فتح معالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي خزائن ذكرياته، ليخبرنا ويروي لنا جوانب من شخصية استثنائية رحلت قبل 25 عاماً لكنها باقية في ذاكرة الوطن ورجاله وأبناء شعبه المستمرين في بذل كل ما يملكون لإنجاح مسيرة التنمية والبناء، وتحدث معاليه في ندوة بعنوان:

 «ربع قرن على رحيل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم» نظمتها مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، عن أهم ما أنجزه الشيخ راشد بن سعيد خلال مدة حكمه والأسس التي وضعها الراحل لتصبح قاعدة أساسية للحياة في دبي التي احتلت المراكز الأولى في الكثير من الإنجازات في عهده، وصدقت رؤيته بجعل دبي «دانة الدنيا».

أدارت المحاضرة الدكتورة فاطمة الصايغ عضو مجلس أمناء المؤسسة، وحضرها معالي عبدالله بن محمد سعيد غباش وزير الدولة وبلال البدور سفير الدولة لدى المملكة الأردنية الهاشمية، وجمال بن حويرب العضو المنتدب لمؤسسة محمد بن راشد، والدكتور محمد عبد الله المطوع الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، والدكتور صلاح القاسم مستشار هيئة دبي للثقافة والفنون، وعبد الحميد أحمد عضو مجلس أمناء المؤسسة، رئيس تحرير صحيفة غلف نيوز، ورجل الأعمال علي بن حميد بن علي العويس، رئيس مجلس العويس الثقافي وعدد كبير من الشخصيات الرسمية والثقافية والإعلامية والعامة في الدولة.

ميناء جبل علي

 وأشار معالي ضاحي خلفان خلال المحاضرة إلى أنه عندما بدأ الكتابة في «مجلة الأمن» التي كانت توزع على طيران الإمارات في ذلك الوقت، كتب مقالاً عن ميناء جبل علي وبالمصادفة قرأها ماجد الفطيم في إحدى رحلاته، وأثناء عزاء ثاني بن عبد الله أول رئيس للمجلس الوطني أخبره الفطيم بأنه قرأ مقاله عن ميناء جبل علي، وقال له سوف أروي لك قصة حدثت عندما بدأ الشيخ راشد بناء ميناء جبل علي في منتصف الستينيات، فقد كنت من أشد المعارضين لهذه الفكرة، فكان الناس يتساءلون وحتى التجار من الهدف من أن ينشئ الشيخ راشد ميناءً وسط الصحراء، وأثناء ذلك زار الإمارات وفداً يابانياً مكوناً من 25 اقتصادياً من ذوي الخبرة، وكان رئيس الوفد يعتبر من أهم العقول الاقتصادية ومن كبار الاقتصاديين في اليابان في تلك الفترة.

 وتابع الفريق تميم: اصطحب الفطيم الوفد إلى جولة في ميناء جبل علي، وعندما سأل رئيس الوفد عن رأيه عن جدوى المشروع أكد أنه يعتبر من أهم المشاريع العالمية في منطقة الشرق الأوسط فهو مشروع المستقبل والذي بناه، بناه لدبي لما بعد النفط، وهذا ما حدث بالفعل وصدقت رؤية المغفور له باني دبي الشيخ راشد بن سعيد وبعد نظره، فاليوم دبي تدير أكبر موانئ العالم، وتساهم في إدارة وتنمية 64 ميناء عالمياً بخبرتها الواسعة في هذا المجال،، فكان يرى ما لا يراه الناس ويخطط حتى أصبح العالم يتحدث عن أكبر ميناء في العالم.

 مستقبل الإمارات

 وأشار معاليه إلى إنجازات الشيخ راشد وبروزه كشخصية قيادية، وأكد أن الراحل الكبير كان على قناعة حقيقية بأن مستقبل إمارات الساحل المتصالحة سيكون أفضل إذا توحدت، وكان يرى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، رجل الاتحاد وقائده ويستطيع أن يسير الاتحاد في طريقه الصحيح، وجاء المحاضر على ذكر إرهاصات الاتحاد والآلية التي اتبعها راشد لإقناع الحكام بجدوى الاتحاد، كما أكد الفريق ضاحي أنه بعد وفاة الشيخ راشد بن سعيد بأسبوع أكد له صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إنه عثر على العديد من الخرائط عن مشاريع مستقبلية عملاقة حتى أنه وجد مخططاً لبناء ملعب للجولف.

وعن فلسفة راشد في القيادة ورؤيته في إدارة الأمور حكى معاليه موقفاً حيث قال له الشيخ راشد: لقد أعجبني اليوم سلوك أحد أفراد الشرطة، وأضاف إنه كان في سيارته عندما رأى شاحنه قادمة من سوريا تحمل خضاراً وقد استوقفتها دورية شرطة، وشاهد الشرطي يتحدث مع سائق شاحنة فاعتقد راشد أن سائق الشاحنة ارتكب مخالفة والشرطي سيغرمه، غير أن الشرطي طلب من سائق الشاحنة أن يتبعه، وتبعهما راشد بسيارته خلفهما ثم اكتشف أن الشرطي ذهب بالشاحنة إلى سوق الخضار بالحمرية لأن السائق ضل الطريق وطلب من الشرطي أن يدله، ووقتها أبدى الشيخ راشد إعجابه الشديد بموقف الشرطي، وأراد أن يوصل رسالة إلى قائد الشرطة وهي «نحن في خدمة الناس»، ونحرص على تقديم العون لهم وإسعادهم..

 المجلس اليومي

 وأكد معالي ضاحي خلفان أن المغفور له الشيخ راشد كان مفكراً استراتيجياً من الطراز الأول، وله رؤيته الثاقبة وعزيمة على تحقيق الهدف ورحابة صدر وسرعة بديهة ومتابعة دقيقة للتفاصيل الصغيرة في كل المجالات وهمه الأول راحة كل مواطن، وأكثر ما يميز الشيخ راشد في مجلسه اليومي، إنه كان يبدي استعداداً وحرصاً كبيرين للاستماع بانتباه للناس، والتعرف على مطالبهم وتلبيتها وكانوا يدلون بآرائهم بحرية تامة في مجلس اتسمت حوارته ومداولاته بالجدية ومعالجة الأمور التي تهم المواطنين، وقضايا التنمية والعمران.