أكد قضاة ومختصون في شؤون المحاكم والأسرة أن تدخل الأهل لحل الخلاف بين الزوجين يشكل 50% من أسباب الطلاق، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن نسب الطلاق المنشورة في وسائل الاعلام المختلفة غير صحيحة وغير دقيقة في معظمها، وذلك لأن كثيرا من الحالات التي تحدث يكون فيها الطلاق «رجعيا»، فيتم إرجاع الزوجة دون تثبيت الحالة في المحكمة ما يحسب حالة طلاق وهي بخلاف ذلك، كما انه – أحيانا – يكون الزواج خارج الدولة ويتم الطلاق داخلها، مبينين ان اكثر اسباب الطلاق «الجهالة» أي عدم معرفة الطرفين بالآخر من حيث الماضي والحاضر والمستقبل الامر الذي يؤدي الى تدخل الأهل في حياة الزوجين في حال وجود اختلافات، كما ان تدخل كل من الزوجين في خصوصيات الآخر كتفتيش الهواتف المتحركة يخلق مشكلة كبيرة، إضافة إلى الغيرة المفرطة من الطرفين والتي تنقلب الى شك في حال تزين الزوجة وخروجها من بيت الزوجية، كما أن الظروف الاقتصادية والتغيرات التي تطرأ في عمل الزوج تثير غضب الزوجة التي تعودت على نمط حياة معينة.
تداعيات خطرة
وقالوا إن هناك تداعيات خطرة من الزواج من الأجنبية أو العربية، أبرزها ما يتعلق بالهوية الوطنية وعدم اندماج الأبناء مع العادات وتراجع اللغة العربية، مبينين أنه للتقليل من حالات الطلاق لا بد لوزارة التربية والتعليم والجامعات تضمين المناهج الدراسية الواجبات الزوجية، وعلى اولياء الامور في حال وقوع الطلاق أن يأخذوا الأمر بحكمة وروية وألا يندفعوا من أجل ابنهم أو ابنتهم وبالتالي تحويل الخطأ الى الطرف الآخر، كما انه يقع على الأسرة دور كبير في توعية الابناء المقبلين على الزواج من الجنسين عن الواجبات والحقوق والمشاكل التي تقع وطرق تجاوزها حتى نحافظ على اسر متماسكة وابناء اسوياء.
مركز مودة
وتفصيلاً، قال الدكتور عبدالله الانصاري مستشار مركز مودة الأسري في عجمان إن نسب الطلاق المنشورة في وسائل الاعلام المختلفة نسب غير صحيحة وغير دقيقة في معظمها، وذلك لأن كثيرا من حالات الطلاق التي تحدث يكون فيها الطلاق رجعيا، فيتم ارجاع الزوجة دون تثبيت الحالة في المحكمة ما يحسب حالة طلاق وهي بخلاف ذلك، كما انه – أحيانا – يكون الزواج خارج الدولة ويتم الطلاق داخل الدولة، لافتا الى انه لا فرق كبيرا بين نسب الطلاق بين الماضي والحاضر مع ملاحظة ان المطلقة في الزمن الماضي ترتبط بزوج آخر بعد انتهاء العدة مباشرة، بعكس الوقت الراهن حيث جرى العرف أن الزوجة المطلقة لا تحبذ الارتباط بآخر نتيجة لاكتفائها ماديا ومعنويا، وخشيتها من ان تكرر التجربة المريرة ذاتها مرة اخرى.
محاضرات توعية
وأضاف المستشار الاسري لمركز مودة في عجمان إن من اكثر اسباب الطلاق هو «الجهالة» أي عدم معرفة الطرفين بالآخر من 3 نواح، الماضي والحاضر والمستقبل الامر الذي يؤدي الى تدخل الأهل في حياة الزوجين في حال وجود اختلافات، لافتا الى ان مركز «مودة» أعد الكثير من محاضرات التوعية لطالبات المرحلة الثانوية، خاصة، طالبات الصف الثاني عشر بقسميه العلمي والادبي على مستوى مدارس عجمان، حيث استفاد من تلك المحاضرات 4 آلاف طالبة.
استشارات ما قبل الزواج
وأوضح ان مركز (مودة) يقدم استشارات ما قبل الزواج بالهاتف، كما يجري مقابلات شخصية مع المقبلين على الزواج، اضافة الى أنه يقوم بعملية الصلح بين الزوجين في حال وجود خلاف بينهما – خاصة – في القضايا التي ترسل من قبل المحاكم، كما ان هناك تعاونا بين المركز ومحكمة عجمان، كما أن (مودة) والذي أنشئ في العام 1991 معتمد من قبلها، واستقبل خلال العام الماضي 2015 ما يقارب 200 حالة عدد تحكيم، لافتا الى ان تدخل الاهل من الطرفين لحل الخلاف بين الزوجين يعد من أكثر أسباب الطلاق بنسبة 50%، كما أنه وردت الينا حالات كثيرة يرغب فيها الزوجان بعضهما البعض ولكن ضغط الأهل دفع احدهما أو كلاهما الى اللجوء الى المحاكم ومن ثم طلب الطلاق.
