منذ إطلاقها مطلع الشهر الجاري، نجحت مبادرة "صناع الأمل"، التي تندرج ضمن مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي يتطلعون إلى المساهمة في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي. حتى اليوم، تلقت مبادرة "صناع الأمل" أكثر من 50 ألف قصة أمل من أفراد ومجموعات، لديهم مشاريع ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة أو المساهمة في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم.
سعياً لمشاركة الناس هذه القصص كي تكون مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، نستعرض بعض قصص صناع الأمل التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.
القصة الأولى: وظفت أكثر من 7350 شخص في عامين ونصف
"مؤسسة رزق" مشروع إنساني متكامل خفف من وطأة الحرب على آلاف السوريين المهجرين في تركيا
أنس الشهاب شاب سوري يبلغ من العمر 33 عاماً، أسس مبادرة رزق لتشغيل السوريين كأول مؤسسة سورية في دول اللجوء (تركيا) تهتم بإيجاد وخلق فرص عمل للسوريين وتأهيلهم مهنياً. انطلقت المبادرة بشكل فردي في نهاية العام 2013 وبإمكانيات تكاد تكون معدومة فيما عدا الإصرار والإيمان بقدرات السوريين على إعادة بناء ومساعدة أنفسهم في كسب عيشهم بطريقة كريمة.
في منتصف العام 2014 ارتقى العمل ليصبح بطريقة منظمة ومؤسساتية، حيث كانت البداية من ولاية أورفا الحدودية في الجمهورية التركية من خلال مكتب صغير يقوم على استقبال المراجعين من باحثين عن عمل وجهات مشغلة بشكل مباشر، ومنذ ذلك التاريخ وحتى هذا اليوم استطاعت رزق توظيف ما يزيد عن 7350 شاب وشابة في عدة مجالات علمية ومهنية مختلفة، وأصبح لها فروع متعددة في كل من أسطنبول وأورفا وغازي عنتاب، ويعمل الشهاب ومن معه من شباب مؤمن بغد أفضل على افتتاح فروع أخرى مما سيكون له أثر ايجابي واضح على الإخوة السوريين.
ومن استقبال طلبات التوظيف من الجهات الباحثة عن عمل وتلقي عروض التوظيف من الجهات المشغلة، إلى إجراء المسوحات الميدانية الدورية ضمن سوق العمل لمعرفة الحاجات المستجدة، وتحديث قاعدة البيانات الرئيسة، وصولاً إلى تأهيل السوريين علمياً ومهنياً، من خلال إيفادهم للالتحاق ببرامج تدريبية وورشات عمل تنظمها رزق أو أحد شركائها، مثلت رزق عوناً لدى آلاف السوريين الذين يعانون ظروفاً اقتصادية وإنسانية صعبة للغاية، وكانت سنداً خفف من ألم مصابهم ومحنتهم وأسهمت في تحويل نظرتهم للحياة من حالة اليأس إلى نور الأمل.
ونجحت مبادرة "رزق" ومنذ انطلاقها بالإسهام في رفد سوق العمل التركية بأيدي عاملة خبيرة ومدرّبة، وما يميز رزق عن سواها من المبادرات المهنية التي تؤخذ طابعاً إنسانياً أنها هي أول مؤسسة سورية تهتم بتأهيـــــل وإيجـــــاد فرص عمـــــل للســــوريين في تركيا. وتضم طاقــــم مندوبيــــن ميدانيين في الســــوق التركية والفعـــــاليات السورية للتواصل المباشر مع الجهات المشغلة. إلى جانب اعتمادها التوثيـــــق الكــــامل لجميع أعمـــالها، كما أنها تقــــــوم بدور استشـــاري لامتلاكها قـاعدة بيانات متكاملة عن الأنشطة الاقتصادية في تركيا. وأخيراً فإنها تعمل على افتتاح مشاريع مشتركة بين رجال الأعمال السوريين والأتراك، وتدعم الشراكة الاقتصادية بينهم.
ويرى أنس الشهاب بأن "رزق" باتت ضرورة ملحة للسوريين نظراً لحاجة الشعب السوري في هذه المرحلة والمراحل القادمة إلى إعادة بناء الإنسان وتمكينه اقتصادياً من خلال إيجاد فرص عمل تؤمن له الحياة الكريمة. وتتمحور رؤية "رزق" حول تأهيل العمالة السورية وَشغيلها واستثمارِ الكفاءات العلمية والمهنية، وكذلكَ تسعى لتمكين السوريين من تحقيق الاكتفاء الذاتيِ في كسب رزقهم وعدم اعتمادهم على المساعدات وتأهيلِهمْ لبناءِ سوريا المستقبل.
القصة الثانية: 23 نشاطاً خيرياً ترسم الابتسامة على وجوه المحتاجين
مبادرة "قافلتي"... 70 متطوعا ينظمون قوافل طبية واجتماعية وتعليمية في ربوع المملكة المغربية
في المملكة المغربية أسس عزيز اركراك المولود في العام 1987 مبادرة متميزة حملت عنوان "قافلتي". أراد من خلالها أركراك أن يرسم البسمة على وجوه مثقلة بهموم الحياة وتحدياتها وكان له ما أراد في العام 2015 حين أسس مع مجموعة من الشباب مبادرة "قافلتي".
