استضاف مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، محاضرة بقصر البطين بأبوظبي أمس، بعنوان «لماذا نحتاج إلى علم للسعادة»، ألقاها البروفيسور دانيال غيلبرت، أستاذ علم النفس بجامعة هارفارد، وذلك في إطار برنامج المحاضرات الفكرية والعلمية التي ينظمها مجلس صاحب السمو ولي عهد أبوظبي.

وشهد المحاضرة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، وعدد من الشيوخ وكبار المسؤولين والشخصيات وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الدولة.

وقال غيلبرت: «إن الإمارات جعلت سعادة مواطنيها في بؤرة اهتمامها ومحور سياساتها، وحتى الآن لا توجد دولة في العالم مهتمة بإسعاد مواطنيها مثل الإمارات، وكلما تابعنا ما يجري في الإمارات، نستطيع الوقوف على الجهود التي تقوم بها لزيادة سعادة أبنائها».

تراث خاص

وأكد المحاضر أن الإمارات في أمة لها تراثها الخاص وعلاقتها متميزة مع أبنائها، وأن الأشياء أو الأسباب التي تجلب السعادة في أمم أخرى قد لا تكون نفسها الأسباب التي تجلب السعادة لأبناء الإمارات، وما يحدث على الأرض في دول أخرى قد لا يناسب الإمارات.

ودعا إلى تطوير الأفكار الخاصة بتعزيز السعادة في الإمارات وقياس النتائج التي تحققت، وأن تكون الدولة مستعدة للتجربة وتنفيذ السياسات التي تزيد من سعادة المواطنين، ولا يمكن أن تحقق الإمارات ذلك دون التجربة، مشيراً إلى أنه على أي جهة أن تدرس نفسها بقلب وعقل مفتوح وعيون مفتوحة أيضاً، لنعرف سر سعادتنا، وبالتأكيد سنصل إلى ذلك.

دراسة

وأضاف أن سعادة البشر هي حقيقة من حقائق الطبيعة، وخلال العشرين عاماً الأخيرة كان هناك طرائق ومؤشرات عدة لقياس حجم السعادة وحجم النشاطات داخل الرأي، وهناك مؤشر يقيس مقدار النمو في الرأس، مشيراً إلى أن هذا تحقق بسبب وجود علم يقيس السعادة.

وقال المحاضر إنه أمضى الخمسة والعشرين عاماً الأخيرة في الدراسة والبحث عن السعادة، واكتشف أن الحكومات تعمل جاهدة على زيادة الناتج المحلي الإجمالي، والقضاء على الأمراض، وضمان أمن مواطنيها، لأنها تؤمن بأن أبناءها يشعرون بالسعادة عندما يصحبون أثرياء وأصحاء وآمنين، مشيراً إلى أن السعادة هي الهدف النهائي لجميع السياسات الاجتماعية، وبرغم ذلك فإن هذه السياسات نادراً ما تبنى على الحقائق العلمية، بل تستند إلى اعتقادات الناس القائمة على الحدس بشأن ما يسعد البشر وما لا يسعدهم.

شعوروأضاف أنه على سبيل المثال يعتقد الناس في جميع أنحاء العالم بأن الزواج والمال والأطفال سبيل إلى السعادة، ولكن ما مدى صحة هذا الاعتقاد، مشيراً إلى أنه خلال العقدين الماضيين قام علماء النفس وخبراء الاقتصاد السلوكي واختصاصيو علم الأعصاب الإدراكي بتطبيق الأدوات القياسية للعلوم على الأسئلة المتعلقة بالسعادة البشرية، وتوصلوا إلى بعض الاعتقادات القائمة على الحدس.

وأوضح غيلبرت أنه بعد مرور 40 سنة من الزواج تزداد السعادة وتنقص، ولكن يبقى المتزوجون أفضل من العزاب، وفيما يتعلق بالمال وما إذا كان يجعل المرء سعيداً أم لا، أشار المحاضر إلى أن كل الدراسات التي قام بها علماء النفس والاقتصاد تشير إلى أنه كلما كان لديك مال أكثر تكون أسعد، وعندما يتغير الناس من الفقر إلى الأمن المالي فإنهم يشعرون بالسعادة، ولكن عندما يزداد المال تكون السعادة أقل، وإذا كانوا أكثر ثراء فإن المرء لن يكون سعيداً، مؤكداً أنه إذا كان المال لا يجعلك سعيداً، ربما يكون سبب ذلك أن المرء لا ينفقه على الوجه السليم.

سر

ورداً على أسئلة الحضور، أشار المحاضر إلى أن السعادة مثل ضغط الدم، يصعد ويهبط على مدى اليوم، وبإمكاننا أن نتناول الأدوية لتخفيضه، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السعادة، فإنها تكون مرتفعة أحياناً ومتوسطة أو منخفضة أحياناً أخرى.

وأوضح المحاضر: «أن الكثيرين يسألون دائماً عن سر السعادة، وإجابتي أن هذا ليس سراً، وأن العادة في حياة الإنسان تعتمد على القيام بأشياء بسيطة كل يوم وكل أسبوع وكل شهر وعلى مدى العام، وهي التي تزيد من سعادة الإنسان، والحديث عن سر السعادة أمر ممل جداً».

 وأكد أن السعادة أمر معدٍ، وينتقل إلى الآخرين عبر الشبكات الاجتماعية، ومن ثم فإن إحاطة المرء بالعديد من الأشخاص السعداء تزيد من سعادته، ولذا نحاول أن نعدي الجميع بها، مشيراً إلى أن السعادة هي الجوهر الأول للخير، لأنها تخلق السعادة للبشر، وكل خطوة يتخذها الإنسان تسير به نحو السعادة، لأنها الهدف الذي نتجه إليه، وهي أمر جوهري، وربما يكون الهدف الذي تحاول أن تحققه كل الاستراتيجيات، ولكن يجب أن يقوم على العلم.

المحاضر في سطور

فاز المحاضر دانيال غيلبرت بالعديد من الجوائز لقاء أبحاثه ومسيرته الأكاديمية، ومنها الجائزة العلمية المميزة للجمعية الأميركية لعلم النفس، تكريماً له على إسهاماته في علم النفس منذ بدايته المهنية.

حصل كتابه «اكتشاف السعادة بالصدفة» في عام 2007 على جائزة المجمع الملكي عن أفضل كتاب علمي لذلك العام، وتُرجم إلى أكثر من 30 لغة. وفي عام 2010، استضاف وشارك في كتابة سلسلة نوفا التلفزيونية «هذه الحياة العاطفية» التي حازت العديد من الجوائز، وشاهدها أكثر من 10 ملايين مشاهد في البث الأول لها.

وفي عام 2014، صنّفته مجلة العلوم باعتباره أحد العلماء الخمسين الأكثر متابعة على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم.