يرى بدر جعفر الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع أنه نظراً لزيادة التركيز على الاستدامة و«المدن الذكية» في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي عامة ستمثل الشركات الرقمية مجالاً سريع التطور في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث يقاد هذا القطاع بالابتكار وإمكانات النمو العالية، لذا فستجني الشركات الصغيرة والمتوسطة الكثير من استراتيجيات التنويع الجديدة والمتطورة التي تنتهجها منطقة الخليج، علماً أنه توجد علاقة إيجابية بين قطاع التكنولوجيا والتباطؤ الاقتصادي الذي يحفز الابتكار، ويحرض الرواد المهنيين والمؤسسات على إطلاق مشاريع صغيرة، وشهد العالم عقب الأزمات الاقتصادية السابقة تأسيس العديد من التقنيات والشركات التقنية العالمية الكبرى، ويتوقع أن تشهد المنطقة السيناريو نفسه.
كما أن ارتفاع الاستهلاك وشريحة الشباب الواسعة ضمن الديموغرافية السكانية وتوفر جيل مسلح بالتكنولوجيا يدعم توقعات بمستقبل واعد لقطاع ريادة الأعمال، ولكن ذلك لا ينفي ضرورة معالجة مجموعة عقبات تشمل توفير مرافق الإنتاج، والعمل ضمن مساحات تصميم صغيرة نسبياً، ومحدودية الحصول على التعليم والتدريب في مجال التصميم، وعلى المستوى العام، يتوجب على مدينة دبي إذا أرادت تكريس نفسها كعاصمة عالمية لصناعة التصميم إيجاد طرق مبتكرة لتشجيع سكانها ومجتمعها على تقدير المبادرات الثقافية والفنية والتركيز على نشرها إلى أرجاء العالم، فإذا ما أردنا خلق بيئة ريادة أعمال تمتاز بالمرونة والقوة في المنطقة، يجب ضمان دعم رواد الأعمال عبر برامج إرشاد وفرص تواصل والحصول على التمويل.
وتقع هذه المسؤولية على عاتق كل من القطاع الخاص، والشركات الناجحة ويفضل المحلية منها.
حضور
ما هي القطاعات الاقتصادية التي تشهد نمواً، والتي ينبغي على رواد الأعمال التركيز عليها؟
يتواجد رواد الأعمال في كافة القطاعات الاقتصادية والصناعية تقريباً اليوم في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، ويزداد حضورهم خاصة مع استمرار المنطقة في تنويع مجالات اهتمامها. وقد بدأ تركيز حكومة دولة الإمارات على التنويع يؤتي ثماره، ومن المتوقع أن تنخفض مساهمة الإيرادات النفطية في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات إلى 20 في المئة في غضون السنوات الخمس المقبلة، ما يسهم في تطوير اقتصاد أكثر استدامة، وتعزيز النمو في مختلف القطاعات. وعلى صعيد موازٍ، تهدف رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي تم الإعلان عنها مؤخراً إلى دعم النمو الاقتصادي المستدام في مختلف القطاعات من خلال الابتكار والتكنولوجيا والبحث والتطوير. وفي حين يساهم قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في السعودية بنسبة 20 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، تعمل الرؤية الجديدة على إزالة الحواجز القائمة وزيادة مساهمة قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتصل إلى 35 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ستستفيد الصناعات غير التقليدية والمبادرات المتعلقة بالاقتصاد القائم على المعرفة من التوجه إلى النمو القائم على الابتكار. وخير مثال على ذلك قطاع التجزئة والقطاع الصناعي اللذين شهدا نمواً كبيراً على مدى السنوات القليلة الماضية ويعتبر قطاع التجزئة اليوم أسرع القطاعات نمواً في دولة الإمارات، حيث يمثل قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة ما يقرب من ثلاثة أرباع قطاع تجارة الجملة والتجزئة في الدولة. وبالمثل، من المتوقع أن يشهد القطاع الصناعي في دولة الإمارات توسعاً ومساهمة بنسبة 20٪ في الناتج المحلي الإجمالي في دولة الإمارات عام 2021، ما يجعله بيئة خصبة لتعزيز روح المبادرة والابتكار.
