يشكّل برج راشد علامة فارقة في تاريخ دبي، حيث يؤرخ لنهضتها العمرانية عبر السنين، ولطالما يظهر في الصور الأرشيفية وحيداً وسط الصحراء قديماً، ليبرز شامخاً وسط محور دبي.

 جاء بناء البرج ليترجم الرؤية المستقبلية للمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الذي ارتأى ضرورة توفير مبانٍ عصرية لاستقطاب الشركات الإقليمية والعالمية، وإطلاق التوسع العمراني في المدينة بالاعتماد على تخطيط متكامل سابق لعصره.

بدأ العمل في بناء البرج الذي صممه المعماري البريطاني المرموق جون هاريس في سبتمبر من عام 1974، وكان تصميمه في بادئ الأمر أن يصل إلى ارتفاع 34 طابقاً فقط، إلا أنه بعد الانتهاء من بناء الطوابق الثمانية الأولى منه أصدر سمو الشيخ راشد تعليماته بتعليته 5 طوابق أخرى، وكان في ذلك الوقت الصرح الأعلى في المنطقة.

 معلم رئيس

 وقد تفرد برج راشد وقت إنشائه بطوابقه التسعة والثلاثين، إلا أنه لا يقف حالياً وحيداً كما كان في ذلك الحين، إذ ما لبث أن تحوّل البرج الأول من نوعه في دبي خلال فترة وجيزة إلى مَعْلم رئيس بارز، ومحور مركزي للشركات العالمية الراغبة في تأسيس فروعها في بلد غني بالفرص الواعدة.

وقد جاء إنشاء مركز دبي التجاري العالمي ليجسّد رؤية الشيخ راشد لمدينة عصرية تستقطب الشركات الرائدة في العالم.

 يضمن مبنى المكاتب المرموق الذي طالما كان منارة مشرقة لتقدم دبي على مدى ما يزيد على ثلاثين عاماً، مكانة رفيعة بمجرد الانضمام إليه، في الوقت الذي يوفر لك أقصى درجات الراحة والمرونة من خلال مجموعة كبيرة من خيارات التأجير والمرافق المجَهزة للأعمال.

يضم برج الشيخ راشد الذي دشن رسمياً عام 1979، ما يزيد على 150 مستأجراً، من بينهم شركات رفيعة متعددة الجنسيات، ومكاتب حكومية وقنصليات. يتكون البرج الذي يتميز بتكييف مركزي كامل، من 33 طابقاً، ومساحة إجمالية تبلغ 344,000 قدم مربعة قابلة للتأجير، وتراوح مساحات المكاتب بين 551 قدماً مربعة و11,500 قدم مربعة.

ويعد برج الشيخ راشد واحداً من أرقى مواقع المكاتب، ويتميز بموقف للسيارات، وخدمة المواقف، ومنطقة لسيارات الأجرة عند إيصال المستأجرين والزوار، كما يسهل الوصول إليه بالسيارة أو بواسطة المواصلات العامة.

يمكن الوصول إلى المكاتب المزودة بخدمات الأمن والصيانة على مدار الساعة، من خلال 10 مصاعد عالية السرعة، ويوجد مصعدان مخصصان للخدمة لتوفير طريقة ملائمة للمستأجرين لنقل البضائع والأغراض المتنوعة الأخرى.

وفي الوقت الذي يتوافر فيه معظم المكاتب للتأجير على المدى الطويل بالتزام لمدة عام واحد على الأقل، تستطيع الاستفادة من مكاتب مركز دبي التجاري العالمي المجهزة بالخدمات، والمتوافرة على أساس سنوي أو شهري، سواء كنت شركة صغيرة أو متوسطة، أو مبتدئاً، أو متعاقداً مستقلاً، أو ببساطة تؤسس شركتك في سوق جديدة، فنحن نوفر لك ميزة المرونة عبر هذه المكاتب المفروشة بالأثاث.

تتميز هذه المكاتب التي تراوح مساحتها بين 160 و7,000 قدم مربعة، بمكتب استقبال مشترك لاستقبال العملاء، علاوة على مجموعة خدمات الأعمال، منها الخدمة والتنظيف وقاعات الاجتماعات المخصصة.

 ريادة دبي

 سرعان ما ارتفع الطلب على إقامة الفعاليات المهمة، وشهد المجمع توسعات كبيرة، وعبر الأعوام اتسع مركز دبي التجاري العالمي، ليضم عدداً من قاعات المعارض، كقاعة الشيخ راشد، وقاعة الشيخ مكتوم، إلى جانب برج المؤتمرات، ثم تم بناء قاعات الشيخ سعيد وأرينا المركز التجاري التي رفعت المساحة الإجمالية للمركز إلى أكثر من مليون قدم مربعة.

 ومنذ ذلك الحين، أقيم بجوار مركز دبي التجاري العالمي العديد من ناطحات السحاب على امتداد شارع الشيخ زايد، إلا أنه ظل رمز ريادة دبي ونهضتها كمركز تجاري عالمي في ملتقى طرق العالم.

ومع زيادة الطلب على المعارض، وبداية التفكير في جعل دبي مركزاً جاذباً للفعاليات ووجهة لها، كان لا بد من توسعة مساحة العرض، ولذلك تم البدء ببناء قاعتي المعارض 1، 2 عام 1983 بموقعيهما الحاليين مقابل البرج الذي لم يكن يضم سوى قاعة واحدة للمعارض، هي سوق دبي للأوراق المالية حالياً التي انطلق منها معرض جيتكس للتكنولوجيا عام 1981، وبعد سنوات تمت إضافة القاعتين 3، 4.

