أحدثت قصة في إحدى المجالس النسائية الذي نظمته الشرطة المجتمعية بإمارة رأس الخيمة تحت عنوان «التسامح الأسري» فرقاً في حياة الكثير من الأمهات والفتيات الحاضرات عندما تحدثت إحدى الجدات عن خلافات زوجية دبت بين ابنتها وزوجها، مما أثر على صفو حياتهما وأبنائهما، وكان له الأثر السلبي عليها كذلك كونها لم تستطع أن تعالج هذه المسألة رغم محاولاتها العديدة في تلطيف الأجواء بينهما.

وأكدت أنها استطاعت بفضل من الله تصميم ألبوم يضم جميع الأشياء التي تخص مولودهما الأول الذي يبلغ الـ 17 من عمره الآن، وكذلك جميع الألعاب والألبسة التي تم شرائها له منذ أول يوم بعدما احتفظت بها كذكرى، وأخذت على عاتقها بأن صنعت منها هدية خاصة لابنتها وزوجها وقدمتها لهما في يوم ميلاد ابنهما البكر، فأخذ الاثنان يذرفان الدموع وحل التسامح في نفسيهما، وبدآ في الاستسلام والسماح فيما بينهما عندما وجدا أنهما أخطآ في حق أطفالهما.

وأكدت الجدة أن من أصعب ما يواجهه الأطفال في حياتهم، هو مشاهدتهم لخلاف يحدث بين والدهم ووالدتهم، حينها يشاهدون احتباس الدموع في عيني والدتهم، وغضب والدهم الذي قد يخرج فورا من المنزل، ليقبل الأطفال دون وعي في تلطيف الأجواء لتهدئة والديهم ومنعهم من الانفصال أو الخصام.

عبارات جميلة

وتطرقت إحدى الحاضرات في المجلس إلى قصة لها عندما تشاجرت مع زوجها بشكل مفاجئ حينها قام أبناؤها بوضع عبارات جميلة ورومانسية على خلفية هاتفها دون علم منها، ما ساعد هذا الأسلوب اللطيف من قبلهم في تهدئة الأب الغاضب الذي سعد بهذه اللفتة الجميلة من زوجته دون أن يدرك أنها كانت من تصميم أبنائه، فعادت الضحكات إلى البيت، بعدها قررنا أن نخفف من قصة الخلافات، حتى لا يحزن أبناؤنا، مشيرة إلى أن هذه الحركات البريئة تدخل الأطفال إلى قلوب الكبار، ليفتحوا جميع النوافذ الموصدة، فيحل التسامح في نفوس الزوجين.

العتب من المحبة

وتسرد «س، ع، الشحي» ضاحكة قصة طفليها عندما تسللا إلى والدهما في غرفة المعيشة، وأسهما في الصلح للحظة خلاف بينها وبين زوجها، وذلك بعدما غضب منها أثناء مناقشة أحد المواضيع الأسرية، حينما ارتفعت أصواتهما، ودب الصمت فجأة لتذهب هي كذلك وتنعزل في غرفة النوم. حيث ذهبا إلى والدهما كرجلين كبيرين وقبلاه على رأسه ويديه، وطلبا منه مسامحة والدتهما، وقالا له بصورة طريفة «العتب من المحبة» ووالدتنا تعاتبك لأنها تحبك فسامحها ولن تعيدها مرة ثانية، وقالا ذلك رغم أن عمرهما في الثامنة والتاسعة، حتى ابتسم الأب واحتضنها، وعادت الأمور إلى وضعها الطبيعي في المنزل، بعدها وعد أن يخفف من حدة غضبه حتى لا يشعر الأطفال بالخوف والهلع.

الحلقة الأضعف

وفي ضوء ذلك، ترى الملازم أول موزة الخابوري رئيس فرع البرامج المجتمعية بإدارة الشرطة المجتمعية برأس الخيمة أهمية أن يتحمل الآباء الكثير من المسؤولية في تجنيب الأطفال قصص خلافاتهم الدائمة، لأن الأطفال هم الحلقة الأضعف حتى وإن كانت الخلافات الزوجية جزءاً من الحياة الأسرية الطبيعية، مشيرة إلى أن وجود الأطفال وحتى ذوي الأزواج كحمام سلام لحل الخلافات الزوجية لا تعني بالضرورة أن تكون مجدية بصورة كبيرة، وإن كانت تساهم في تلطيف الأجواء وفض النزاع بين الوالدين بطريقة مباشرة لإعادة المياه إلى مجاريها تعبيرا عن رفضهم للخلاف أو الاستياء منه.

وأكدت أن هذه الطريقة قد تكون سلاحا ذا حدين في شخصية الطفل الذي قد يتفهم طبيعة الحياة الأسرية ومشكلاتها ويحاول قدر الإمكان أن يحدث فرقا في حياة والديه، أو قد يكبر سريعا ويدخل إلى عالم الكبار، ما يؤثر على سلوكه خارج المنزل فينشغل بالخلافات بدلا من اللهو والبهجة إذا ما قورن بعمره، أو يخلق التعاطف مع أحد الأطراف ما يساهم في خلق شخصية عدائية ولا تثق بالآخرين.

الخابوري ومن هذا المنطلق توضح أنه تم إيجاد هذه المجالس النسائية من قبل الشرطة المجتمعية بالإمارة لتسليط الضوء على العديد من الأفكار والحلول التي قد تساهم في استكمال الجزء المتبقي من مشروع الترابط المجتمعي، بحيث تكون هذه المجالس قوى فاعلة هامة بالمجتمع تؤثر على حركة الشارع العام وتساهم في تثقيف أفراده وإكسابه فنون الحوار، وخلفية هائلة عن أهم الموضوعات الاجتماعية والأسرية والوطنية، مشددة على الاستمرار في تنظيم مثل هذه المجالس النسائية، ودعمها بمجالس مختلطة أي يستضاف فيها عدد من الشخصيات الرجالية البارزة والمثقفة التي بلا شك تساهم في إثراء الحديث وزيادة جرعة الثقافة والمعرفة، بدلاً من أن تأخذ هذه المجالس صبغة واحدة.

تفاصيل

تناولت الجلسة العديد من القصص المشابهة والتي أوضحت بأن الخلافات الزوجية اليومية في تفاصيل الحياة تحدث لكنها سرعان ما تزول، حينما يكون هناك أطفال في البيت يملأون الحياة بهجة وسرورا وسعادة، فالطفل يكره أن يشاهد قصة خلاف أبويه، لكنه حتماً يحب أن يقوم بدور أفضل، وهو محاولة الصلح وتلطيف الأجواء بينهم، دون تخطيط منه أو وعي، لكنه يتصرف من منطلق فطرته.