قال خبراء: إن سعي دبي والإمارات لتطوير اقتصاد قائم على المعرفة ونشر ثقافة التعلم الذكي بات يشكل عامل جذب رئيساً لصناديق الاستثمار الإسلامية القادمة من داخل وخارج الدولة، خصوصاً وأن الاستثمار في قطاع التعليم -الذي يتوقع أن يجذب استثمارات جديدة بقيمة 21 مليار درهم بحلول 2020- يأتي تأصيلاً للمعاني السامية لديننا الحنيف، الذي يحثّ على تحصيل العلم المفيد النافع للفرد والمجتمع، وإعداد أجيال مؤهلة وقادرة على تجسيد رؤية المستقبل وترجمتها إلى واقع ملموس.

وتأتي تلك الاستثمارات تزامناً مع الحاجة إلى مدارس تعليمية تركّز على بناء تعليم عصري يواكب تطورات التحول إلى الحكومة الذكية ويفتح أبواب الفرص أمام الطلبة، وتتلاءم مخرجاته مع متطلبات سوق العمل في الدولة، فيما يشير الخبراء إلى أن قطاع التعليم أقل حساسية للدورات الاقتصادية والركود.

وكانت «جي أف أتش» كابيتال المحدودة، وهي شركة تابعة لمجموعة «جي أف أتش» المالية للاستثمار استحوذت يوليو الماضي على مدرسة خاصة في دبي تقدر قيمتها السوقية بـ 200 مليون درهم. كما قام صندوق «الإمارات ريت» الإسلامي بداية الشهر «أوغست» باستثمار 208.3 ملايين درهم في الاستحواذ على قطعة أرض وبناء مدرسة جديدة في «دبي لاند». وتتوقع هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي تزايد أعداد طلبة المدارس الخاصة في دبي على المدى الطويل بمعدل سنوي يتراوح بين 7% و8%.

صندوق «تعليم»

وقال الدكتور محمود عبد العال، الرئيس التنفيذي لشركة «آفاق الإسلامية للتمويل»، إنه تماشياً مع توجه حكومة الدولة في إعداد جيل مبتكر ومبدع، قادر على التفاعل مع مستجدات العصر وتلبية احتياجات المستقبل، ستطلق «آفاق» صندوق «تعليم» للائتمان والاستثمار العقاري وفقاً للشريعة الإسلامية، في منتصف العام القادم، برأس مال 650 مليون درهم، سيخصص لإنشاء مدارس تعليمية تركز على بناء تعليم عصري يواكب تطورات التحول إلى الحكومة الذكية ويفتح أبواب الفرص أمام الطلبة، وتتلاءم مخرجاته مع متطلبات سوق العمل في الدولة، مؤكداً أن آفاق الاستثمار في قطاع التعليم في الدولة إيجابي خصوصاً في ظل النهضة التوعوية والعلمية التي تشهدها البلاد، ويجني اقتصاد الدولة ثمارها نمواً واستدامة.

وأضاف: «يأتي إطلاق صندوق «تعليم» في إطار مبادرة «اطلبوا العلم» التي أطلقها الشيخ فيصل بن سعود القاسمي، عضو مجلس الإدارة المنتدب لشركة «آفاق الإسلامية للتمويل» في مارس من هذا العام، وتهدف إلى نشر الوعي ومواكبة التطورات الاقتصادية التي تشهدها البلاد وتطوير برامج تنمية مهارات القرن الـ21 الابتكارية لديهم، بما يصب في دعم مجتمع المعرفة».

الطلب والعرض

وأوضح عبد العال: «من الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار التخصصات المطلوبة التي تعزّز توجهات الحكومة في التحول الذكي في العملية التعليمية، فمثلاً هنالك قطاعات جديدة في الدولة اليوم مثل الطاقة المتجددة والنووية، تحتاج لمناهج تدرك أهمية الفروق الفردية والابتكار والبحث العلمي والتفكير النقدي بعيداً عن التلقين، وتعنى بنشر الوعي وثقافة التعامل في المجتمع والتسامح والضيافة. ولذلك علينا التعاون في تأسيس بنية تعليمية تأخذ بالاعتبار أهمية الإعداد المبكّر لقوى عاملة تستوعب المشاريع الثقافية والعقارية العملاقة المقبلة في الدولة، ومنها استضافة دبي إكسبو 2020، وتسهم في إنجاحها».

التعليم رسالة

وأضاف عبد العال: إن دخول الاستثمارات الإسلامية في قطاع التعليم يأتي تأصيلاً للمعاني السامية لديننا الحنيف الذي يحثّ على تحصيل العلم المفيد النافع للفرد والمجتمع، وإن «التعليم رسالة»، مشيراً إلى حرص المؤسس الباني الشيخ زايد، رحمه الله، على أن ترتكز نهضة الدولة على التعليم، وإدراك أهمية الابتكار التي قال إنها السبيل الأمثل لتخريج أجيال مبتكرة متمكنة من أدوات القرن.

