قال معالي سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد، في حوار خاص مع «البيان الاقتصادي» إن معدل النمو المتوقع للناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات 3.5 % خلال العام الجاري ليقترب من حاجز 1.6 تريليون درهم مقارنة مع 1.54 تريليون حققها اقتصاد الدولة العام الماضي، مشيراً إلى أن معدل النمو السنوي المتوقع للناتج المحلي بين 2016 إلى 2021 يبلغ 4 %. وأشار إلى أن حكومة الإمارات وضعت رؤية واضحة للخارطة الاقتصادية المستقبلية تستهدف هذه الرؤية تحقيق معدل نمو حقيقي للقطاعات غير النفطية بنحو 5% سنوياً.

وأضاف المنصوري بأن تخفيض توقعات النمو بالنسبة لاقتصاد الإمارات كان بسبب الانخفاض الكبير في أسعار النفط في الفترة الماضية، لكنه توقع عودة الأسعار إلى ما بين 80 إلى 85 دولاراً للبرميل قبل نهاية العام الجاري أو خلال الربع الأول من العام المقبل، كما توقع أن تستقر عند هذه المستويات التي تعتبر «منطقية» لمدة طويلة.

وأكد وزير الاقتصاد أن دولة الإمارات ماضية في خططها الرامية إلى تنويع مصادر الدخل، وذلك عن طريق تعزيز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية كالصناعة والتجارة والنقل والخدمات، موضحاً أن حجم الاقتصاد غير النفطي في دولة الإمارات يبلغ حالياً ما يقارب 1.08 تريليون درهم أو ما يعادل 70 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للدولة، مشيراً إلى أن الإمارات تفوقت إقليمياً وعالمياً في مجال تنويع مصادر الدخل. وهذا نص الحوار:

نمو متواصل

كيف ترون أداء اقتصاد الدولة خلال العام الحالي مقارنة مع أداء 2014 وما هي توقعاتكم للسنوات المقبلة ؟

نتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات خلال العام الجاري بمعدل 3.5 % إلى ما يقارب 1.6 تريليون درهم، مقارنة بـ1.54 تريليون درهم تحققت العام الماضي، وهو ما يعتبر خطوة جيدة في سبيل تحقيق «رؤية 2021».. هذا المعدل يعتبر أقل من التوقعات التي أصدرناها من قبل. وذلك لعدو عوامل أهمها الهبوط الكبير في أسعار النفط وتباطؤ النمو الاقتصادي في عدد من مراكز القوة الاقتصادية عالمياً.. لكن هذا المعدل في نفس الوقت يعتبر نمواً ملحوظاً، كما نتوقع أن يتواصل معدل النمو السنوي للناتج المحلي بين 2016 إلى 2021 بنسبة 4 %، حيث وضعنا رؤية واضحة للخارطة الاقتصادية المستقبلية تستهدف هذه الرؤية تحقيق معدل نمو حقيقي للقطاعات غير النفطية بنحو 5% سنوياً.

أسعار النفط

كيف كان تأثير انخفاض أسعار النفط على اقتصاد الإمارات، وهل تتوقعون ارتداد الأسعار إلى المستويات السابقة فوق 100 دولار ؟

لم تكن الإمارات الدولة الوحيدة التي تأثرت بتراجع أسعار النفط في العام الجاري فنحن جزء من الاقتصاد العالمي ونتأثر بما يتأثر به، خصوصاً في ظل سياسة الاقتصاد المفتوح التي تنتهجها الدولة، حيث انعكس انخفاض النفط من معدلات فوق 100 دولار إلى ما يقارب 40 دولاراً في فترة قصيرة على الفائض النقدي، لكنه بالتأكيد لم ولن يؤثر على الخطط الاستثمارية للدولة.

