قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، إن الدولة تتأثر باعتبارها جزءاً من المجتمع الدولي بالمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية الدولية، وفي ظل ما تتعاقب عليه منطقتنا العربية والعالم، على حدٍ سواء، من أزمات وكوارث مختلفة في نوعيتها وحدتها وخطورتها، باتت تهدد وتشكل خطراً على الأمن والاستقرار الدوليين.
وأضاف سموه «إننا لا بدَّ أن نثير نقطة في غاية الأهمية، تُشكل حجر أساس في نجاح مواجهة تلك الأزمات والكوارث، ألا وهي التعاون الدولي، الذي يتطلب تضافر الجهود على المستويين العربي والدولي، فقد أثبت واقع الحال، أن جهود الدول منفردة لا يمكّنُها من مواجهة الأزمات مهما توافر لها من إمكانات، وهنا نأمل أن يرتقي التعاون الدولي إلى المستويات المطلوبة، للوقاية من أخطار الأزمات والكوارث، والحد من آثارها قدر المستطاع».
جاء ذلك في كلمة سموه في ختام فعاليات الدورة الخامسة من مؤتمر إدارة الطوارئ والأزمات 2016، الذي أقيم تحت رعاية سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، وبتنظيم من الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، تحت شعار «أساليب مبتكرة لوطن آمن»، وحضر فعاليات اليوم الأخير، معالي حسين الحمادي وزير التربية والتعليم، وبمشاركة نخبة من الخبراء والمختصين المحليين والإقليميين والعالميين في مجال إدارة الطوارئ والكوارث والأزمات، بمنتجع سانت ريجيس في جزيرة السعديات بأبوظبي، والذي استمر لمدة يومين.
سرعة الاستجابة
وأكد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، في كلمته التي ألقاها نيابة عن سموه، فارس محمد المزروعي مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون الأمنية والعسكرية، أن الأزمات والكوارث قد تحدث بين الفينة والأخرى، ولسنا بمنأى عن أضرارها وتداعياتها، ما يتطلب منّا سرعة في الاستجابة وحرفية بالتعامل معها، وهذا ما نراه في العالم العربي، وما يواجهه من تحديات وأخطار جمة، وتطورات متسارعة ومؤثرة في الأمن الوطني، سواء بالأعمال الإرهابية التخريبية أو بالفكر المتطرف للجماعات الإرهابية، والذي يتطلب التخطيط الاستراتيجي السليم، والوعي والمشاركة الواسعة الفعالة لمواجهته والتصدي له والقضاء عليه، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار.
وتابع أن الإمارات قامت بجهود كبيرة للتصدي للإرهاب، من خلال مشاركتها ضمن قوات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، واستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، كما استضافت الدولة، المركز الدولي لمكافحة التطرف العنيف «هداية»، والذي كرس جهوده للحوار والتدريب والبحوث لمكافحة التطرف العنيف بكافة أشكاله ومظاهره، إضافة إلى تأسيس الدولة لمركز «صواب»، لتقديم الدعم للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش، والتعاون مع الدول الأعضاء والأفراد والمؤسسات ذات الصلة لمكافحة الإشاعات والرسائل والمعلومات الخاطئة التي يروج لها هذا التنظيم المتطرف.
وأشار إلى أن العديد من الدول قد تتعرض لاضطرابات أمنية وحوادث مفاجئة، ما يُعرض سلامة مواطني الإمارات الموجودين فيها للخطر، لذلك، قامت وزارة الخارجية بتوفير خدمة وجودي لمواطني الدولة أثناء وجودهم في الخارج، لتُسهل عملية التواصل بين بعثات الدولة في الخارج مع المواطنين المسجلين في هذه الخدمة عند حالات الأزمات والطوارئ، بهدف إجلائهم وتنسيق عودتهم للدولة سالمين، وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدلُّ على الحرص الشديد لحكومة دولة الإمارات، متمثلة بوزارة الخارجية في الحفاظ على حياة وأمن وسلامة مواطني دولة الإمارات، أينما وجدوا وحيثما وطئوا.
توصيات
وقال ناصر محمد اليماحي مدير إدارة الإعلام والتواصل الجماهيري في الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، إن المؤتمر خرج بعدد من التوصيات المهمة، حيث طالب المشاركون بضرورة وجود سياسات خليجية موحدة متوافق عليها للتعامل مع التهديدات والأخطار، خاصة الجيوسياسية، وتحفيز دول المنطقة بتطبيق أولويات «إطار عام سانداي» بوجه عام.
كما أوصى المؤتمر بأولوية إنشاء قواعد بيانات بأضرار الكوارث على وجه الخصوص، والاستفادة من خبرات المنظمة الدولية للحد من المخاطر «UNISDR» وتبني استراتيجية إعلامية خليجية موحدة، لتُشكل إطاراً عاماً لجميع الأجهزة الإعلامية الرسمية والخاصة، ووسائل الإعلام الجماهيري، تصل إلى كافة فئات المجتمع.
ودعا المؤتمر إلى إيجاد منصة وقمة حوارية عالمية تجمع صناع القرار لمناقشة المتغيرات والتهديدات والمخاطر العالمية المستجدة، وتبني وتطوير منهجيات وطنية خاصة بالحلول في مرحلة التعافي من الأزمات والكوارث، وتعزيز دور الحكومات والمنظمات الدولية، ودعم تطبيق نظم وبرامج استمرارية الأعمال في قطاع الطيران، وذلك لدعم هذا القطاع في مواجهة التحديات العالمية.
وأوصى أيضاً بدعم جهود الدول في نشر مبادئ ومفاهيم التسامح والتعايش السلمي، والتي تعتبر من أهم الطرق في الحد من انتشار الإرهاب والتطرف.
مناقشة دور الإعلام في إدارة الأزمات
ترأّس الجلسة الأولى لليوم الثاني للمؤتمر، الإعلامي أحمد اليماحي، مذيع في قناة أبوظبي، والتي ناقشت المتغيرات العالمية، الأسباب والتداعيات والحلول، وعرض فيها العميد الدكتور طلال بني ملحم رئيس مركز إدارة الطوارئ والأزمات في المملكة الأردنية الهاشمية، التجربة الأردنية في التعامل مع أزمة اللاجئين.
وتحدث السير آلان ماسي قائد حرس الحدود البريطاني في المملكة المتحدة، عن المتغيرات الهيكلية للبحث والإنقاذ البريطاني والدروس المستفادة، وتناول عبد الله الجزيري الرئيس التنفيذي للحوكمة المؤسسية في شركة اتصالات الإماراتية، استباق المستقبل.
دور محوري
كما ترأست الجلسة الثانية التي ناقشت الدور المحوري للإعلام في إدارة الأزمات والكوارث، الإعلامية فاطمة بو هندي، من مؤسسة أبوظبي للإعلام، وتحدثت في هذه الجلسة، السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية، رئيس قطاع الإعلام والاتصال، عن دور الإعلام في إدارة الطوارئ والأزمات، كما تناول العقيد ركن متقاعد الدكتور فهد الشميلي خبير أمني واستراتيجي في الأمم المتحدة من دولة الكويت، أزمات صنعها الإعلام، وقدم غريغ ويب مستشار اتصال وإعلام في الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، كارثة فوكوشيما من منظور اتصال.
وناقشت الجلسة الثالثة، التحديات والحلول في مرحلة التعافي، وترأسها سالم سالمين النعيمي، وتحدث فيها فرودي مورينج المنسق المقيم للأمم المتحدة في الإمارات، عن دور الحكومات والمنظمات الدولية في مرحلة التعافي، وتناول تريفور ميرفي رئيس المرونة التشغيلية في طيران الاتحاد، التعافي من أزمات قطاع الطيران، وقدم خوليو سيرجي خبير من منظمة الحد من المخاطر، أهمية المؤشرات والأهداف في رصد المتغيرات.
دعم
وتوجه المشاركون بالمؤتمر بالشكر إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لدعمهم المستمر والمتواصل للمؤتمر، كما توجهوا بالشكر إلى سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان لرعاية سموه ومتابعته الحثيثة لأعمال المؤتمر.
ورشتا عمل
نُظمت على هامش المؤتمر، ورشتا عمل، تناول في الأولى المهندس حميد خليفة الهاجري رئيس التدريب في مدينة توازن للسلامة والأمن وإدارة الكوارث (جاهزية)، التخطيط الاستراتيجي في إدارة الطوارئ والأزمات، وتناول في الثانية زهير كامل محمد المناصير عميد ركن متقاعد في كلية الدفاع الوطني بالمملكة الأردنية الهاشمية، كيفية بناء الجاهزية.