قالت الدكتورة أسمهان الوافي مدير المركز الدولي للزراعة الملحية «إكبا» إن 70% من الطرق الزراعية الحديثة التي يستخدمها المزارعون في الدولة مهدرة للمياه وتساهم بصورة مباشرة في رفع نسبة ملوحتها، حيث تتعارض أنظمة عملها المستوردة مع طبيعة المناخ في الدولة، مؤكدة في الوقت نفسه أن القطاع الزراعي في الدولة أمامه فرص واعدة ويمكن أن يحقق نسبة مساهمة أكبر في المنتج المحلي أمام المستورد بأقل كميات من المياه والطاقة إذا لجأ المزارعون إلى الطرق التي أثبتت نجاحها وكفاءتها.

نظام مستورد

وأشارت الوافي في حديثها لـ«البيان» إلى أن من أساليب هدر المياه استخدام البيوت المحمية ذات النظام التشغيلي المستورد من أوروبا والمناطق الباردة والتي تقوم فكرة عملها على حبس الحرارة في البيت المحمي وهو بالنسبة لهم أمر طبيعي لأن درجات الحرارة تكون منخفضة جداً والنباتات بحاجة لدرجات حرارة مرتفعة معينة لنموها وأداء وظائفها، ولكن نجاحها في مناخ بارد لا يعني تطبيقه في مزارع الدولة بنفس النظام، لأن طريقة عمل البيوت المحمية يجب أن يقوم على نظام تشغيلي يعتمد على التبريد وتوفير درجات حرارة مخفضة تقلل من الحاجة للمياه.

وأوضحت أن الزراعة تستنزف 80% من المياه الجوفية، وفي ظل شح الأمطار والاستهلاك المتنامي فإن نسبة الملوحة في تصاعد وهناك العديد من المزارعين هجروا مهنتهم بسبب ارتفاع نسبة الملوحة إلى مستويات عجزت النباتات عن التأقلم معها، لافتة إلى أن السبيل لمواجهة هذه التحديات تغير الأنماط والطرق الزراعية والاعتماد على البدائل في النباتات وخصوصاً الأعلاف الحيوانية مثل البرسيم والرودس اللذين يستنزفان المياه بمستويات عالية جداً.

أنجح الأساليب

وأكدت الوافي أن الزراعة المائية من أنجح أساليب الزراعة التي يمكن استخدامها في الدولة، فهي تقلل استخدام المياه بنسبة تصل إلى 75%، كما تقلل الاعتماد على الطاقة بنسبة 97%، وفي حال تعميمها واستخدامها من قبل المزارعين فإن استهلاك المياه سوف ينخفض لمستويات قياسية وبالتالي سوف تكون الملوحة عند أدنى مستوياتها، كما يمكن عبر هذا الأسلوب الزراعي استصلاح أراضي زراعية جديدة وتحويلها إلى واحات خضراء.

وأشارت إلى أنه بجانب الزراعة المائية في الحفاظ على الثروة المائية تأتي الزراعة الملحية التي حققت قفزات متتالية على مستوى الزراعة في الدولة، حيث أعاد هذا الأسلوب الزراعي البساط الأخضر إلى مساحات زراعية تركها أصحابها بعد أن ارتفعت نسبة الملوحة فيها بعد اكتشاف نباتات يمكن زراعتها في الأراضي التي تصل فيها نسبة الملوحة إلى 60% من مستوى البحر، ويمكن اعتبارها بدائل للبرسيم والرودس، لافتة إلى أن تم اختبار الفائدة الغذائية للنباتات المزروعة وتأثيرها على إنتاج اللحم في المواشي وجاءت النتيجة مشابهة للفائدة الغذائية للرودس والبرسيم وهما أكثر الأعلاف طلباً من قبل أصحاب المواشي في الدولة.

كميات تجارية

وأوضحت أن التجربة أجريت على أربع مزارع في مدينة أبوظبي هجرها أصحابها نتيجة ارتفاع نسبة الملوحة فيها، ولكن بعد نمو النباتات وتكاثرها بصورة طبيعية عاد ملاك المزارع لغرس الأعلاف الجديدة بكميات تجارية. وذكرت أنه بجانب الأعلاف التي زرعت في مياه تصل ملوحتها إلى 60% من مياه البحر وجد بالإمكان زارعة حبوب «الكينوا» في الأراضي التي تصل فيها نسبة الملوحة إلى 30%، وهو ما سيشجع على زراعة هذا المحصول الغذائي في الدولة الذي يتنامى الطلب عليه يوماً بعد آخر، نظراً لقيمته الغذائية وجدواه الاقتصادية كونه بديلاً للقمح والأرز.

مشاريع حديثة

وأشارت الدكتورة أسمهان الوافي إلى أن المركز الدولي للزراعة الملحية يعمل بالتعاون بالشراكة مع وزارة التغير المناخي والبيئة ومؤسسات محلية ودولية لتحقيق قفزات تسهم بنمو القطاع الزراعي بأقل كميات من المياه والطاقة، حيث يعمل المركز في الوقت الحالي على عدد من المشاريع منها مشروع لتوفير المياه من الهواء واستخدامه فالبيوت المحمية، ومشروع تبريد البيوت المحمية عن طريق الصخور الطبيعة وبالتالي الاستغناء عن الطاقة الصناعية، إضافة إلى ذلك يقوم المركز بإعداد دراسة علمية بالتعاون مع هيئة البيئة في أبوظبي لتحديد كميات المياه التي تحتاج إليها النباتات، حيث استهل المشروع بدراسة الكميات التي تحتاج إليها أشجار النخيل وذلك عن طريق تحديد الكميات التي تمتصها النخلة فعلياً استناداً إلى عمرها ونوعها لتنشر هذه الدراسة على المزارعين للاستفادة منه في ري النخيل التي يشكل الهدر فيها 35%.