شيّع الآلاف من المواطنين والمقيمين بعد ظهر أمس الشهيد العريف أول جمعة جوهر جمعة الحمادي الذي قدم روحه مع رفاقه فداءً للواجب الوطني ضمن القوات المشاركة في عملية إعادة الأمل في اليمن، حيث شهدت الجنازة، والتي كانت مهيبة، مشاركة المئات من أفراد القوات المسلحة من رفقاء درب الشهيد، وعدد كبير من مواطني الدولة بالإضافة إلى حشود كبيرة من أبناء الجاليات العربية.
بدأت مراسم الجنازة قبيل صلاة الظهر في مسجد سعود القاسمي في منطقة الشهباء بالشارقة، حيث تقبل والد الشهيد وأصدقاؤه وأقاربه وعدد من أفراد القوات المسلحة العزاء داخل المسجد، حيث كان جثمان الشهيد مسجى أمامهم، ثم تقدم إمام وخطيب المسجد بالتعزية إلى أهل الفقيد، وألقى كلمة في الحاضرين بيّن فيها فضل الشهادة في سبيل الوطن، وأيضاً فضل الدفاع عن مكتسبات الوطن.
وبعد الانتهاء من مراسم صلاة الجنازة والتي أعقبت صلاة الظهر، حُمل الجثمان على أكتاف رفاق السلاح وأقاربه إلى المقبرة في المنطقة الصناعية بالشارقة، وهناك تسارع الحضور إلى حمل جثمان الشهيد الطاهر وواروه الثرى إلى مثواه الأخير.
وبعد أن ووري جثمان الشهيد الطاهر الثرى، تلقى والد الشهيد يرافقه أبناؤه الصغار حسن وعبد الرحيم وعدد من أصدقاء الشهيد وأقاربه العزاء داخل المقبرة من أبناء القوات المسلحة، والقيادة العامة لشرطة الشارقة، والمواطنين، وأبناء الجاليات العربية الذين حرصوا على المشاركة في تشييع جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير.
رفقاء درب
وقد أعرب العديد من رفقاء درب الشهيد الحمادي عن عميق حزنهم على رحيل الشهيد، مشيدين بمشواره المهني خلال وجوده سواء في القوات المسلحة أو في حياته الخاصة.
وقال وضاح خليل الماس من أقرب أصدقاء الشهيد وأحد أفراد القوات المسلحة: عرفت الشهيد منذ أكثر من 15 عاماً، وكان معروفاً بدماثة الخلق، وكان متعاوناً مع الصغير والكبير، ناهيك عن ذلك إنسانيته في تعامله مع الناس سواء قريب أو غريب، مشيراً إلى أننا سنفتقد الشهيد جمعة الحمادي كثيراً لأنه كان قريباً منا جميعاً.
ومن جانبه أعرب علي الشامسي أحد رفقاء درب الشهيد وأحد أفراد القوات المسلحة عن حزنه الشديد بفقدان شاب عرفته منذ أكثر من 17 عاماً، لم تخرج منه أي كلمة سيئة، وقد عرف بيننا بأنه في قمة الأخلاق والاحترام، وكان يحترم صغيرنا قبل كبيرنا، ناهيك عن ذلك ابتسامته التي كانت لا تفارقه وكان يشتهر بها. وأضاف الشامسي: اتصف الشهيد جمعة الحمادي بنقاء القلب، وكان يخدم الصغير قبل الكبير، سواء على مستوى عمله في القوات المسلحة أو في حياته الخاصة بين أصدقائه وأبناء (فريجه).
بينما أشار خالد محمد المرشدي من أفراد القوات المسلحة وأحد أصدقاء الشهيد إلى أن جمعة الحمادي على خلق ومحترم جداً، موضحاً «إنني أعرفه منذ عام 2008، وتربينا سوياً في (فريج واحد)، وقد عرف بيننا بأنه إنسان متعاون مع الجميع، محب للخير للجميع سواء مواطنين أو مقيمين، ما عمره قصر مع أحد، والشيء الجميل فيه كان يلبي النداء دائماً، والفزعة لمساعدة الآخرين».
