مسؤوليات عديدة وأعمال كثيرة كانت تقع على عاتق المرأة قديماً، واجهتها بكل عزيمة واقتدار، فلم تعرف مساحات بيتها الأيدي المساعدة التي تقوم بالجزء الأكبر من الواجبات المنزلية كما هو سائد في وقتنا الحالي.. فقبيل أن تطرق أشعة الشمس أرجاء المكان تبدأ مهامها التي لا تنتهي إلا بعد أن يخيم الظلام ويهدأ ضجيج الحركة الذي كان يتلاشى باكراً نظراً لبساطة الحياة التي خلت من الرفاهية والإمكانيات التي تحظى بها في وقتنا الحالي، «البيان» تعيد للذاكرة تفاصيل الدور الريادي الذي قدمته المرأة في الماضي والذي يفسر حضورها القوي وشغلها مناصب قيادية كبيرة في الوقت الحالي الذي هو امتداد لمسؤوليتها ووعيها بدورها في النهوض بالمجتمع.

رفاهية الحياة

أحمد الشحي قال إن المرأة كان لها دور واضح في الماضي على الرغم من قسوة الظروف الاقتصادية والاجتماعية، حيث كانت تقوم بمهام عديدة خصوصاً أثناء غياب رب الأسرة، وبجانب تربية الأطفال ورعايتهم واتخاذ القرارات الخاصة في المنزل واستقبال الضيوف تقوم بأعمال إنتاجية كطحن الغلات والغزل والحياكة، إضافة إلى تربية الماشية ومساعدة الرجل لتوفير نفقات الحياه، من خلال امتهانها بعض الحرف والأعمال التي تعود عليهما بالمال، ولم يقتصر دورها على ذلك فقط بل عملت أيضاً إلى جانب الرجل في العديد من المهن كفلاحة الأرض وسقي الزرع وجلب الماء من الآبار وغيرها من المهن والحرف القديمة.

وفي السياق ذاته قال سيف المزروعي إن تحمل المرأة لمسؤوليات كثيرة في المجتمع إلى جانب دورها في رعاية الأبناء والاهتمام بشؤون المنزل امتداد لما كانت تقوم به في الماضي، حينما كانت رفاهية الحياة غائبة بكافة تفاصيلها ويتطلب توفير احتياجاتها عمل رب الأسرة لفترات طويلة، تجبره على الغياب عن منزله لساعات أو أيام وربما يصل إلى أشهر إذا كان عمله في سفن نقل البضائع والتجارة أو صيد اللؤلؤ.

وأوضح أنه خلال تلك الفترة كانت تتضاعف مسؤوليات المرأة التي يناط بها أن تحل مكان رب الأسرة إلى جانب تربية الأبناء وتوفير احتياجاتهم، وبالرغم من ذلك كانت دقيقة في واجباتها وتؤديها بدون تذمر أو إرهاق، مشيراً إلى أنها تبدأ يومها قبيل أذان الفجر بتنظيف الأواني والمنزل، وقبيل أن تشرق الشمس تكون قد أنهت تحضير وجبة «الريوق» ومن ثم تتوجه إلى تجهيز أبنائها لينطلقوا إلى المسجد أو الكتاتيب لتعلم أبجديات الحروف.

فوالة الضحى

وأشار إلى أنه بعدما تنهي ربة المنزل واجباتها تأخذ قسطاً من الراحة وذلك بأن تصطحب الطعام الذي حضرته إلى منزل أحدى جاراتها الذي يتم الاتفاق عليها مسبقاً، حيث تلتقي مع جاراتها في محطة يطلق عليها «فوالة الضحى» يتجاذبن فيها أطراف الحديث ويتناقشن في تفاصيل الحياة، ثم تعود أدراجها قبيل الظهيرة لتحضير وجبة الغداء واستكمال المهام المنزلية، لافتاً إلى أن ثمرة اللقاءات اليومية أزالت الحواجز التي كانت تشكلها أسوار المنازل، فتدرك كل ربة منزل ما تحضره جاراتها من طعام وما تقوم به من جهود، وذلك ما كان له دور في غرس هذه الصفات في البنات الصغار الذي كن ينهلن سلوكياتهن وأطباعهن من النماذج التي أمامهن.

إيجابية ودقة

من جانبه قال محمد الحوسني إن الرجل كان يغيب فترات طويلة عن منزله ويترك أثقال المسؤولية للمرأة التي كانت تتحدى محيطها وتؤدي أدوراها بكل إيجابية ودقة، لافتاً إلى أن الريادة التي تتمتع بها المرأة في وقتنا الحالي ومشاركتها للرجل في مختلف الأعمال هي امتداد لدورها التاريخي الذي كانت تقوم به، والذي لم تعرف خلاله سوى تذليل صعوبات محيطها وتقويضه ليكون في صالحها.

وأوضح أن اجتهاد المرأة في الماضي وطبيعة الأدوار التي تؤديها لم يعقها عن بناء شبكة علاقات اجتماعية متينة، بل كان ذلك أساساً في ارتباطها بجيرانها الذين كانت تشاركهم الضراء قبل السراء.

تعاضد

أشار محمد الحوسني إلى أن أصدق مظاهر التعاضد والتآزر بين النساء عندما تمرض أحداهن في الفريج، يتقاسمن واجباتها ومهامها، فواحدة تجهز الطعام للأسرة، وأخرى تغسل الملابس، وثالثة تهتم بنظافة المنزل، ويستمر الوضع ذلك إلى أن تتعافى المرأة من علتها. هذه العلاقات الاجتماعية الرائعة كانت سائدة في وقت لا توجد فيه خادمات في المنازل آنذاك.