يعتبر سوق السيارات المستعملة في الإمارات كبيراً ومتنامياً، كما أنه يتمتع بكل المزايا التي تساعده على التطور والنمو المطرد، ويسهم في نمو السوق توفر الإمكانات، كتوافر المساحة المطلوبة، ومثال ذلك سوق العوير للسيارات المستعملة في دبي، والذي يشهد تراجعاً في المبيعات خلال شهر رمضان، حسبما ذكر عدد من الباعة استمرار هذه الحالة منذ فترة سابقة للشهر الكريم بسبب الأوضاع في المنطقة، لكنهم لا يخفون تفاؤلهم بعودة السوق إلى ما كان عليه من نمو، وارتفاع نسبة السيارات المصدرة إلى الخارج مقارنة بالمباعة في السوق المحلي، كما كان الأمر دائماً.

وهو ما تغير بالفترة الأخيرة ليكون أمراً جديداً على السوق لم يكن سابقاً، إذ لطالما عرف عن سوق العوير أنه مركز لإعادة التصدير إلى أسواق كثيرة منها روسيا وأفريقيا، ولكن اختلفت المعادلة اليوم، وانخفض الطلب الخارجي بحيث بات السوق المحلي يشكل معظم المبيعات.

وثمة تغيرات يشهدها السوق تتمثل في تبدل وجهات الشراء والبيع، ففي روسيا مثلاً انخفض الطلب على السيارات بسبب تدني الروبل والمستوى المعيشي للروس، ما أدى لخلق سوق معاكسة يبيع فيها الروس سياراتهم الفاخرة بدل أن يشتروها، ما جعل عدداً من التجار يتجهون إلى هناك لشراء تلك السيارات بأسعار مميزة.

كما أن الطلب الأفريقي تراجع دون وجود تفسير لذلك من التجار، وإن كانوا يجمعون على أن الظروف الإقليمية بالمنطقة والدول العربية أثرت سلباً على السوق.

أرقام

وتعتبر الإمارات من أبرز الدول المستهلكة للسيارات، ويتم استيراد السيارات للاستخدام المحلي أو لإعادة تصديرها إلى الدول الأخرى. ويسجل السوق نمواً سنوياً يقدر بـ 10 إلى 20%. وطبقاً لقاعدة بيانات غرفة تجارة وصناعة دبي، فإن المصادر الرئيسية للواردات من السيارات هي اليابان، أوروبا والولايات المتحدة.

وداخل الدولة تتصدر دبي سوق السيارات، حيث يوجد بها حوالي 50% من إجمالي عدد السيارات، وخلال سنوات سابقة كان سوق السيارات المستعملة في الدولة ينمو بنسبة 30% سنوياً، أما إعادة تصدير السيارات المستعملة من دبي إلى الدول المجاورة فينمو بنسبة 40% سنوياً، وكل هذا، يساعد سوق السيارات المستعملة في الدولة على النمو بشكل مطرد. كما أن سوق السيارات المستعملة يعتمد بشكل أساسي على سوق السيارات الجديدة، حيث إن السوق ينمو ويكبر، ويتواكب هذا النمو مع توسع في سوق السيارات المستعملة أيضاً.

الدفعة الأولى

وقال محمد فيصل مالك صالة الميراج للسيارات إن الصيف ورمضان يعتبر تقليدياً فترة لتراجع المبيعات، بينما ترتفع مبيعات السيارات رباعية الدفع شتاءً وهو أمر ينطبق حتى على وكالات السيارات.

وأضاف إنه إثر إقرار البنك المركزي من أعوام عدة للدفعة الأولى البالغة 20% من ثمن السيارة تأثر السوق سلباً، إذ نبيع في سوق العوير السيارات المستعملة الفارهة، وهذه النسبة تصل إلى حوالى 100 ألف درهم لسيارة ثمنها نصف مليون درهم، ما يشكل عبئاً على المشتري.

وعن طرق تنويع مصادر دخلهم قال إنهم يبيعون أيضاً أرقام السيارات وهو سوق جيد يشكل نسبة من أرباحنا. وحول سبب توجه المشترين إليهم بدل الذهاب للوكلاء، أجاب إن حجز السيارة لدى الوكيل قد يستغرق شهوراً عدة لجلبها إلى الزبون، لكن الحال مختلف عندنا إذ أن السيارة متوفرة فوراً للزبون.

وعن منافسة بوابات شراء أخرى مثل منطقة البريمي في عمان والتي اعتاد الكثيرون للتوجه إليها لتوفيرها سيارات جديدة لكن بأسعار أقل من السوق الإماراتي، وهي تنافس بشكل غير مباشر حتى أسواق السيارات المستعملة، قال فيصل إن ذلك كان سابقاً، ولكن الآن يهتم المشترون بالضمان، خصوصاً مع الموديلات الجديدة كلياً والتي قد تكون فيها مشكلات كما حدث مع سيارة رانج روفر فوج أو سبورت 2013، أو نيسان باترول 2010، وهو ما يجعل الأولوية للضمان.

طيران

وقدر أحمد الخطيب من داينا سيتي تراجع المبيعات بنسبة 70 - 80% منذ 3 أشهر، وإن كان التراجع بدأ منذ سنة، واشتكى من أن الوكلاء دخلوا على مبيعات السيارات المستعملة والسكراب، واعتبر أن عروض الوكالات للسيارات الجديدة في رمضان لا تؤثر سلباً على مبيعاتهم إذ أن من يريد شراء سيارة جديدة يبيع سيارته القديمة.

