برغم إصدار المصرف المركزي في الدولة في الآونة الأخيرة عملات ورقية تتضمن علامات أو «فوارق» لتحديد قيمة العملة لذوي الإعاقة البصرية «المكفوفين»، فإنهم لم يتعاملوا بها بعد، وقلة منهم وصلت إليهم هذه العملات الجديدة، والكثيرون لا يعلمون عنها شيئاً ولا يستخدمونها، لعدم قيامهم بعملية التسوق واعتمادهم على الأهل.

لكن الغالبية العظمى منهم تفضل استخدام قارئات العملة الإلكترونية على أجهزة الهواتف المحمولة، بينما برزت مطالبات باعتماد لغة «برايل» بديلاً للعلامات والفوارق المستخدمة، وهو الأمر الذي اعتبره المصرف المركزي غير عملي بالنظر إلى كثرة الاستخدام، لافتاً إلى أنه يعمل على توسيع دائرة وجود هذه العملات في المصارف المحلية.

غير عملية

وأجمع بعض المكفوفين، الذين التقهم «البيان» للتعرف إلى مدى استفادتهم وجدوى العملات الجديدة التي أصدرها المصرف المركزي، على أنها خدمة جديدة وتحسب للجهات المعنية، ولكنها أتت في ظل تحول الغالبية من الناس إلى التعامل ببطاقات الائتمان «الفيزا كارت» ومثيلاتها.

وانخفض التعامل بالنقود مباشرة للأصحاء أصلاً، إضافة إلى أنهم، أي «المكفوفين»، لا يتسوقون بأنفسهم ولا يذهبون إلى الأسواق، وينوب الأهل والأخوة عنهم لشراء احتياجاتهم، والأمر الآخر أنهم لا يتسلمون رواتبهم بأنفسهم، بل تحوّل تلقائياً إلى حساباتهم المصرفية في البنوك، وهو الأمر الذي قلل من تعاملهم بالعملات الورقية الجديدة.

علامات بلغة «برايل»

يقول هشام الواحدي، مدقق بلغة «برايل» في مطبعة المكفوفين التابعة لمؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة: «إن العلامات أو فوارق العملات الورقية فكرة جميلة ومبادرة جيدة من المصرف المركزي، ولكن العلامات عبارة عن خطوط قد لا يتعرف إليها المكفوفون، وكنت أفضّل أن تكتب قيمة العملات بلغة «برايل» في أماكن محددة على العملة وهي اللغة التي يتعامل بها المكفوفون بكل سهولة بعد تدريبهم عليها».

وأضاف أنه بعيداً عن هذه العلامات، فإنه هو والكثيرين من زملائه الذين يعانون الإعاقة نفسها يستخدمون برامج قارئات العملات التي يمكن من خلالها التعرف بسهولة إلى قيمة العملات، من خلال تصويرها بالكاميرا الخلفية للهاتف المتحرك، ومن ثم يصدر البرنامج صوتاً بقيمة العملة، وهذا يسهّل عليهم معرفة قيمة العملة في حال احتياجهم إلى ذلك.

غير متوافرة

وقال عبد الله الهمامي، طالب في السنة الأخيرة بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا في كلية التربية - قسم إعداد معلم لغة عربية وتربية إسلامية، إنه لم يحصل على العملات ذات العلامات والفوارق لذوي الإعاقة البصرية بعد، وزملاؤه الذين يعانون الإعاقة نفسها أبلغوه بأنهم لم يجدوها، فضلاً عن عدم طباعة جميع فئات العملات الورقية بهذه الطريقة.

مشيراً إلى أنه لا يتسوق بنفسه، سواء بوجود هذه العملات أو من دونها، لأنه في حال وجودها لن يتعرف إلى الباقي، لأن العلامات متوافرة فقط على العملات المطبوعة حديثاً، وبعد قرار وضع فوارق للمكفوفين.

وأضاف أنه وجد في البرامج الإلكترونية لـ«قارئات العملات» عوضاً عن ذلك كله، وحلت له وزملاءه المكفوفين هذه المعضلة، ولكنها غير كافية أيضاً للتعامل من خلالها مع التجار والبائعين، لأنها قد تعطل حركة البيع والشراء لاستغراقها بعض الوقت، متمنياً أن تطرح العملة في جميع البنوك أولاً، لأن هناك بعض البنوك التي لا توجد بها، حتى إن هناك موظفين في بنوك لا يعلمون بطرحها عملات بفوارق للمكفوفين.

الاعتماد على الأسرة

وقال علي الهاشمي، حاصل ليسانس حقوق من جامعة الإمارات، إن العملات الورقية ذات العلامات المميزة لم تتوافر بكثرة، ولم يسع هو إليها، لأنه لم يحتج إليها في التعرف إلى قيمة العملات، لاستخدامه قارئ العملات الإلكتروني المنتشر تطبيقات عديدة له على الهواتف المتحركة التي يقبل عليها معظم ذوي الإعاقة البصرية.

مشيراً إلى أن برامج القارئات قد لا تكون عملية في حالات التسوق والحصول على باقي العملة من البائع، حيث يستغرق التعرف عليها وقتاً طويلاً، قد يعوق حركة البيع والشراء في المحال.

