سنوات التقاعد.. لا يزال للعطاء بقية

الاستفادة من تجارب المتقاعد تقديراً لمسيرة عمله | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما إن يصل الموظف إلى سنّ التقاعد، تبدأ العديد من الأسئلة تحوم في رأسه، أبرزها؛ ما الذي سيفعله في أول يوم من تقاعده؟ ولأن تقدير المتقاعدين لابد وأن تكون ثقافة مجتمعية راسخة عند جميع فئات المجتمع، فهناك أصوات تطالب باحتوائهم في أندية وجمعيات وملتقيات للاستفادة من تجارهم وخبراتهم، وتنظيم شتى الأنشطة الهادفة والترفيهية التي تحقق سعادتهم، وشعورهم بأن المجتمع مهتم بهم، لاسيما أن المتقاعد شخص يمتلك طاقة كبيرة يمكن الاستفادة منها، لذا فالمطالبون بالاستفادة من خبراتهم يلحون على الاستفادة من خبراتهم، لاسيما وأن هناك عدداً كبيراً من المتقاعدين القادرين على العمل والإنتاج، كما تذهب الأصوات المنادية بإدماجهم من جديد بتأهيلهم وتدريبهم على استغلال طاقاتهم وإمكانياتهم، خاصة وأن هناك فئة تقاعدت في سن مبكرة ولم تصل إلى عُمر الستين عاماً.

برامج

قال سالم الكعبي، موظف في هيئة الإمارات للهوية في مدينة العين: «إن المتقاعد هو شخص قدّم وخدم وأدّى دوره في خدمة المجتمع من خلال الوظيفة التي كان يشغلها أو المنصب الذي كان فيه، وهو في المقابل إلى جانب أقرانه من المتقاعدين لديهم من الخبرة والحكمة بحيث ينبغي الاستفادة منهم من قِبل الأجيال الجديدة التي تنتظر دورها للعمل والإنتاج»، موضحاً أنه يعمل منذ 14 عاماً، ويفكر بين حين وآخر ما الذي سيفعله في حال تقاعده، ويرى ضرورة أن يكون هناك كيان خاص بالمتقاعدين، سواء نادٍ أو جمعية أو حتى هيئة، بحيث لا يقتصر على وجود مقر خاص بهم، وإنما تفعيله بمبادرات وببرامج وأنشطة يستفيد منها المتقاعدون.

وأوضح مطر محمد ناصر الشامسي، أعمال حرة، بأنه يمكن للمتقاعد أن يستثمر طاقاته في العديد من المجالات الهادفة والإيجابية بحيث تعود عليه بالنفع والفائدة، كاستكماله لتعليمه، والسفر، واستثمار وقته في العمل التطوعي، وممارسة الهوايات والحفاظ على تجديد وإنعاش دائرة العلاقات الاجتماعية، مشيراً إلى أنه يستغل وقته بتنفيذ عدد من الأعمال والمشاريع الخاصة التي تستحوذ على جانب كبير من وقته. مُنوهاً إلى أن المتقاعدين في الغرب يبدأون حياة جميلة ويستمتعون بكل أوقاتهم، فلماذا لا يعيش المتقاعد العربي فترة تقاعده بإيجابية، بعيداً عن الضغوط النفسية ؟!

تأهيل

من ناحيته أكّد علي سعيد الرئيسي، متقاعد، على ضرورة أن يضع المتقاعدون برنامجاً إيجابياً حافلاً لهم بحيث يشغل حياتهم بعد تركهم العمل. وأضاف الرئيسي: لا أعتقد أنه من الصعب إعادة تأهيل وتوظيف الكفاءات المواطنة المتقاعدة في مشروع وطني يهدف إلى استثمار الطاقات والخبرات، خاصة أن هناك فئة كبيرة قادرة على العمل، وهي في حاجة ماسة إلى دخل يعينها متطلبات الحياة. إضافة إلى تضافر جهود جميع القطاعات من خلال طرح مشاريع تنم عن مساهمات واقعية تترجم التقدير المجتمعي للمتقاعدين.

