قال جمال عبدالله لوتاه الرئيس التنفيذي لشركة «إمداد» إن المشروعات المقرّر تسليمها خلال السنوات الخمس المقبلة في دولة الإمارات تساهم في زيادة القيمة المقدّرة لقطاع إدارة المرافق إلى أكثر من 5 مليارات درهم سنويا (ما يعادل 1.4 مليار دولار سنوياً) على مدار الخمس وعشرين سنة المقبلة.

لافتا في حوار مع «البيان الاقتصادي» إلى أن ذلك النمو محفوف بالتحديات وأبرزها عدم وجود وعي كافٍ بأهمية إدارة المرافق على مستوى المنطقة، إذ إنّ العديد من القطاعات لا تستعين بخدمات إدارة المرافق وتتعامل معها على أنها لا تمثّل قيمةً مضافة وتشكّل عبئاً مادياً على الشركات.

ودعا لوتاه المطوّرين والمقاولين إلى الاستعانة بشركات إدارة مرافق متخصّصة منذ بداية التخطيط للمشاريع لضمان تلبية متطلّبات البناء الأخضر والامتثال للوائح التنظيمية والقواعد الأخرى المتعلّقة بإدارة المرافق... وإلى التفاصيل:

توقعات

كيف حال قطاع إدارة المرافق على المستوى العالمي؟

تتوقّع الدراسات أن يصل حجم قطاع إدارة المرافق العالمي إلى حوالي 394 مليار دولار أميركي بحلول عام 2017. وهناك عددٌ من العوامل الأساسية التي تؤثّر في نمو قطاع إدارة المرافق العالمي والتي تختلف من سوق لآخر. فعلى سبيل المثال، يشهد القطاع نمواً واعداً في دول آسيا (باستثناء اليابان) وأميركا الشمالية والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية في حين يسجّل معدّلات نمو متوسّطة في أوروبا الغربية ودول الشمال والمحيط الهادئ وأميركا الشمالية.

ويُنظر إلى سوق إدارة المرافق العالمي على أنه من القطاعات المجزأة التي تشهد عمليات دمج واسعة في ظل سعي كبار مزوّدي الخدمات إلى تحقيق المنافع الاقتصادية من خلال تعزيز نطاق وحجم العمليات التشغيلية على المستويات المحلية والوطنية والدولية.

ماذا عن القطاع في المنطقة ؟

لا يزال قطاع إدارة المرافق في مراحل البداية في منطقة الشرق الأوسط مقارنةً بالمناطق الأخرى المتقدّمة مثل أوروبا وأميركا الشمالية، بما يوفر العديد من الفرص الاستثمارية التي من شأنها أن تضمن مستقبلاً قوياً للقطاع في منطقة الشرق الأوسط، وخاصةً في ظل الطفرة الكبيرة التي يعيشها قطاع الإنشاءات في المنطقة حالياً. ويضم قطاع إدارة المرافق في هيكليته ثلاث مجموعات أساسية تتمثّل في «مزوّدي الخدمات الفردية» و«مزوّدي الخدمات المجمعة» و«مزوّدي خدمات إدارة المرافق المتكاملة».

نمو

كيف حال السوق بلغة الأرقام ؟

ووفقاً لدراسة حديثة أجرتها شركة «فروست آند سوليفان»، من المتوقّع أن يشهد القطاع نمواً بمعدل سنوي مركب يصل إلى 4.1% خلال السنوات القليلة المقبلة. وتفصيلاً، يبلغ حجم قطاع إدارة المرافق في السعودية حوالي 100 مليار دولار حالياً، مع توقّعات بأن يصل حجم القطاع في منطقة الخليج العربي ككل إلى 892 مليار دولار، مدفوعاً بالمشروعات قيد التنفيذ حالياً في المنطقة والمزمع تسليمها خلال السنوات الخمس المقبلة بقيمة إجمالية تزيد على 220 مليار دولار.

وفي دولة الإمارات العربية المتّحدة، من المتوقّع أن تساهم المشروعات المقرّر تسليمها خلال السنوات الخمس المقبلة في الدولة في زيادة القيمة المقدّرة لقطاع إدارة المرافق إلى حوالي 1.4 مليار دولار سنوياً على مدار الخمس وعشرين سنة المقبلة.

وتعد هذه الأرقام إيجابيةً بالنظر إلى أن نمو سوق خدمات إدارة المرافق في منطقة الشرق الأوسط يرتبط بشكل مباشر بحجم أعمال البناء وتزايد الوعي العام بالمزايا والفوائد العديدة لخدمات إدارة المرافق.

