كشف معالي الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، أن عدد أعضاء الهيئات الانتخابية في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2015، والبالغ عددهم 224 ألفاً و279 عضواً، يمثلون نحو 50% من تعداد المواطنين فوق 21 عاماً.

وقال في محاضرته التي استضافها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي، في فندق الشاطئ روتانا بأبوظبي أمس الأول، بحضور لفيف من المثقفين والأدباء، إن التجربة الانتخابية الثالثة للدولة التي تلتئم في الثالث من شهر أكتوبر المقبل، شهدت تطوراً لافتاً وبنيت على المنجز من تجربتي 2007 و2011، باستحداث العديد من الإجراءات والآليات التي تسير بالعملية الانتخابية خطوات مهمة إلى الأمام، في إطار تنفيذ برنامج التمكين السياسي وتفعيل المشاركة السياسية التي بدأتها الدولة في العام 2006.

وقال إن عدد المراكز الانتخابية ارتفع إلى 36 مركز اقتراع في مختلف إمارات ومدن ومناطق الدولة، يدلي فيها أعضاء الهيئات الانتخابية بأصواتهم في الثالث من أكتوبر المقبل، وذلك مواكبة للكثافة السكانية التي شهدتها الدولة، بينما يصوت أعضاء الهيئات المتواجدون خارج الدولة في فترة الانتخابات، في 93 مقر بعثة دبلوماسية للدولة في الخارج يومي 20 و21 سبتمبر المقبل. وأكد أن البرنامج الانتخابي الإماراتي المتدرج، جاء مستشرفاً لما يجرى في العالم العربي من وجود لافتات ديمقراطية، في ظل ممارسات طائفية وقبلية وأحزاب ومعارضة قسمته إلى فئات، لذلك حرصت القيادة الرشيدة على أن يكون برنامجنا نابعاً من ظروفنا، تخوفاً من أن ينتج تسرعنا في تطبيق البرنامج الانتخابي نفس التوجهات، مشيراً إلى أن تجربتنا الانتخابية لا بد من تحديثها لأن العالم يتغير وعلينا مواكبة هذه التغيرات من خلال رؤية ونموذج.

تطور انتخابي

وقال قرقاش إن محطتنا النهائية في عملية التمكين والبرنامج الانتخابي، ليست بناء نظام ديمقراطي على النمط الغربي فيه مصارحة وتداول للسلطة، ولكن تجربتنا يجب أن تكون وليدة وعائها الثقافي والاجتماعي مع التعلم من تجارب الغير، مشيراً إلى أن النظم الحزبية في العالم العربي أفرزت انقسامات في المجتمعات العربية، ونحن نريد تجربة توحد.

وأشار إلى أنه عندما بدأت التجربة الانتخابية لم تكن الدولة في مأزق، ولم تسع إلى وضع برنامج سياسي لتلافي ذلك، ولكن كانت تمتلك رصيداً جيداً وكان علينا استغلاله للمستقبل، مشيراً إلى أننا أردنا أن نرفد تجربتنا بهدف سياسي والسعي إلى تفادي مآزق بعض الدول العربية بأن الانتخابات تمزق المجتمع وتوجد طبقية وقبلية.

وتناول تطور البرنامج الانتخابي والوعاء السياسي للبرنامج، والجوانب التنظيمية المرتبطة به، مشيراً إلى أن التطور التاريخي بدأ عام 2005 بخطاب التمكين لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي أظهر أن هناك حاجة لتطوير المشاركة السياسية، وكان من المهم أن نضع لها برنامجاً وأولوية، وتحقق ذلك في حكومة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في يناير 2006 باستحداث منصب وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، وأنيط بالوزارة وضع خطاب التوطين موضع التنفيذ.

وأضاف أن القيادة الرشيدة أدركت واستشرفت طبيعة الوضع منذ وقت مبكر، وقبل ما يسمى بالربيع العربي، وأن التجربة التنموية في الدولة كان لا بد أن تواكب وتعالج النشاط السياسي، حيث كانت الدولة تشهد نشاطاً في الجوانب الاجتماعية والتنموية وفي مناحٍ عديدة تمثل برنامج عمل واضحاً، وكان لا بد أن يلعب هذا البرنامج دوراً في هذا الجانب.

إحاطة واستشراف

وأشار الدكتور قرقاش إلى أننا بدأنا الملامح العامة لخطاب التمكين، وكانت الفكرة الأولى هي التدرج في تنفيذ البرنامج الانتخابي، وتم استشراف والإحاطة بما يجري في العالم العربي، حيث رأينا أن هناك لافتات ديمقراطية ولكن الممارسات كانت طائفية وقبلية، في ظل وجود أحزاب ومعارضة، والتي قسمت العالم العربي إلى فئات، لذلك كان تخوفنا أن ينتج تسرعنا في تطبيق البرنامج الانتخابي نفس التوجهات.

وقال إن الثقافة الانتخابية الموجودة في الدولة، تتأثر بطبيعة الحال بتوجهات الحكومة وتوجهات عملية التنمية، وبالتالي إذا كانت التوجهات حداثية فإنها توثر حداثياً، وإذا كانت محافظة أو طائفية يكون تأثيرها في هذا الاتجاه على المجتمع.

وأشار إلى أن مجتمع الإمارات شبيه بالعديد من المجتمعات الخليجية والعربية، بكل جوانبها الإيجابية والسلبية، لذلك كان هذا أحد المنطلقات لمسألة التدرج في تطبيق البرنامج الانتخابي وعملية التمكين، وبدأنا بأن تكون هناك توجهات بانتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، ومجمع انتخابي باختيار هيئات انتخابية بدأت بأقل من 7 آلاف عضو في انتخابات 2006، وتعرضت التجربة للكثير من الانتقادات، ولكن لسان الحال يقول إننا لا نحكم على التجربة الأولى، ولكن يكون الحكم على التجربة ككل، مشيراً إلى أن التجربة حظيت بتأييد كبير رغم انتقاد البعض.

وأكد أنه قبل العام 2005 وطرح خطاب التمكين، كان هناك تشابك بين الخلفية التاريخية والسياق السياسي، ولم يكن هناك رأي عام لطرح هذا التوجه، ولكن كان هناك تصور واضح من القيادة الرشيدة بأن تطور المشاركة السياسية أصبح أمراً مطلوباً وضرورياً، وكان يجب البحث عن نموذج واضح للتطبيق بهدف تحديد قنوات المشاركة السياسية في ظل وجود قنوات تقليدية، وكنا نريد لها أن تقوى وأن نرفدها بقنوات جديدة، وهي الانتخابات التي تخلق نوعاً من ثقافة الحوار وتنميتها وثقافة المحاسبة وتعزيزها.

قالب حضاري

وأضاف أن التجربة الانتخابية مكنت العديد من الفئات، مثل المرأة والشباب ورصد العديد من الكفاءات التي كانت الانتخابات فرصة كبيرة لبروزها. وقال إنه كان من الأهمية بمكان تقديم انتخابات وما تحمله من ثقافة انتخابية في قالب حضاري راق، ولكن كان انطباع العديد من المواطنين عن الانتخابات أنها صراع وعراك في البرلمان، ولكن من خلال الممارسة العملية لتجربتي 2006 و2011 والتجربة المقبلة لعام 2015، بدأ المواطن يدرك أن الانتخابات هي ممارسة مدنية تشهد منافسة حضارية، ولكن كان لا بد أن نحرص على التدرج، وأننا إذا لم ننتبه لذلك فإن الانتخابات ستأخذ بعداً آخر.

