لا يمر شخص في منطقة الجافلية في دبي وتحديداً أمام محطة المترو، إلا وينجذب إلى مبنى الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، الذي تزينه ملامح تجعله مختلفاً عن سواه من المباني الحكومية، بعد أن تحولت واجهاته إلى متحف مفتوح تفوح من جنباته البهجة بألوانه الزاهية..

وتنبض جدرانه بأقوال وأشعار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى جانب نفحات ورسومات وامتزاج يجمع حضارة دبي وإبداعاتها، ليصبح المكان علامة الجافلية المميزة.

أكبر لوحة

لم يكتفِ اللواء محمد أحمد المري مدير الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، بالاهتمام بالواجهة الخارجية للمبنى الذي يحمل أكبر لوحة خط فنية تزينها قصائد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي خطتها نرجس نور الدين الفنانة التشكيلية والخطاطة الإماراتية..

إضافة إلى اللوحة التي رسمتها الفنانة التشكيلية الدكتورة نجاة مكي، مؤكداً أن دبي تكرس جانباً مهماً من جهودها في مجال الفن والعمارة لتجسيد الهدف الذي يضيف بعداً جديداً لها، يتكامل مع صورتها كمركز عالمي للمال والأعمال ومنصة هامة للإبداع والابتكار.

العين والقلب

يؤمن اللواء المري أن العين تعشق قبل القلب أحياناً، وأن ارتباط الجمهور بمبنى الإقامة ليس ارتباطاً مصلحياً إنما ارتباط وثيق يحمل بين طياته «ورقة برتقالية» يعدها الكثيرون أملاً وحياة جديدة في الإقامة بدبي، يبدأها باحتضان الإبداع والابتكار، والفن والجمال، وتحقيق السعادة.

يستهل مراجع الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، مشواره في البحث عن الشباك الذي سيقدم من خلاله أوراقه الشخصية، وفي الطريق يجد الجدران مزينة بصور من الأشعار والفن التشكيلي

. أما الموظفون فمكاتبهم في الطابق الثاني مختلفة كلياً؛ فبعد المرور بمكتب المدير العام تأتي إدارة الموارد البشرية التي تعكس تراث دولة الإمارات عبر الأبواب والشبابيك بل وصندوق خاص وضع على الحائط في الطرقات يحتوي على النياشين التي حصلت عليها الإدارة طوال سنوات عملها.

سوق تراثي

لا عجب أن تجد في إقامة دبي سوقاً تراثياً قابعاً بين مكاتب الموظفين، الذي أصبح سمة مميِّزة للمكان، حيث يضم العديد من العبوات الكبيرة التي تحوي البهارات وتفوح بعبق زمن جميل مضى ويستمر أبناؤه في الإبداع والابتكار، وإلى جانب الطريق يوجد «زير» الماء وسلال حفظ الخضار والفاكهة، وأريكة خشبية من نفحات الماضي...

والأبواب هناك مصممة لتكون مدخلاً ومخرجاً لسنوات التراث الإماراتي العتيق. وفي الطريق إلى الأقسام الإدارية الأخرى، نجد الجدران وقد زُينت بلوحات كبيرة تؤطر أشهر المعالم التراثية والمعمارية الإبداعية في إمارات الدولة، وقد حملت ألواناً زاهية وأخرجت الحائط من جموده ليشكل لوحة كبيرة تسر الناظر وتغير من روتين العمل.

الصورة النمطية

استطاع اللواء محمد أحمد المري مُخرج تصميمات المبنى؛ ترجمة فكر القائد المبدع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في نقل الخيال إلى واقع وتغيير الصورة النمطية للعمل الحكومي، من منظور أن الأمر لا يقتصر على التغيير في الإجراءات ..

وإنما يرمي إلى إنعاش الإنسان بما يسر عينيه، ومنح الموظفين مساحات مفتوحة من التأمل لتشجيع الابتكار والإبداع، ولسان حاله يقول: «لا يزال في جعبتنا المزيد».

الأمر لا يقتصر على ترجمة التراث الإماراتي على الجدران، بل امتد إلى اختيار الإضاءة الأفضل والألوان الأنسب في مختلف المرافق، علاوة على تصميم أماكن تجمع واستراحة الموظفين، باختيار أثاث ذي ألوان زاهية ومناطق مفتوحة مريحة.

وكل ذلك يؤكد إيمان القائد بحق الموظف في أخذ استراحة قصيرة ثم العودة الى العمل أكثر انتعاشاً، ناهيك عن إعادة هيكلة تصميمات بعض المكاتب لتناسب المتغيرات النفسية والإبداعية للعمل.

وفي «إقامة دبي» تجد ركناً خاصاً للإبداع والابتكار إضاءته خضراء تنعكس على المكاتب وأجهزة الحاسوب، إضافة إلى تغيير شكل المكاتب وتوصيفها وترتيبها وفقاً لخبراء في الصحة النفسية لما لها من علاقة في بيئة العمل الإبداعية، ليظل المكتب أكثر إبداعاً وتفرداً.

ممرات ولوحات

تلفت أنظار الزائر شاشات كبيرة تنتشر في كل زوايا المكان، وينجذب إلى مكاتب لا تشبه بعضها، وممرات مرصوصة بلوحات فنية قيّمة؛ بعضها معروض للبيع، أما الساحة الرئيسية داخل المبنى فقد صممت على شكل دائرة وسطها نافورة مياه لا يصمت خريرها.

وفي المبنى موظفون يشعون بالنشاط، ويسابقون أنفسهم لإنجاز آلاف المعاملات يومياً، والجميع زائراً كان أو موظفاً لا ينسى تفاصيل يومه الممتعة في مبنى إقامة دبي الذي تخطى مجرد كونه مبنى حكومياً إلى ما أبعد من ذلك بكثير.