وأشار جمعة سالم الكعبي، متقاعد من القوات المسلحة منذ عام 99، إلى أنه بعد تقاعده لم يجد متنفساً غير التوجه اليومي إلى «العزبة»، إلى جانب تلبية الاحتياجات اليومية لأفراد عائلته، والالتقاء شبه اليومي بأصدقائه في عدة أماكن سياحية في مدينة العين، متمنياً تفعيل المبادرات الوطنية التي من شأنها أن تأخذ بيد المتقاعد نحو التمكين، لاسيما للشخص الراغب في العودة إلى العمل من جديد.

نمطية

وقال سيف سعيد الرئيسي: هناك فئة في المجتمع ترمق المتقاعدين بنظرة سلبية، بمعنى أنه أصبح عاجزاً عن خدمة وطنه ! وهنا يتحتم تغيير هذه النظرة باليقين بأن دورَ المتقاعد لا يتوقّف عند سن معينة فقط، بل يمكن أن يعطي من خبراته مدى الحياة، وأضاف الرئيسي: أتفق مع زملائي المتقاعدين فيما طرحوه، إذ يقع على عاتق الجهات المعنية بالتقاعد العمل على استثمار خبرات المتقاعدين المتميزة، والاستفادة من طاقاتهم الإبداعية.

وقال سيف هلال الكعبي، متقاعد من القوات المسلحة: نحتاج العمل بشكل فعلي وإيجابي على تطوير الأنظمة واللوائح الخاصة بالتقاعد، بما يحقق الحياة الكريمة للمتقاعدين وأسرهم أيضاً. كما نحتاج إلى مراكز وجمعيات تهتم بالمتقاعدين، بحيث يحرص مجلس الإدارة على احتوائهم بأنشطة اجتماعية ووطنية وترفيهية وكل ذلك من شأنه أن يخرج بعض المتقاعدين من حالة التوتر العصبي الذي يعيشونه بعد التقاعد بسبب الفراغ، إضافة إلى إقحامهم في دورات وبرامج تدريبية وتأهيلية تحقق استفادتهم، متسائلاً: لماذا لا يولي القطاع الخاص اهتماماً بالمتقاعدين، ويقوم بدور أفضل تجاههم من باب ومنطلق المسؤولية المجتمعية بتقديم خدمات لهم. كما اقترح الكعبي إعداد برامج لتأهيل المتقاعدين قبل تقاعدهم.

مستحقات

واقترح سعيد ناصر الشامسي، متقاعد من القوات المسلحة، بأن يكون هناك صندق وطني خاص بديون المتقاعدين. إلى جانب تشجيع المتقاعدين الذين يديرون مشاريعهم الخاصة بالمشاركة في المعارض بأخذ رسوم رمزية منهم. وأضاف الشامسي: يقع على عاتق جمعية الإمارات للمتقاعدين الكثير من المهام والمسؤوليات التي تتمثل في الاهتمام بكل أمور المتقاعدين، وإجراء الدراسات والتقارير والأبحاث حول التقاعد، والاهتمام أيضاً بالأوضاع الصحية والاجتماعية والاقتصادية للمتقاعدين، إضافة إلى جمع المعلومات عن مؤهلات وخبرات المتقاعدين بغرض الاستفادة منها لما فيه مصلحتهم.

وقال سالمين الشامسي، متقاعد من القوات المسلحة من عام 2008، ويعمل حالياً مديراً أول لقسم الخدمات العامة في شركة «أمرك»: «يحتاج كل متقاعد إلى الاهتمام، وقد يتمثل ذلك من خلال الدعم الحكومي والخاص لهم ببرامج اجتماعية واقتصادية من خلال تعيينهم مستشارين في المؤسسات والهيئات والجهات والدوائر بما يتماشى مع المرحلة العمرية لكل منهم، خاصة وأن سن التقاعد في الدولة يبدأ من عمر الستين عاماً، يخرج منها المتقاعد بمحصلة خبرات وتجارب تتجاوز الأربعين عاماً».

وأشار الشامسي إلى أن جهود بعض المتقاعدين للعودة للعمل باءت بالفشل، لأن الإشكالية تتمثل بالدرجة الأولى في المتقاعد ذاته.

