تشكّل السواحل البحرية في دولة الإمارات مقصداً لطالبي الاستجمام والراحة من إرهاق عمل، وروتين اليوميات التي تحفل بالملل، لذلك لا ريب أن قاصدي الاستجمام يجعلونها موئلهم في فصل الصيف قاصدينها زرافات ووحداناً، ولا ريب أيضاً أنهم يأملون أن يلمسوا فيها الكثير من الجماليات التي تسرُّ أعينهم وتُفرح خاطرهم بمناظرها الخلابة في ثنائية الاستجمام والمتعة، ومَن مِن المرتادين لا يحب أن يطرب لما تشدو به المناظر الساحلية من ألحان الطبيعة؟ تظل تطرب كلما زارها زائر؛ تعزف سيمفونية الطبيعة عندما تغني أجمل الألحان «منظر جميل.. وبيئة مستدامة»، ومن منطلق الحرص على البيئة، شكلت فرق شبابية تطوعية من إماراتيين ذكور وإناث من كل مناطق الدولة فريقاً موحداً يهدف إلى الحفاظ على نظافة السواحل البحرية في الإمارات ورعاية البيئة الساحلية من خلال حملات تطوعية يقومون بها حسب جدول معد للمرور على أغلب المناطق الساحلية الخلابة.
الأوكسجين البيئي
تشير رحاب الظنحاني صاحبة فكرة تشكيل فريق الأوكسجين البيئي التطوعي، إلى أن الإقبال على الفكرة كان كبيراً، خصوصاً أنها ظهرت بسبب العديد من العوامل التي لامسها محبُّو الغوص بالدولة بالدرجة الأولى وهواة الطبيعة، حيث لا يزالون يطمحون أن يروا تلك الصورة الجميلة المرسومة في أذهانهم حول جمال الطبيعة البحرية الساحرة التي تزدان بها دولتنا الحبيبة مشكّلة جزءاً جميلاً من متعة الرحلات التي يقومون بها في أعماق البحار، ولا بأس بمحو بعض النفايات البشرية التي قضت على جماليات القيعان البحرية ومواقع الغوص بالدولة.
وتضيف الظنحاني: وجدنا أنفسنا مندفعين وراء تشكيل هذا الفريق الذي يعمل بطريقة منظمة بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية، وذلك سعياً للحصول على بيئة آمنة ونظيفة وحماية للأحياء البحرية خاصة وأن الواجهة البحرية للإمارات عامل سياحي مهم.
فريق واحد
ولفتت رحاب إلى بداية تشكيل فريق أوكسجين البيئي التطوعي في مطلع العام الجاري باشتراك 15 عضواً متطوعاً في حماية البيئة البحرية كان أغلبهم يعملون بجهود منفردة لحماية البيئة، ومن ثم انضم فريق «زمان» للغواصين كشريك دائم في كل فعاليات وحملات التنظيف وهو فريق مكون من 20 غواصاً من مختلف إمارات الدولة، فضلاً عن شركاء دائمين من أعضاء فريق دبي التطوعي وفريق الإمارات التطوعي وجمعية الإمارات للغواصين وفريق أسعد شعب، حيث أصبحت كل تلك الفرق تحت مظلة «الأكسجين البيئي التطوعي»، مشيرة إلى تعاون كل الفرق لإنجاح جهود التنظيف في إطار العمل الوطني ودافع المسؤولية تجاه البيئة.
توازن بيولوجي
وأعرب محمد إبراهيم بن شمل عضو مؤسس لفريق «أكسجين البيئي»، عن أهمية الفريق الذي يأتي تشكيله من حرص أفراده على حماية البيئة البحرية، نظراً لأهمية تلك البيئة للإنسان وللكائنات التي تعمل على حفظ التوازن البيولوجي، فضلاً عن غرس وتعزيز سلوك النظافة البيئية لدى جميع فئات المجتمع، ولتشجيع العمل التطوعي البيئي بين كل الفئات، وأكد أن حملات التنظيف يجب ألا تكون موسمية. فمن الضروري رعاية كل الأعماق البحرية كونها تمثل ثروة بيئية للأسماك وهواة الغوص.