حياة مشتركة
من جهته يقول القاضي حمود بن عبدالله رئيس المحكمة الشرعية في عجمان ان الشريعة الاسلامية حثتنا على الزواج الذي هو حياة مشتركة لا بد أن يعرض لها ما يكدر صفوها، وإن الحل للمشاكل التي تحدث بين الزوجين لا يكون في قطع الحياة الزوجية، لأن كلا من الزوج والزوجة ليسا معصومين من الخطأ، كما أن الشريعة الاسلامية منحت لهما حق الانفصال في حال تعذر حل المشكلة، لافتا الى ان أهم أسباب الطلاق في العصر الحالي سوء الاختيار من الاساس، فاذا حسن سلمت البيوت من حالة الطلاق، وسلبية الكثير من الأسر في التدخل لحل الخلافات الزوجية وانقسامها الى قسمين، قسم مع ابنهم أو ابنتهم سواء كان على حق أو باطل، والآخر ينأى بنفسه عن التدخل، كما ان تدخل كل من الزوجين في خصوصيات الآخر كتفتيش الهواتف المتحركة يخلق مشكلة كبيرة، كما أن من أسباب الطلاق الأكثر شيوعا الغيرة المفرطة من الطرفين.
وأوضح أنه للتقليل من حالات الطلاق لا بد لوزارة التربية والتعليم والجامعات تضمين المناهج الدراسية الواجبات الزوجية، وعلى أولياء الامور أن يأخذوا الأمر بحكمة وروية وألا يندفعوا من أجل ابنهم أو ابنتهم وبالتالي تحويل الخطأ الى الطرف الآخر، كما انه يقع على الأسرة دور كبير في توعية الابناء المقبلين على الزواج من الجنسين عن الواجبات والحقوق والمشاكل التي تقع وطرق تجاوزها حتى نحافظ على اسر متماسكة وأبناء أسوياء.
مشاكل نفسية
وترى الدكتورة رشا عبدالله مساعد علم النفس بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا أن هناك من يعتقد أن في الطلاق جوانب سلبية، حيث ينفصل الوالدان ويبتعد كل منهما عن الآخر بكل ما يحمل من أعباء ومشاكل نفسية، ومنهم من يعتقد ان له جوانب إيجابية، منها التأثير على الأطفال بحجة أنهم في حال وقوع الطلاق لا يتعرضون بشكل يومي للمشاجرات بين الوالدين سواء كانت مشادات كلامية فقط أو استخدام العنف الجسدي أحيانا، ولكن في كلتا الحالتين تكون هناك تأثيرات سلبية على الأسرة كبناء اجتماعي له تكوينه الخاص في المجتمع، لافتة الى انه مع كثرة حالات الطلاق اختلف الدور الاجتماعي لهذا البناء، فبدلا من أن تكون هناك اسرة مكونة من أب وام وأبناء، تصبح الأم هي الأب والأم، أو يتربى الأطفال مع زوج ام أو زوجة أب، ما يمثل نوعا آخر من المعاناة.
قلق وعدوانية
ولفتت الى أن الأشكال السلبية للطلاق تظهر على الطفل بحيث يتأخر في الكلام في المراحل العمرية الصغيرة وعدم القدرة على إقامة علاقات ناجحة مع اقرانه ممن هم في نفس العمر، كما قد تظهر في شكل الشعور بالذنب وقلق وزيادة في العدوانية وتراجع بشكل عام في النمو، كما ان التأثير السلبي يظهر في الأطفال في طور المراهقة في شكل حزن عميق، وآمال لإعادة لم الشمل، والخوف من إمكانية الاستغناء عنهم، ورفض (الطعام – المال) وانخفاض التحصيل الدراسي بشكل عام، كذلك ضعف المهارات الاجتماعية وزيادة العنف، أو تظهر في مشكلات سلوكية مثل الكذب والسرقة، اضافة الى المعاناة من شعور دائم بالاكتئاب يتبعها عزلة اجتماعية. وقالت رشا ان الأمر عند أطفال يظهر في شكل عنف شديد تجاه الآخر من الأهل والأصدقاء، وكل من يتعامل معه، كما يمكن ان تكون سببا في اتجاه الطفل نحو المخدرات والمشروبات الكحولية، واضطرابات السلوك، والقلق والاكتئاب، لافتة الى أن هناك بعض النقاط يجب الالتفات لها وهي أن الأطفال في حاجة ماسة إلى أن يعرفوا أن كلا من الأم والأب سيظلان يمارسان مهامهما كوالدين على الرغم من انتهاء علاقة الزوجية بينهما، وانفصالهما في حياتهما المعيشية.
