أكد معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة، أن الإمارات تعمل على تطوير منظومة متكاملة للتعامل مع التغيرات البيئية والمناخية بما يحفظ الموارد الطبيعية للأجيال القادمة ويقلل من التأثيرات السلبية على القطاعات الاقتصادية المختلفة وذلك من خلال تطوير بنية أساسية مستدامة، وتبني استخدام التقنيات الخضراء في مختلف المجالات لاسيما الطاقة النظيفة والمتجددة، ورفع مستوى الوعي لدى كافة أفراد المجتمع حول القضايا البيئية.
وأشار معاليه أن اليوم الوطني للبيئة الموافق 4 فبراير من كل عام سيتبنى هذا العام شعار "الإنتاج والاستهلاك المستدام" وسيمتد العمل بهذا الشعار طوال السنوات الثلاث القادمة، مشيراً أن مبادرة "بنك الطعام التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ضمن مبادرات "عام الخير" تمثل خطوة مهمة للعمل على ترشيد استهلاك الطعام وتقليل نسبة الفاقد وما تسببه من استنزاف لموارد الدولة، منوها أن نسبة الفاقد في الطعام في منطقة الخليج تتراوح حول معدل 60% إلى 70% وهو معدل مرتفع للغاية مقارنة مع المعدل العالمي المقدر بحوالي 30%، ما يدلل على قيمة هذه المبادرة في تصحيح هذا الخلل وضمان الاستفادة من هذا الفاقد الضخم.
جاء ذلك خلال اللقاء الذي نظمه المكتب الإعلامي لحكومة دبي في مقره اليوم ضمن سلسلة "جلسة مع مسؤول" بحضور سعادة منى غانم المرّي، المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي ومجموعة من القيادات الإعلامية ورؤساء تحرير الصحف المحلية والأجنبية العاملة في الدولة.
واوضح معالي وزير التغير المناخي والبيئة أن دولة الإمارات تمتلك جميع المقومات التي تؤهلها للاستجابة بنجاح لتغير المناخ وحماية البيئة للاستمرار في مسيرة التنمية الاقتصادية من خلال استغلال الفرص المتاحة في الوقت الراهن للمساهمة في بناء مستقبل أكثر استدامة وسعادة أجيالنا القادمة، مشيراً أن الدولة تتبنى مفهوم الاستدامة منذ وقت طويل كأسلوب حياه من خلال الاستخدام الأمثل والمستدام للموارد القليلة المتاحة، ما أسهم بفعالية في ضمان بقاء تلك الموارد للأجيال اللاحقة.
وأوضح معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي أن وزارة التغير المناخي والبيئة تهدف إلى معالجة القضايا البيئية المُلحّة بالشكل الذي يضمن المحافظة على نمو الاقتصاد، وحماية الموروث الثقافي والحضاري وذلك من خلال وضع خطة شاملة وطموحة للتعامل مع قضايا المناخ والبيئة لما لها من تأثيرات على القطاعات الاقتصادية والنظم البيئية، موضحاً أن الوزارة تواصل وضع الأسس المناسبة للتعامل مع كافة القضايا على المستويين الوطني والعالمي، مع مراعاة المستجدات ذات الصلة.
الاقتصاد الأخضر .. تجربة إماراتية رائدة
وتطرق اللقاء إلى تجربة الإمارات في تبني مفهوم الاقتصاد الأخضر حيث استطاعت الدولة خلال الأعوام الخمس الماضية تحقيق مجموعة من الإنجازات والأرقام غير المسبوقة في مجال الطاقة المتجددة، حيث تقوم شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، وهيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) بمشروعات ومبادرات أسهمت بفعالية في رفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي الطاقة المنتجة في الدولة.
وأكد معالي وزير التغير المناخي والبيئة أنه بحلول العام 2021 ستدخل أربع محطات للطاقة النووية النظيفة للخدمة ما سيضمن تغطية جزءاً كبيراً من متطلبات الطاقة على مستوى الدولة، منوهاً أن القيادة الإماراتية الرشيدة فطنت إلى ذلك التحدي منذ بداية الألفية الجديدة عندما كان حرق الوقود "الديزل" هو المصدر الرئيس للطاقة، وعَمِلت على تطوير سياسات فعالة لتبني مصادر طاقة نظيفة ومتجددة.
وفي إطار جهود الدولة للحفاظ على موارد المياه، نوه معاليه أن الإمارات تضم في الوقت الحالي 141 سداً لترشيد استخدامات المياه، وخلال المرحلة القادمة ستعمل الحكومة على تطوير 96 سداً، وتم إصدار العديد من التشريعات الجديدة الرامية إلى الحد من استنزاف موارد المياه، والتشجيع على استخدام التقنيات الحديثة، علاوة على تبني نظام تسعير مختلف يعتمد على تحديد السعر وفق شرائح الاستخدام للحد من الممارسات غير المنضبطة والتي ينتج عنها سوء استخدام المياه.