برنامج وطني

وأوضح سهيل حمد بن مرزوق العامري، عقيد ركن متقاعد من القوات المسلحة، بأن هناك فئة من المتقاعدين يرغبون في العمل بعد التقاعد بطبيعة عملهم السابق نفسها، ومنهم من يرغب في العمل بأعمال تختلف عن عملهم السابق، وهناك أيضاً من يرغب في العمل بأي فرصة عمل تتاح لهم. وأضاف العامري: إن إنشاء نوادٍ خاصة في شتى مناطق الدولة لاحتواء المتقاعدين قد يسهم في المحافظة على صحتهم النفسانية والذهنية والجسدية، إضافة إلى تأسيس برنامج وطني لتشجيع المتقاعدين القادرين على العمل والإنتاج على توفير الفرص والمشروعات الفردية التي تدعمها المؤسسات لمصلحة المتقاعدين ذاتهم.

30 %

قدّمت جمعية الإمارات للمتقاعدين حسومات مالية لمُنتسبيها بالتعاون مع مراكز الخدمة تسهيل، ووفرت لهم تخفيضات بــ30 في المئة، على مُنتجات عدة أبرزها الأثاث والديكور وخدمات الترفيه والملابس والمجوهرات والمصارف، فضلاً عن المواد الغذائية والاستشارات القانونية. إلى جانب حرص الجمعية على تنظيم ورش العمل التدريبية بهدف تأهيل المتقاعدين لتوظيف خبراتهم وتجاربهم في خدمة سائر الشرائح الاجتماعية.

تغيير

وقعت جمعية الإمارات للمتقاعدين مؤخراً اتفاقية تعاون مشترك مع الأكاديمية العالمية للتدريب والتطوير والاستشارات، بحضور عدد من المتطوعين والمتقاعدين والمهتمين. ووقع الاتفاقية من جانب الجمعية، العقيد المتقاعد فرج إسماعيل رئيس الجمعية، وعن الأكاديمية المستشار يوسف العوضي. وتهدف الاتفاقية إلى تغيير حياة المتقاعد لحياة تتميز بالإنتاجية وخدمة الوطن، والاستفادة منه في المجتمع، والاستعانة بهم وفق إمكاناتهم المختلفة، وخبراتهم في أعمالهم قبل التقاعد.

2025

وفقاً للإحصاء السكاني الصادر عن الأمم المتحدة في عام 1993، فإن النسبة المئوية لعمر 60 سنة وهو سن التقاعد في دولة الإمارات، سيكون 16,3 % من إجمالي عدد السكان المواطنين. كما أشارت إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن هناك زيادة في أعداد المتقاعدين والمسنين في الإمارات، حيث سيصل متوسط الأعمار في دولة الإمارات إلى 76,5 عاماً 2025.

تواصل

يمثل المتقاعدون بخبرتهم وتجاربهم العملية جسراً تعبر عليه الأجيال الجديدة من الموظفين لتحقيق الارتقاء بالأداء الوظيفي. وطالب المتقاعدون المشاركون في هذا الطرح بأن تعامل كل جهة ومؤسسة ودائرة متقاعديها معاملة خاصة، من خلال التواصل الدائم معهم، وتحقيق الاستفادة من خبراتهم، ليحصل نوع من تواصل الأجيال، والدمج بين خبراتهم وطموحات الجيل الحالي الذي يريد إثبات كفاءته وجدارته في العمل. مُنوهين إلى أن تواصل المؤسسة بالمتقاعدين، دليل على أهمية هذه الفئة المجتمعية المتسمة بروح العطاء.

 

جمعية الإمارات للمتقاعدين.. دعم وأهداف سامية

تضم جمعية الإمارات للمتقاعدين، وهي جمعية ذات نفع عام، مجموعة من المتقاعدين العسكريين والمدنيين، وتسعى إلى تقديم العون للدولة، رداً للجميل الذي قدمته للمتقاعدين، وتعمل على توسيع نطاقها حتى تتم الاستفادة من طاقات المتقاعدين في كافة إمارات الدولة. كما تحرص على توفير حياة كريمة للمتقاعدين، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة إليهم، كالقيام بالمشروعات وتوفير الخدمات التي يحتاجون إليها لتحسين مستوى معيشتهم، وذلك بعد الحصول على موافقة وزارة تنمية المجتمع، وإقامة معارض لأسر المتقاعدين المنتجة، وتقديم المعونات والمساعدات لأسرهم، وتعميق مفهوم المسؤولية المجتمعية، وإنشاء قاعدة بيانات عن خبرات ومؤهلات المتقاعدين، لتكون متاحة للقطاعين الحكومي والخاص، لاستثمارها بشكل فاعل.

صفحة تناقش اهتمامات القراء وتتفاعل معهم

Email