مزايا القطاع

من جانبه توقع «سنجيف أناند»، رئيس مجلس إدارة الشركة الدولية للاستشارات الإدارية «سيدر»، أن يصل حجم قطاع التعليم في الإمارات إلى 9.8 مليارات دولار (35.77 مليار درهم) بحلول 2020، بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 5%، وذلك في ظل ارتفاع عدد الطلاب وازدياد حجم الاستثمار، خصوصاً في شريحة المدارس، ولزيداد مبادرات التعليم والتدريب، مشيراً إلى أن من أهم مزايا الاستثمار في القطاع أن رأس المال العامل سالب - لأن الرسوم المدرسية تسدد مقدماً- ونظرة المدى الطويل للإيرادات - بسبب طول فترة الدراسة، وكون الطلب أكبر من العرض، إضافة إلى الدعم الحكومي.

وأضاف: «ما يميز قطاع التعليم كذلك مناعته ضد الركود، أي إنه أقل حساسية للدورات الاقتصادية. ونتوقع أن يكون مشهد الاستثمار في قطاع التعليم قوياً وحيوياً للنمو والتوسع، خصوصاً بوجود استثمارات استراتيجية وعميقة في قطاع التعليم، والدعم الحكومي القوي لهذا القطاع».

وحول أساب انجذاب الاستثمارات الإسلامية للدخول في قطاع التعليم، قال أناند: «قطاع التعليم هو قطاع متوافق مع الشريعة الإسلامية، علاوة على أنه عامل داعم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أن نشر الوعي بأهمية الاقتصاد الإسلامي يقلل من تأثير الأنشطة غير المتوافقة مع الشريعة في الاقتصاد.

وأضاف أن حجم مساهمة الاستثمارات الخاصة في القطاع وصل إلى 285.1 مليون دولار من خلال 21 صفقة منذ 2003، في حين وصل حجم القطاع العام الماضي إلى 7.3 مليارات دولار (26.7 مليار درهم)، كانت حصة التعليم الابتدائي والثانوي فيها 68% يليها التعليم العالي بنسبة 26%، والأساسي أو التحضيري بنسبة 6%. ومن المتوقع أن يصل عدد الطلاب في الدولة إلى 1.33 مليون في 2020، نمواً من 1.07 مليون العام الماضي.

وأضاف: وبالنظر إلى المستقبل، من المرجح ازدياد الاستثمار في قطاع التعليم بشكل كبير، مشيراً إلى نمو التعليم العالي والدراسي بسرعة في السنوات الخمس الماضية. وما بين 2016 و2020، فإن سوق التعليم الخاص تتطلب إضافة 52 مدرسة جديدة عبر مناهج متعددة، أي حوالي 13 مدرسة جديدة سنوياً في تلك الفترة. ومن المتوقع أن يصل حجم الاستثمارات الجديدة في القطاع إلى حوالي 5.8 مليارات دولار (21.17 مليار درهم) بحلول عام 2020، وأن تصل حصة إمارة دبي وحدها في تلك الاستثمارات إلى حوالي ملياري دولار (7.5 مليارات درهم).

قطاع مهم

من جانبه قال محمد خنجي، المدير التنفيذي لإدارة الثروات في «جي أف أتش» كابيتال المحدودة، إن قطاع التعليم يعتبر من القطاعات المهمة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، التي يزداد فيها الطلب على التعليم ذي الجودة العالية الذي يضاهي أرقى المستويات الدولية. وأكّد أن النمو الاقتصادي والسكاني في دبي يجعل الاستثمار في هذا القطاع فرصة جاذبة، حيث يتوقع أن توفر لمستثمري «جي أف أتش» كابيتال والمستثمرين المشاركين عائداً نقدياً ودخلاً عالياً على الاستثمار.

ولفت إلى أن استراتيجية «جي أف أتش» كابيتال تركّز على الاستثمار في الفرص المدرة للدخل في القطاعات التي هي بمنأى عن المخاطر والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية مثل قطاع التعليم، الذي ينطوي على إمكانات نمو كبيرة. وقدر خنجي حجم قطاع التعليم في الإمارات بنحو 5.3 مليارات درهم.

انخفاض المخاطر

وقالت كلثم البلوشي، المدير التنفيذي لتطوير فرص التعليم في هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، إن قطاع التعليم يجذب الكثير من الاستثمارات الإسلامية لأنه يقدم نسبة جذابة وآمنة وخالية من المخاطر نسبياً لعائدات المدارس ذات الجودة العالية، تزامناً مع نمو عدد سكان دبي، إضافة الى استمرارية نمو الشركات والمشاريع الجديدة في دبي، ولأن المدينة تسير بشكل جيد في صعود الى اكسبو 2020، وهناك 170 مدرسة خاصة في دبي والمدارس التي هي الأعلى في الجودة لديها أكثر من 95٪ معدل استغلال للقدرات.

فرص الاستثمار

وأضافت البلوشي: «فرص الاستثمار في قطاع المدارس في دبي عديدة منها الاستثمار في اجتذاب فروع لمدارس دولية، لاسيما المدارس المبدعة التي تؤمن بتطلعات دبي لتصبح المدينة الأكثر ابتكارا، والمدارس التي تركز على البيئة والاستدامة، إضافة إلى المدارس التي تحرص على تلبية احتياجات المواطنين وغرس الثقافة والتراث لدى الطلاب، ومدارس ذوي الاحتياجات الخاصة، وجميعها مطالبة في الوقت ذاته بتحقيق أهداف الأجندة الوطنية في التقييمات الدولية. وقدّرت البلوشي عائدات قطاع التعليم بنحو 5.35 مليارات درهم من الرسوم السنوية التي تتراوح بين 1,725 درهم و98,649 درهم.

وأشارت أن قطاع التعليم في دبي يتميز بتحقيق نمو سنوي في معدلات الالتحاق يبلغ 4.7٪، ومعدل للعائدات يتراوح بين 10٪ و33٪، كما يتميز القطاع بوجود طلب قوي على المدارس ذات الجودة العالية، ومدارس المناهج الدولية.

النموذج الأمثل

وحول النموذج الأمثل للعلاقة بين مُلاك الأراضي عن الجهات التنظيمية وصُنَّاع القرار، قالت البلوشي: ثمة فرصة فريدة من نوعها لملاك الأراضي للاستثمار في البنية التحتية للمدارس والتأجير للذين يرغبون في استئجار مبنى عالي الجودة. فمعدل عائدات استئجار المباني المدرسية جذابة من 9٪ إلى 15٪، وبهذه الطريقة يستطيع ملاك الأراضي التركيز على تطوير البنية التحتية والحصول على عائد ايجار مرتفع بينما يركز مطورو ومزودو الخدمات التعليمية في المدارس عالية الجودة على توفير التعليم عالي الجودة دون الحاجة للقلق بشأن الاستثمار في تطوير او امتلاك البنية التحتية.

مدرسة جديدة

قال الدكتور محمود عبد العال إن "آفاق" حصلت من هيئة المعرفة والتنمية البشرية وبلدية دبي كذلك على التراخيص المطلوبة لإنشاء مدرسة تعليمية للمراحل الأساسية في منطقة البرشاء تعتمد الإبداع والابتكار في مناهجها، سيتم افتتاحها في سبتمبر 2016، وتتسع لـ 3400 طالباً، مشيراً إلى أن فترة استرداد رأس مال الاستثمار هي حوالي 5 أعوام. وتوقع عبد العال نمو الإقبال على الاستثمار في قطاع التعليم من مدارس وجامعات في الدولة، موكداً في الوقت نفسه ضرورة تحديد الأهداف المستقبلية والمجتمعية للاستثمار في قطاع التعليم ومراعاة متطلبات سوق العمل حتى لا يتفوق العرض على الطلب.

خبيرة: قوانين «الإمارات المركزي» شجعّت نمو السوق العقاري

قالت جايدا جارميكلي خبيرة العقارات العالمية وعضو مجلس الإدارة التنفيذي في صندوق «نورال ريت» للاستثمار في العقارات والتابع لمجموعة «نورال القابضة» العالمية والعاملة في قطاعات البناء، إن القوانين التي أصدرها مصرف الإمارات المركزي ساهمت كثيراً في تطوير ونمو واستقرار سوق العقارات في الدولة علاوة على السيطرة على المخاطر المالية التي قد تواجه الأفراد أصحاب الأعمال الخاصة، ما شجع هيكلة صناديق الاستثمار العقاري في قطاع الفنادق والمنتجعات والتعليم وغيرها، مشيرة إلى أن «تحديد الحدّ الأعلى والأدنى لهوامش الأرباح الخاصّة بالدين يسهم بحماية السوق من عمليات الإقراض غير المضبوطة، كما ستساعد على رسم معالم التأثير طويل الأمد بشكلٍ دقيقٍ لهذه الأنظمة على نمو سوق العقارات.»

وأضافت: «صندوق «نورال ريت» يعمل على تحديد مواقع العقارات وفقاً للعديد من العناصر المختلفة، وأهمها المعايير عالية الجودة، حيث من الضروري أن يشعر مستخدمي وقاطني تلك المشاريع بأنّهم قاموا بالخيار الصحيح «استثمار لمدى الحياة».

ونحن نعتقد بأنّ على كلّ مشروع تحقيق التوازن ما بين المستثمرين والمستخدمين النهائيين، وذلك لتوفير بيئة عمل صحية تضمن التنمية. وتنشط «نورال القابضة» في الإمارات من خلال «شركة نورال للبناء والتجارة» في أبوظبي، والتي أنجزت العديد من المشاريع تجاوزت قيمتها مليار دولار، بما فيها مشروع ‘فندق ومساكن الخالدية بالاس روتانا’، بالإضافة إلى مشروع الجسر البحري الذي يربط بين أبو ظبي وجسر الريم. دبي - البيان