حين تشاهد تدريبات عناصر قوات المهام الخاصة بالقيادة العامة لشرطة رأس الخيمة، سيباغتك انطباع فيه الكثير من إبهار القوة التي يتمتع بها عناصر «المهام الخطرة»، فهم أشخاص مختلفون محبون للعمل بدرجة كبيرة، ومحترفون ذوو تدريب عال، مرتبطون ذهنياً على مدار الساعة بعملهم، واستعدادهم الدائم للانتقال للتعامل مع أي حدث أمني بروح الفريق الواحد.. الانضمام إلى صفوفهم – كما يؤكد قائدهم - يستوجب منك أن تتصف بصفات بدنية ونفسية وذهنية عالية لاجتياز اختبارات التأهيل.

«البيان» جالت في مواقع تدريباتهم وتعرَّفت عن قرب إلى واقع حياتهم العملية ومعداتهم وآلياتهم التي تعكس طبيعة مهام وأدوار رجل المهام الخاصة.

حيث يعد هذا القسم واحداً من النماذج الرائدة بشرطة رأس الخيمة بفضل المستوى التدريبي العالي الذي وصل إليه وبفضل التطور الكبير في دوره الأمني الذي أصبح جزءاً من قوة خاصة وهي إدارة المهام الخاصة التي تنقسم إلى أقسام أمنية: «قسم الحراسات الأمنية، قسم الشغب، وقسم طيران الشرطة»، ولها شخصية اعتبارية تأسست منذ عام 2005 إلى القيام بأدوار أمنية متعددة للحفاظ على الأمن والاستقرار.

القوة الضاربةوقوة المهام الخاصة كما يعرِّفها المقدم ركن يوسف سالم بن يعقوب الزعابي مدير إدارة المهام الخاصة بالشرطة: تعد قوة المهام الخاصة أو كما يطلق عليها «القوة الضاربة» الذراع القوية لجميع إدارات القيادة العامة لشرطة رأس الخيمة ووزارة الداخلية في التعامل مع كافة الأحداث الأمنية الاستثنائية كالعنف المسلح، وتجارة المخدرات، والخارجين عن القانون بشتى أنواعهم، إلى جانب تأمين الأحداث المحلية، وتعد من التشكيلات التي لا تعمل تحت نطاق مكاني معين، حيث تتم الاستعانة بها في أي مكان في الإمارة.

كما تنضوي تحت مهام القوة اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة للحفاظ على سلامة المواطنين والمقيمين والممتلكات والمنشآت العامة، عبر التنسيق وتبادل المعلومات مع الجهات المعنية، وتسيير الدوريات الأمنية بما يكفل تحقيق الأمن وحفظ النظام وتأمين سلامة المجتمع.

معدات ومهام

وتُظهر المعدات والتجهيزات والأسلحة المتوفرة بحوزة القوة اتساعَ مهامها ودورها ومقدرتها على القيام بأكثر من مهمة، وفي أكثر من مكان في آن واحد، كما تعكس نشاطات القوة منذ تأسيسها وحتى الآن، المهنية والحرفية العالية والمتقدمة في أدائها لمهامها العملياتية، سواء الميدانية منها أو المساندة في غرف العمليات والتحكم والسيطرة لمواجهة مختلف التحديات الأمنية.

ويتفرع من القسم أربع مهام رئيسية مختصة في مجالات أمنية عديدة: فرع القناصة، فرع التدريب، فرع المهام الخاصة، فرع المهام المساندة.

وعن مدى جاهزية القوة قال المقدم الزعابي: نحن جاهزون على مدار الساعة، ومستعدون لتأمين أي حدث في أي وقت على مدار الساعة، مشيراً إلى أن منتسبي الفرقة أصبحت لديهم الخبرة الكافية من خلال الأحداث الكبرى المتعددة التي شاركوا فيها، ووصلوا إلى مستوى قياسي من الاستجابة للحدث، وذلك بشهادة القيادة العليا.

10 أشهر

وأشار الزعابي إلى أن المتقدمين من سن 18 إلى 25 سنة للانضمام للقوة لمجموعة يخضعون لاختبارات طبية وجسدية ونفسية ثم يتم إجراء مقابلات شخصية مع أولئك الذين اجتازوا اختبارات التأهيل الخاصة.