وفي عام 2002، بدأ العمل على استكمال باقي مرافق المركز، وشملت تلك المرحلة من التوسعة بناء قاعتي الشيخ راشد والشيخ مكتوم، وقاعات المعارض المقابلة لهما، وهي القاعات 5، 6، 7، 8، كما تم إنشاء مجموعة المحال والمرافق الخدمية المختلفة من بنوك ومطاعم ومراكز خدمات رجال الأعمال والبريد والاتصالات والشحن والنقل، إضافة إلى فندقي نوفوتيل وإيبيس وبرج المؤتمرات المقابل لفندق نوفوتيل.

 إمكانيات حديثة

 نجحت دبي، بفضل رؤية المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم التي أصبحت تمتلك الخبرة والقدرة والإمكانيات الحديثة، في تنظيم واستضافة المعارض التجارية الضخمة، والمؤتمرات العالمية الكبرى في استضافة مؤتمر صندوق النقد والبنك الدوليين في سبتمبر من عام 2003، وبدأت المدينة منذ ذلك الحين تحتل مكانتها على الساحة العالمية في قطاع الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض.

وقد ساعدت هذه المرافق بعد اكتمالها، وإضافة قاعة زعبيل لاحقاً عام 2006 بمساحة 15 ألف متر مربع، ثم بناء قاعات الشيخ سعيد التي تضم 4 قاعات أخرى بمساحة إجمالية 25 ألف متر مربع عام 2009، على زيادة مساحة العرض المغطاة إلى أكثر من 1000.000 قدم مربعة، وزيادة قدرة المركز على استيعاب معارض عالمية ضخمة أصبحت تشغل مساحته بالكامل.

 نقطة محورية لالتقاء كبرى الشركات العالمية

 

 وقد نجح برج الشيخ راشد الذي كان يقف وحيداً وسط صحراء دبي وبعيداً عن العمران، في أن يكون مركزاً للمكاتب الرئيسة لكبرى الشركات العالمية التي أتت إلى دبي بغرض العمل والاستقرار أول مرة، ومقراً لقنصليات عدد من أهم دول العالم.

 

وصار البرج معلماً مهماً على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، كما كان نقطة محورية لالتقاء مجتمع الأعمال من مختلف دول العالم، إذ أتاح لها التعرّف إلى الفرص التجارية وتنميتها والمشاركة بالخبرات، وتحقيق التواصل والتقدّم في المنطقة. وانتقلت دبي مع قدوم الشركات العالمية ورواج التجارة بها إلى آفاق جديدة، وأصبح البرج الذي عارض إقامته الكثيرون في تلك الفترة، شاهداً على تطور الحياة العصرية في دبي التي أصبحت مدينة عالمية يجتمع على أرضها اليوم جميع أجناس الأرض.

 واستقطبت دبي العديد من المؤتمرات والفعاليات العالمية، مثل مؤتمر الاتحاد العالمي لطب الأسنان عام 2007 الذي اجتذب أكثر من 28 ألف شخص و500 متحدث، والمؤتمر العالمي لمرضى السكري في ديسمبر 2011، ومؤتمر الاتحاد العالمي للمواصلات العامة، ومعرض التنقل والنقل الحضري المصاحب له في أبريل 2011، بمشاركة نحو ألفي مندوب من سبع وثلاثين دولة، والمؤتمر العالمي لأمراض القلب 2012، وغيرها من المؤتمرات والمعارض والفعاليات العالمية.

واليوم، يضمّ مجمّع مركز دبي التجاري العالمي برج الشيخ راشد (برج المركز التجاري)، ومركز دبي الدولي للمؤتمرات والمعارض المكون من 17 قاعة للمعارض والمؤتمرات، وعدداً من غرف الاجتماعات الصغيرة والمتوسطة تستوعب بين 20 – 200 شخص، إضافة إلى برج المؤتمرات المكوّن من 13 طابقاً، وفندقي إيبيس ونوفوتيل اللذين تديرهما شركة الفنادق العالمية أكور، إضافة إلى الشقق الفندقية التابعة لمركز دبي التجاري العالمي.

رمز طموح

 لقد مثّل برج الشيخ راشد عند افتتاحه عام 1979 رمزاً لطموح دبي ورؤية المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، فخلال أكثر من ثلاثين عاماً شهد تطوراً جذرياً من مجرد برج يقف وحيداً في قلب الصحراء، إلى أن صار محركاً للتجارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، ثم أصبح رمزاً للتحول الرائع الذي شهدته دبي.

فكلما نمت المدينة، نما بالتزامن معها مركز دبي التجاري العالمي، وكما ستواصل دبي مسيرة نجاحها، فسيستمر مركزها التجاري في أداء دور رئيس في هذا النجاح، والتركيز ليس على تقديم وجهة وفعاليات عالمية المستوى فقط، بل أيضاً على تقديم تجربة عالمية رائدة لزوار دبي، بغرض الأعمال التجارية أو الترفيه.

 العنوان الأبرز

 وفي ظل النظرة المستقبلة للمغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، يُعد مركز دبي التجاري العالمي العنوان الأبرز للأعمال والتجارة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، ويقع بقلب منطقة الأعمال التجارية بدبي، وهو المقر الذي يشهد عقد كبرى الصفقات والشراكات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وتعمل إدارة المركز على تنظيم واستضافة عدد من أكبر وأشهر الفعاليات العالمية والإقليمية.

وقد أدى برج الشيخ راشد (برج المركز التجاري) منذ افتتاحه عام 1979 دوراً كبيراً في ترسيخ مكانة دبي كمركز للأعمال التجارية، عبر تنظيم واستضافة المعارض والمؤتمرات والفعاليات العالمية.