شكلت مبادرة صندوق الوطن التي حملت شعار «شعب عزيمته العطاء لوطن ينعم بالرخاء» نقلة نوعية في مفهوم التلاحم المجتمعي الراسخ في دولة الإمارات، فكانت رائدة على مستوى المنطقة وحمل لواءها مجموعة من رجال الأعمال الوطنيين وشركات عاملة في الدولة يبرهنون من خلالها عن وفائهم وانتمائهم الأصيل وتلاحمهم لرفعة وطنهم وأنه سيكون أكبر حاضن للموهوبين والمبتكرين من أبناء الدولة ورعايتهم منذ الصغر، بحيث يستهدف اكتشاف 5000 من الطلبة الموهوبين من المواطنين بحلول العام 2020، إلى جانب رعايته للمشاريع والأفكار التي تؤثر إيجابياً في المجتمع، حيث أكد القائمون عليه أنه يستهدف الوصول الى نصف مليار درهم في مرحلته الأولى.
هذه المبادرة الرائدة تركت أثرها الكبير في عموم مؤسسات الدولة، حيث أكدت وزارة التربية والتعليم أنها تتجه لدراسة إنشاء صندوق لدعم البحث العلمي بمشاركة المؤسسات وأفراد المجتمع، بينما قالت وزارة تنمية المجتمع إنها وفرت «صندوق المسؤولية المجتمعية» منذ فترة والذي يعنى بالتواصل مع الرعاة والداعمين بهدف توفير وتقديم مساعدات لكافة البرامج والمستهدفين من خدمات الوزارة، نافية الحاجة إلى وجود مظلة واحدة لجميع الصناديق الموجودة في أكثر من جهة بالدولة، ليتم الإشراف عليها من خلالها، وأنه من الأفضل أن تكون كل جهة لها صندوقها الخاص التي تشرف عليه بنفسها.
بدورها أكدت وزارة الموارد البشرية والتوطين أنها تعمل على بناء شراكات مع القطاع الخاص من أجل تأهيل وتدريب الخريجين تمهيداً لانضمامهم للعمل في القطاع الخاص.
تشجيع البحث العلمي
وقال معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي وزير دولة لشؤون التعليم العالي، إن الوزارة تعمل على قدم وساق لتعزيز البحث العلمي وتنفيذ مبادرات تشجع العمل عليه، تماشياً مع توجهات الدولة ودعوات القيادات الرشيدة في التحوّل من اقتصاد قائم على النفط بالدرجة الأولى إلى اقتصاد المعرفة، موضحاً أن الوزارة ستتجه لدراسة إنشاء صندوق لدعم البحث العلمي بمشاركة المؤسسات وأفراد المجتمع.
وأوضح أن الوزارة لن تدخر جهداً في مد جسور التعاون والتمكين بين القطاعين العام والخاص بما يحقّق التفعيل الشامل لهذا الصندوق والاستفادة القصوى من أهدافه، لتحقيق بلوغ أهداف الأجندة الوطنيّة، بما ينعكس على المؤشرات التنافسيّة لدولتنا، ويضمن المستقبل المستدام للوطن بجميع قطاعاته.
وأكد أهمية دور مؤسسات المجتمع لدعم ومساندة وزارة التربية والتعليم في تنفيذ مبادراتها ومساراتها نحو الارتقاء بالبحث العلمي والابتكار والإبداع، وإعداد أجيال متسلحة بالعلم والمعرفة، موضحاً أن أكبر تحديات وزارة التربية تتبلور في إعداد طالب يستطيع البحث، حيث يجب أن يكون لديه اتجاهات علمية سليمة تواكب المتغيرات العالمية في التعليم، لاسيما أنه من الضروري التكامل بين المدارس والجامعات، والاستفادة من الدعم المجتمعي في هذا الإطار.
وقال معاليه إن الشراكات لها دور كبير في دعم الابتكار، لذلك سيتم توسيع تلك الشراكات مع الجامعات والمعاهد والمؤسسات والمراكز، لنعزز البحث العلمي، لافتاً إلى أن الوزارة تعيش حالياً عصرها الذهبي من خلال مساهمة جميع القطاعات الحكومية والاتحادية والخاصة والجامعات في تطوير العملية التعليمية، وتسعى حالياً بالاهتمام بالتعليم الإبداعي والجودة والوقوف على تجارب عدد من الدول المتميزة، فضلاً عن الاهتمام بإنتاج المعرفة.
