50 إلــى 55 مليـــار دولار إصــــــــــــــــــــدارات متوقعة خلال العام الجاري

3 عوامل تحدد خارطــــــــــة الصكـــــوك 2016

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

قال خبراء في التمويل الإسلامي إن ثلاثة عوامل رئيسية ستحدد أداء سوق إصدار الصكوك في العام الجاري، وهي تطورات السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، واحتياجات الاستدانة في الدول الخليجية على خلفية انخفاض أسعار النفط بالإضافة إلى ضرورة ضخ سيولة جديدة في المصارف الإسلامية خصوصاً مع اقتراب موعد التوافق مع المتطلبات الرقابية لبنود «بازل 3»، لافتين إلى أن سوق الصكوك لا يزال يمر بمرحلة من التصحيح بدأت العام الماضي.

وتشير التوقعات إلى أنه قيمة الإصدارات ستتراوح بين 50 إلى 55 مليار دولار في العام الجاري، منها 3.45 مليارات حجم إصدار الصكوك في الإمارات في النصف الأول.

وأشار الخبراء إلى أن استمرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) في رفع أسعار الفائدة، سيؤدي إلى ارتفاع في تكلفة إصدار الصكوك، مشيرين إلى أن تحسن أسعار النفط المتوقع خلال النصف الثاني من العام قد يطلق العنان لموجة جديدة من إصدارات الصكوك، خصوصاً في دول الخليج.

تفاوت التوقعات

وعزا عدنان أحمد يوسف الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية تفاوت التوقعات حيال أداء سوق الصكوك في المنطقة والعالم هذا العام إلى الظروف الاقتصادية والمالية غير المستقرة وتفضيل عدد من المصدرين التمهل حتى نهاية العام ليحزموا أمرهم بشأن الموضوع.

لذلك، فإن التوقعات الراهنة تشير إلى أن سوق الصكوك العالمية في العام 2016 ستظل أدنى من أعلى المستويات التي وصلت إليها، حيث تتوقع وكالة ستاندرد آند بورز لخدمات التصنيف الائتماني بأن تتراوح قيمة الإصدارات من 50 إلى 55 مليار دولار في العام 2016، مقارنة بـ 63٫5 مليار دولار في 2015 و116٫4 مليار دولار في العام 2014. ويعكس هذا الانخفاض جزئيا توقف المصرف المركزي الماليزي (بنك نيجارا ماليزيا) – أحد أكبر مصدري الصكوك في العالم، عن الإصدار.

وأضاف أحمد: «بمعزل عن تأثير توقف بنك نيجارا ماليزيا عن الإصدار، فقد انخفض إصدار الصكوك في العام 2016 عن العام 2015. لكن قد تتغير هذه الصورة في الربع الأخير من العام، حيث تنتظر عدد من الحكومات والمصدرين الرئيسيين أن تتضح الصورة فيما يخص أسواق النفط وأسعار الفائدة، وربما نشهد آنذاك إصدارات كبيرة تغير صورة المشهد الحالي».

وأوضح يوسف أن الأسواق تنتظر قيام عدد من الدول الخليجية بالإضافة إلى بعض الدول الأخرى وبعض الشركات الرئيسية في الخليج بإطلاق إصدارات كبيرة خلال النصف الثاني من العام، والعامل المشجع هو اتجاه أسعار النفط نحو التحسن مما يساعد على تحسن القدرة المالية للحكومات. ومن الحكومات المتوقع قيامها بهذه الإصدارات نيجيريا والكويت والأردن. كما إن المتطلبات الرقابية للجنة «بازل 3» تشجع على هذه الإصدارات لتوفير الأدوات السائلة للبنوك الإسلامية.

محركات رئيسية

وأفاد يوسف أن ثمة ثلاثة محركات رئيسية ستحدد شكل أداء سوق الصكوك في العام 2016 وهي أولاً تطورات السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وثانياً المستوى الذي ستسقر عنده أسعار النفط وارتباط ذلك باحتياجات الاستدانة في الدول الخليجية وثالثا المتطلبات الرقابية. وقد يؤدي العاملان الأول والثاني إلى استنزاف السيولة من الأسواق العالمية والمحلية، وفي حال بقيت أسعار النفط منخفضة.