وتستمر عملية تدريب وتأهيل أفرادها لعدة أشهر يخضعون خلالها لمجموعة من التدريبات القتالية وتدريبات قوة التحمل وذلك لفرز العناصر المختارة للانضمام لهذه القوة، ويتم إجراء التدريبات في بيئات مختلفة. وهناك برامج معدة لتأهيل وتطوير مهارات الكوادر المواطنة، ونحن سعداء بانضمام أبنائنا إلى قـوة المهام الخاصة وتلبية نداء الواجب.

وأوضح يوسف بن يعقوب أن من أهم التحديات التي تواجهها قوته تحسين أدائها لمهامها في كل مهمة جديدة، وزيادة التنسيق والتنظيم والتطوير في الأساليب، ومواكبة التطور السريع للإمارة ودولة الإمارات عموماً، وانشغالها المتتالي باستضافة أحداث عالمية وإقليمية على مدار العام، ما يتطلب أن تكون قراراتنا الأمنية مع سرعة الحدث الذي مهما بلغ من الحجم والتعقيد فلن نفاجأ به.

وأضاف أن القوة تعمل دائماً على مواكبة التطورات العالمية في جميع المجالات للتصدي للجرائم المنظمة والتي تتميز بالعنف والإرهاب.

حيث تعمل على وضع خطط التطوير والإبداع والابتكار ودراسة الأحداث والتحديات الجديدة بالإضافة إلى التفكير المسبق قبل ارتكاب الجريمة من قبل الآخرين ووضع الحلول في كيفية التصدي لها، إلى جانب الرؤى المبنية على توجيهات القائد العام لشرطة رأس الخيمة، استناداً للخطة الاستراتيجية لوزارة الداخلية و لرؤية الإمارات 2021.

وأشار إلى أن القوة قطعت شوطاً كبيراً في الوصول للرؤية الطموحة وذلك بتوفير كل الاحتياجات لإنجاح هذه الخطط التي يتم تحديثها حسب الرؤية والمعلومات المطلوبة، مبيناً عن دورها الملموس في جميع المحافل التي تكون مشتركة فيها مع الأجهزة الأمنية المختلفة أو بمفردها.

فقد نجحت في الاستفادة من مهامها في جعل كل الإجراءات المتبعة تتناسب مع طبيعة الحدث، وتأتي في مقدمتها توفير الضمانات الإنسانية والوقائية لأهالي المطلوبين أمنيا، حيث تم وضع آلية مسبقة لحمايتهم أثناء المداهمة، جاء ذلك بعد ملاحظة مشاعر الخوف والهلع الشديد التي تنتابهم أثناء مداهمة أحدهم، إلى جانب النجاح في إنهاء 70% من القضايا الخطرة وذلك بفضل المستوى العالي الذي يتميز به المسئولون من عناصر القوة في مهارات التفاوض.

إنجازات

عن أهم الإنجازات التي حققتها القوة على مدار العام الماضي، أوضح يوسف بن يعقوب: حققت القوة العديد من الإنجازات على الصعيد المحلي والخارجي، وأسهمت بما تمتلكه من خبرة وكفاءة في ضبط الأمن. فضلاً عن تأسيس فريق للتفاوض مهمته الأساسية السعي لإيجاد حل مرضي غير عنيف لقضية معينة كخطوة أول لحل المشكلة.

وأوضح عن تنفيذ 20 قضية سنوية في المتوسط وإحباط 4 محاولات انتحار خطيرة تم حلها بطريقة تفاوضية. هذا إلى جانب مجموع عدد دورات الخطة التدريبية للعام 2015/2016 والتي بلغت 5 دورات متخصصة، إلى جانب العديد من ورش العمل والسيناريوهات المستمرة على مدار السنة.

ولفت إلى أنه يوجد 5 دورات عامة ودورتان تخصصيتين من البرامج المستهدفة للخطة التدريبية لعام 2016/2017. كما أن لهذه القوة دور نشط في المشاركة في المعارض المحلية والإقليمية كـ «معرضي أيسنار الأمني وأيدكس» في عرض ما لديهم من معدات حديثة وابتكارات.

خطة طموحة

وأكد الزعابي أنه لدينا خطة طموحة وشاملة في شتى المجالات التي تخص عملنا من النواحي الأمنية والإدارية وتطوير كوادرها والبحث عن أفضل السبل لتحقيق الأمن والأمان للمواطنين والمقيمين، وأفصح عن تدريب وتأهيل شرطة نسائية للعمل في مجال «القناصة» و«حماية الشخصيات المهمة» والتي تعتبر من أصعب المهام الموكلة لرجال المهام الخاصة، وجارٍ العمل بها. وكشف عن إنشاء مبنى خاص بالمهام الخاصة في الإمارة بناء على توجيهات الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.

