لا حدود للتميز، ولا معايير معينة يجب أن يخضع لها الإنسان ليصبح مبدعاً، فالمنزل والمجتمع والوظيفة والحياة بمجملها هي ميادين للعطاء والتفرد عن الآخرين، يستطيع كل شخص في أحضانها أن يعثر على مساحة ليضع بصمته الخاصة التي تميزه عن بعض أفراد مجتمعه. وذلك ما نلمسه عند الاقتراب من شخصية مريم محمد عبدالرحمن، التي وجدت في التطوع لخدمة المجتمع ومساعدة الآخرين عالمها الآخر تبحر فيه كلما أنجزت مهام منزلها وأسرتها.
رسم البسمة
للتطوع مكانة خاصة في حياة مريم، التي كانت تشارك في أعماله منذ نعومة أظفارها، وكانت تجتهد لرسم البسمة على من حولها بكل طاقتها، ففي المدرسة كانت كتلة من النشاط، تساعد معلماتها في بعض الأعمال التي تتعلق بالتنظيم والترتيب وتقف بجوار زميلاتها في ظروفهن الصعبة، كما كانت من الطالبات اللواتي يشاركن في الحملات التوعوية وتساهم في ضبط النظام في المدرسة من خلالها مشاركتها في الجماعات المختلفة.
لم تتغير مبادئ مريم وتوجهاتها التي ترعرعت عليها، بل أدركت في مرحلة دراسية متقدمة أن الأعمال التي فضلتها وأحبتها تقع في مجملها تحت مسمى التطوع، الذي يقدم فيه الإنسان خدمة لمجتمعه وأفراده بدون مقابل، فأكملت مسيرتها في هذا المجال خصوصاً بعد ما أدركت أن هناك جمعيات ومؤسسات تطوعية يستطيع الإنسان أن يقدم عطاءه فيها مع أفراد آخرين.
لم تتوانَ مريم عن الانضمام والمشاركة في الفعاليات التطوعية التي تنظمها مختلف المؤسسات، بل دأبت على الحضور في الأحداث التطوعية التي عملت فيها جاهدة على تقديم أفضل ما لديها لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن.
جرعة تشجيعية
مواصلة الأعمال التطوعية هل سوف تتوقف بعد الزواج؟ أم سوف يستمر الحال كما هو؟ هذه التساؤلات كانت تتكرر في ذهن مريم كل يوم نظراً لارتباطها الكبير بالأعمال التطوعية التي وجدت فيها ذاتها على حد قولها، ولم تمكث هذه الحيرة طويلاً حتى جاءها الرد من زوج المستقبل بكلماته التي قدر فيها جهودها التي تقوم بها، مما أعطاها جرعة من التشجيع للمضي في هذه الأعمال الإنسانية التي تنعكس آثارها على تلاحم المجتمع واستقراره.
اكتشفت مريم أن الأعمال التطوعية وخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة تنعكس إيجاباً على حياة الفرد الذي يشعر بالقناعة والرضا بما وهبه الله له ويتمناه الآخرون ليعيشوا أسوياء كغيرهم، فضلاً على أنها تعلم الإنسان الصبر والتحمل والإصرار لمواجهة صعوبات الحياة التي يتجرعها خصوصاً ذوو الاحتياجات الخاصة، مؤكدة أنه من يعيش بالقرب من هذه الفئات يشعر ببساطة أحلامهم وأمنياتهم التي تدل عليها العديد من المواقف التي تصادف الأشخاص عند مشاركته في هذه الفعاليات التطوعية، ومنها موقف ترسخت تفاصيله في ذهنها عندما كانت ضمن المتطوعين في إحدى الفعاليات لرسم البهجة في نفوس بعض الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث استوقفها طفل منهم وكان خجولاً بعض الشيء، وبعد أن اقتربت منه وحادثته بشكل ودي قال لها إن أمنيته في الحياة أن يتناول «اللقيمات».
مكاسب شخصية
قالت مريم محمد إن هناك العديد من المتطوعين الذي يشاركون في الفعاليات المختلفة، ولكن بعضهم يهدف إلى تحقيق مكاسب من خلف مشاركتهم في هذه الفعاليات منها الشهرة والتصوير والظهور في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، فيما يطمح البعض إلى الحصول على شهادات مشاركة والإشادة من قبل الأشخاص، مشيرة إلى أن الإنسان لا يشعر بقيمة العمل التطوعي وتأثيره على النفس إلا إذا كان خالصاً لوجه الله ونابعاً من شعور الفرد بالمسؤولية المجتمعية.