أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن المتاحف تعكس ثقافة الشعوب وأنماط حياتها منذ وجدت الحياة على سطح الأرض وهي كذلك خزان للمعلومات التاريخية والمقتنيات الأثرية فهي رمز حضارة كل بلد وتاريخه القديم والحديث لأن شعباً بلا تاريخ يعني بلا هوية، معرباً سموه عن اعتزازه بتاريخ بلادنا العريق الذي يضرب بجذوره في أعماق صحرائنا منذ آلاف السنوات ما يؤكد أن منطقتنا كانت وما زالت ذات أهمية تاريخية واستراتيجية لجهة الربط بين حضارات العالم تجارياً وثقافياً وغير ذلك.
جاء ذلك خلال تدشين سموه، مساء أمس بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، متحف ساروق الحديد في منطقة الشندغة في بر دبي الذي يضم آلاف القطع الذهبية والبرونزية والحديدية المكتشفة في الموقع الأثري «ساروق الحديد» في صحراء الربع الخالي الكبرى إلى الجنوب من إمارة دبي هذا إلى جانب بقايا حيوانات وأسماك وجرار فخارية وما إلى ذلك.
وأعرب سموه عن سعادته بهذا الاكتشاف التاريخي كما أثنى على جهود بلدية دبي وعلماء الآثار فيها والعلماء العالميين الذين ينقبون في هذا الموقع التاريخي والآثاري المهم الذي اكتشفه سموه بنظرته الثاقبة صدفة.
وأبدى سموه ارتياحه لتخصيص منزل الشيخ جمعة بن مكتوم آل مكتوم ليكون حاضناً لمكتشفات موقع «ساروق الحديد» ووصف سموه المتحف بأنه ذاكرة التاريخ ومرجع أساسي للباحثين والمؤرخين والدارسين من حيث المقتنيات والمعلومات التي تؤرخ لحقب متعاقبة من تاريخ شعبنا ومنطقتنا الحافل بالإنجازات.
وبارك سموه جهود اللجنة المشرفة على تنفيذ مشروع «متحف الشندغة المفتوح»، التي تضم معالي محمد أحمد المر، ومعالي عبدالرحمن بن محمد العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع، والمهندس حسين ناصر لوتاه مدير عام بلدية دبي، وهلال سعيد المري رئيس سلطة مركز دبي التجاري العالمي مدير عام دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي، والمهندس رشاد بوخش.
عرض مرئي
وقد شاهد سموه والحضور داخل حجرة مظلمة عرضاً مرئياً يحكي قصة اكتشاف هذا الموقع التاريخي من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أثناء تحليقه على متن طائرة مروحية فوق المنطقة وشاهد كثباناً رملية بألوان مختلفة عن محيطها الصحراوي ما تبادر إلى ذهن سموه على الفور أن هناك شيئاً تخفيه هذه الكثبان الداكنة اللون وقرر سموه أن يعود إلى المنطقة وكان ذلك في العام 2002 مصطحباً نخبة من علماء الآثار العالميين والمحليين الذين أكدوا لسموه أنها منطقة أثرية تاريخية وكانت تعيش فيها قبائل عربية قبل 5000 عام وتبين في العرض المرئي ما يحتويه الموقع من بقايا حيوانات مستأنسة كالإبل والغزلان وكذلك الأفاعي إلى جانب قطع برونزية وذهبية وحديدية وأواني فخارية كان قاطنو المنطقة يستخدمونها في العصرين الحجري والبرونزي ثم العصر الحجري يعود تاريخها إلى ثلاثة آلاف عام خلت وهذا ما يعكس أهمية إمارة دبي ودورها التاريخي والريادي منذ تلك الفترة في الربط بين الحضارات القديمة حتى يومنا الحاضر.
مكتشفات المتحف
صاحب السمو الشيخ محــــمد بـــن راشد آل مكتوم شاهد العديد من مكتشفات «ساروق الحديد» الذي تشرف على عمليات التنقيب فيه بلدية دبي وحرصت لحفظ هذا الإرث والتاريـــخ على افتتــاح متحف للاحتفاظ بهذه المكتشفات التاريخية في بيت الشيخ جمعة بن مكتوم آل مكتوم في منطـــقة الشندغة لتبقى شاهداً على حضارة شعبنا وتاريخه المتجذر في رحم أرضنا الطيبة التي لا تموت.
