أكّد خبراء وباحثون أن دبي استطاعت بفضل سياساتها القائمة على إسعاد المواطنين والمقيمين على حد سواء في الدولة من استقطاب العقول والمهارات من جميع أنحاء العالم، لافتين إلى أن دبي أصبحت مرفأ عالمياً للمواهب والعقول المبدعة، مشيرين إلى أن البنوك الإماراتية أصبحت أكثر تبنياً لاستراتيجيات تطوير اقتصاد المعرفة من خلال استثماراتها الكبيرة في التقنيات الحديثة التي تصب في توفير حلول الدفع والارتقاء بمستوى خدمة العملاء.
وكانت الإمارات تصدرت مؤخراً المرتبة الأولى بين دول الشرق الأوسط من حيث أدائها الشامل للعام 2014 في مؤشر الابتكار العالمي، الذي نشرته جامعة كورنيل والمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال انسياد والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، كما جاءت الإمارات الأولى عالمياً في حركة المواهب والعقول إليها، ما يعكس الدعم الحكومي الكبير الذي توليه الدولة لتطوير اقتصاد المعرفة الذي تعتبر المواهب العالية من مكوناته الأساسية.
استثمارات تقنية
وقال عبدالله العور المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي إن دبي أدركت أهمية اقتصاد المعرفة وسعت إلى تطوير ركائزه الأساسية والتي تتمثل في التعليم والتدريب، البنية التحتية للمعلومات، والحوافز الاقتصادية والنظام المؤسسي، ونظم الابتكار. وأضاف: شهدنا خلال السنوات الماضية تقدماً ملحوظاً في إنشاء اقتصاد ومجتمع قائم على المعرفة، بفضل استثمارات ضخمة للإمارات ودبي في البنية التحتية للتكنولوجيا، فضلاً عن الخطط الحكومية الفاعلة، واستطاعت الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص أن تكون في طليعة الدول الجاذبة للعقول.
ارتباط
وحول دور اقتصاد المعرفة في تطوير البنوك والقطاع المصرفي قال العور إن تطور ونمو القطاع المصرفي في الدول يعتمدان بشكل أساسي على مدى تطور اقتصاد المعرفة، مشيراً إلى أن البنوك الإماراتية أصبحت أكثر تبنياً لسياسة تطوير اقتصاد المعرفة.
وأضاف: «شهدنا في السنوات الأخيرة كيف شملت التطبيقات الرائدة في إدارة المعرفة القطاعات المصرفية والمالية بسبب ارتباطها بالمعرفة المتخصصة في كل أبعادها وعناصرها، ولطبيعة الصناعة المصرفية التي تُركِّز على إنتاج وتقديم الخدمات المصرفية والمالية الشاملة؛ كما اهتمت بعض الإدارات المصرفية بتخطيط وتنفيذ مشروعات إدارة المعرفة، ومن ثمّ استثمرت في نظم وأدوات تكنولوجيا المعلومات الموجّهة نحو استقطاب وتخزين المعرفة وتحفيز نشاطات المشاركة بالمعرفة وتوزيعها، بالإضافة إلى برامج إدارة رأس المال البشري للأفراد العاملين في هذه البنوك.
كما أن اعتماد البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية في الإمارات للمصطلحات الحديثة كالبنوك الإلكترونية أو بنوك الإنترنت أو البنوك الإلكترونية عن بعد أو البنك المنزلي أو الخدمات المالية عبر الإنترنت، هي أكبر دليل على تبني البنوك لسياسة تطوير اقتصاد المعرفة من خلال التدريب وصقل المهارات والتطور التكنولوجي والتي أتاحت توفير خدمات مصرفية إلكترونية فأصبح العملاء قادرين على إدارة حساباتهم وإنجاز أعمالهم المتصلة بالبنك عن طريق المنزل أو المكتب أو أيّ مكان آخر، وفي أي وقت يشاؤون».
تجارب ناجحة
وحول تجارب دبي الناجحة في اقتصاد المعرفة قال العور إن دبي كانت أول مدينة في المنطقة تقوم بإنشاء مجمعات للمعرفة، بما في ذلك مدينة دبي للإنترنت ومدينة دبي للإعلام وقرية المعرفة فضلاً عن الجامعات والمعاهد المتخصصة التي تسعى إلى تأهيل الكوادر البشرية المواطنة وتزويدها بالمهارات والخبرات الضرورية للانخراط في القطاعات المرتبطة باقتصاد المعرفة.
أما في مجال الاقتصاد الإسلامي فلا شك أن مبادرة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي في إطلاق «مركز دبي للصيرفة والتمويل الإسلامي» في جامعة حمدان بن محمد الذكية من شأنها إحداث قفزة نوعية في الاستجابة لحاجات صناعة الصيرفة والتمويل الإسلامي ومتطلباتهما، من خلال إتاحة التعليم الأكاديمي والتأهيل والتدريب المهني والبحث العلمي في هذا القطاع.
وأضاف: «بعد أن أدركت أهمية الاقتصاد القائم على المعرفة في النمو الاجتماعي والاقتصادي للدول، أطلقت الإمارات برامجها الخاصة بالحكومة الإلكترونية واليوم تدخل دبي في المرحلة الثانية مع إطلاقها حكومة دبي الذكية».
أفضلية
وحول أفضلية دبي كـ«مرفأ جاذب للعقول» قال العور: «دبي أدركت أهمية اقتصاد المعرفة وسعت إلى تطوير ركائزه الأساسية والتي تتمثل في التعليم والتدريب، البنية التحتية للمعلومات، والحوافز الاقتصادية والنظام المؤسسي، ونظم الابتكار. وقد شهدنا خلال السنوات الماضية تقدماً ملحوظاً في إنشاء اقتصاد ومجتمع قائم على المعرفة، بفضل استثمارات الضخمة للإمارات ودبي في البنية التحتية للتكنولوجيا، فضلاً عن الخطط الحكومية الفاعلة، واستطاعت الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص أن تكون في طليعة الدول الجاذبة للعقول».
الحكومة الذكية
من جانبه أكّد رودريغو كاستيلو، مدير شركة «أوتسيستمز» في الشرق الأوسط وافريقيا أن مبادرة «الحكومة الذكية» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، هي أهم مكّون في معادلة بناء اقتصاد المعرفة في الإمارات، مشيراً إلى أن تطوير الاقتصاد المعرفي يدعم القطاع المصرفي ويعزّز صدارة الدولة لقطاع الخدمات المالية في المنطقة.
وقال كاستيلو ان دبي نجحت في تحسين قدرتها التنافسية عالمياً، بفضل تطوير أساس اقتصاد المعرفة كما نجحت في تحسين معدلات النمو، لافتاً إلى أن التطور التقني الكبير الذي تشهده الإمارات بفضل المبادرة والاستثمار الحكومي في الاقتصاد المعرفي سيخلق المزيد من فرص العمل للمواطنين في العديد من القطاعات الحكومية الحيوية في العامين المقبلين.
الأداء التقني
وقال كاستيلو ان أداء التكنولوجيا في الإمارات خاصةً والشرق الأوسط عامةً هو بالتأكيد آخذ في التطور، ولكننا نسعى دائماً لتحسينه وتطويره، وهو ما نأمل أن نحققه مع منصتنا عالية التقنية، إن ضمان سهولة التنقل والمرونة وحسن التصميم وسهولة الاستخدام والكفاءة المثلى هي بمجملها طرق توفرها منصتنا لتحسين التكنولوجيا، ومثل هذه العوامل غير متوفرة بعد في العالم.
وأضاف: «سعي دبي لتحويل اقتصاد التجارة إلى اقتصاد معرفي ضمن رؤية حكومتها، ونحن نؤمن بأنه اذا كان المواطنون والزبائن سعداء بالحلول المقترحة والموجودة، فإن ذلك سيزيد الطلب والاستهلاك والناتج بالنتيجة. إن رؤية المدينة الذكية تتطلب من الجميع التفكير من منظور المواطن والعملاء وليس من وجهة نظر المنظمة أو الشركة، ما يتطلب منا أن نفكر في تجربة المستهلك، من خلال تحسين تجربة المستهلك، حيث نقوم بالتالي بإرضائه واستعداده للقيام بالأعمال. اذا فعلنا ذلك، سيأتي الباقي».
خطوات واسعة
من جانبه قال خالد عبد الله الخبير الاقتصادي والمحاضر في كلية روتشستر في دبي ان الإمارات قطعت أشواطاً واسعة في تطوير مجتمع قائم على المعرفة بشكل متكامل، مشيراً إلى أن الإمارات لا تزال الأولى عربياً في مؤشر اقتصاد المعرفة «KEI» الصادر عن البنك الدولي وتحتل مرتبة متقدمة عالمياً بعد أن قفزت ست مراتب في أحدث مؤشر، حيث انعكس ذلك في تحسين قدرتها التنافسية عالمياً، كما نجحت في تحسين معدلات النمو.
همزة وصل
وأوضح عبد الله أن المكوّن الأهم في تسريع نمو اقتصاد المعرفة في الإمارات هو توفر الكوادر والمواهب العالية من خلال الاستثمار في تطوير مواهب محلية في القطاعات المختلفة أو جذب المواهب من الخارج وإيجاد سبل للاحتفاظ بتلك المواهب خاصة وأن المعرفة الفنية والإبداع والذكاء والمعلومات تعد الركائز الأساسية لاقتصاد المعرفة، وبذلك تبرز أهمية مبادرة «مؤشر السعادة» التي أطلقها مؤخراً صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي تشكل همزة وصل مهمة بين المقيم وأرض الإقامة وتساهم في جذب المواهب والكوادر العالمية إلى الدولة.
القطاع العقاري
وقال عبد الله ان أثر نجاح تطبيق اقتصاد المعرفة في الإمارات في وقتنا الحالي قد يكون أكثر بروزاً في القطاع العقاري. وأضاف: «حين تتمكن الإمارات من بناء أعلى برج في العالم فمن الطبيعي أنها تكون قد تفرّدت باستخدام تقنيات عالية واستفادت من خبرات متخصصة ونادرة. والجدير بالذكر أن الإمارات قد ضخت استثمارات ضخمة في نموذج الاقتصاد المعرفي، تمثلت في تشييد الجامعات، ومدن المعرفة، وهذا كله يساهم في تنويع الاقتصاد وتحويل اقتصاد التجارة إلى اقتصاد معرفي ضمن رؤية حكومتها الرشيدة».
خدمات مصرفية
وأوضح عبد الله أن بعض البنوك الغربية والآسيوية تضع اليوم المزيد من القدرات وخدمات التقنيات الحديثة في متناول العملاء الذين أصبحوا أكثر دراية بالتقنيات الحديثة، حيث يمكن لعملاء بنوك التجزئة مثلا شراء المنتجات بشكل مباشر من خلال هواتفهم الذكية.
وأضاف: يقوم العميل من خلال هاتفه بمسح «باركود» المنتج الذي يرغب بشرائه ثم يرسله الكترونياً إلى البنك فيستلم العميل رسالة قصيرة بأنه قد تم شراء ذلك المنتج. وهذا مثال بسيط يوضح إمكانية تحويل الاختراعات التقنية إلى منتجات تجارية، ففي هذه الحالة أصبحت عملية الشراء أسرع، ولم يعد العميل بحاجة إلى بطاقة ائتمان، حيث ان عملية الشراء تمت بأكملها من خلال الهاتف الذكي، وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة حجم تعاملات البنك، وزيادة الاستهلاك وهي جميعاً عوامل أساسية في نمو الناتج الاقتصادي في الدول.
مبادرة «الاقتصاد الإسلامي» قائمة على المعرفة
تركز مبادرة «الاقتصاد الإسلامي» التي أطلقتها دبي في استراتيجيتها على اقتصاد المعرفة بحيث تشكل البحوث وتطوير المحتوى الرقمي وصقل المعارف أبرز دعائم الاقتصاد الإسلامي. ومع انتشار الصيرفة الإسلامية شهد العالم تزايداً في الحركة الفكرية المرتبطة بها، تجسدت في إنشاء أقسام ومراكز بحوث في الاقتصاد الإسلامي في بعض الجامعات العربية والأوربية والأميركية، وفي تعدُّد المؤتمرات والدوريات العلمية المتخصصة ذات الصلة.
كما أُنشئت العديد من الهيئات والتنظيمات والمؤسسات بغرض توفير الدعم اللازم للنظام المصرفي الإسلامي وسلامة تطبيقه أي من خلال اقتصاد المعرفة. وتحرص دبي من خلال استراتيجية الاقتصاد الإسلامي التي تتبعها على تطوير المعرفة والبحوث من أجل تلبية النمو المتوقع على الوظائف في المصارف الإسلامية والطلب المتنامي على المنتجات المصرفية الإسلامية على حد سواء.
ويقوم علم الاقتصاد الإسلامي على ركيزتين هما: الاقتصاد التقليدي والشريعة الإسلامية وفقهها. ومن هنا يجب أن يدرس علم الاقتصاد الإسلامي في إطار الشريعة جميع المعارف والسلوك البشري والسياسات الاقتصادية، حتى ما كان منها مخالفاً للشريعة. ويكون ذلك بدراسة كل قضية اقتصادية من جهة اتصالها بعناصر النظام الاقتصادي الإسلامي، ودراسة كل عنصر من النظام من جهة ما يثيره من قضايا اقتصادية تحليلية أو تطبيقية.
2020
سيرتفع إسهام اقتصاد المعرفة في الناتج المحلي للدولة بحلول 2020 إلى 5%. ونجحت الإمارات في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر اليها بشكل نوعي لاندماجها في العولمة الاقتصادية. ورسمت الإمارات سياسات واستراتيجيات عديدة تهدف إلى تعزيز وتطوير اقتصاد المعرفة مواكبة للتطورات العالمية الحالية.
تجارب عالمية
لفت خالد عبد الله إلى أن الجامعات ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في مساعدة العديد من اقتصادات الدول المختلفة في الخروج من الأزمة المالية الأخيرة، مضيفاً أن بناء اقتصاد قائم على المعرفة يتطلب وجود نموذج لشراكة بين الجامعات والشركات التجارية، حيث تقوم الجامعات بتحضير وتوفير الكوادر اللازمة لتطبيق استراتيجيات الشركات طويلة الأمد، بالإضافة إلى توفير البحوث والاختراعات التي تستخدم من قبل الشركات بشكل تجاري.
وأضاف: «يملك معهد ماساتشوستس للتقنية على سبيل المثال مركزا كبيرا للبحوث المتخصصة، حيث لا يقوم الأساتذة والباحثون في تلك الجامعة بتعليم الطلاب فحسب بل يقومون بإجراء البحوث والدراسات المستقلة التي تتهافت عليها الشركات والمؤسسات لاستخدامها بشكل تجاري، حيث تقوم الجامعة بتطوير تكنولوجيا جديدة وإصدار براءات اختراع لتلك الأفكار وتبيعها للمؤسسات التي تحولها بدورها إلى خدمات ومنتجات تجارية، حيث لا يقوم الأساتذة والباحثين في تلك الجامعة بتعليم الطلاب فحسب بل يقومون بإجراء البحوث والدراسات المستقلة التي تتهافت عليها الشركات والمؤسسات لاستخدامها بشكل تجاري."
«جوابكم»: منح أسهم للموظفين وسيلة للاحتفاظ بهم
قال المهندس رائد ملحس، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لموقع «جوابكم» الإلكتروني الذي يجيب من خلاله اختصاصيون في تكنولوجيا المعلومات والطب والقانون وعلم النفس على أسئلة المشتركين العرب حول العالم ومقرّه عّمان أنه من الممكن جذب والاحتفاظ بأصحاب المواهب التقنية العالية إلى قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال منحهم خيارات تملك أسهم في تلك الشركات إلى جانب رواتبهم، ما يجعلهم شركاء في العمل وليسوا موظفين إلى جانب دعم انتاجيتهم، ومن خلال هذا النموذج تمكنت شركات حديثة عديدة في الولايات المتحدة من جذب أصحاب المواهب العالية والاحتفاظ بهم.
وأضاف ملحس الذي عمل بشركة مايكروسوفت في واشنطن لمدة 8 سنوات، حيث تولى عدة إدارات وسجّل العديد من الاختراعات التقنية قبل أن يؤسس عدداً من المواقع الالكترونية الناجحة: «دبي هي المدينة الأكثر استقطاباً للمواهب العالية على مستوى العالم العربي وذلك بفضل بنيتها التحتية الرقمية المتطورة التي جذبت من خلالها عدد كبير من المواهب العالمية العالية. إلا أن أصحاب الشركات يعانون إما من رواتب الموظفين المرتفعة أو من قصر فترة استبقائهم، وتوفير خيارات الأسهم قد يخفف من تلك المعوقات».
ويعد «جوابكم» أسرع المواقع العربية نمواً في عدد المشتركين، حيث استطاع منذ تأسيسه قبل ثمانية أشهر أن يستقطب أكثر من مليون متحدث باللغة العربية حول العالم نظرا لإجاباته القيمة والوافية، وليصبح أول موقع عربي يحقق هذا الرقم في زمن قياسي.