وأستطرد معاليه أن الوزارة قامت بتطوير الخطط والسياسات المناسبة لمواجهة كافة متطلبات المرحلة القادمة بما تشمله من عمليات تنموية وتوسعة عمرانية تتطلب المزيد الموارد المائية حيث يتم التوسع في عمليات تحلية المياه، كما تقوم الوزارة بالتعاون مع مجموعة كبيرة من الشركاء في قطاعات مختلفة بتعزيز استخدام التقنيات النظيفة.
الخطة الوطنية للتغير المناخي
وأوضح معالي وزير التغير المناخي والبيئة أن الخطة الوطنية للتغير المناخي تعمل على تعزيز دور الدولة الريادي في هذا المجال من خلال تبني سياسات ومشاريع رائدة في قطاع الطاقة المتجددة والطاقة النووية للأغراض السلمية، وتخزين الكربون، وتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة والمياه عن طريق تبني خيار المباني الخضراء والنقل المستدام، مشيراً أن الخطة الوطنية، التي يتم إنجازها بالتعاون مع مجموعة كبيرة من الشركاء في القطاعين الحكومي والخاص، تهدف إلى تطوير سياسات ومشروعات للحد من تداعيات التغير المناخي، وضمان استمرار النمو الاقتصادي بعيد المدى، وخلق المزيد من فرص العمل ورفع مستويات وعي المجتمع بالقضايا والتحديات المستقبلية ذات الصلة بالبيئة والتغير المناخي.
كما تطرق معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي إلى الجهود التي تبذلها الدولة للاستثمار في مجال البحث العلمي وتطوير رأس المال البشري، وذلك لتطوير قاعدة بحثية تعتمد على بيانات دقيقة ومحدثة تسهم في عملية وضع السياسات واتخاذ القرارات الصائبة.
كهوف صناعية لتعزيز مخزون الأسماك
وعملاً على تشجيع الممارسات المستدامة وتهيئة الظروف المناسبة لاستمرارها وبقائها، أشار معاليه أن الحملة الوطنية لوقف صيد سمك الشعري والصافي جاءت كاستجابة لما رصدته الوزارة والجهات المعنية من انخفاض بلغ 7% من نسبة المخزون السمكي لدول الخليج عموماً، فضلاً عن انخفاض هذه الأنواع بشكل كبير. وفي ذات السياق بدأت الوزارة بتنفيذ برنامج "الكهوف الصناعية" الذي يستهدف إنزال كهوف صناعية صديقة للبيئة في مناطق مختلفة من الدولة لتعزيز مخزون الأسماك في البيئة البحرية واستدامة حرفة الصيد.
دور إماراتي نشط على الصعيد العالمي
وفيما يتعلق بدور الدولة على الصعيد العالمي، نوه معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة، أن الإمارات هي أول دولة في المنطقة تصادق رسمياً إلى اتفاق باريس للمناخ الذي يعد أول استجابة عالمية حقيقية لقضية التغير المناخي حيث يقضي الأساس الذي بني عليه اتفاق باريس بأن تقوم كل دولة بتحديد كيفية استجابتها لتغير المناخ بما يتوافق مع أولوياتها الاقتصادية والتنموية.
وتولي الإمارات أهمية كبيرة للتعاون مع دول الجوار لنقل الخبرات في مجال الطاقة النظيفة، وفي كافة المجالات المتعلقة بالقضايا البيئية والمناخية حيث يوجد تعاون نشط مع المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان ودولة قطر.
وفي نهاية اللقاء، أشار معالي وزير التغير المناخي والبيئة إلى أهمية دور الإعلام بوصفة شريك رئيس لنشر رسائل الوزارة حول الاستدامة، ورفع الوعي لدى كافة فئات المجتمع حول القضايا والتحديات المناخية والبيئية، والتعريف بآثارها الحالية والمستقبلية، موضحاً أن الدور الإيجابي لوسائل الإعلام يضمن تحقيق المشاركة المجتمعية المأمولة في هذه القضايا لتحقيق النتائج التي نصبو إليها.
يشغل معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي منصب وزير التغير المناخي والبيئة منذ فبراير 2016، بعد استحداث هذه الحقيبة الوزارية التي جاءت تتويجاً لجهود الإمارات في هذا المجال، ويعد معاليه من الوجوه الشابة التي ضمها التشكيل الوزاري الأخير للدولة، وشغل معاليه منصب المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، ومدير إدارة شؤون الطاقة والتغير المناخي في وزارة الخارجية منذ 2010.
معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي حاصل على درجة البكالوريوس في هندسة البترول من جامعة تلسا، وماجستير في إدارة الأعمال من معهد نيويورك للتكنولوجيا، وماجستير في إدارة المشاريع من الجامعة البريطانية في دبي، وشهادة الدكتوراه في إدارة الاستراتيجيات والبرامج والمشاريع من جامعة سكيما في فرنسا، وهو عضو في العديد من اللجان، بما في ذلك مجلس الإمارات للتنمية الخضراء، فضلاً عن لجان التدقيق والاختيار لجائزة زايد لطاقة المستقبل.