أسباب
هل تدعمون فكرة وجود ارتباط بين التباطؤ الاقتصادي وازدهار الشركات التقنية، وكيف يمكن التباطؤ الاقتصادي الشركات التقنية من الازدهار، وهل تلمحون في الأفق ازدهاراً لهذه الشركات على الصعيد العالمي، وهل يمكن أن يتحقق هذا السيناريو في المنطقة؟
مع توقع الإقبال على قطاع ريادة الأعمال في المنطقة العربية في ظل بقاء أسعار النفط كما هي، نرى وجود علاقة إيجابية بين التباطؤ الاقتصادي وقطاع التكنولوجيا المزدهر. حيث يخلق التباطؤ الاقتصادي من خلال تحفيز الابتكار، حلقة إيجابية من الرواد المهنيين والمؤسسات التي تسعى إلى إطلاق مشاريع صغيرة خاصة بها. وقد شهدنا في السابق تأسيس العديد من التقنيات والشركات التقنية العالمية الكبرى في أعقاب أزمات اقتصادية، ومن خلال هذا التوجه العالمي، من المتوقع أن تشهد هذه المنطقة السيناريو ذاته.
وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية الراهنة، التي نجمت عن تراجع أسعار النفط والعجز في الميزانية، فقد شهد قطاع ريادة الأعمال في المجال التقني في المنطقة نمواً كبيراً. لنأخذ شركتين للتجارة الإلكترونية كمثال، فقد غدت شركة «سوق.كوم» مؤخراً أول شركة تقنية في المنطقة تجمع 275 مليون دولار في جولة لجمع التمويل من المستثمرين؛ بينما جمعت شركة «وادي دوت كوم» أكبر سلسلة تمويل أولي في المنطقة 67 مليون دولار، بعد 10 شهور فقط من إطلاقها.
تولي العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، أهمية أكبر للقطاع الخاص غير النفطي ونمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال سياسات واستراتيجيات التنويع الاقتصادي المتقدمة التي تم الإعلان عنها مؤخراً، مع التركيز على تحسين الإنتاجية والكفاءة في كافة القطاعات وقد نجح رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا في ظل هذه الظروف، من خلال الاستفادة من خدمات التمكين التي تقدمها الحكومات الإقليمية.
ثقافة
هل تعتقدون أن ثقافة ريادة الأعمال موجودة بين الشباب والشابات في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة دول مجلس التعاون الخليجي؟ وما هي أهمية تطوير التثقيف الفاعل حول ريادة الأعمال لجميع الطلبة من المرحلة الابتدائية إلى الجامعة؟
تعمل المنطقة على تطوير ثقافة فاعلة فيما يتعلق بريادة الأعمال، والتي يزداد الإقبال عليها بين صفوف الشباب، حيث يستمر تعزيز الدعم وتوفير الفرص اللازمة لتعزيز هذه الثقافة. وثمة توقعات بمستقبل واعد لقطاع ريادة الأعمال في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي نظراً لارتفاع الاستهلاك وشريحة الشباب الواسعة ضمن الديموغرافية السكانية وتوفر جيل مسلح بالتكنولوجيا.
ينبغي الاهتمام بقطاع «ريادة الأعمال» لا ليصبح عبارة طنانة تثير حماس الجميع، بل يتوجب احتضان المشاريع لا من أجل ريادة الأعمال فحسب، بل من أجل التصدي للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي نواجهها. ويتطلب تحقيق ذلك العمل بشكل مشترك بين القطاع الخاص والحكومة لتسهيل بناء نظام بيئي صحي لرواد الأعمال، من خلال تقديم القطاع الخاص لرأس المال الذكي وتوفير الحكومة للبيئة التنظيمية المواتية. حالياً، لا يفي أي منهما بما يتوجب عليهما فعله بالشكل الكافي.
ومع انتشار البطالة بين صفوف الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 29 في المئة، لا بد من إيلاء الأولوية لتوفير الأدوات اللازمة للمواهب المحلية الشابة ليكونوا قادة ناجحين ومؤهلين. وثمة حاجة ملحة لدمج قطاع ريادة الأعمال بشكل أكثر فاعلية في نظام التعليم من سن مبكرة، وتعزيزه حتى المستوى الجامعي وما بعده. ويجب أن نعمل على تمكين شبابنا بالمهارات المناسبة والإقبال على قطاع ريادة الأعمال من خلال إطلاق مبادرات فاعلة في مجال التدريب والتوظيف.
وتدرك شركة الهلال للمشاريع أهمية تنمية ورعاية المواهب المحلية والإقليمية. ونحن نعمل بشكل وثيق مع منظمات مثل التعليم من أجل التوظيف، وهي مبادرة خاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعمل على خلق فرص اقتصادية للشباب العاطل عن العمل.نساء
أين رائدات الأعمال من المشهد العام بالمنطقة؟
فيما يتعلق بالتنوع بين الجنسين بين رواد الأعمال، يشهد العالم العربي عموماً معدلات منخفضة في عدد السيدات المشاركات في قطاع ريادة الأعمال. وعلى صعيد المنطقة، تمتلك المرأة 13 في المئة من الشركات، وهي نسبة أقل من معظم المناطق الأخرى بما في ذلك أوروبا، وآسيا الوسطى، وشرق آسيا، وأميركا اللاتينية.
تاريخياً، لم يكن ثمة تعارض بين القيم المتعارف عليها في المنطقة وعمل المرأة. أما في الماضي القريب، فقد نشأت تقاليد تعرّف دور المرأة من منظور ضيق بوصفها ربة منزل بدلاً من وصفها معيلاً. ومن المؤكد أن هناك فجوة كبيرة ولكن يتم ردم هذه الهوة تدريجياً، إذ إن ثمة ضرورة اقتصادية للقيام بذلك.
ومن المتفق عليه أن أكثر الاقتصادات نجاحاً واستدامة تتميز بمشاركة السيدات بأكبر قدر ممكن. وقد أدركت الحكومات الإقليمية أن تغيير دور المرأة سيمثل عنصراً حاسماً في التطور في المنطقة، وقد تم اتخاذ عدة تدابير إيجابية لزيادة مشاركة المرأة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تم الاعتراف والاحتفاء بازدياد مشاركة المرأة في القوة العاملة على كافة المستويات، وتلعب السيدات اللواتي يتبوأن مناصب وزارية في الحكومة، ورؤساء تنفيذيين، ومنظمين دوراً حيوياً في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير المزيد من الفرص للسيدات اللواتي يرغبن بالقيام بالدور نفسه.
وقد لعبت الشبكات التي تدعم سيدات الأعمال ورائدات الأعمال، مثل الجمعيات النسائية، والمنتديات ومجالس الأعمال دوراً فاعلاً خلال السنوات القليلة الماضية من خلال تعزيز مشاركة المرأة في قطاع ريادة الأعمال والشركات عن طريق توفير فعاليات وبرامج التنمية.
آمال
تسعى دبي لتصبح الوجهة العالمية للتصميم، ما نقاط الضعف والقوة لتصبح مركزاً لرواد الأعمال في هذا المجال؟
تبرز دبي بسرعة كوجهة عالمية للتصميم والإبداع لأنها تضم مجتمعاً متعدد الثقافات ونابضاً بالحياة، وتشتهر بمجموعة من المباني الأكثر تميزاً في العالم، بالإضافة إلى النشاط الثقافي والمعارض والمهرجانات.
يعزى النمو في هذا المجال إلى التزام حكومة دبي بتوفير اقتصاد مستدام ومتنوع، والذي يشمل تعزيز وتمكين مجموعة متنوعة من الحوافز الاقتصادية والمبادرات الفنية، مثل منطقة دبي للتصميم، آرت دبي، وفاشن فورورد دبي، وأسبوع دبي للتصميم. وقد مكنت هذه الأنشطة وغيرها الكثير، الإمارة من استقطاب العديد من شركات الأزياء والتصميم إلى المنطقة وستتابع هذه النهج في السنوات القادمة.