من جانب آخر، ولتسليط الضوء على النواحي الإيجابية لهذا الانخفاض علينا الأخذ بعين الاعتبار أنه له انعكاسات إيجابية على العديد من الاقتصادات العالمية المستوردة للنفط، والتي كانت متضررة عندما كان سعر البرميل يشير إلى 110 و115 دولاراً، وهو الأمر الذي سيساهم لا محالة في نمو اقتصادات هذه الدول وما سيترتب عنه من نمو للاقتصاد العالمي، وكنتيجة لكل ذلك سيستفيد اقتصاد الإمارات بشكل أو بآخر بصفته اقتصادا مرتبطا مع كل هذه الاقتصادات.

شخصياً أعتقد أن مستويات أسعار النفط قريبة من 40 دولاراً غير منطقية ولذلك رأينا أن الأسعار ارتدت بشكل سريع نحو مستوى 60 و65 دولاراً ولا نتوقع أن تعود إلى ما فوق 100 دولار، حيث تشير توقعاتنا إلى أن الأسعار ستصل إلى مستوى 80 إلى 85 دولاراً للبرميل قبل نهاية العام الجاري أو خلال الربع الأول من العام المقبل، كما نتوقع أن تستقر عند هذه المستويات التي تعتبر «منطقية» بالنسبة لنا لمدة طويلة.

تنويع مصادر الدخل

إذا افترضنا استمرار أسعار النفط عند مستوياتها الحالية، ما هي الاستراتيجية التي تعتزمون اتباعها لمواجهة هذا الظرف؟

دولة الإمارات قبل عقود من الزمن عقدت العزم على تخفيض الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، ورؤية 2021 التي تتضمن خفض مساهمة الصادرات النفطية في الناتج المحلي للدولة تسير في الطريق الصحيح بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

وأستطيع القول إننا نجحنا في تحقيق هذا الهدف بجدارة وامتياز، واليوم 30 % فقط من ناتجنا المحلي الإجمالي يأتي من تصدير البترول بينما تتوزع الـ70 % الباقية على عدة قطاعات منها الصناعة والتجارة والنقل والخدمات والبنية اللوجستية بالإضافة إلى السياحة والخدمات والقطاعات المالية. كنتيجة، نستطيع القول ان دولة الإمارات تفوقت في استراتيجيتها لتنويع مصادر الدخل على كافة دول مجلس التعاون الخليجي والعديد من الدول العالمية، وأصبح اقتصادنا مستقلا ومتنوعا.. لن تكتفي بهذا المستوى من الإنجاز وسنستمر في العمل المتواصل على تنويع اقتصادنا.

لقد تعلمنا بعد الأحداث الاقتصادية التي شهدتها فترة 2008/2009 أن الاعتماد بشكل رئيسي على مصدر واحد للدخل يعتبر خياراً خاطئاً وعليه تركزت مجهوداتنا على تعزيز قدرات الدولة في عدة مجالات، حيث قمنا بتدعيم استثماراتنا سواءً داخلياً أو خارج الدولة في قطاعات مثل التصنيع والنقل والخدمات والطاقة المتجددة بالإضافة إلى استمرار الاستثمار في القطاعات الحيوية مثل التجارة والعقار والخدمات المالية.

اقتصاد المعرفة

أعلنت حكومة الإمارات 2015 عام الابتكار.. فهل تعتقدون أن لهذا القطاع دوراً في الخارطة الاقتصادية للدولة مستقبلاً؟

طبعاً وبكل تأكيد، دولتنا حققت كل الأهداف الاقتصادية في الماضي، لكن اليوم نحن نفكر في العقود المقبلة، نفكر في المستقبل، والابتكار هو المستقبل.

اليوم تعتبر دولة الإمارات من الدول المهتمة بشكل كبير بتطوير قطاع الابتكار ليس فقط على المستوى المحلي أو الإقليمي بل عالمياً أيضاً، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أعلن 2015 عام الابتكار، ووضع بصفته رئيسا للوزراء استراتيجية واضحة لا تقتصر فقط على تحقيق مساهمة الابتكار والمعرفة في اقتصاد الدولة بل تتعداها لتحقيق استدامة تفوق الإمارات في هذا المجال، تتضمن استراتيجيتنا المستقبلية والتي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، تعزيز اقتصاد المعرفة لتصل مساهمته في الناتج المحلي إلى 5 % بحلول 2021، و 7 % بحلول 2030.

بالإضافة إلى مضاعفة مساهمته في خلق فرص عمل سواءً للمواطنين أو المقيمين على أرض الدولة، أود أن أؤكد أن الإمارات تركز على الابتكار واعتبرته الحكومة محركاً رئيساً للاقتصاد في المستقبل، حيث ننظر إلى تطبيق الابتكار كتحد مهم للتنويع الاقتصادي في الإمارات.

الأمر لا يقتصر فقط على خلق شركات متخصصة في الابتكار والمعرفة، بل يتعدى ذلك إلى تشجيع الاستثمار في البحوث والدراسات خصوصاً من طرف القطاع الخاص، الذي يعد لاعباً محورياً في تنمية قطاع المعرفة والابتكار، أما من جانب الحكومة الاتحادية أو الحكومات المحلية في كل إمارة، علينا أن نعمل على خلق بيئة عمل مناسبة وتشريعات مرنة تسهل الأعمال على المستثمرين الراغبين في العمل ضمن هذا القطاع.

اقتصاد مفتوح

ما هي المناطق التي تركز دولة الإمارات على توسيع أعمالها واستثماراتها بها حالياً في ظل التقلبات التي تشهدها الاقتصادات العالمية الكبرى؟

يعتبر اقتصاد دولة الإمارات اقتصاداً مفتوحاً وهو ما يعتبر نقطة قوة، حيث ان الدولة تملك علاقات تجارية مع أكثر من 150 دولة من قارات العالم الست، وهو الأمر الذي جنب الدولة انعكاسات بعض الأزمات التي عانت منها بعض الاقتصادات العالمية مثل الولايات المتحدة وأوروبا والصين واليابان.

واليوم تقوم وزارة الاقتصاد بالتعاون مع جميع الهيئات والمؤسسات الحكومية المعنية بالاقتصاد بتقييم فرص النمو في جميع المناطق، وبحث فرص التعاون مع هذه المناطق بما يعود بالنفع على دولة الإمارات وهذه المناطق.

ولنعطي بعض الأمثلة، فمؤخراً قامت الوزارة بعقد اتفاقيات جديدة مع دول مثل جمهورية التشيك وسلوفاكيا كما تعتزم القيام بنفس الخطوات في دول أخرى في وسط وشرق أوروبا، حيث نرى أن معدلات النمو التي تمتلكها هذه الدول مناسبة للاستثمار وتعزيز التجارة.

نفس الأمر ينطبق على عدة دول في وسط آسيا، وجنوب أميركا وافريقيا التي ينمو اقتصاد بلدانها بمعدلات جيدة ما بين 5 إلى 6 %.

هذا لا يعني أننا سنتوقف على تعزيز علاقاتنا الاقتصادية والتجارية مع الاقتصادات الكبرى مثل الصين والهند وأميركا وأوروبا بل بالعكس نحن مستمرون في العمل على كل الجهات بنفس الوتيرة ونفس التركيز.. موازين القوى الاقتصادية في العالم تتغير كل يوم، وعليه يجب علينا مواصلة العمل على استغلال جميع الفرص الممكنة لدعم النمو والتجارة في كل الأماكن، هذا الأمر سيجعل دولة الإمارات محمية من أي تقلبات يشهدها الاقتصاد العالمي.

نقلة نوعية

كيف قيّمتم ردود الأفعال بعد إصدار قانون الشركات؟

يعتبر قانون الشركات الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني وسيكون له شأن ودور كبيران في تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة في الدولة وتقوية تنافسيتها إقليمياً وعالمياً ودعم سياسة التنويع الاقتصادي وتسريع خطوات الدولة نحو التحول إلى اقتصاد المعرفة المستند على الإبداع والابتكار وفق «رؤية الإمارات 2021» وأجندتها الوطنية.

وكمثال فقد ركز القانون الجديد على تسهيل عملية طرح الأسهم للاكتتاب العام بالنسبة للشركات العائلية التي تشكل عنصراً مهماً من اقتصاد الدولة.

كما ألغى الحد الادنى لرأس المال بالنسبة للشركات ذات المسؤولية المحدودة وهذا يتماشى مع متطلبات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وهو ما سيساهم في تعزيز مراتب الإمارات ضمن المؤشرات، بالإضافة إلى ذلك يعزز القانون الذي تم الإعلان عنه، بعد أطول جلسة مناقشة للمجلس الوطني، ليعزز القوانين الخاصة بشركات المحاصة وقوانين الحوكمة، كما حدد مسؤوليات أعضاء مجالس الإدارة في الشركات الخاصة والعامة، وقدر نسباً معينة من الأرباح توجه لمشاريع المسؤولية الاجتماعية، كخلاصة نحن أمام قانون عصري من شأنه أن يمضي بالتنمية الاقتصادية إلى أهدافها المنشودة المنصوص عليها في رؤية «الإمارات 2021» تلك الرؤية الحريصة على تنويع الاقتصاد وتعزيزه بعقل اقتصادي منفتح يدرك أن نجاح القطاع الخاص من شأنه أن يرفع من قدرة الاقتصاد الوطني على ضمان التشغيل الأمثل لعناصر الإنتاج من مال وإدارة وعاملين وتنعكس نتائجه على مستقبل الحياة الاجتماعية للمواطنين والمقيمين في دولة الإمارات.

نسبة التملك الأجنبي في قانون الاستثمار

قال وزير الاقتصاد لـ«البيان الاقتصادي» إن العمل لا يزال جارياً على الانتهاء من قانون الاستثمار، مشيراً إلى أن نسبة التملك للمستثمر الأجنبي لم تحدد بعد من اللجان المكلفة بإعداد القانون، لكنه أشار إلى أنها ستفوق نسبة 49 % التي يشير إليها القانون الحالي، كما أنها قد تصل إلى 100 % في بعض القطاعات التي يرى مجلس الوزراء أهميتها بالنسبة لمستقبل اقتصاد الدولة. وأضاف قائلا، نحن واثقون أن القانون الذي من المتوقع أن يصدر العام المقبل على أقصى تقدير سيلقى نفس ردود الأفعال الإيجابية جداً التي قوبل بها قانون الشركات.

خلق بيئة تشريعية تُسهّل الأعمال

قال المنصوري إن وزارة الاقتصاد تعمل باستمرار على خلق بيئة تشريعية تسهل الأعمال تواكب النمو الاقتصادي الذي تشهده الدولة، مشيراً إلى أن وجود منظومة تشريعية وقانونية ملائمة سيساهم في الارتقاء بدولة الإمارات ضمن المؤشرات العالمية التي تحتل فيها دولة الإمارات مراكز متقدمة، وأضاف أن قانون الشركات كان إحدى الخطوات المهمة والفارقة ضمن مساعي الدولة من اجل تحقيق هذا الهدف، كما يعتبر قانون الاستثمار خطوة جديدة نحو بناء البيئة التشريعية التي ترضي طموحات قيادة الدولة من جهة والقطاع الخاص بمؤسساته وشركاته من جهة أخرى.

وأكد المنصوري على أنه وقبل إصدار قانون الاستثمار تعمل الوزارة بالتنسيق مع باقي المؤسسات والهيئات الحكومية الأخرى على الانتهاء من عدة قوانين اقتصادية أخرى مثل قانون الإفلاس وقانون التحكيم وغيرها من القوانين.