وكشف خالد المرشدي عن أن آخر اتصال تم بينه وبين شهيد الوطن كان قبل وفاته بيوم واحد، قائلاً: أوصاني جمعة بأهله جميعهم وخاصة والدته وأبناءه الصغار، مشيراً إلى أن الشهيد جمعة كان باراً بأهله جميعهم وكان العائل والسند الوحيد لهم.
أشقاء الشهيد
للشهيد جمعة الحمادي شقيقان، عبد الرحيم يبلغ من العمر 13 عاماً، والثاني حسن ويبلغ من العمر 10 سنوات، تحدثا بكل حزن وأسى، وأعربا عن حزنهما الشديد على فراق شقيقهما الشهيد، وقال عبد الرحيم: إن أخانا علمنا المعاملة الحسنة مع الآخرين، بالإضافة إلى أنه كان يحفزنا على الاعتماد على أنفسنا في حياتنا، مشيراً إلى أن آخر مرة كان معنا منذ شهر خلال إجازته من القوات المسلحة.
وقد قامت إدارة المرور والدوريات في القيادة العامة لشرطة الشارقة بإغلاق كل التقاطعات الخاصة بمسجد سعود القاسمي لتسهيل مرور موكب الجثمان إلى مثواه الأخير، بالإضافة إلى المحافظة على النظام داخل المقبرة لعدم تكدس المركبات داخل الطرقات في المقبرة.
ذوو شهداء ومواطنون: شهداء الواجب وهبوا حياتهم فداء للوطن
أكد ذوو شهداء ومواطنون إماراتيون لـ «البيان» بأن شهداء الواجب هم حماة وهبوا حياتهم فداء للوطن، وأنه على الرغم من مصابهم الجلل في فقد أبنائهم وأقاربهم، إلا أن الوطن أكبر من الجميع، وأنهم يقفون صفا واحدا مع القيادة في وجه المعتدين، ومن يريدون إلحاق الضرر بالمجتمع ومؤسساته وأمنه وأعربوا عن تعازيهم الحارة لقادة الدولة ولعائلات شهداء الأمل الذي استشهدوا أثناء تأدية واجبهم الوطني ضمن قوات التحالف العربي المشاركة في عملية إعادة الأمل في اليمن. داعين الله عز وجل أن يتقبل الشهداء بجوار النبيين والصديقين.
وأعرب جمال بن عبيد البح رئيس منظمة الأسرة العربية رئيس مجلس أمناء جائزة الأسرة العربية، عن أسفه وحزنه الشديدين لسقوط شهداء الوطن والواجب والذين لبوا نداء الحق والوطن... الثلاثة البواسل الفرسان الشهيد العريف أول جمعة جوهر جمعة الحمادي، والشهيد العريف أول فاهم سعيد أحمد الحبسي، والشهيد العريف أول خالد محمد عبدالله الشحي، ومن سبقهم من الشهداء الأبطال الأبرار الذين قدموا أرواحهم وأجسادهم من اجل وطن العز والكرامة ضمن المشاركة البطولية في معركة إعادة الأمل للتحالف العربي، للوقوف الى جانب أهلنا في اليمن والحكومة اليمنية الشرعية والرسمية.
وقال رئيس منظمة الأسرة العربية: نقدم العزاء إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، ومنتسبي القوات المسلحة البواسل وعائلات وأسر شهداء الواجب، وإننا حقيقة فخورون بشهداء وشباب الوطن والذين يدافعون عن الحق والعدالة في ساحات الشرف والكرامة، وإننا نقدر هذه التضحيات والتي أصبحت عنواناً ونموذجاً لقيمة الوطن في قلوبنا.
ووصف المواطن محمد القبيسي والد شهيد الواجب المقدم الطيار سيف محمد سيف القبيسي، شهداء الواجب في عملية إعادة الأمل بالأبطال الحقيقيين، وشرف لدولة الإمارات بتقديمها أبنائها فداء للوطن، مؤكدا بأن حماية الوطن ومساعدة الشعوب في كل أقطار العالم واجب على الجميع، مشددا في الوقت نفسه بأن شهداء الإمارات أحياء في نفس كل إماراتي وذكراهم باقية في قلوبنا بفضل ما قدموه من تضحية قل نظيرها، وتلبيتهم نداء الوطن الغالي.