وبالاستناد إلى المعطيات الراهنة، تشتدّ الحاجة إلى تشجيع شركات إدارة المرافق العاملة في المنطقة على تطبيق أفضل الممارسات والالتزام باللوائح والقوانين المعمول بها في المنطقة، وذلك في خطوة طموحة للارتقاء بالقطاع الإقليمي إلى أعلى مستويات الريادة والتميّز على الخارطة العالمية.

ماذا يمكن أن يقدم مزوّدو خدمات إدارة المرافق لتحديث بيئات الأعمال؟

يقدّم قطاع إدارة المرافق حلولاً متميّزة ومستدامة وفعّالة من حيث التكلفة في مجالات التخطيط العقاري وصيانة المباني وتطوير البُنى التحتية للاتصالات والإشراف الإداري وإدارة المساحات للشركات التي تسعى لخفض ميزانياتها التشغيلية.

ويتزايد اليوم أعداد الشركات التي تستعين بمزوّدي خدمات إدارة المرافق لتحديث بيئات الأعمال لديها، وتعزيز إمكاناتها ومقوّماتها الأساسية التي تمكّنها من تحقيق الاستمرارية والمنافسة بقوّة ضمن السوق العالمية المتنامية بسرعة. وقد ساعد ذلك في النهوض بقطاع خدمات إدارة المرافق إلى مستويات جديدة من النجاح والريادة، وبالتالي تعزيز مساهمته في دفع عجلة النمو والازدهار الاقتصادي العالمي.

ومن المتوقّع أن يشهد سوق إدارة المرافق مرحلةً جديدةً من التوسّع والنمو في المستقبل القريب مع زيادة مستوى الوعي بين الشركات الصغيرة ومتوسّطة الحجم والمرافق العامّة بالمنافع والمكاسب العديدة التي توفّرها خدمات إدارة المرافق. وفي رأيي أرى أن الطلب العالمي على خدمات إدارة المرافق في الأسواق الناشئة الحيوية مثل الصين والهند والشرق الأوسط وجنوب إفريقيا سيسجّل ارتفاعاً ملحوظاً في الفترة القادمة.

تحديات

تكلمت عن سوق ينمو بالمليارات، فماذا عن التحديات التي تواجهه؟

من أبرز التحدّيات التي تواجه قطاع إدارة المرافق في منطقة الشرق الأوسط، عدم وجود وعي كافٍ لكافة الجوانب المتعلّقة بالقطاع، إذ نجد أنّ العديد من القطاعات التي تتعامل بشكل مباشر مع المستخدم النهائي لا تستعين حتّى الآن بخدمات إدارة المرافق. وذلك مرده إلى أنّه لا يزال يُنظر إلى قطاع إدارة المرافق على أنه لا يمثّل قيمةً مضافة بقدر ما يشكّل عبئاً مادياً على الشركات. ولذلك، هناك حاجة قويّة لتحسين صورة القطاع على أنّه رافد مهم للارتقاء بالجودة وكفاءة المؤسسّات بدلاً من مجرد التركيز على الجوانب المالية له.

ومع تزايد الوعي لدى السلطات الحكومية والمجتمع العام بأهمية الاستدامة والشؤون البيئية، يواجه مديرو المرافق الآن مزيداً من التحدّيات التي تتطلّب منهم التقيّد بإطار عمل أكثر تنظيماً، وفي الوقت نفسه مواصلة الجهود لإيجاد حلول مبتكرة لتحسين أداء المرافق.

ومن التحديات البارزة الأخرى التي تواجه العاملين في مجال إدارة المرافق ضرورة مواكبة التطوّرات التكنولوجية المتسارعة مثل نمذجة معلومات المباني (BIM) ونظام الإدارة المتكاملة في مكان العمل (IWMS) ونظام إدارة الصيانة باستخدام الحاسب الآلي (CMMS) ونظام إدارة الممتلكات ونظم تحديد الهوية باستخدام موجات الراديو (RFID) ونظم المعلومات الجغرافية (GIS). وينبغي على المتخصّصين في مجال إدارة المرافق العمل عن كثب مع العملاء للتمكّن من معرفة التغييرات المحتملة في السوق وتنمية المهارات الفنية والخبرات لدى الموظّفين وتسهيل مشاركة المعلومات والبيانات. ويجب التركيز أيضاً على استخدام أحدث التكنولوجيا لتشجيع الشباب على العمل في هذا المجال.