وأضاف معاليه: «نستطيع من خلال توسيع قاعدة البحث العلمي، وتشجيع طلبة التعليم العالي على دراسة تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM Education، أن نضمن تزويد خريجينا بالمهارات المطلوبة لاقتصاد الغد المتنوّع والمبني على المعرفة، وإيماناً منا بأن الإبداع يولّد الابتكار، يأتي التركيز على هذه التخصصات مقروناً بتشجيع ثقافة ريادة الأعمال بهدف أن يصبح خريجونا أصحاب وخالقي فرص العمل بدل أن يكونوا باحثين عنها بما يمكّنهم من أن يكونوا القوة المحرّكة والقائدة لتطوّر الاقتصاد الإماراتي.
وزاد معاليه انه على هذا النهج تأتي جهودنا في وزارة التربية والتعليم لتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص بما يدعم كفاءاتنا الإماراتيّة كتوقيع مذكرات تفاهم مع شركات محليّة وعالميّة رائدة في مجالاتها لتوفير فرص تدريبيّة لطلبتنا داخل وخارج الدولة والتي لاقينا منها تفاعلاً إيجابياً يدل على اهتمامها بالمشاركة في المسيرة التنمويّة المستدامة.
بدورها، أوضحت معالي نجلاء العور وزيرة تنمية المجتمع، أن مبادرة «صندوق الوطن» التي أطلقها رجال أعمال إماراتيون، تعتبر عملاً مجتمعياً يجسد تلاحم فئات المجتمع مع توجهات قيادة الدولة، ما يعمل على تحقيق التنمية المستدامة، وتوفير الحياة الكريمة للمستهدفين، والمستقبل المشرق لجميع أبناء الوطن، لافتة إلى أن الاستثمار في المواطن هو الأساس والركيزة لمجتمع مزدهر، والسبيل إلى تحقيق تطلعاته، وذلك من خلال التطوير المستمر لرأس المال البشري، وإطلاق الطاقات الوطنية الكامنة.
مسؤولية مجتمعية
وذكرت معاليها أنه انطلاقاً من أهمية وجود مثل هذه الصناديق، فقد وفرت الوزارة «صندوق المسؤولية المجتمعية» منذ فترة والذي يعنى بالتواصل مع الرعاة والداعمين بهدف توفير وتقديم مساعدات لكافة البرامج والمستهدفين من خدمات الوزارة، مشيرة إلى أن الصندوق هو تجسيد حقيقي لتفعيل المشاركة والمسؤولية المجتمعية في الدولة، حيث هناك العديد من المجالات التي تحتاج إسهامات كبيرة، بعيداً عن المسؤولية والدعم الحكومي، خاصة أن هذا التوجه هو عالمي، ويعكس مدى التلاحم المجتمعي في حل مشكلاته ومساعدة شرائحه نحو تمكين حقيقي لهم، وإدماجهم بشكل فاعل من خلال مساعدتهم لتلبية أي احتياجات لهم.
صناديق متخصصة
وقالت معاليها إنه ليس ضرورياً أن يكون هناك مظلة واحدة لجميع الصناديق الموجودة في أكثر من جهة بالدولة، ليتم الإشراف عليها من خلالها، وأنه من الأفضل أن تكون كل جهة لها صندوقها الخاص التي تشرف عليه بنفسها، خاصة أن الصناديق هذه تعتبر متخصصة في مجالات معينة، ضاربة أمثلة في هذا الشأن بالبرامج الموجهة للأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأسر المنتجة، التي تشرف عليهم وزارة تنمية المجتمع، وأن الوزارة أجدر من غيرها في إدارة هكذا صناديق، نظراً لاستيعابهم ومعرفتهم باحتياجات هذه الفئات الحقيقية وتوجيهها لخدمتهم بالشكل الأمثل.
الأول من نوعه
إلى ذلك، كشف معالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي رئيس مجلس إدارة صندوق الوطن أن صندوق الوطن يستهدف الوصول إلى نصف مليار درهم في مرحلته الأولى، وأن مبادرة «صندوق الوطن» الذي حمل شعار «شعب عزيمته العطاء لوطن ينعم بالرخاء» تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة بمبادرة وإسهامات رجال أعمال وطنيين وشركات عاملة في الدولة، وأكد معالي الفريق ضاحي خلفان تميم أن الصندوق سيقوم بدعم الأبحاث التطبيقية، وذلك وفق خطة مواءمة مع شركاء بالقطاع الخاص يتم بموجبها توفير 30 مليون درهم للأبحاث العلمية التطبيقية في المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية لدولة الإمارات، كما سيدعم صندوق الوطن رواد الأعمال ذوي الأفكار المبتكرة التي تحقق مردوداً إيجابياً على الاقتصاد الوطني والمجتمع، وكشف أن الصندوق يضم لجنة خاصة بالشباب، والتي ستركز على احتياجات الشباب لدعمهم ومساعدتهم في بناء مشاريع هامة مثل الطاقة والبيئة واستشراف المستقبل، كذلك تبني الشركات البسيطة والمتوسطة ودعمها.
وأفاد معالي الفريق تميم ان جمعية الإمارات لرعاية الموهوبين على سبيل المثال كشفت عن 17 موهوباً العام الماضي من بين 180 طالباً تقدموا للاختبارات، وأن الموهبة والعبقرية درجات متنوعة وفقا للاختبارات الأميركية والبريطانية المعتمدة عالميا في اكتشاف الموهوبين والعباقرة.، وأن الخطوة الأولى للصندوق ستكون بالاجتماع مع وزارة التربية والتعليم والهيئات المسؤولة عن التعليم الخاص في الدولة وجمعيات رعاية الموهوبين، لوضع برنامج لاكتشاف المواهب وفقاً لأحدث المعايير الدولية، مشيراً إلى أن نسبة 2% على الأقل من أبناء الإمارات لديهم مواهب ولبنة أساسية للابتكار،
وقال معاليه إن عدد الشركات والمؤسسات التي ساهمت حتى الآن في الصندوق بلغت 17 شركة، فيما أبدت 6 شركات تقديم خدمات مجانية للصندوق، وبلغ عدد المتبرعين من رجال الأعمال 14 شخصاً متوقعاً أن يتضاعف العدد خلال المرحلة المقبلة، داعياً كل الشركات الوطنية إلى الإسهام بشكل أكبر في دعم توجهات الصندوق وأهدافه وتوجهاته، الرامية إلى إيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة.
برنامج وطني
وأفاد معالي الفريق ضاحي خلفان أن الصندوق سيقوم بإطلاق برنامج وطني لاكتشاف المواهب من خلال عملية فرز وتدقيق مقننة لبناء قاعدة بيانات خاصة بالمواهب الوطنية، حيث يستهدف الصندوق اكتشاف 5000 من الطلبة الموهوبين من المواطنين بحلول العام 2020، كما سيعمل على إطلاق برامج لإثراء الموهوبين يشتمل على برامج صيفية للموهوبين بهدف إلحاقهم في دورات دراسية متطورة، كما تشتمل مشاريع الصندوق على إطلاق منصة إلكترونية تقدم الإرشاد المهني لطلبة المدارس والجامعات، وتوفر لهم فرص التدريب والتعرف على الوظائف والمسارات المهنية والتخصصات الدراسية، ومن المتوقع أن يصل عدد المستفيدين من خدمات المنصة 27 ألف طالب وطالبة بحلول 2020..ويتضمن البرنامج إدراج الطلبة الإماراتيين في برامج التدريب المهني والإرشاد ضمن القطاع الخاص.
خطط تطويرية
من ناحيتها أبانت سناء سهيل وكيل وزارة تنمية المجتمع، أن صندوق المسؤولية المجتمعية التابع للوزارة، توجد له خطط تطويرية تستهدف تفعيل دوره وبرامجه خلال الفترة المقبلة، لإفادة أكبر عدد من مختلف الشرائح المجتمعية التي تتوجه إليهم الوزارة بخدماتها، موضحة أن مفهوم التنمية يتطلب تفعيل هكذا أفكار من شأنها إيجاد حلول جديدة بعيدة عن الدور الحكومي، وتكريس التعاون بين أفراد المجتمع ومؤسساته الخاصة ورجال أعماله، للاستفادة من إسهاماتهم بالشكل الأمثل.
تمكين الشباب
وقال الدكتور عمر النعيمي وكيل وزارة الموارد البشرية والتوطين المساعد للاتصال والعلاقات الدولية إن مبادرة «صندوق الوطن» تأتي انسجاماً مع رؤية وتوجيهات القيادة الحكيمة بضرورة ترسيخ وتعزيز مفهوم المسؤولية المجتمعية بالشكل الذي يسهم في الجهود المبذولة لتحقيق المزيد من التنمية على مختلف الصعد.
واعتبر أن هذه المبادرة تؤكد على اضطلاع مطلقيها من رجال الأعمال في الدولة بمسؤولياتهم المجتمعية والوطنية وتتيح المجال أمام أصحاب العمل في مختلف القطاعات للمساهمة في تحقيق الأهداف السامية للصندوق وبالتالي المشاركة الفاعلة في السعي نحو صناعة المستقبل الواعد للوطن وأبنائه.
براءة اختراع لواحد من كل 3 موهوبين
من المتوقع أن تؤدي مبادرات صندوق الوطن إلى تحقيق أثر إيجابي كبير على المجتمع في دولة الإمارات، كما ستسهم في تعزيز قدرة الأفراد على الابتكار، حيث سيقوم واحد من كل ثلاثة موهوبين بتسجيل براءة اختراع، كما ستؤدي المبادرات المبتكرة لصندوق الوطن إلى زيادة نسبة رضا الخريجين الجدد عن وظائفهم بنسبة 200 في المائة، كما أنها ستسهم بزيادة نسبة الخريجين المواطنين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة بنسبة 10 في المائة، وستؤدي مبادرات الصندوق إلى تحقيق 50 في المائة من المشاريع عائدات مالية واجتماعية بين عامين من إجمالي المشاريع التي يدعمها الصندوق، كما ستساهم في زيادة عدد براءات الاختراع المقدمة سنوياً.
شراكات
تعمل وزارة الموارد البشرية والتوطين على بناء شراكات مع القطاع الخاص، من أجل تأهيل وتدريب الخريجين، تمهيداً لانضمامهم للعمل في القطاع الخاص، والاستفادة من كفاءاتهم والخبرات العلمية التي يمتلكونها في مختلف التخصصات التي باتت تشكل ركيزة أساسية في نمو وتطور الدولة في مختلف المجالات، منها القطاع المصرفي والمالي وقطاع السياحة الذي يعد أحد القطاعات الواحدة، ويعول عليها في توفير أعداد كبيرة من الوظائف في المستقبل القريب إضافة إلى التجارة.
وأكد الدكتور عمر النعيمي، وكيل الوزارة، ثقته بمساهمة صندوق الوطن في برامج تمكين الشباب المواطن، من خلال تدريبهم وتأهيلهم للالتحاق بالوظائف المتوافرة في القطاع الخاص، وهو الأمر الذي يتكامل مع الجهود التي تبذلها وزارة الموارد البشرية والتوطين لدعم ملف التوطين في هذا القطاع.
50
أشار معالي الفريق ضاحي خلفان تميم إلى أن استراتيجية الصندوق تتماشى مع رؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، للاستعداد إلى مرحلة ما بعد النفط، التي أشار فيها إلى أنه (إذا كان استثمارنا اليوم صحيحاً، فإننا سنحتفل عند تصدير آخر برميل نفط بعد 50 سنة)، وانطلاقاً من هذه الرؤية يسعى «صندوق الوطن» إلى الإسهام مع بقية القطاعات في إقامة اقتصاد مستدام يقوم على الاستثمار في الكفاءات الوطنية وأفراد المجتمع.
قدرات
لفت رئيس مجلس إدارة صندوق الوطن إلى أن الصندوق سيعمل على تحقيق الاستفادة المثلى من قدرات الشباب، وإطلاق طاقاتهم الكامنة، لتفعيل دورهم في مسيرة التنمية المستدامة، حيث تتضمن توفير بيئة مثالية لأصحاب المواهب وروّاد الأعمال الشباب، للمشاركة بفاعلية في تحقيق مزيد من النمو والازدهار والرخاء للمجتمع الإماراتي، من خلال توفير أوجه الدعم اللازم التي تتيح للمبتكرين الشباب من أبناء الوطن تحقيق آمالهم وطموحاتهم، وتحويل ابتكاراتهم إلى مشروعات قائمة تكون ركناً أساسياً في صناعة مستقبل أفضل لأجيالنا الحالية والمقبلة، وأنه يمكن للمواطنين والشركات المحلية الراغبة في الإسهام التبرع والتطوع، لإنجاز أعمال وبرامج ومبادرات الصندوق المختلفة.
7
أشار معالي الفريق ضاحي خلفان تميم إلى أن أجندة صندوق الوطن تشتمل على العديد من المبادرات المبتكرة، التي تتماشى مع تهيئة البيئة المناسبة، وتتيح للمواهب والمبتكرين من الأطفال والشباب وكل الأعمار، اعتباراً من 7 سنوات، تحقيق طموحاتهم والمشاركة في مسيرة التنمية، مشيراً إلى أن رؤية الصندوق تتماشى مع رؤية القيادة الرشيدة للاستعداد إلى مرحلة ما بعد النفط، وبناء اقتصاد معرفي مستدام، وترسيخ مكانة الدولة ضمن أكثر 20 دولة ابتكاراً على مستوى العالم.