حضارة مزدهرة شكلت ملامح المنطقة في بداية الألفية الثالثة قبل الميلاد كشفتها قطع فخارية عثر عليها في موقع قريب من المدفن الأثري بمنطقة قدفع في الفجيرة، وتثبت القطع المكتشفة تاريخ المكان كما تروي حكاية شعب صنع حضارة إنسانية كانت رافداً هاماً وأساسياً بين حضارات العالم.
وبينت الآثار المكتشفة خلال عمليات التنقيب التي تقوم بها هيئة الفجيرة للسياحة والآثار بالتعاون مع بعثة الآثار الألمانية وجود مستوطنة بشرية جديدة تضاف إلى مجموعة الكنوز التاريخية التي تحتضنها تضاريس الإمارة.
وتعد قدفع التي تقع على الطريق الساحلي الممتد من مدينة الفجيرة إلى دبـا على بعد 18 كيلومتراً شمالاً من أبرز المناطق الطبيعية، حيث تقع ما بين الجبال والبحر الدافئ، وتمتد على طولها مساحات من المزارع الخضراء التي تزخر بأشجار النخيل والهامبا والحمضيات بأنواعها.
وتشتهر المنطقة بوجود العديد من الآثار التاريخية القديمة أهمها المدفن الجماعي الذي يتكوّن من الحجارة المسطحة والحصى الذي يعود تاريخه إلى 500 عام قبل الميلاد، واحتضن العديد من الأسلحة المصنوعة من البرونز والأواني الخزفية والمجوهرات، كما تشتهر المنطقة بوجود عدد من بقايا البيوت القديمة.
وجاء الاكتشاف الأثري بعد التنقيب في المواقع المهددة بالخطر، حيث تضمنت مهمة البعثة الألمانية بقيادة الدكتورة كريستينا فايفر تنقيباً إنقاذياً في أحد الأكوام الحجرية بيضاوية الشكل بالمنطقة داخل الساحة الخارجية لمسجد تحت التشييد في قدفع، ليتبين أن الموقع عبارة عن مدفن يقع ضمن مجموعة كبيرة من المدافن التي تكون «مقبرة» يعود تاريخها إلى عصر «وادي سوق» المقدر تاريخه بالفترة من (1600 - 2000 ق م) وذلك استناداً إلى مقارنة كسر الفخار التي عثر عليها داخل المدفن، كما عثر على بضعة كسر من العظام يرجح أنها تعود للشخص المتوفى.
ولعل اكتشاف المدفن يعد دليلاً أمام البعثة للبحث عن عناصر أخرى تكمل قصة الحضارة القاطنة في تلك المنطقة، وتؤكد عراقة المنطقة وحقيقة استيطانها منذ آلاف السنين.