ما الممارسات التي تتبعها «إمداد»؟

تلتزم «إمداد» باتّباع أفضل الممارسات الصديقة للبيئة في أعمالها اليوميّة، بما في ذلك استخدام الوقود الحيوي لتشغيل شاحنات جمع القمامة مع خطط لاستخدام هذا النوع من الوقود لتسيير جميع المركبات الثقيلة التابعة للشركة بحلول نهاية العام الجاري. والجدير بالذكر أنّ الوقود الحيوي ليس مجرد وقود آمن للبيئة، بل يمكنه أيضاً المساهمة في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة. ونعتزم أيضاً تطبيق نظام تقني متكامل لإدارة أساطيل شاحنات وصناديق القمامة لخفض البصمة الكربونية وزيادة الكفاءة التشغيلية من خلال الحد من استهلاك الوقود وتقليل الاعتماد على النفط. وتواصل «إمداد» السير قدماً في مشروع فصل المواد القابلة لإعادة التدوير والمنتجة في «المنطقة الحرّة لجبل علي» والحد من التخلّص من النفايات في المكبّات والمحارق.

وفي مجال خدمات إدارة المرافق، قامت «إمداد» بتطبيق العديد من المبادرات الصديقة للبيئة ومنها ضبط مكيّفات الهواء عند درجة حرارة 24 مئوية، وضبط إمدادات المياه المبرّدة والساخنة، وجدولة تشغيل مبرّدات المياه، وإزالة الترسبات من نظم المياه المبرّدة، وإجراء تحليلات نصف سنوية لاختبار درجة اهتزاز مضخّات المياه المبرّدة، واستبدال أجهزة التكثيف والتبخير مرّة واحدة في كل خمس سنوات.

استطلاع

أظهر نتائج استطلاع (موف سوق دوت كوم) وشمل 150 شخصاً من المقيمين في دبي، أن 83% منهم واجهوا مشكلة صيانة واحدة على الأقل في منازلهم خلال النصف الأوّل . وتصدّرت قائمة المشكلات أجهزة التكييف حيث أكّدت حوالى 50% من الأسر المقيمة في دبي (بواقع 40% مستأجرين في شقق سكنية و70% في فلل) أنّهم واجهوا مشكلات في وحدات تكييف الهواء خلال هذه الفترة.

قطاع متعدد الاختصاصات

يعد قطاع إدارة المرافق من القطاعات متعددة التخصصات والموجهة في المقام الأول لصيانة ورعاية المباني التجارية والمؤسسية كالمستشفيات والفنادق ومجمعات المكاتب والساحات الرياضية والترفيهية والمدارس ومراكز المعارض. وتضم هذه الصناعة الحيوية تحت مظلتها مجموعة واسعة من الإدارات الداخلية وشركات المقاولات المتخصصة والمؤسسات الكبيرة متعددة الخدمات واتحادات الشركات التي تقدم محفظة كاملة من خدمات التصميم والبناء والتمويل والإدارة، كما يمتد القطاع أيضاً ليشمل إدارة الأصول المادية وخدمات الدعم وتنمية المهارات والكفاءات.

توسعات في المستقبل القريب

قال جمال عبدالله لوتاه، تنتهج «إمداد» خطط استراتيجية للتوسع والنمو التي سيتم تنفيذها على مراحل عدة. نريد أولاً استكشاف مناطق جديدة في منطقة الشرق الأوسط مثل قطر وسلطنة عمان والسعودية لتوسيع نطاق الوصول إلى خدمات إدارة النفايات التي نقدمها.

وأضاف، نرغب أيضاً في تقديم هذه الخدمات ضمن قطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات وتزويده بأحدث الوسائل والحلول في التخلص من النفايات الطبية الحيوية والتي يمكن الاستفادة منها في هذا المجال.

ونؤكد التزامنا الاستراتيجي بالإطّلاع المتواصل على احتياجات الصيانة في المنازل وتقديم محفظتنا المتنوّعة من خدمات

إدارة المرافق للمساعدة في معالجة هذه التحدّيات..

أهم المشاريع المقبلة

تخطط "إمداد" لبناء منشأة متطورة لإعادة تدوير المواد المنزلية الجافة حيث ستعمل المنشأة على استلام المواد القابلة لإعادة التدوير وفصلها وإعدادها ليتم تسويقها بين أوساط المصنعين النهائيين، كما نخطط لإنشاء مرفق مخصص لإنتاج المياه المعالجة التي يمكن استخدامها في تبريد المناطق، وذلك في خطوة نهدف من خلالها إلى زيادة مخزون مياه الشرب وتقليل الحاجة إلى مرافق إضافية لإنتاج المياه الصالحة للشرب، إضافة إلى تقليل كمية مياه الصرف الصحي المعالجة التي يتم تصريفها في المحيط، وبالتالي تقليل الاعتماد على إمدادات المياه المستوردة المكلفة وزيادة الاعتماد على إمدادات المياه المحلية.

ونتطلع أيضاً لإطلاق مركز حديث لتدريب المتخصصين في إدارة المرافق، الذي سيشمل دورات تدريبية مصممة خصيصاً لمساعدة مديري المرافق على التطور مهنياً وتقديم الدعم الكامل لهم لمواجهة التحديات المحتملة في مجال عملهم.