وأوضح قرقاش أن العملية الانتخابية في تجربة 2006 بدأت بأقل من 7 آلاف عضو في الهيئات الانتخابية، ولكن حسمنا فيها العديد من المسائل المهمة، مثل مشاركة المرأة ترشيحاً وتصويتاً، وضباط الجيش يمارسون حقهم بالتصويت، والقضاة يستقيلون إذا ترشحوا، وتم تعزيزها في التجربة الثانية بزيادة أعداد أعضاء الهيئات الانتخابية إلى نحو 135 ألف عضو، مؤكداً أنه تم تأصيل العديد من الممارسات الانتخابية في هاتين التجربتين، وأنه في تجربة 2015 بلغ عدد أعضاء الهيئات 224 ألفاً و279 عضواً، أي بنسبة تقترب من 50% من تعداد المواطنين فوق 21 عاماً، وذلك انطلاقاً من التزام الدولة بالسير في مسار تدريجي للعملية الانتخابية، وتنفيذ وعودها في هذا الاتجاه، وأجرت تعديلات دستورية ترسخ هذه الخطوات التي أقدمت عليها.

آليات جديدة

وأشار قرقاش إلى أن انتخابات 2015 ستشهد مجموعة من الآليات والإجراءات الجديدة والتي لم تكن مقبولة في 2006، حيث سيصبح بإمكان أي مواطن التصويت من أي إمارة، ولأول مرة سيكون هناك تصويت مبكر قبل موعد الانتخابات في الثالث من أكتوبر، في الفترة من 28 إلى 30 سبتمبر المقبل ولمدة ثلاثة أيام، والتي تتيح التصويت للكثير من أعضاء الهيئات الانتخابية الذين قد تمنعهم ظروفهم من التصويت يوم الانتخاب، وأصبح بإمكان أعضاء الهيئات الذين يتواجدون خارج الدولة يوم الانتخاب، التصويت في 93 بعثة دبلوماسية للدولة في العالم يومي 20 و21 سبتمبر.

وقال إن عدد المراكز سوف يشهد زيادة كبيرة ليصل إلى 36 مركزاً، بدلاً من 13 في انتخابات 2011 و7 مراكز في انتخابات 2006 بواقع مركز واحد في كل إمارة، وجاءت الزيادة في عدد المراكز تماشياً مع الكثافة السكانية والمناطق الجديدة التي شهدتها السنوات الأربع الماضية.

وأضاف أن انتخابات العام الجاري ستشهد تطبيق نظام الصوت الواحد، حيث يعطي كل عضو في الهيئة الانتخابية صوته لمرشح واحد فقط، بدلاً من التصويت لأربعة أعضاء في أبوظبي ودبي أو 3 في الشارقة ورأس الخيمة وعضوين في باقي الإمارات.

فتح باب الترشح

وأوضح الدكتور قرقاش أن الاستحقاق الانتخابي المقبل، هو فتح باب الترشيح في الثالث عشر من أغسطس المقبل، وتليه بقية استحقاقات العلمية الانتخابية، بتقديم طلبات الترشيح للوصول إلى يوم الانتخاب 3 أكتوبر، الذي تم اختياره بعد انتهاء إجازة عيد الأضحى المبارك.

وذكر أن هذه الممارسات الجديدة التي أقرتها اللجنة الوطنية للانتخابات، تهدف إلى بناء إرث انتخابي من الممارسات الديمقراطية، وأن الهدف ليس استنساخ الديمقراطية على الطراز الغربي، موضحاً أن كل نظام يشتق من تاريخ الدولة والإرث الثقافي والسياسي للجميع.

تجربة المرأة

وأكد أن تجربة المرأة في العملية الانتخابية ناجحة، على الرغم مما تواجهه من عقبات في الانتخابات على الصعيد الإقليمي والدولي وفي مجتمعات ليبرالية، وليس في الإمارات فقط، حيث نجحت أول امرأة في انتخابات برلمانية خليجية في أبوظبي، وفي التجربة الثانية نجحت امرأة من أم القيوين، ولم تحقق المرأة في دبي والشارقة نفس النجاح، رغم أن هاتين الإمارتين اكثر انفتاحاً، مشيراً إلى أن نجاح الدكتورة شيخة العري في أم القيوين نجحت باكتساح، لأنهم وجدوا فيها مربية وتربوية لأبنائهم وتعاملوا معها ليس كامرأة ولكن ككفاءة وطنية، مشدداً على أن الذي يساعد المرأة في الانتخابات المقبلة هو حشد الصوت النسائي لصالحها من قبل أعضاء الهيئات الانتخابية البالغ عددهم 224 ألف عضو نصفهم تقريباً أصوات نسائية.

