أكدت معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة دولة للتسامح أن الإمارات باتت اليوم عاصمة للتسامح ومهداً للسلام والوئام والأمن والتواصل الإنساني والتفاعل الحضاري وأرضاً للسلام والتعايش والمودة.
وقالت في كلمة مصورة ومسجلة لها خلال المؤتمر الإقليمي الخاص بمكافحة التعصب والتطرف والتحريض على الكراهية الذي تنظمه جمعية الإمارات لحقوق الإنسان تحت عنوان «دور ومسؤولية المجتمع المدني في مكافحة التعصب والتحريض على الكراهية» إن تحول الإمارات إلى عاصمة للتسامح والتعايش «لم يأت من فراغ، بل من إيمان الدولة قيادة وشعباً بالإنسانية والإنسان وتنفيذ الدولة لخطوات متسارعة في الجوانب القانونية والثقافية والسلوكية والاجتماعية لتعزيز وتكريس التسامح والمحبة ونبذ الكراهية والعيش المشترك».
وأضافت ان التعاضد والتضامن والتعاون سمات جوهرية في المجتمع الإماراتي لأن الإمارات قيادة وحكومة وشعباً تؤمن ببناء الإنسان والإنسانية وتحرص على قيم التسامح والإخاء وتعمل دوما على تماسك النسيج المجتمعي وتتصدى بحزم لكل ما يقوض بناء الدولة الوطنية ويمزق التوافق الاجتماعي ويزعزع الأمن والاستقرار والسلم الإقليمي والعالمي.
وأشارت إلى أن المتأمل في تجربة الإمارات لتعزيز التسامح ونبذ التطرف ومكافحة الكراهية سيجدها زاخرة ثرية، حيث خطت خطوات متسارعة وفعالة في الجوانب القانونية والتشريعية والدينية والاجتماعية والإعلامية والثقافية في سبيل تعزيز السلم والتسامح والوئام ونبذ العنف والتطرف والكراهية والتمييز.
الخطر الأكبر
ومن جانبه أكد محمد سالم الكعبي رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحقوق الإنسان أن الخطر والتحدي الأكبر الذي يواجه المنطقة الآن هو شيوع التطرف والتعصب المذهبي والديني والعرقي.
وأوضح في ورقة عمل حملت عنوان «تجربة الإمارات في مكافحة التمييز والقضاء على الكراهية»، أن الجمعية شرعت بإعداد مسودة لمقترح إعلان الإمارات للقضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز والتحريض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، الذي سيعرض على المشاركين لمناقشته وإقراره، باعتباره توجهاً ورؤية من منظمات المجتمع المدني في المنطقة، كما ستعمل الجمعية على التواصل مع مختلف الجهات، لتنبي هذا الإعلان كأساس ومنهج للعمل في المنطقة العربية.
تأثير التطرف
وتطرق الكعبي إلى تأثير التطرف على المنطقة من حيث، سرعة انتشار الفكر المتطرف وتبنيه من الجماعات التي شكلت تنظيمات مسلحة في الدول العربية، ورفض الجماعات لأي رأي أو فكر يتعارض مع قناعتهم وفكرهم حتى من ذات الدين والمذهب، وتأجيج التعصب المذهبي، زيادة على استنزاف موارد الدول في محاربة التطرف، وفقدان العديد من الدول للإرث التاريخي والحضاري، جراء التدمير الممنهج للمعالم التاريخية.
جهود
وفي ورقته التي جاءت بعنوان ظاهرة التعصب والكراهية في المنطقة العربية، قال الدكتور مقصود كروز المدير التنفيذي لمركز هداية الدولي لمكافحة التطرف العنف، إن الإمارات لم تدخر جهداً في مكافحة التعصب والكراهية بكافة أشكالها ومظاهرها وذلك منذ تأسيسها في عام 1971، حيث كانت من أوائل الدول التي اعتمدت رؤية شاملة لمكافحة التعصب والكراهية بالمعنى الواسع والمعمق، من خلال تبني استراتيجية وطنية متعددة الأبعاد تقوم على اعتماد تصورات طويلة الأمد وخطط تنفيذية تضمن اجتثاث جذور التعصب والكراهية من المجتمع الإماراتي والمحافظة على روح الولاء والانتماء للدولة.
100
وفي ورقته التي جاءت بعنوان «دور الإعلام في التصدي للتطرف والتعصب والكراهية»، شدد محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة الاتحاد على دور الإعلام في مواجهة التطرف والتوعية بمخاطره وأسبابه ومكافحته، مؤكداً انه بات الوسيلة الأكثر استغلالاً في نشر الكراهية في ظل وجود نحو 100 قناة فضائية دينية في المنطقة، وهو عدد كبير لا حاجة له خصوصاً وأن هذه القنوات تبث رسائل متطرفة وتنادي بالتعصب والتطرف والكراهية وعدم قبول الآخر، علاوة على وجود قنوات فضائية تنفذ أجندات لتقسيم المجتمعات العربية.