ونعتقد بأنه لن يكون لدى بعض الحكومات المصدرة للنفط وماليزيا أي خيار آخر سوى اللجوء إلى الاستدانة. بالإضافة إلى ذلك، نعتقد بأن الكثير من الدول المصدرة للصكوك قد تقرر اصدار سندات تقليدية، بدلاً من الصكوك الإسلامية وهذا ما شهدناه بالنسبة لقطر والإمارات بداية العام خشية من عدم قدرة سوق الصكوك على استيعاب الإصدارات الكبيرة. مع ذلك قد يستفيد السوق من برنامج المصرف المركزي الأوروبي للتسهيل الكمي في بيئة متسمة بعوائد منخفضة مما سيدفع بعض المستثمرين الأوروبيين للتوجه الى سوق الصكوك.

كما سوف يستفيد السوق خلال السنوات القادمة من الانخراط الأكبر لأصحاب المصلحة التقليديين – مثل البنك الإسلامي للتنمية، ومجلس الخدمات المالية الإسلامية، وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية وكذلك اصحاب المصلحة الجدد مثل صندوق النقد الدولي، حيث تعمل هذه المؤسسات الآن على الكثير من المشاريع لتعزيز أسس قطاع التمويل الإسلامي وإعداده للمزيد من التطوير والنمو المتسارع.

إصدارات نصفية

وقال محمد دمق الرئيس العالمي للتمويل الإسلامي لدى وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال للتصنيفات الائتمانية إن سوق الصكوك لا يزال يمر في مرحلة من التصحيح بدأت العام الماضي. مشيراً إلى أن قيمة الإصدارات منذ بداية العام حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري وصلت إلى 32.9 مليار دولار مقارنة مع 35.2 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، و58.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام 2014.

وأضاف: لم يؤد الانخفاض الحاصل في أسعار النفط إلى زيادة كبيرة في إصدارات الصكوك، بل على العكس ساهم في تشجيع إصدار السندات التقليدية حيث حقق إجمالي الإصدارات التقليدية في دول مجلس التعاون الخليجي نمواً بنسبة 118% ليصل إلى 26.7 مليار دولار منذ بداية العام 2016 حتى اليوم من 12.3 مليار دولار في العام 2015. نعتقد بأن السبب الرئيسي وراء ذلك هو التعقيد الحاصل في عملية إصدار الصكوك والتي تتطلب اعتماد معايير تنظيمية أعلى.

وتابع: نرى أن انخفاض أسعار النفط كان له تأثير سلبي على حجم الإصدارات من ناحيتي العرض والطلب. في السابق، تناقصت السيولة لدى البنوك الخليجية نتيجة للمساهمات الكبيرة للودائع الحكومية والكيانات التابعة لها في قاعدة التمويل. ولاحقاً، بدأت استجابة السياسة لانخفاض أسعار النفط تؤتي ثمارها في بعض دول مجلس التعاون الخليجي من خلال مجموعة من المبادرات الهادفة لتعزيز الإيرادات وخفض الإنفاق لدى الحكومات.

واستطرد: من العوامل الأخرى المؤثرة على نشاط سوق الصكوك الارتفاع المتوقع في سعر الفائدة لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي. يتجه السوق أحياناً إلى غض الطرف عن أن سوق الصكوك يشكل جزءاً من أسواق رأس المال العالمية. وفي حال استمر مجلس الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، فإنها سنشهد شحاً في السيولة العالمية وارتفاعاً في تكلفة إصدار الصكوك. ويعوض تأثير سياسة الاحتياطي الفيدرالي جزئياً برنامج التيسير الكمي للمصرف المركزي الأوروبي حيث نتوقع حدوث بعض تدفقات السيولة إلى الأسواق الناشئة. عموماً، نعتقد بأن التصحيح القائم حالياً سيستمر حيث من المتوقع أن يصل إجمالي إصدار الصكوك إلى ما بين 50-55 مليار دولار أميركي في العام 2016.

وقال: تقدر القيمة الإجمالية لإصدارات الصكوك بحوالي 320 مليار دولار حتى تاريخ 22 يونيو 2016. ونتوقع بأن يصل حجم الإصدارات خلال العام 2016 إلى ما بين 50-55 مليار دولار.