مبادرة "قافلتي" عبارة عن مشروع شبابي تطوعي ذو طابع اجتماعي تضامني، الهدف منه تنظيم قوافل طبية واجتماعية تضامنية للقرى والمناطق النائية بالبوادي، فضلاً عن ترميم وإعادة إصلاح وتزيين المدارس الابتدائية بالقرى الجبلية من أجل إدخال الفرحة على الأطفال وخلق فضاء جديد من أجل التعلم والدراسة.
كما هدفت المبادرة أيضاً لتلقين مبادئ التطوع للشباب الراغب في خدمة المجتمع. ونجحت الحملة باستقطاب أكثر من 70 متطوع ومتطوعة وتشجيعهم على بذل الجهد والوقت كعطاء إنساني وحضاري متميز، بالإضافة إلى تنظيم أنشطة اجتماعية وخيرية وثقافية ورياضية متنوعة للمتطوعين وعموم الناس.
بدأت المبادرة عامها الأول تحت شعار "قافلتي... نبع الخير والعطاء"، عملت خلاله عبر فريق عمل متكاتف على الإعداد والتحضير من أجل جمع أكبر عدد ممكن من المساهمات المادية والعينية، من ملابس وأغطية للوقاية من برد الشتاء، وكتب وقصص وروايات للأطفال، ومواد البناء لترميم البيوت القديمة، والمواد الغذائية لتوزيعها على العائلات الفقيرة، والأدوية والأموال للحملات الطبية للمرضى المعوزين، وغيرها من المواد الضرورية لدفع المجتمع نحو حياة أفضل وخصوصاً في عدة مناطق وقرى نائية في المغرب. ونجحت الحملة في تنظيم ما يزيد عن 23 نشاطاً خيرياً منها 3 قوافل تضامنية وإنسانية.
ومع بداية عامها الثاني بدأت حملة قافلتي العمل على جمع المساعدات الاجتماعية لصالح الأطفال والفئات المحتاجة والمعوزة بالقرى والمناطق النائية الجبلية، ضمن مجموعة من القوافل التضامنية والطبية، التي ستشرف عليها المبادرة قافلتي حتى نهاية العام الجاري.
واليوم تستمر الحملة بعطائها ويستمر الأمل معها في غد أفضل لمئات العائلات المستفيدة والتي باتت ترى الحياة بمنظور أجمل نتيجة لمجهودات الشباب الذين وضعوا إنسانيتهم قبل أية مصالح فردية، وقدموا وقتهم وتعبهم في سبيل راحة الآخرين.
القصة الثالثة: 100حاضنة تنقذ حياة آلاف الأطفال
شاب مصري يجمع مليون ونصف المليون جنيها لإنقاذ الأطفال حديثي الولادة
يعاني العديد من الأطفال حديثي الولادة صعوبات بعد ميلادهم قد تودي بحياة البعض منهم. وذلك نتيجة لنقص المعدات الطبية للأطفال "الخدج" وعلى رأسها الحاضنات التي تمثل طوق نجاح Hو غرفة عناية مركزة صغيرة لمن هم في أسابيعهم الأولى في بعض مناطق جمهورية مصر العربية.
أبو بكر أحمد أحد قيادات مركز حضانات الأطفال الجديد بالأقصر، طرح مبادرة إحياء (حضانات الأطفال) بالمجان في جميع الوطن العربي والأفريقي. وبدأ العمل في هذا المجال حينما وجد أطفالاً تموت أمام أعين ذويها ولا حول ولا قوة لهم لعدم مقدرتهم على توفير مبلغ يقارب 1200 جنيه مصري في اليوم الواحد للحضانات الخاصة.
وجاءت فكرته ومن خلال يد الخير الممتدة من المقتدرين في شعب عرف عنه الكرم ودماثة الأخلاق، فنجح أبو بكر ومن معه من المتطوعين في توفير حضانات وأجهزة لإنقاذ الأطفال، بتكلفة وصلت إلى مليون ونصف المليون جنيهاً، أنقذوا من خلالها 450 طفل في 9 أشهر.
اليوم باتت المبادرة تقوم بتوفير 30 حاضنة في طريقها نحو المئة، وبجهود أهل الخير وعطاء آلاف الناس الذين يحملون مشاعر إنسانية جياشة، ستنجح المبادرة بإنقاذ آلاف الأرواح من الأطفال في السنوات القليلة القادمة وأن تدعم الوافدين على هذه الدنيا الذين لم يعوا مشقة إبقائهم على قيد الحياة، ليكونوا عند الكبر ممتنين لأياد بيضاء أبقت عليهم وزرعت الأمل في نفوس أهاليهم، وأسهمت في بناء مجتمع متلاحم. فصناعة الأمل تبدأ بخطوة ولا تتوقف، فلا حدود للإنسانية، ولا حدود لصناعة الخير.