات التي انحرفت وأراقت الدماء، مشيراً إلى أنه على مدى الثمانين عاماً الماضية ولدت تيارات تحمست مع عدم امتلاكها أدوات العلم.

وأشار إلى الحديث النبوي الذي عدّد ثلاث صفات للرجل المؤمن، وهي رجل آتاه القرآن، ورويت عليه منهجية القرآن، وأنه كان رجلاً شديد الانتماء والوفاء للإسلام، إلا أن الحديث أخبرنا عن تحول الرجل من هذه المرحلة القرآنية إلى رجل آخر، مشيراً إلى أن التغير لم يأتِ من آيات وسور قرآنية، بل كان في التسلط على الوطن، لصياغة عدد من التصورات الخاصة والمقولات المغلوطة التي ولدتها حماسة لم تستند إلى أدوات استنباط الوحي، لأنه لم يعرفها ولم يتعلمها، فانتشرت مرحلة التأويل، ووجدت فيها مقولات تدعي الانتساب إلى الوحي، وتتمرد على المنهج، وكانت نتيجته تأويلاً كاذباً للقرآن الكريم.

وأوضح الأزهري أن النتيجة المباشرة لميلاد هذه التأويلات تحول صاحبها إلى رجل يسعى إلى الدمار، ويحمل السلاح، ويسعى للقتل والخراب، ونحن أمام مرحلة كيف تحول إنسان من متدين إلى متطرف إلى تكفيري إلى حامل للسلاح سافك للدماء.

وأضاف أنها مرحلة مأساوية عصيبة، تبدأ بالقرآن الكريم صاحب الرحمة، وتتحول إلى شقاء وخراب، بينما نزل الوحي ليكون رحمة للعالمين، وتصان فيه الأعراض، وأن الوحي نزل للتعارف، مشيراً إلى أننا أمام رجل غلبه الحماس، ولكنه لم يمتلك مفاتيح العلم، وخرج منه حاملاً السلاح.

قواسم مشتركة للتيارات

وقال إنه لدى رصده الجماعات المتطرفة في الثمانين عاماً الماضية، وجد أنها تيارات من وراء تيارات تمثل عجب العجاب، مشيراً إلى أنه وجد في بلاد المشرق والمغرب تيارات متطرفة فرقت وأراقت الدماء وشوهت صورة الإسلام، وتم وضعها تحت المجهر لاستخلاص القواسم المشتركة والمرتكزات المحورية المتكررة لدى كل تلك التيارات، لوضعها محل النقاش والتفكيك، حتى لا نفاجأ بعد 10 أو 15 سنة بميلاد تيار جديد يصعب درؤه.

وقال إنه رصد أفكاراً عدة تشكل الأسس والأعمدة التي تبنى عليها تيارات التطرف، والتي تقوم على فكرة الحاكمية التي في أساسها تكفير عموم المسلمين، والتي ترجع إلى آية واحدة في القرآن، أساؤوا تفسيرها وفهمها، وهي: «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ».

وأشار إلى أن فكرة الحاكمية بدأت بكلام صاحب كتاب «في ظلال القرآن» الذي يعتبر المدونة الأساسية التي تولدت منها تيارات التطرف، حيث بدأ يتحدث عن فهم الآية، فخرج منها بإطلاق وصف التكفير على عموم المسلمين، مشيراً إلى أن علماء الأمة صاروا في جانب، والتيارات الظلامية في جانب آخر، حيث شرح الأئمة جميعاً الآية بمعنى، وذهبت هذه التيارات إلى جانب يفهمها بالتكفير، موضحاً أن ما قام به هؤلاء من أغرب ما يكون، حتى إن صاحب كتاب «الظلال» قال إن الدين توقف عن الوجود منذ قرون، ونسمع حالياً التيارات نفسها و«داعش» تردد الكلام نفسه، وأن الدين توقف عن الوجود منذ قرون.

وقال إن الحاكمية بذرة تفرعت منها قضية الجاهلية، حيث يصفون عموم أهل الأرض بالجاهلية، وأنهم عزلوا أنفسهم عن أمة الوسط، فقاموا يفتشون عن مصطلح «الفرقة الناجية»، ثم جاء مصطلح حتمية الصدام الذي يتحول عنده الإنسان إلى من تكفيري إلى قاتل وسفاك للدماء، ويصورون أن هذا الدين يجعل الناس يصطدمون بالعالم كله.

وقال إن المنتمين إلى التيارات المتطرفة تاجروا على البشر، فسرقوا لأنفسهم مهنة القضاء، وسرقوا لأنفسهم الجهاد والإفتاء الشرعي، فنزلوها على غير معانيها، مشيراً إلى أنهم انطلقوا في قوائم مصطلحاتهم إلى فكرة الوطن، فدمروها وشوهوها، وصوروا الوطن على أنه حفنة من التراب، وحب الوطن لديهم مرفوض، وأنه لا يوجد أي حديث عن حب الوطن، وموضحاً أنه يرد على هؤلاء بقوله إن الوطن شعب أنتج حكمة، وصنع حضارات ومؤسسات وتاريخاً وحضارة وعلوماً ومكانة بين الأمم.

أسئلة الحضور

وقال، في رده على أسئلة الحضور، إن أهم ما يجب العمل عليه في الفترة المقبلة هو الاهتمام بعدم انحراف الشباب وراء أصحاب الأفكار الهدامة والمتطرفة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، لأن هذه الوسائط هي المكان الذي تسلط عليه تلك التيارات وتجتذب عقول الشباب، مشيراً إلى ضرورة وجود عمل مؤسسي يغترف من معاني العلم، ومعرباً عن اعتذاره لكل شاب اختطف عقله من قبل تلك التيارات ولم نتمكن من إنقاذه، باعتبار ذلك من مسؤوليات رجل الدين.

وأكد أن الحماية من الانجراف وراء التيارات المتطرفة مسؤوليتنا جميعاً، وكل فرد على أرض الوطن صمام أمان، وأن الوطن والدين والعلم أمانة وصلت إلينا، فلا تضيع، ولن نكون شر الأجيال، وبإذن الله سننهض حتى نسلم الأمانة إلى الأجيال المقبلة، كما تلقيناها ممن سبقونا.

إهداء كتاب «الحق المبين»

قال الدكتور أسامة الأزهري إنه قام بجمع دراسته عن التيارات المتطرفة في كتاب «الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين»، وأهدى نسخة منه إلى الرئيس المصري، وقال: أتشرف اليوم برفع نسخة من الكتاب إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتمت ترجمته إلى ثماني لغات، وهناك ست لغات أخرى ستتم ترجمة الكتاب إليها، وسيتم تحويله إلى مقولات على وسائط التواصل الاجتماعي، حتى تعم الفائدة منه.

ولي عهد أبوظبي يصدر قرار رسوم التسجيل العقاري

 

أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، قراراً بشأن رسوم التسجيل العقاري والإعفاء منها بإمارة أبوظبي.

ونص القرار على التصرفات التي تعفى منها رسوم التسجيل العقاري، وهي الأحكام اللاحقة لتسجيل الإرث والمتعلقة بتقسيم التركة والتخارج فيها عند التسجيل الأول، وتسجيل الأراضي والعقارات الموقوفة لأعمال الخير لصالح الجهة المعنية بالأوقاف الخيرية في إمارة أبوظبي، إضافة إلى معاملات الجهات الحكومية وأية جهة أخرى معفاة من الرسوم الحكومية بموجب قانون إنشائها، ويشمل ذلك إصدار أي محررات أو مستندات. كما تضمن القرار جدولاً بالرسوم الخاصة بالتسجيل والتأشير وإصدار الشهادات وخدمات أخرى.

استقرار

عبر سعيد عيد الغفلي رئيس دائرة الشؤون البلدية عن شكره وتقديره إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، على دعم سموه واهتمامه المتواصل بتخفيف أعباء المعيشة عن أبنائه المواطنين وتوفير الحياة الكريمة لهم وتحقيق الاستقرار المادي والمعيشي لهم. وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي على القرار الصادر عن سموه والتوجيهات السديدة من أجل دعم وتعزيز مقومات العيش الكريم للمواطنين وكل ما يخدم مصالحهم ويخفف من الأعباء المادية عن كاهلهم، قائلاً إن تعديل جدول الرسوم الخاص بالقانون رقم «3» 2005 في شأن تنظيم التسجيل العقاري بإمارة أبوظبي يعكس متابعة القيادة الرشيدة في العمل المستمر وبكل الوسائل المتاحة لرفع المشقة عن المواطنين من خلال تخفيف الأعباء المالية عنهم وتوفير جميع متطلبات العيش والحياة الكريمة لهم ولأسرهم.

وأضاف الغفلي أن تعديل الرسوم وفقاً لهذا القرار يواكب المتغيرات بشكل إيجابي، لا سيما أن التعديل شمل رسوم التسجيل العقاري الخاصة بالهبة والدمج وتسجيل الهبة، وتم تحديد الرسم الخاص بهذه الخدمات بمبلغ مقطوع تم تصنيفه وفقاً لطبيعة العقار بدلاً من نسبة مئوية كانت تُحدد وفقاً لقيمة العقار في السابق.