ومن مقتنيات المتحف التي شاهدها سموه ومرافقوه أكثر من عشرة آلاف قطعة ما بين سيوف وخناجر وحلي ذهبية وبرونزية وبقايا حيوانات وأسماك كان السكان في المنطقة يصطادونها من السواحل المحيطة بأرض الجزيرة العربية ويحضرونها إلى الموقع كي يتغذوا عليها وهناك المزيد من المكتشفات والكنوز التاريخية التي يتم التنقيب عنها بواسطة علماء متخصصين خاصة بعد اكتشاف ثلاثة آلاف قطعة تضاف إلى العشرة آلاف الأولى والتي يجري حالياً تنظيفها وترميمها وتسجيلها تمهيداً لضمها إلى مقتنيات المتحف وتقدم هذه القطع حسب الشرح الذي قدمه المهندس حسين ناصر لوتاه مدير عام بلدية دبي أمام صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وسمو ولي عهده والحضور أدلة علمية غاية في الأهمية عن الصناعات المعدنية في شبه الجزيرة العربية التي كانت منتشرة فيها خلال العصر الحديدي.
جولة في المتحف
وخلال جولته في أقسام وغرف المتحف شاهد صاحب السمو الشــــيخ محمد بن راشد آل مكتوم عـــــرضاً مرئياً آخر حول أسرار موقع «ساروق الحديد» الغامض والمفعم بالأسرار، حيث في الوهلة الأولى يبدو مكان الموقع غير مشجع، فساروق الحديد بعيد عن البحر وعن جبال الحجر الغنية بالرسوبيات النحاسية والسؤال هنا: لماذا اختار سكان العصر الحــــديدي هذا المكان؟ لم يعرف الجواب بعد لكن من الواضح أنه كان هناك محفزات جذبتهم إلى الموقع والسر الآخر الذي يحتاج إلى اكتشاف هو ألا دليل واضح على وجود قرية أو مدينة في الموقع لذا لا يمكن الجزم بأن الناس عاشوا فيه بشكل دائم لكن تتوفر أدلة كثيرة بأن هناك تصـــنيع وصــــناعة للقطع المعدنية في هذا المكان.
ومن أسرار الموقع التي تضمنها العرض، ماذا كان يصنع هناك.. الجواب: تصنع فيه قطع معدنية متقنة وتم اكتشاف الكثير من القطع البرونزية والحديدية إلا أن الحرفيين في الموقع كانوا يعملون في صناعة الحلي الذهبية والتي على الأغلب كانت تصنع للاستخدام المحلي أو للتجارة مع المناطق الأخرى.
وتشير الأبحاث أن بيئة «ساروق الحديد» كانت على الأرجح مختلفة في العصور الحجرية وربما كان الموقع ينعم بالماء والشجر ومراعي الماشية والحيوانات البرية وبالنسبة لسكان الموقع فربما يكون هؤلاء السكان هم اللغز الأكبر على الإطلاق حيث يمكن الاستدلال عليهم من القطع التي استخدموها ويشير بعضها إلى معتقداتهم، حيث إن هناك رسومات محفورة على الأدوات والأواني المستخدمة لديهم.
متحف مفتوح
وذكر المهندس حسين لوتاه أن سموه كان قد أمر بتحويل منطقة الشندغة إلى متحف مفتوح يضم متحف عائلة آل مكتوم الحاكمة في إمارة دبي ومتحف العطور وقاعة الاستقبال الرئيسية التي ستبنى على شكل هرم زجاجي ضخم يحاكي الهرم الزجاجي في متحف اللوفر الفرنسي في باريس.
وأكد لوتاه أن المشروع أحيل إلى مهندسين استشاريين لتصميمه وسوف يكون جاهزاً في الربع الأول من العام المقبل بمشيئة الله تعالى.
حضر حفل تدشين متحف ساروق الحديد، سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، ومعالي محمد أحمد المر، ومعالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، ومعالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، ومعالي عبدالرحمن بن محمد العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع، ومعالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، ومعالي محمد إبراهيم الشيباني مدير عام ديوان صاحب السمو حاكم دبي، ومعالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، والمهندس مطر محمد الطاير رئيس مجلس المديرين مدير عام هيئة الطرق والمواصلات في دبي، والفريق خميس مطر المزينة القائد العام لشرطة دبي، والفريق محمد أحمد القمزي رئيس هيئة تنظيم قطاع الاتصالات في الدولة، وخليفة سعيد سليمان مدير عام دائرة التشريفات والضيافة في دبي، وهلال سعيد المري رئيس سلطة مركز دبي التجاري العالمي مدير عام دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي، وجمال بن حويرب المهيري العضو المنتدب في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، إلى جانب عدد من كبار المثقفين والمسؤولين في الدولة.