البُعد البيئي
ويضيف محمد إبراهيم: علينا أن نكرس مبدأ التعاون لنبرز البعد البيئي، ليكون إحدى الأولويات الوطنية في منظومة العمل التنموي، ومن المهم أن نعمل على تحقيق الأهداف، ليس فقط من خلال المؤسسات الحكومية، وإنما أيضاً من خلال زرع روح المحافظة على البيئة في وجدان أبناء الوطن، وذلك كله يتطلب أن نوحِّد الجهود كي نلزم من يعيش على هذه الأرض، بالنظم والمعايير البيئية، وكي يكون التوازن البيئي من ضمن متطلبات التنمية.
فمن هنا جاءت مساعينا للعمل ومطالبنا بأهمية حصول الفريق على اعتماد رسمي تحت مظلة إحدى الجهات الحكومية بالدولة، لنجد الدعم والإمكانيات المساهمة في إنجاز حملات التوعية.
فدورنا، يقول إبراهيم: لا يقتصر فقط على التنظيف بل يمتد إلى توعية الصيادين والجمهور من المواطنين بضرورة المحافظة على البيئة، خصوصاً ترك معدات الصيد في قاع البحر والتخلص من نفايات الرحلات اليومية للصيد في المياه.
توعية بمختلف اللغات
وفي إطار التوعية تقوم المواطنة رحاب الظنحاني بعد كل حملة تنظيف بعمل توعية للصيادين باللغة العربية والأردو، وتؤكد أن جهودهم في تنظيف قاع السواحل البحرية لن تنجح إلا بتعاون الفئات المترددة على البحر بشكل يومي، وهم المعنيون بالمحافظة على البيئة من خلال إزالة بعض المخلفات من قاع البحر.
وتضيف الظنحاني: نحن نعلم أهمية ثقافة الاستدامة ومتطلباتها، لما لها من تأثير في مختلف جوانب الحياة في الحاضر والمستقبل، ويشكل الوعي جانباً مهماً في أي استراتيجية فاعلة لحماية البيئة، لأن كثيراً من الممارسات التي قد تضر بالتوازن البيئي تكون نتيجة جهل الإنسان بمخاطرها، أو عدم المعرفة بكيفية التعامل معها.
صعوبات
وأكد محمد خليفة الظنحاني مدير فريق «زمان» للغواصين الشريك الرئيسي لحملات فريق أكسجين وعضو مؤسس للفريق تعاون الشركاء المثمر خلال الأشهر الماضية مع حملات فريق أكسجين، مؤمنين بضرورة ما يقوم بها المتطوعون من أعضاء الفريق من خلال الحرص على نظافة البيئة.
مشيراً إلى الجهود المبذولة من قبل الفريق التي تحتاج إلى الكثير من الحرفية من خلال النزول إلى أعماق البحر خاصة إن كانت الأعماق كبيرة، فضلاً عن أن عملية التنظيف تحتاج إلى ساعات طويلة قد تمتد إلى 6 ساعات، لافتاً في الوقت نفسه إلى ضرورة حصول الفريق على دعم مؤسسي يمكنهم من إنجاز حماية البيئة بكل يسر، مقراً بضرورة أن تكون هناك حملة توعية للصيادين ومرتادي البحر، منوهاً بالدور الإيجابي الذي يلعبُه خفرُ السواحل وجمعيات الصيادين التي تعدُّ من أكثر الجهات الداعمة والمتعاونة مع حملاتهم.
إنجازات مهمة
وحول خطتهم المستقبلية كفريق تطوعي، أشار الظنحاني إلى أن الفريق على وشك إنجاز أهم الحملات التنظيفية في مواقع السواحل الشرقية من الدولة على أمل البدء مع السنة المقبلة في المواقع المطلة على الخليج العربي، وطالبوا بضرورة مضاعفة الجهود بالتنسيق مع الجهات الرسمية بالدولة، ليكملوا مسيرة خطتهم البيئية التي رسموا خارطتها على أغلب المواقع المهمة لسواحل الدولة، وهي رسالة بيئية مهمة تدعو إلى بذل المزيد من الجهود الرامية إلى المحافظة على البيئة، لافتاً إلى أن تلك الجهود تكللت بإشادة من وزير التغير المناخي والبيئة في لقائهم معه سعياً لتمويل ذاتي يعزز من حبهم للمحافظة على تلك المقاصد السياحية حبّاً وكرامة.