أزمة المياه في العالم العربي لا تنتهي. وما من شك أن الدول العربية تمر بمرحلة حرجة على مستوى نقص الموارد المائية في ظل ارتفاع نسبة المساحات العربية المتصحّرة إلى 68.4 % والمساحات المهدّدة بالتصحّر إلى 20 %، الأمر الذي أعاد 19 دولة عربية إلى ما دون خط الفقر المائي المتعارف عليه لدى منظمة الصحة العالمية.

واستجابة لهذه المعطيات، يتوقّع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن تستمر موجة التصحّر ونقص المياه في الدول العربية خلال القرن الحالي، مؤكداً أن ذلك سيتطلب من السلطات المعنية زيادة الاستثمار في الموارد المائية إلى أكثر من 200 مليار دولار على مدار الأعوام العشرة المقبلة من أجل مواكبة الاحتياجات المتنامية، لاسيما وأن التقارير الأخيرة ترجّح أن يرتفع التعداد السكاني في الدول العربية إلى 634 مليون نسمة بحلول عام 2025، مقابل زيادة معدل إمدادات المياه بحلول العام نفسه بنسبة 15 % فقط مقارنة بعام 1960.

ويعد العالم العربي الذي يمثل 10.2 % من مساحة اليابسة، من بين أكثر المناطق فقراً في الموارد المائية الطبيعية، إذ يعتمد بنسبة 82 % على المتساقطات كمصدرٍ رئيسٍ للمياه، تتبعها المسطحات المائية بنسبة 16.1 % والجوفية منها بنسبة 1.5%.

ومع ارتفاع درجات الحرارة وبالتالي انخفاض كمية المتساقطات سنوياً، يبدو أن الدول العربية مقدمة على منحى أكثر تحدياً في هذا المضمار. ويتّضح ذلك بشكل جلي في جفاف عددٍ كبيرٍ من الينابيع والأنهار والآبار المائية التي تشكل مصادر رئيسة للمياه العذبة.

ولكن هناك أسباب أخرى ساهمت ولا تزال تسهم في تدهور الأمن المائي العربي، على رأسها الاستنزاف المفرط للأراضي الخصبة وتدمير الغطاء النباتي والتربة لمصلحة التوسعات الصناعية والعمرانية. ويبدو أن هذه العوامل جميعها من عمل الإنسان، الأمر الذي يستدعي إعادة صياغة توجيهات جديدة للحد من الهدر المائي وسوء الاستخدام.

وبالفعل، بدأت الدول العربية في التحرّك نحو الحد من أزمة المياه مع إصدار استراتيجية الأمن المائي العربي والمتمثلة في معالجة التحديات التي تعيق مسيرة التنمية المستدامة في الدول العربية.

ويبقى السؤال هنا: هل هذه المبادرات كافية لحل أزمة المياه في العالم العربي؟ أم أنّنا بحاجة إلى مزيد من الحلول الجذرية والاستراتيجية للتمكّن من مواجهة التوقّعات السلبية لمستقبل مياهنا؟