دولتنا تستحق
كما عبرت إيمان النقبي زوجة شهيد الواجب الطيار الملازم أول ماجد أحمد الشملان النقبي من خورفكان عن أسفها لذوي الشهداء، وقالت: «مصابكم مصابنا وحزنكم حزننا، وأعيننا تبكي دما على فراقهم، ماتوا أبطالا وماتوا وهم رافعون عزة الوطن. إلى كل زوجة كوني فخورة فأزواجنا شهداء دفعوا أرواحهم لحماية هذا الوطن، وهذا درس لأبنائنا نعلمهم ونربيهم ليكملوا مسيرة آبائهم، ودولتنا تستحق كل ذلك وأن نفديها بالغالي والنفيس علينا».
أبناء الجميع
وأكدت المستشارة القانونية منى إسماعيل الرئيسي بأن كل عائلة إماراتية تفخر بأن يكون أحد أفرادها شهيدا للوطن، لما للشهادة من مفخرة ستبقى راسخة في عيون أجيال اليوم والمستقبل، وقالت: «نحن فخورون بأبنائنا شهداء الواجب الذين هم أبناء الجميع»، لافتة إلى أن ذلك لا يساوى في شيء مقابل احتضان القيادة والتفافها حول أسر الشهداء للمواساة في صورة متكررة، وإن كانت تعد صورة نادرة على مستوى العالم تتجلى في مدى حب القيادة وحرصها على أبنائها وتصميمها على احتواء ظاهرة الإرهاب وآثارها التي تهدد أمن هذا البلد واستقراره ورخاء مواطنيه.
مبينة في الوقت ذاته، أن القيادة الرشيدة ستظل وفية لشهداء الوطن برعاية ذويهم والاهتمام بهم، وهو الوفاء الذي يؤكد تثمينها المستمر لكل الأعمال البطولية التي قام بها أبناؤها من الشهداء البواسل.
الوطن آمناً
كما أوضح المواطن نايف الكسار من مدينة خورفكان بأن الوطن سيبقى آمنا طالما تواجد فيه أمثال هؤلاء الشهداء وغيرهم، الذين سقطوا وهم يؤدون واجبا من أهم الواجبات الوطنية العظيمة التي تصب في روافد حماية هذا الوطن وإعلاء شأنه، وتحقيق تطلعات قيادته الرشيدة باحتواء الإرهاب الذي تظهر صوره المكروهة بين حين وحين، وملاحقة أولئك الجناة الذين يريدون العبث بأمن الوطن والدول الشقيقة والصديقة واستقرارها وحرية أبنائها.
مصدر فخرنا
قال محمد جلال الريسي إن جميع أبناء الوطن الذين قدموا أرواحهم الطاهرة فداء له، ودفاعاً عن الأمن القومي العربي والخليجي، وقاموا بمواجهة الإرهاب بكل شجاعة وبسالة، سيظلون دوماً في قلوبنا وسيزيدوننا جميعاً عزيمة وإصراراً على التضحية من أجل تراب هذا الوطن الغالي.
وأضاف: «ليعلم أعداء الحق أننا مستعدون لأن نقدم أنفسنا وأبناءنا في سبيل الله، لنحافظ على أمن ومنجزات أوطاننا، فشهداء الوطن هم مصدر فخرنا وإعزازنا ودماؤهم الطاهرة ستحرر أرض اليمن من الإرهاب».
بطولات خالدة
وقال راشد الهاجري: إننا ونحن نودع اليوم ثلاثة من شهدائنا الأبرار الذي قدموا أرواحهم فداء لوطنهم وتلبية لنداء الواجب تجاه أشقائنا في اليمن، نجدد العهد والولاء لقيادتنا الرشيدة ووطننا المعطاء الذي لن نتأخر عن تقديم أرواحنا فداء له وحماية لمقدراته ومكتسباته، ودعماً لاستقرار الأمن القومي العربي والخليجي.
وذكر أن أبناء الوطن المخلصين شهداءنا، جمعة جوهر جمعة الحمادي وخالد محمد عبدالله الشحي وفاهم سعيد أحمد الحبسي، رحلوا عنا بأجسادهم إلا أنهم سيظلون دوماً في وجداننا، وسنروي لأبنائنا وأحفادنا بطولتهم وأمجادهم، مؤكداً أن تلبية نداء الوطن فرض عين على جميع أبنائنا ولم يدخر الجميع جهداً في سبيل رفعته وتقدمه.