الطلب والعرض

وأضاف دمق أنه لا يرى أي زيادة في الطلب والعرض في سوق الصكوك. إلا أنه مع اقتراب الموعد المحدد لتطبيق اتفاقية «بازل 3»، يتوقع ازدياد الطلب على الصكوك وخاصة تلك التي تتمتع بمعايير الأصول السائلة عالية الجودة.

وتوقع طارق الرفاعي الرئيس التنفيذي في مركز «كوروم» للدراسات الاستراتيجية في بريطانيا تحسن إصدار الصكوك في دول الخليج وذلك بفضل عاملين اثنين بشكل رئيسي هما «بازل 3» وانخفاض أسعار النفط.

وقال: «تجبر «بازل 3» البنوك الإسلامية على إصدار صكوك لتحسين قاعدتها الرأسمالية، وبالفعل شهدنا العديد من البنوك الإسلامية تقوم إصدار صكوك بكل مستمر خصيصا لهذا الغرض، مثل بنك دبي الإسلامي، وبنك نور ومصرف قطر الإسلامي وآخرها بنك بوبيان في الكويت، ويمكن أن نتوقع استمرار هذا الاتجاه. أما بالنسبة لانخفاض أسعار النفط، فهو المحرك الرئيسي وراء سعي دول مجلس التعاون الخليجي الحكومات إلى سد الثغرات في ميزانياتها في هذا العام.».

وحول إصدار الصكـــوك في الإمارات قال الرفاعي: «وصـــل حجم إصدار الصكوك في دولة الإمارات إلى 3.45 مليارات دولار حتى 22 يونيو 2016 مقارنة مع 4.6 مليارات دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي. ويأتي انتعاش سوق الصكوك مدفوعاً بإصدارات الصكوك الكبيرة من قبل موانئ دبي العالمية ومصرف الإمارات الإسلامي والتي وصلت إلى 1.2 مليار دولار و750 مليون دولار على التوالي. كما استمر استخدام هياكل الصكوك من الشريحة الأولى من قبل بعض الجهات المُصدرة للصكوك القائمة في دبي منذ بداية العام وحتى الآن.

قواعد جديدة

وأكد الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي هاني الهاملي أن مبادرة»الاقتصاد الإسلامي«أرست قواعد جديدة في سوق الصكوك العالمي، مشيراً إلى أن الحديث عن ملامح وتطور صناعة الصكوك في الإمارات والمنطقة وآفاق المستقبل لابد أن ينسحب إلى مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي.

وقال:»إن المبادرة طورت قواعد متينة وتقاليد جديدة لصناعة صكوك مستدامة ومنظمة وستعيد تشكيل خريطة سوق الصكوك ليس على مستوى دولة الإمارات والمنطقة فحسب بل على المستوى العالمي نظراً للمكانة المتميزة التي تتمتع بها دبي كمركز اقليمي وعالمي للمال والأعمال، هذا فضلاً عن الاستجابة الكبيرة لهذه المبادرة فور اطلاقها من قبل العديد من المؤسسات الحكومية وكبرى شركات القطاع الخاص«.

شروط

أكد هاني الهاملي أنه رغم التطورات التي تشهدها دول المنطقة في مجال سوق الصكوك، فإن ثمة شروطاً مسبقة لابد منها لتحقيق هدف تطوير وتنمية هذا السوق، يأتي في مقدمتها نشر الوعي بين صفوف مجتمع الأعمال ومراكز صنع القرار وعامة أفراد المجتمع بطبيعة الصكوك، واستخداماتها، وأهميتها للاقتصاد الوطني، وكيفية مجاراتها للتطورات المستمرة الحاصلة في التمويل الإسلامي التقليدي.

وأضاف:»ثمة حاجة لمتابعة التطورات الحاصلة في سوق الصكوك على الصعيدين الإقليمي والعالمي خصوصاً معايير «بازل 3» وتقييم آثارها على الاقتصاد المحلي لاسيما في إطار العولمة المالية التي أصبحت العامل المحكم لحياتنا الاقتصادية".

Email