تعكف جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين على إطلاق مشروع لتشكيل لجنة مسؤولة عن وضع ضوابط ومعايير موحدة، لاعتماد مكاتب المحاماة العاملة، ومراقبتها ومتابعة آليات عملها والتزامها بالحضور والمرافعة أمام المحاكمة.
وستتولى اللجنة، التي يُتوقع تشكيلها خلال الأشهر القليلة المقبلة، مهام التصدي لمحاولات «المتاجرة بالمهنة» التي يقوم بها بعض الأشخاص، عبر تأجير مكاتب المحاماة لآخرين مقابل مبالغ مالية، وتفتيشها من خلال المعنيين، لمعرفة المكاتب المؤجرة من غيرها.
تجاوزات
ولفت المحامي أحمد صالح العوذلي، رئيس الهيئة الإدارية لجمعية الإمارات للمحامين والقانونيين في أبوظبي، إلى جملة من المخالفات التي يرتكبها بعض المحامين الذين أساؤوا للمهنة، عبر المتاجرة برسالة المحامين ودورهم القانوني والاجتماعي، مثل تأجير مكاتب المحاماة مقابل عمولة والاعتماد على الإنابات، متعهداً بأن تتخذ الجمعية إجراءات لإيقاف تلك المخالفات، تتمثل في فضح المكاتب المؤجرة أمام موكليها الذين سيلجؤون إلى الشكوى من المكاتب المؤجرة، وإرسال خطابات إلى الجهات المسؤولة، وإلى الجمهور عبر وسائل التواصل الحديث، للتحذير من هذه المكاتب المؤجرة للمصلحة العامة، فضلاً عن نشر قائمة بأسماء المكاتب المعتمدة على مواقع التواصل الاجتماعي وموقع الجمعية الإلكتروني، لتسهيل وصول الجمهور إليها.
ممارسات خاطئة
وشدد على أن هذه الممارسات تعد إساءة إلى مهنة المحامي ودوره في المجتمع، وأن لها آثاراً سلبية على المتقاضين وسير القضية، مؤكداً أهمية إنشاء لجنة لاعتماد المكاتب للقضاء على المكاتب المؤجرة التي تشكّل نسبة 35% من المكاتب العاملة، موضحاً في الوقت نفسه أن الجمعية ستدرس إمكانية تطبيق المشروع بشكل تجريبي في إمارة أبوظبي، وأنه في حالة نجاح التجربة ستُعمم على الدولة.
ولفت إلى أن المشروع يواجه بعض نقاط الضعف التي تتمثل في وجود فئة مستفيدة ومتربحة من هذا الوضع وضعف تجاوب بعض الجهات الرسمية مع جمعية الإمارات للمحامين، لافتاً إلى ضرورة تجاوز تلك المعوقات، عبر التزام الفئة الأكبر من المحامين وتغليب المصلحة العليا على المصالح الخاصة.
وقال المحامي أحمد العوذلي: «في ظل تزايد ظاهرة المكاتب المؤجرة التي أساءت إلى المهنة، من خلال «تلبّس» المهنة من قِبل أشخاص لا علاقة لهم بها إلا من خلال التربح والمادة، وحرصاً من جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين على مكافحة كل الظواهر السلبية التي تسيء إلى المهنة ومنتسبيها، ظهرت فكرة المشروع بعد تحليل الواقع ومعاينات ميدانية».
أقسام المكاتب
ويبلغ إجمالي عدد مكاتب المحاماة العامة في إمارة أبوظبي نحو 100 مكتب، فيما بلغ إجمالي عدد المحامين العاملين في جميع إمارات الدولة حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري نحو 805 محامين.
وأضاف: «تنقسم مكاتب المحاماة في الدولة إلى 3 أقسام، وهي: مكاتب وطنية بنسبة 100%، ومكاتب مشتركة بين محامين مواطنين وغير مواطنين، حيث يشترك هذا القسمان في أنهما يتفرعان إلى فرعين، وهما مكاتب لها حضور في المحاكم، بحيث يوجد فيها المحامي المواطن أمام المحكمة، أو مكاتب ليس لها من يمثلها في الحضور أمام المحاكم، وتعتمد على الإنابات.
أما القسم الثالث والأخير فهو المكاتب المؤجرة والمملوكة بالكامل لغير المواطنين التي تمارس عملها من خلال تعيين محامٍ مواطن ليحضر عنها في يوم الجلسة فقط أو عن طريق الإنابات، حيث تعد هذه الفئة من المعضلات المدمرة لسمعة المحاماة، خاصة في ظل تسجيل المحاكم بلاغات تفيد بتورط محامين مواطنين، بعد أن أجّروا مكاتبهم لوافدين، وجمعوا باسم المكتب كثيراً من الأموال من موكلين، ثم غادروا الدولة إلى بلدانهم قبل إنهائهم الدعاوى الموكلة إليهم».
وقال: «إن جميع هذه المكاتب مرخصة من الجهات المعنية، إلا أن التشريعات الحالية عجزت عن إيجاد حل لظاهرة «تأجير المكاتب»، ونظراً إلى أن الدورة التشريعية تستغرق وقتاً أطول لصدور القرار وتنفيذه، فقد تم إطلاق فكرة هذا المشروع مبادرةً تطبيقيةً على أرض الواقع، من خلال المحامين المخلصين في ساحات المحاكم».
بيئة مهنية
وأجمل المحامي أحمد العوذلي أهداف المشروع في القضاء على ظاهرة تأجير المكاتب بشكل كلي، وتوفير بيئة أفضل للمهنة، من خلال طرد أدعياء المهنة، والقضاء على مكاتب المؤجرة، وزيادة عدد الكوادر المواطنة العاملة في المهنة، عبر إلزام المكاتب المؤجرة الراغبة في الاستمرار بتوظيف محامين مواطنين، فضلاً عن رفع سمعة جمعية المحامين الطيبة لدى مختلف شرائح المجتمع، وزيادة ثقة المحامين بجمعيتهم.
لوائح وقوانين
وعن خطة عمل المشروع، قال أحمد العوذلي: «إن الجمعية ستبدأ، بعد إقرار المشروع، تسمية اللجنة المسؤولة عن اعتماد المكاتب واختيار أعضائها»، لافتاً إلى أن مشروع يضمن العديد من اللوائح والقوانين، منها ضرورة تقديم طلبات اعتماد المكاتب مستوفية لجميع الأوراق إلى اللجنة خلال الفترة المحددة.
ووفقاً للمشروع، ستتولى اللجنة دراسة جميع الطلبات، وسيكون لها الحق في طلب جميع الاستيضاحات المطلوبة من المكاتب، كما أن لها الحق في زيارة المكاتب للتأكد من عدم تأجير المكتب، وإصدار قرارات اعتماد المكاتب المستوفية للشروط، إضافة إلى نشر قائمة على موقع الجــــمعية الإلكتــروني بالمكاتب المعتمدة.
وينص المشروع على أن تتولى الجمعية ختم جميع إنابات المكتب المعتمدة بختم اعتماد الجمعية، والتعميم على المحامين بالحضور من خلال الإنابات المعتمدة والاعتذار عما سواها، ومتابعة القضايا في المكاتب غير المعتمدة، ورفع قائمة بها إلى الجهات المعنية، لمتابعة حضورها الجلسات واتخاذ اللازم بحقها.
إجراءات
قال المحامي أحمد العوذلي إن اللجنة المسؤولة عن اعتماد المكاتب تمنح صلاحية سحب الاعتماد الخاص بالمكتب، بعد توجيه إنذار مسجل بعلم الوصول إلى المكتب يبيّن المخالفة، ويجب على المكتب المنذر الرد على الخطاب خلال 14 يوماً من تاريخ التسلُّم، وفي حالة عدم اقتناع اللجنة بالرد، يجب على اللجنة أن تُصدر قرار إلغاء الاعتماد مسبباً، وتُخطر به المكتب المعني، ويحق للمكتب التظلم من القرار أمام مجلس إدارة الجمعية خلال 14 يوماً من تاريخ تسلُّمه القرار المسبب، ويعتبر قرار مجلس الإدارة نهائياً في هذا الشأن.