وفي الوقت الذي أكد فيه الحمادي على أن نشر المحبة والتسامح والسلام اهم من مكافحة الإرهاب والتطرف والكراهية، أشار إلى أهمية كشف الفكر المتطرف وتفكيكه ودحض حيثياته، كخطوة أولى لا مناص منها، تتسق مع منطق «اعرف عدوك»، كي يدرك المجتمع بمختلف أجياله، مكمن الخطر.
أثر التعصب والكراهية على حقوق الإنسان
تحدث الدكتور نظام عساف رئيس مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان في الأردن عن أثر التعصب والكراهية على حقوق الإنسان وحرياته، بما في ذلك الحقوق المدنية والسياسية و الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذا على حقوق التنمية والسلام والبيئة والتراث الإنساني.
وقال: «يرجع الاهتمام بمسألة التعصب والتحريض على الكراهية إلى ما تعانيه مجتمعاتنا في كثير من البلدان العربية من نزاعات خلال العقود الماضية»، وأضاف:«يلحظ الباحث أن القوانين الموضوعة لمناهضة التمييز والتعصب والتحريض على الكراهية في دولنا العربية يشوبها التباين والقصور، ناهيك عن إن الاجتهادات والأحكام القضائية حول التحريض على الكراهية مازالت نادرة، ومن جهة أخرى تتسم سياسات الأنظمة العربية بمكافحة التمييز والتعصب والكراهية بالعمومية والضبابية».
وشدد على ضرورة تشريع القوانين والأنظمة الرادعة لمكافحة أي دعوة أو ممارسة، بالقول أو بالفعل، تحض على التمييز والكراهية.
تحديات
وأكد أيمن عقيل المحامي بالنقض رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان في مصر، في ورقة عمل بعنوان مناهضة خطاب الكراهية والتعصب الديني في المنطقة العربية الاستراتيجيات والحلول المقترحة، أن خطاب الكراهية والتعصب الديني يمثل تحديا حقيقيا من التحديات التي تواجه المنطقة العربية، خاصة في ظل تمدد الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي تتبني العنف كنهج مستديم، وتعتمد على خطاب ديني ومجتمعي مليء بالمغالطات الفكرية والفقهية وبعيد تماما عن جوهر وحقيقة الأديان السماوية السمحة.
ومن جانبه أكد جورج أبو الزلف مدير مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق للمنطقة العربية وجنوب غرب اسيا، أن احترام حقوق الانسان جزء أساسي من وصفة الدواء المضاد لمعضلة التطرف والتعصب والتحريض على الكراهية والارهاب، مشددا على ضرورة عدم النظر إلى تطبيق حقوق الإنسان على أنه عائق أمام تحقيق الأمن، بل يجب اعتبار تعزيز هذه الحقوق جزءا وثيقا من الاستراتيجيات الأمنية الفعالة.
واكد في كلمته التي جاءت بعنوان استراتيجية الأمم المتحدة لمنع التطرف أن مقاومة التطرف تحتاج الى حاضنة اجتماعية مبنية علي فكر وقلب مفتوح، وتستوعب الاخر، وتواجه الحجة بالحجة والقرينة بالقرينة والرأي بالرأي معتمدة على مبدأ أن الناس متساوون في الكرامة والحقوق، لافتا الى انه لا يوجد هناك أي تعريف دولي للتطرف العنيف أو عناصره.
التحديات
وفيما يتعلق بالتحديات التي تعترض احترام حقوق الإنسان ومحاربة التطرف والتعصب، قال ان التحدي الأول يكمن في أنه يجب التفريق ما بين التعصب والتطرف والإرهاب، فإذا كان التعصب مقصورا على الرأي والعقيدة فإن ذلك لا يخالف القانون مهما كانت هذه الآراء و العقائد متطرفة، كما ان مفهوم التطرف متروك إلى القوانين الوطنية، وحتى تتطابق هذه القوانين مع مبادئ حقوق الانسان، يجب عليها احترام القواعد فيما يتعلق بالحرية الدينية، وحرية الرأي والتعبير، ومفهوم خطاب الكراهية.
مقاصد
وفي ورقته التي حملت عنوان الخطاب الديني ودوره في مواجهة التعصب والكراهية قال الدكتور صالح عبد الكريم مدير برنامج الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة جميرا، إن الإسلام جاء بقيم ومقاصد نبيلة وغايات كريمة يدركها كل متأمل في النصوص والتشريعات، كمقصد الرحمة، والتسامح، والتعارف، والسلم، وغيرها، وان التشويش الحاصل حول الخطاب الديني نشأ من أمرين هما عدم التصور الصحيح والإدراك لحقيقة الإسلام وروحه ومقاصده، وبعض تصرفات المتحدثين باسم الإسلام، رغم بعد مسلكهم عن ضوابط الشريعة.