وأوضح أنه لم يعاني كثيراً مشكلة عدم التعرف إلى قيمة العملة، لعدم لجوئه إلى التسوق بمفرده، ويتولى أمر شراء احتياجاته أشقاؤه وأي من أفراد الأسرة، بتحديد ما يريده، ثم يجلبونه له.

الخطوط أفضل

إلى ذلك، التقت «البيان» جمال المطوع، المدير التنفيذي للعمليات المصرفية بالمصرف المركزي، لوضع ملاحظات ذوي الإعاقة البصرية أمامه، والتعرف عن قرب إلى رؤية المصرف المركزي، بخصوص منظومة الأوراق النقدية المعاد طباعتها بعلامات لمسية، وسألناه عن إمكانية إصدار أوراق نقدية بلغة «برايل» الخاصة بذوي الإعاقة البصرية، بدلاً من العلامات الحالية التي تمت إضافتها.

سرعة انتشار مرضية

وحول الملاحظة المتعلقة بأن الأوراق النقدية المعاد طباعتها بعلامات لمسية غير موجودة ببعض فروع البنوك في الدولة ومنافذ البيع، قال المطوع: «بالنظر إلى تاريخ طرح الأوراق النقدية التي تحمل العلامات اللمسية والكمية التي تم طرحها مقارنة بالنقد المصدر، ووتيرة دوران العملة الورقية في النظام المصرفي.

فإن النسبة تعتبر جيدة في الوقت الحاضر، ومن المتوقع زيادة النسبة خلال الربع الأخير من السنة الحالية 2016 اعتماداً على سرعة استبدال الأوراق النقدية غير الصالحة للتداول بأوراق نقدية جديدة فيها العلامات اللمسية».

وعن تقييمه لمعدل انتشار العملات الورقية الخاصة بالمعاقين بصريا منذ إصدارها حتى الآن، أكد أن «المصرف المركزي راضٍ  جداً بالمقارنة مع تاريخ الطرح».

خطة توعية منسقة

وبالاستفسار عن الخطة التي تم تنفيذها للتعريف والتوعية بطرح الأوراق النقدية المعاد طباعتها بعلامات لمسية ليعلم كل المعنيين باستخدامها في الدولة بأماكن وجودها، قال جمال المطوع: «نسق المصرف المركزي مع وزارة الشؤون الاجتماعية بشأن طرح العلامات اللمسية على الأوراق النقدية لذوي الإعاقة من البصرية.

وتم نشر إعلانات في جميع الصحف المحلية باللغتين العربية والإنجليزية، وذلك قبل طرح هذه الأوراق للتداول، حيث تضمنت الإعلانات والبيانات الصحفية شرحاً كافياً ووافياً عن هذه العلامات اللمسية، ومكان وجودها على الورقة النقدية، وطريقة التعرف إليها، وفئة الورقة النقدية، كما تم استعراض تلك العلامات اللمسية لذوي الإعاقة البصرية، من خلال برنامج «الخط المباشر» لعدد من الإذاعات بالدولة».   

تنسيق


نسق المصرف المركزي مع وزارة الشؤون الاجتماعية، وعرضت الوزارة العلامات اللمسية على ذوي الاختصاص، وعرضت هذه العلامات على أصحاب الإعاقة البصرية الذين وافقوا على تلك العلامات اللمسية المطبقة حالياً على العملة الورقية للدولة.

رأي

ليس كل العملات المتداولة في السوق عليها علامات فارقة

قالت وفاء بن سليمان مدير إدارة رعاية تأهيل المعاقين بوزارة الشؤون الاجتماعية إن العملات التي طرحت لفئة الإعاقة البصرية تتضمن فوارق عملات وليست بلغة «برايل»، وتتيح هذه الفوارق للمكفوفين التعرف على قيمة العملة، مشيرة إلى أنه ليست كل العملات المطروحة والمتداولة في السوق عليها هذه العلامات والفوارق ومع تجديد إصدار العملات ستنتشر في السوق، ويسهل لذوي الإعاقة البصرية التعرف عليها.

وأضافت أن العملات الجديدة التي يعاد سحبها وطباعتها من جديد تتضمن هذه العلامات، وتتوفر في بعض البنوك من خلال ماكينات السحب الآلي، مشيرة إلى أن هذه العملات الجديدة تتيح لهم التعرف على قيمتها من خلال هذه الفوارق ولكنها ليست الطريق الوحيد المتاح لهم للتعرف على العملات وتوجد هناك وسائل أخرى للتعرف عليها مثل البرامج الإلكترونية على الهواتف الذكية كقارئ العملة وغيرها والتي تتيح لهم معرفة قيمة العملة دون مساعدة من أحد.

تعليق

«برايل» لا تدوم طويلاً

قال جمال المطوع المدير التنفيذي للعمليات المصرفية بالمصرف المركزي: حسب إفادة دور طباعة العملة الورقية، فإن الكتابة بلغة «برايل» على العملة الورقية لا تدوم لمدة طويلة من خلال كثرة الاستخدام، وإن العلامات المستخدمة حالياً وهي الخطوط على أطراف الورقة مطبقة في العديد من دول العالم وغالبية دول المنطقة، وتعتبر الأفضل للاستخدام في الأوراق النقدية لذوي الإعاقة البصرية.