وتعتبر جميع المهام الخاصة تحت مسمى (خطر عالٍ) وذلك لأخذ الحيطة والحذر، ومن أهم المواقف الأمنية التي يذكرها المقدم ركن يوسف الزعابي، والمصورة لديهم بكل أحداثها مهمة القبض على مهربي مخدرات في إحدى المناطق الجبلية، حيث توجهت القوة بعد توفر كافة المعلومات الهامة ووضع الخطة المناسبة، التي تمثلت في السير عبر منطقه جبلية وعرة صعوداً في ممرات غير مخصصة للمشي لمدة 6 ساعات في الظلام، ما شكل تحدياً نظراً لوعوره المكان ووجود الحيوانات الضارة كالأفاعي وغيرها، حيث تم الوصول إلى الهدف عند الساعات الأولى من النهار وفقاً للخطة المعتمدة ليتم المداهمة والقبض على المتهمين.

24 ساعة

تختلف الحياة اليومية لرجل المهام الصعبة عن بقية الوظائف، حيث يكون على أهبة الاستعداد على مدى 24 ساعة، وحتى في إجازته يعتبر وقته ملكاً للعمل، ما يتوجب عليه أن يكون في جاهزية كاملة لتلبية نداء الواجب والعمل في أي وقت، كما يؤكد المساعد أول طلال أحمد محمد بن تميم، ذاكراً عدة مواقف حدثت له، منها: عندما تعرضت ابنته لإصابة بليغة جراء سقوطها في المنزل، وفور خروجه لإسعافها والتوجه بها إلى المستشفى، جاءه اتصال للمشاركة في عملية مهمة تتطلب تواجده، ورغم تفهم قائد الفريق لظرفه الخاص، إلى أنه أصر على المشاركة في المهمة رغم قلقه على ابنته، مؤكداً أن أمن الوطن هو أمن وسلامة لأسرته وابنته.

شروط

مميزات يتفرد بها عناصر المهام الخاصة

يتفرد عناصر المهام الخاصة في شرطة رأس الخيمة، كما هو واقعهم في أي جهاز أمن، بمميزات حصرية؛ فهم في المقام الأول رياضيون بارعون جداً، ويتفوقون في الذكاء وذلك شرط أساسي لا مفر منه، ناهيك عن كونهم يجيدون لغات عدة، ومطلعين دائماً على الثقافة العامة والحقول المعرفية المختلفة.

كما يحتفظ عناصر المهام الخاصة بتكوين جسماني لائق يواكب تقدمهم في العمر، وهم متمرسون في الإسعافات الأولية، ويمتلكون قدرات فائقة في التعامل مع الكوارث، وتقديم المساعدة والقيام بدور محوري في الأزمات.

وتصل نسبة الفشل في الانضمام إلى فريق المهام الخاصة إلى 80%، إذ من الصعب لأيٍ كان الانضمام إلى الفرقة. ومن الواجب على من تنطيق عليهم الشروط أن يتمتعوا بخاصية التكيف السريع مع البيئات المختلفة، والأهم؛ القدرة على إنهاء الموقف الأمني بسرعة ونجاح.

تحديات

تكتيكات وإجراءات محددة لإنجاز أي مهمة

أكد المقدم ركن يوسف سالم بن يعقوب الزعابي مدير إدارة المهام الخاصة بالشرطة، أن كل شيء في ميزان العمل الأمني محسوب بدقة، منذ تلقي البلاغ وحتى إنهاء المهمة بنجاح واقتدار، مروراً بالتكتيك المناسب واختيار أفراد المجموعة للمشاركة والتنسيق الدقيق لكل مرحلة من مراحل التنفيذ.

وأشار إلى تكتيكات معينة تتطلب إجراءات خاصة في كل مهمة، وقد تواجه هذه المهام تحديات، فعلى سبيل المثال تتميز طبيعة إمارة رأس الخيمة بجغرافية متنوعة وتتضمن بيئات سهلية وجبلية وصحراوية وبحرية، وذلك يتطلب حسابات مسبقة للتأقلم مع البيئات المختلفة، فكل نوع من القضايا أو الأحداث يحتاج تكتيكاً مناسباً وتدريباً خاصاً ومعدات معينة، خاصة في المناطق الجبلية والوعرة، إذ إن قوة المهام الخاصة وبمجرد بدء المهمة وانتشار العناصر الأمنية في المكان المحدد، عليها السيطرة على الموقف بأقصر وقت مهما كلف الأمر.