وأكد أن التدرج في تنفيذ خطة التمكين والبرنامج الانتخابي لا يحمي التجربة من الانزلاق، ولكن الاستعجال في تحقيق ذلك ستكون له تكلفة مرتفعة جداً، وأن علينا أن ننظر إلى المستقبل ونراقب المشهد الخارجي، في إطار سعينا لانتخابات تعزز التجربة الوطنية.

دور الإعلام

أكد الدكتور أنور قرقاش أن المجلس الوطني الاتحادي يلعب دوراً أهم بكثير مما يعتقده الكثيرون، وكل ما يقوم به وما مرره من مشاريع قوانين أو مناقشة موضوعات عامة وأسئلة توجه إلى الحكومة يسير حياتنا، مطالباً وسائل الإعلام المحلية بأن تعلب دوراً أكبر وتقوم بالتغطية بصورة أفضل لأنشطة المجلس وفعالياته، لأن مناقشاته غنية بالملاحظات وثرية وتنعكس مباشرة على حياة المواطنين.

لا يوجد مانع

قال وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، إن الكثير من قوائم الهيئات الانتخابية تضم العديد من أبناء الأسر الحاكمة، ومتاح لهم الترشح وفقاً للإجراءات والشروط المحددة في التعليمات التنفيذية ولا يوجد ما يمنع ترشحهم، مشيراً إلى أننا لا يمكن أن نحكم على نجاح تجربة الصوت الواحد في الانتخابات المقبلة من عدمه، لأن التجربة الانتخابية الأولى بدأت متواضعة عام 2006، ولكنها أصبحت تجربة طموحة، ونقول ذلك اليوم بكل ثقة.

الصايغ: الانتخابات استحقاق كبير يتوج مسيرة الدولة

قال حبيب الصايغ رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، والذي قام بتقديم الدكتور أنور قرقاش خلال المحاضرة، إن اتحاد الكتاب ينظر إلى الانتخابات كاستحقاق كبير، يتوج مسيرة دولة بين ماضيها الذي نعتز به وحاضرها الذي ينتمي في معظم وجوده إلى المستقبل، مشيراً إلى أننا عندما نتذكر خصوصية التجربة فإن هذا يزيدنا اعتداداً وتمسكاً بنهج صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والذي اتضح خصوصاً في كلمته الاستثنائية عام 2005 وكذلك في عام 2007، الأمر الذي تبلور برنامج عمل لدى حكومة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

فعل وطني

وأكد الصايغ أن انشغال اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بالشأن الوطني العام لا يختلف عن انشغاله بقضية الإبداع، فالمسألتان مرتبطتان تماماً، فعلى المبدع والأديب والشاعر والكاتب أن يكون في صميم الفعل الوطني لجهتي التفاعل والتأثير، وكل ذلك في أفق الشفافية الذي تتيحه أجواء الحرية التي ننعم بها في هذه الدولة، تأسيساً على ما بناه القائد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.

وقال: إننا ننظر إلى الانتخابات على أنها عنوان مستقبلي يهم كل عضو في هذا المجتمع، وكذلك فإن كل مواطن معني بإنجاح هذا الاستحقاق، وفي هذا السياق تأتي استضافة الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، ونحن نعد بالاستمرار في المشاركة الإيجابية بكل ما يخص وطننا الغالي العزيز، متمنياً نجاح الانتخابات المقبلة بما يعزز المسيرة التنموية للدولة ويرفدها.