تشهد مهنة المحاسبة تغيرات تفرضها التطورات التكنولوجية بحيث أصبحت مهمة المحاسب تركز على التخطيط، واتخاذ القرارات، والرقابة الداخلية والضوابط، حسبما ذكرت هديل نصار رئيس مؤتمر معهد المحاسبين الإداريين لعام 2015، الذي أقيم تحت شعار «الجيل القادم لروّاد الإدارة المالية»، وسلط الضوء على رؤية جديدة للدور المستقبلي للعاملين في قطاع الإدارة المالية والمحاسبة، بدءاً من المديرين الماليين وانتهاءً بالمحاسبين، وهو تصوّر يمثل نواة لعملية التطوير الحالي للمهنة.

وتطرق المؤتمر إلى تغلغل التقنيات الجديدة بمهنة المحاسبة، وتزايد الحاجة إلى توافر بيانات آنية قائمة على رؤية متبصّرة، واتساع نطاق المسؤوليات الواقعة على عاتق الجيل القادم من روّاد الإدارة المالية والمشهد المتغير لعالم المحاسبة المالية.

وجهات نظر

ويحتل المؤتمر في عامه الثالث مكانة خاصة بوصفه الملتقى الأول لقطاع الإدارة المالية والمحاسبة، إذ يحمل معه برنامجاً تفاعلياً، وفق جدول أعمال يتطلع إلى المستقبل. وقد تحدث العديد من رواد عالم المال العالميين، خلال الحدث الذي أقيم في 14-15 مايو الجاري، عن وجهات نظرهم حول مستقبل الإدارة المالية للشركات، وتناولوا تحديات التحوّل وفرصه التي تلوح في الأفق. وقالت هنادي خليفة، مديرة إدارة العمليات لدى معهد المحاسبين الإداريين، الشرق الأوسط وإفريقيا: «هدفنا في المعهد هو التعامل مع جموع العاملين في مجال الإدارة المالية بطرائق مثمرة، ويعد مؤتمرنا الإقليمي مثالاً حياً يوضح كيف يمكن للتواصل الشبكي والنقاش رسم مسار للنمو المستقبلي. وهذا العام، عملنا على إعطاء الكلمة لمجموعة متميزة من المتحدثين، وعلى وضع أجندة تعتمد على رؤية ثاقبة لطرح مناقشات مهمة داخل مجتمع المال والأعمال».

تفاعل

وطرح الدكتور فادي أحمد العلول أستاذ علوم وهندسة الكمبيوتر في الجامعة الأميركية بالشارقة مجموعة أسئلة في ورقة عمل بعنوان «الأمن السيبراني البشري، التحديات والحلول»، محاولا من خلال تلك الأسئلة خلق تفاعل مع الحضور، وإحدى النقاط المطروحة هي لماذا قد يشكل المستخدمون في مؤسستك هدفا للمجرمين السيبرانيين؟ وما الذي يجب علينا فعله لزيادة فاعلية الأمان في الشركة أو المؤسسة، وتطرق لأحدث التهديدات التي تواجهنا، وإلى كيفية تقييم مستوى الوعي الأمني في المؤسسة.

تحديات

وقال الدكتور فهد بن محمد التركي كبير الاقتصاديين ورئيس دائرة الأبحاث في جدوى للاستثمار إن الاقتصاد الخليجي يواجه تحديات طويلة الأمد رغم صلابة أسسه الاقتصادية، وتوقع أن تخفف الفوائض المالية المتراكمة من أثر تراجع سعر النفط على الدول الخليجية، واعتبر أن الإنفاق المرتفع للحكومات الخليجية سيشكل دعما للقطاعات غير النفطية، حيث تزايد الإنفاق الحكومي 9.8 % خلال السنوات 2010-2014 لدعم نمو القطاعات غير النفطية.

ورأى أن ما يحدث سيترك آثارا بعيدة المدى على مقاربة السياسات الاقتصادية ومنظور النمو الذي من المتوقع أن يرتفع مدعوما بتعافي منطقة اليورو، وتحسن الثقة الداخلية، والسياسات المالية والنقدية. وتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي بمعدل 3 % سنويا خلال السنوات الخمس المقبلة، وبقاء الإنفاق الحكومي المحرك الرئيسي لنمو القطاعات غير النفطية إضافة إلى تأثير الاستهلاك المحلي والقطاع الخاص.

وتطرق إلى الصخب الذي دار حول دور السعودية ودول الخليج في خفض سعر النفط للتأثير على روسيا التي رفعت إنتاجها لأكثر مستوى خلال 30 عاما، كما رفعت حجم صادراتها، أما السعودية فقد جاءت معظم زيادة الإنتاج فيها لتلبية زيادة الاستهلاك المحلي. وأضاف أن ميزانيات الدول الخليجية ستتأثر بأسعار النفط التي ستراوح حول 61 دولارا في 2015، و 68 دولارا في 2016، وسينعكس ذلك على شكل تخفيضات بالنفقات الحكومية. وتوقع تعافي اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تدريجياً رغم أسعار النفط المنخفضة وعدم الاستقرار بالمنطقة.

مشاركون

تنوعت مواضيع أوراق العمل في المؤتمر، حيث تطرق جو فنسنت، رئيس المجلس العالمي للإدارة، معهد المحاسبين الإداريين (IMA) إلى »الداروينية الرقمية – تغير مشهد الأعمال «، وناقشت نور سويد المستثمرة وعضو مجلس إدارة »إنديفور»أثر الإدارة الاستراتيجية على النمو«، وتحدث الدكتور فهد التركي، كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث في شركة جدوى للاستثمار، عن »التوقعات الاقتصادية في منطقة مينا«، وناقش مارك باتي، من كلية مانشستر للأعمال القيادية الإبداعية بورقة عمل حملت عنوان »5 مفاهيم أساسية للجيل القادم من القادة الماليين«.

كما أقيمت حلقة نقاش حول »دور المدراء الماليين في الشركات العائلية«، شارك فيها فادي عطا الله، رئيس الشؤون المالية والاستثمار، بمجموعة الغرير؛ وطارق عامر، من »اينرجي كير هولدينغ«، وحسن شرف الدين، الرئيس التنفيذي، في دانواي.