حلٌ مؤلم وليس انتقاماً
يرى الدكتور عدنان بن محمد أبو عمر محاضر في الكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية لمساقات، فقه الزواج والطلاق وفقه الأسرة والثقافة الإسلامية في عجمان أن الطلاق يعد آخر الحلول القاسية والمؤلمة، فهو أشبه ببتر عضوٍ من جسد الإنسان، فهو حل وليس انتقاما ولا تشفيا، مبينا ان أهم أسباب الطلاق سوء اختيار الشريك لشريكه وضعف الثقافة الأسرية مع غياب مفهوم التماسك العائلي وسوء تقدير الهدف الأساسي من رابطة الزواج، فضلا عن ضعف الوازع الديني عند الرجل والمرأة وضعف الانسجام بين الجانبين فضلاً عن ضعف لغة الحوار بين الزوجين وعدم توفر الكفاءة بينهما، وكل ذلك يؤدي الى تأجج النزاعات والخلافات، وينتهي الأمر بالجانبين في أروقة المحاكم.
وقال لقد اتسعت ظاهرة العنوسة عند الإماراتيات وذلك بسبب قلة تكلفة الزواج من الأجنبية أو العربية غير الإماراتية، وهذا سبب جعل بعض الشباب الإماراتيين يجنحون للزواج من غير الإماراتيات، ما رفع نسبة العنوسة الى 40% في ظل إقبال المواطنين الذكور على الزواج من أجنبيات بسبب ارتفاع تكاليف المهور والمتطلبات الخيالية والتبذير غير المبرر في حفلات الزواج، حيث تقام أكثر من حفلة للزواج الواحد تتوزع ما بين خطبة وشبكة وليلة حناء وعرس للنساء وآخر للرجال، وقاربت تكلفة مجموع ما ينفق في الأعراس 11 مليار درهم سنويا وفق مركز دبي للإحصاء، وهو مبلغ كبير إذا ما قورن بمجموع حالات الزواج.
تداعيات خطرة
وأوضح أبو عمر أن هناك تداعيات خطرة من الزواج من الأجنبية أو العربية، أبرزها ما يتعلق بالهوية الوطنية وعدم اندماج الأبناء مع العادات وتراجع اللغة العربية، ولفت الى ان نظرة المجتمع للمرأة المطلقة نظرة قاسية فيها من العتاب واللوم وقسوة المعاملة وقلة احترامها ما يجعلها أكثر عرضة للذئاب البشرية بحكم فقد عذريتها وتسترها بكلمة مطلقة والحقيقة العكس هو الصواب، فالمرأة المطلقة عادة وفي الغالب الزواج منها يكون أكثر استقرارا من غيرها، لأنها تمتلك خبرات اجتماعية وزوجية سابقة وصاحبة تجربة خصوصاً إن كانت هي المخطئة، فتحاول جاهدة ألا تكرر خطأها مع زوجها الثاني خشية الفشل، وهذا سبب رئيس يجعل الزواج من المطلقة أكثر استقرارا من غير المطلقة وعاملا أساسيا في بناء الأسر المستقرة.
وقال ان ضيق الفهم والبعد عن الدين والتربية الشرعية يوصل للطلاق، كما أن الشرع رسم لنا الطريق في التعامل في مثل هذه الحالات، لذلك لا بد ان يعامل كلا الزوجين بعضهما بهذا المنهج القرآني، ما يؤدي الى انعدام الخلافات الزوجية وبالمقابل لضاقت وتلاشت دائرة الطلاق.
أهداف
وتقول زينب حبيب مرشدة اسرية وحاصلة على بكالوريوس آداب وامومة وعلوم اسرية من الكلية الجامعية للام والعلوم الاسرية في عجمان ان الزواج عندما سنه (الله سبحانه وتعالى) للبشر له أهداف عديدة عاطفية واجتماعية مثل الانسجام والحب والدفء الأسري والسكينة وحفظ الجنس البشري وزيادة النسل، لكن هذه العلاقة قد تعتريها العديد من المتغيرات التي تؤثر عليها إما سلبا أو إيجابا، كما أنه يعد نواة تكوين فيه الأسرة هي العينة الأولى لبناء المجتمع، فعندما تهتز هذه العلاقة وتتعرض للظروف والأحداث فتدفع الأسرة إما إلى الانسجام والمودة أو إلى الكره والبغضاء وبالتالي إلى الطلاق أو الطلاق العاطفي من أجل المحافظة على الأبناء من الضياع أو خوفا من المجتمع أو المصالح المشتركة، لافتة الى ان الطلاق العاطفي بإمكانه أن يؤثر على استقرار الاسرة وينعكس سلبا على سلوك الابناء.
صلح
قال سيف سالم بن تريس مدير الخدمات المساندة بدار القضاء في أم القيوين ان محكمة أم القيوين الشرعية نجحت في ابرام اتفاقيات صلح بين الاسر المتخاصمة في وقت قياسي، حيث تم الفصل في الجلسة الاولى وبنسبة 60% من القضايا المعروضة على المحكمة، كما أنها تهدف الى الحفاظ على الكيان الاسري وترابط المجتمع والاقلال من حالات الطلاق وعدم تشتت الابناء.