وعلى الرغم من أن الإمارة قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال، لا شك أن دبي لا يزال أمامها طريق طويل قبل أن تصبح مركزاً عالمياً للتصميم ينافس أشهر المدن في هذا المجال مثل نيويورك وباريس. ولا بد من معالجة مجموعة من العقبات التي تشمل توفير مرافق الإنتاج، والعمل ضمن مساحات تصميم صغيرة نسبياً، ومحدودية الحصول على التعليم والتدريب في مجال التصميم. وعلى المستوى العام، يتوجب على مدينة دبي إيجاد طرق مبتكرة لتشجيع سكانها المحليين ومجتمعها على تقدير المبادرات الثقافية والفنية والتركيز على أهمية نشرها إلى بقية أرجاء العالم.
وأنا متحمس للدور الذي تلعبه الفنون والتصميم في تشجيع الابتكار.
نصائح
يعتقد بدر جعفر أن على رائد الأعمال الانتباه إلى النقاط التالية:
1السؤال باستمرار لماذا تقوم بفعل ما، وذلك من أجل ضمان مواكبته لجوهر هدفك وقيمك.
2 استيعاب الفشل، والتعلم من الأخطاء، واعتبار الفشل فرصة للتعلم. ولكن دون الاعتياد عليه.
3 توفير فرص للآخرين لبذل جهدهم من أجل تحقيق ما يطمحون إليه. وتعتبر هذه الطريقة الأكثر فاعلية لبناء فريق متميز عند بدء العمل.
4 تشكيل مجلس إدارة شخصي، يضم مديرين ومستشارين وموجهين والانضباط في التعامل معهم.
5 اعتماد نظام حوكمة جيد للشركات في وقت مبكر قبل فوات الأوان. ما يساعد على النمو على أسس متينة.
6 لا تخش طلب المساعدة. فحتى الأبطال الخارقون يحتاجون إلى المساعدة، إذ قال إسحاق نيوتن «إذا كنت قد استطعت الرؤية إلى مسافة أبعد فذلك بفضل الوقوف على أكتاف العمالقة».
7 تأكد عند نجاحك أنك ستعود أدراجك لمساعدة أولئك الذين يحتاجون مساعدتك اليوم من أجل تحقيق طموحهم. لا تنس أنك كنت يوماً ما في وضع مشابه.
نهج اقتصاد ما بعد النفط في دول «التعاون»
يؤكد الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع أن قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة أحد المحركات الأساسية للنمو والتطوير، ولا سيما في البلدان النامية، حيث يساهم في توفير ما يصل الى 45 في المئة من فرص العمل و33 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لدراسات المؤسسة المالية الدولية. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل، يشكل قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة نحو 80-90% من إجمالي عدد الشركات ويساهم بنسبة 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
تنتمي 90% من الشركات المسجلة في دولة الإمارات إلى قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويعتبر هذا أمراً مهماً نظراً إلى أهمية هذا القطاع كمصدر للتوظيف وخلق فرص العمل، وعلى هذا النحو سوف يلعب دوراً متزايد الأهمية في دعم الاقتصادات المحلية والإقليمية فيما يخص خطط التنويع.
وغالباً يقاد هذا القطاع بالابتكار وإمكانات النمو العالية، لذا فستجني الشركات الصغيرة والمتوسطة الكثير من استراتيجيات التنويع الجديدة والمتطورة التي تنتهجها منطقة الخليج. وفي الواقع، نما قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الماضي كرد فعل لتلبية الاحتياجات الملحة للمنطقة، ما أكسبه أهمية متزايدة في مرحلة ما بعد النفط.
ونظراً لزيادة التركيز على الاستدامة و«المدن الذكية»، ستمثل الشركات الرقمية بالتأكيد مجالاً سريع التطور في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وستعمل على الاستفادة من صناديق التنمية المختلفة التي أنشئت خصيصاً من أجل تسريع وتيرة نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مثل صندوق خليفة في الإمارات، والصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الكويت، وصندوق كفالة في المملكة العربية السعودية، وهو برنامج ضمان القروض الخاصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة.