كشف مصرفيون وخبراء ماليون أن ما بين 30 -40 % من مستخدمي بطاقات الائتمان في الدولة يقومون باستخدامها بأسلوب خاطئ، أي من دون تقييم واقعي وذاتي لقدرتهم على سداد تلك الأموال، داعين إلى ضرورة وجود تخطيط مسبق لدى الأفراد في ما يتعلق بحجم الإنفاق، وذلك كون الأموال المنفقة ستكون أموالاً مستحقة، وسيرتب عليهم تسديدها عاجلاً أم آجلاً، محذرين من أن الإنفاق غير المدروس قد يقود لمشاكل تتمثل في تعثر السداد، وتراكم الديون، وبالتالي خلق مشكلات مالية واجتماعية واقتصادية.

ودعوا في تصريحات لـ«البيان الاقتصادي»، المستهلكين إلى رصد المبالغ المنفقة في كل بطاقة، والأغراض التي يتم شراؤها وتاريخ استحقاق الدفعة، خصوصاً مع تعدد البطاقات للمستهلك الواحد، ومحذرين في الوقت ذاته من التعرض لعمليات قرصنة بيانات بطاقات الائتمان، خصوصاً مع كثرة الاعتماد على استخدام هذه البطاقات للإنفاق على المشتريات وفي المطاعم وفي مراكز التسوق، أو أثناء السفر بالخارج.

وتأتي هذه الدعوة، على الرغم من انخفاض نسب التعثر في سداد البطاقات الائتمانية في الفترة الأخيرة، مشيرين إلى أن التساهل في معايير الائتمان من قبل البنوك بسبب المنافسة، الذي ساد إلى وقت قريب، وغياب وجود مكتب معلومات ائتمانية مركزي في الدولة، ساهم في استخدام أوسع للبطاقات الائتمانية من قبل المواطنين والمقيمين في الدولة.

وتقّدر آخر الإحصاءات نمو سوق بطاقات الائتمان في الدولة بمعدل يتراوح بين 15- 20 % خلال الربع الأول من العام الجاري، في حين بلغت تلك النسبة حوالي 20 % في نهاية العام الماضي.

نشر الوعي

وحول دور البنوك في توعية العملاء حول السبل الأمثل لاستخدام بطاقات الائتمان الخاصة بهم، قال إياد الكردي نائب الرئيس والمدير الإقليمي في ماستركارد العالمية في الإمارات: «نحن في ماستركارد نؤمن بأنه يجب على جميع المؤسسات المالية أن تلعب دوراً مهماً في مجال نشر الوعي في أوساط المستهلكين حول المنافع التي تنطوي عليها مختلف الأدوات المالية الحديثة، بالإضافة إلى تعليمهم كيفية تطوير مهارات إدارة الأموال التي من شأنها أن تساعدهم على إدارة أموالهم بشكل آمن. وقد طرحت العديد من البنوك في المنطقة بالفعل برامج ذات أهداف مماثلة.

كما أننا في ماستركارد نأخذ على عاتقنا مسؤولية خلق فرص جديدة تتيح للأفراد المشاركة بعناية ودراية في الاقتصاد العالمي. وقد ساهمت أعمالنا في جعل ماستركارد في قلب الأنشطة التجارية، ونحن على استعداد لقبول الالتزام الذي تتطلبه هذه المكانة في السوق العالمية. وقناعتنا راسخة أيضاً بأنه لا ينبغي إغلاق الباب أمام أي شخص للمشاركة في دفع عجلة الاقتصاد العالمي بسبب الافتقار للمعرفة المالية، وبأن معرفة إدارة الأمور المالية الخاصة يجب أن تكون متاحة لجميع الأفراد».

تثقيف المستهلكين

تقول لما قباني مديرة الشؤون الإعلامية في فيزا الشرق الأوسط: «تشكّل مسألة الإدارة المالية جزءاً لا يتجزّأ من حياتنا اليومية، ولا شكّ في أنّ امتلاك المهارات اللازمة لاتّخاذ القرارات المالية الصائبة، يمنح الأفراد القدرة على التحكّم بشكل أفضل في دخلهم وإنفاقهم».

وتضيف قائلة: «تشكّل المصارف معبراً لعلاقة الفرد بأمواله، وبالتالي نؤمن بأهمية التعاون الوثيق ما بين فيزا والمصارف، بهدف المساهمة في تثقيف المستهلكين حول مسائل الإدارة المالية، ويشمل ذلك توفير النصائح والأدوات اللازمة التي ترشدهم إلى أفضل الطرق لإدارة بطاقاتهم الائتمانية، ومن الضروري أن يقوم البنك بمراجعة السجل الائتماني للعميل قبل إعطائه أي بطاقة ائتمانية».

ائتمان مسؤول

من جانبه، قال فراز علي رئيس أعمال البطاقات في سيتي بنك الشرق الأوسط إن للبنوك دوراً يتمثل في تثقيف العميل حول الاستخدام الأمثل لبطاقات الائتمان، مشيراً إلى ضرورة أن يقوم موظف البنك بتحديد أنماط الإنفاق والائتمان المسؤول للعميل، والإجابة عن كافة استفساراته، وذلك لتأسيس علاقة بين الطرفين قائمة على الشفافية والثقة المتبادلة.

ويضيف علي :«كأي منتج آخر، تختلف الفوائد والرسوم من بطاقة ائتمان إلى أخرى، وأنا أنصح بضرورة الاستفادة من المعلومات المتوفرة للمقارنة بين المميزات مختلف البطاقات المتوفرة في السوق، واختيار البطاقة الأنسب لتلبية الحاجات الفردية للعميل، من حيث إذا كان كثير السفر أو ينوي استخدام البطاقة محلياً أو عالمياً، وهكذا.

استخدام خاطئ

من جانبه، ذكر الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد البنا أن ما بين 30 -40 % من مستخدمي بطاقات الائتمان، يستخدمونها بشكل خاطئ، دون أن يضعوا في اعتبارهم قدرتهم على سداد تلك الأموال، وخاصة أنها ستبقي مستحقة عليهم.

ويرى البنا أن التسهيلات المصرفية التي سادت مؤخراً ساهمت في استخدام أكبر للبطاقات الائتمانية من قبل الأفراد.

ودعا البنا إلى ضرورة وجود تخطيط مسبق لدى الأفراد في ما يتعلق بحجم الإنفاق، والدفع عبر بطاقات الائتمان. وقال إن الإنفاق يتوقف على قدرة الفرد، وحذر من أن الإنفاق غير المدروس والمخطط له يقود لمشكلة أكبر، تتمثل في تراكم الديون، وبالتالي خلق مشكلات مالية واجتماعية واقتصادية.

ورفض البنا تحميل البنوك مسؤولية إفراط البعض في الإنفاق عبر استخدام بطاقات الائتمان، وخاصة أن البنوك تستفيد من معدلات الفائدة التي ترتفع على الديون المستحقة على الأفراد، قائلاً إن البنوك أوجدت بطاقات الائتمان كنوع من التسهيل على الأفراد في عمليات الشراء، عندما لا يكون النقد متاحاً لديهم لحظة القيام بعملية الشراء.

وبالتالي، بطاقات الائتمان خلقت لتسهيل الأمور وليس لتعقيدها، إلى جانب أن الفائدة تستحق على الفرد عند تخلفه عن سداد الأموال المستحقة عليه بعد استخدامه لبطاقات الائتمان في عمليات الدفع والشراء بعد تجاوز الوقت المحدد للسداد، والذي عادة ما يحدده المصرف، وأضاف أن التعقيدات تخلق عندما يقبل الفرد على استخدام بطاقات الائتمان دون أن يكون لديه رصيد قادر على سداد الأموال التي ينفقها، وهنا تبدأ المشكلة.

استخدام غير مدروس

وكشف هيمنت جيتواني المدير العام الإقليمي للبنك العربي الإفريقي الدولي، عن أن 40 % من الأفراد لا يحسنون استخدام بطاقات الائتمان التي بحوزتهم، في ما يتعلق بعمليات الشراء والإنفاق، والتي عادة ما يمارسها هؤلاء بشكل غير مدروس.

ويتفق جيتواني على أن البنوك عليها تثقيف الأفراد بمخاطر الاستخدام غير المدروس للبطاقات الائتمانية، وألقى باللوم على الضغوط التي تقع تحتها البنوك بسبب المنافسة الشرسة بين البنوك للاستحواذ على أكبر قاعدة ممكنة من العملاء، وتحقيق أرباح أكبر، والتي قال بأنها قد تدفع أحياناً بعض البنوك لإصدار بطاقات ائتمان لأفراد، تعلم تلك البنوك بأنهم ربما غير قادرين، أو قد يواجهون مشكلة سداد الأموال المستحقة عليهم عبر تلك البطاقات.

إلا أنه، في الوقت ذاته، رفض جيتواني تحميل البنوك مسؤولية التسبب في إفراط البعض في استخدام بطاقات الائتمان في عمليات الشراء، قائلاً بأن بطاقات الائتمان خلقت بالدرجة الأولى من أجل تسهيل عمليات الشراء عند عدم توفر الأموال لدى الفرد في توقيت الشراء أو الإنفاق، وبالتالي، وجدت بطاقات الائتمان للتخفيف عن العملاء، وليس خلق مشكلات لهم، لذلك لا ينبغي تحميل البنوك مسؤولية إفراط البعض في استخدام تلك البطاقات.

ودعا جيتواني الأفراد والأسر إلى التخطيط المسبق في عمليات الإنفاق عبر بطاقات الائتمان، وألا يتجاوز استخدامهم لتلك البطاقات قدرتهم المالية على السداد، وأن يدرك هؤلاء أن تلك الأموال التي تتيحها البنوك عبر بطاقات الائتمان، كلها أموال مستحقة للسداد، وبأن عدم تسديدها يفتح الباب أمام مشكلات مالية واجتماعية كبيرة.

وقال جيتواني إنه من السهل استخدام بطاقات الائتمان من قبل الأفراد، كما أنها تعتبر أداة رائعة إذا ما استخدمت بالشكل الصحيح، وهي أشبه بالسيارة التي إن سارت على الطريق والتزمت بإشارات المرور وقوانين المرور فإنها ستكون في مأمن، ولكنها إذا ما قطعت الإشارة فستتعرض لحادث مروري وتواجه مشكلات.

وأكد جيتواني على وجود مؤشرات واضحة على نشاط ونمو قطاع التجزئة في الإمارات، إلى جانب أن أحداث الربيع العربي ساهمت في تدفق مزيد من الأعمال من المنطقة إلى الإمارات، وتحديداً إلى دبي، وأضاف قائلاً إن هناك مؤشرات واضحة على زيادة معدلات الإنفاق في الإمارات من قبل الأفراد واستخدام البطاقات الائتمانية في عمليات الشراء، معرباً عن أمله في أن يحرص الأفراد والأسر على استخدامها بالشكل الصحيح، وبما يتماشى مع قدراتهم المالية وقدراتهم على السداد.

 

خلل تسويقي

 

يشير أحد المصادر المصرفية، فضل عدم كشف اسمه، إلى أن المشكلة في الاستخدام الخاطئ للبطاقات الائتمانية يكمن في سياسة الإصدار، حيث توجد هناك أهداف موحدة لدى موظفي وموظفات البنوك، تلزمهم بإصدار بطاقات ائتمانية بنسبة نمو معينة كل سنة، وهذا الأمر جعل البنوك تتجه إلى اتجاهين، إما إصدار البطاقات الائتمانية عن طريق موظفي خدمات العملاء في الفروع، وإما عن طريق المسوقين في المؤسسات التسويقية، كما هو الحال في الكثير من البنوك، وهنا تكمن المشكلة، حيث يحصل كثير من العملاء على البطاقات الائتمانية من مندوبي المؤسسات التسويقية، على الرغم من رفض فروع البنوك منحهم هذه البطاقات لأسباب ائتمانية، ما يعني أن هناك خللاً في عملية تسويق هذه البطاقات الائتمانية.

ويتساءل المصدر، لماذا يتم الحديث عن العلاج، ولا يكون هناك جانب وقائي من قبل البنوك؟ مضيفاً أن ما نراه أنه يشير إلى قصور في البنوك في هذا الأمر، حيث إن الهم الأول لها هو كيفية بيع البطاقة، ومن الضروري الحديث عن المخاطر المحتملة، والأشياء التي يجب أن يتجنبها العميل لدى استعمال البطاقة، ونسب الاستخدام المعينة التي لو تقيد بها العميل سيتمكن من السداد في فترة معينة، خصوصاً في ظل غياب وجود مكتب معلومات ائتمانية مركزي في الدولة، ساهم في استخدام أوسع للبطاقات الائتمانية من قبل والمواطنين والمقيمين في الدولة.

 

 

نصائح لتفادي المشاكل الشائعة في استخدام «الائتمانية»

 

ذكر خبراء عدة نصائح من شأنها أن تساعد الأفراد على معرفة استخدام بطاقاتهم الائتمانية بحكمة، وتفادي المشاكل الشائعة التي قد تنتج عن استخدامها بشكل غير صحيح، يمكن تلخيصها في تسديد فواتير بطاقات الائتمان في وقتها المحدّد: يجب الحرص دائماً على تسديد الحدّ الأدنى للدفع على الأقل، والعمل على تسديد كامل الرصيد، وهي مسألة غاية في السهولة، إذا تمّ التخطيط بشكل مسبق للإنفاق، وتدوين المبالغ المنفقة.

إلى ذلك، ننصح بإنشاء عملية سحب تلقائية للمدفوعات الشهرية لتفادي أي عمليات دفع متأخرة، مع الحرص على توافر الرصيد الكافي في الحساب الجاري لإتمام تلك العملية. وبهذه الطريقة، يتفادى المرء خطر تراكم الفوائد.

بالإضافة إلى معرفة البطاقات الائتمانية المفتوحة والميزانيات، حيث إنّ وضع الميزانيات مسألة غاية في الأهمية. فإذا كان الفرد على علم مسبق بحجم الدخل والمدفوعات الثابتة في الشهر المقبل، فسيتمكّن بذلك من تقدير قيمة المبلغ المتبقّي والمتوافر للإنفاق، ومن ضمنه، معرفة النفقات خلال الإجازات.

وبالتالي، يجب التنبّه للمبالغ المنفقة، وتعديل الميزانية تماشياً مع ذلك. وإذا كنت تستخدم أكثر من بطاقة ائتمان واحدة، فيجب الحرص على معرفة المبالغ المنفقة في كل بطاقة، والأغراض التي تم شراؤها، والتاريخ الذي يجب تسديد فواتير هذه البطاقات فيه.