وحول بعض الأسواق الموسمية مثل موسم العمرة الذي كان يشهد شراء سيارات رباعية الدفع من المواطنين خصوصاً للذهاب بها لأداء المناسك، قال أحمد إن الناس لم يعودوا كما السابق يشترون سيارات للذهاب بها إلى العمرة والحج وذلك بسبب انخفاض أسعار تذاكر الطيران.

تراجع

وقال فهد الطنيجي مدير معرض «111» للسيارات المستعملة إن نسبة التصدير إلى مبيعات السوق المحلي حالياً 20% بينما كانت سابقاً 80% أي أن الأدوار انقلبت، وأضاف إن سوق السيارات في دبي مرتبط بأسواق الأسهم والعقار فمن يوفق بصفقة عقار أو أسهم جيدة يستخدم النقود لشراء سيارة جديدة.

أو فارهة مستعملة، ولكن مع تراجع سوق الأسهم خسر السوق هؤلاء الزبائن، مبدياً أمله في عودة انتعاش السوق بعد هبوطه 30% بالفترة السابقة، وقال إن سوق دبي كبير ومفتوح على العالم، وعندما كانت المبيعات منتعشة كنا نعتمد على السوق العالمي، ولكن الآن والأوضاع العالمية أصبحت سيئة اختلف الوضع مع غياب المشترين الروس والإيرانيين، بينما نسبة المشترين الخليجيين بسيطة، وحتى الأفارقة تراجعت مشترياتهم.

وبين أن لتراجع السوق أسباباً كثيرة، فالزبائن أصبحوا يشترون السيارات من ألمانيا مباشرة، فالكل أصبح يشتري ويبيع عن طريق الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، وقال: «هناك إعلانات في أكثر من موقع إلكتروني ومجلة فيما نحن نتكلف الملايين على صالات العرض وإدارتها، حيث إن خلو المعرض يبلغ 7 ملايين درهم.

ورغم كل الصعوبات التي تواجههم يرى الطنيجي أن سوق دبي فيه سيارات ليست موجودة في مناطق أخرى من العالم مثل الفيراري، وبوغاتي فيرون ليمتد اديشن، وكوينسنغ.

ظواهر

وذكر الطنيجي أنه قبل رمضان كان هناك صينيون يشترون سيارات معينة مثل مازيراتي وبنتلي من الموديلات القديمة وأيضاً سيارات رولز رويس فانتوم من الأعوام 2005-2006، إضافة إلى أودي ار 8.

كما يوجد تجار ألمان يشترون سيارات «اس ال اس» SLS الموجودة بالسوق وخاصة المتوفرة بالمواصفات الخليجية أو الألمانية ولا يأخذون المواصفات الأميركية، ما أدى لارتفاع سعر موديل 2011 من هذه السيارة من 420 ألف درهم إلى 480 ألفاً، ومن المعلوم أن إنتاج هذه السيارة توقف في عام 2013 وأطلقت مرسيدس بدلاً منها موديل «جي تي» نهاية 2014.

وأضاف الطنيجي إن موديل «اس ال ار» هو الآخر والذي كانت تصنعه مرسيدس بالشراكة مع مكلارين حتى العام 2009، يشهد هو الآخر إقبالاً من الزبائن وارتفعت أسعاره.

مكان واحد

أنشأت بلدية دبي سوق العوير لمعارض السيارات المستعملة عام 1999 وكانت تجمع 130 معرضاً، وفي عام 2006 تم تنفيذ المرحلة الثانية للمشروع من خلال إضافة 74 معرضاً لبيع وشراء السيارات في موقع واحد، وتبلغ مساحة السوق مليون متر مربع.

ويمكن للراغبين في شراء السيارات المستعملة معاينة أكبر عدد منها، في مكان واحد ما يسهل إمكانية المقارنة بين السيارات التي يفضّلها الزائر من حيث الأسعار والأنواع وسنة الصنع.

وأبرز الخدمات التي يقدمها مركز العوير والمتعلقة بترخيص المركبات ومن أهمها: تسجيل وتجديد المركبة وفتح ملف ودفع الغرامات وتخصيص رقم مميز وبيع رقم، إضافة إلى إصدار شهادة ملكية رقم مميز بدل فاقد تالف، وتحويل مركبة داخلية.

قبل الوكيل

تتوفر لدى معارض السيارات بعض الموديلات قبل الوكلاء إذ أن لدى بعضهم علاقات مميزة مع موردي السيارات من الخارج، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو أوروبا، أو اليابان. هذا إلى جانب وجود عملاء متميزين هم زبائن هذه الفئة من السيارات، يهتمون بأن تصلهم السيارة قبل غيرهم.

الفرص والتحديات في الأسواق الخارجية

 

 

مع قوة التوقعات المستقبلية لمبيعات السيارات في الإمارات والأسواق الخارجية، هنالك أيضاً بعض التحديات. من بين هذه التحديات تغير التكنولوجيا حيث تتطلب قيام كافة الشركات التي تدخل ضمن سلسلة توزيع وتوريد السيارات بالتحديث المستمر لأنظمتها.

ومن التحديات المحتملة كذلك، إمكانية زيادة الطلب على السيارات غير الضارة بالبيئة. وتمثل هذه التحديات كذلك فرصاً للأعمال من أجل خدمة شريحة من المستهلكين عبر توفير هذا النوع من السيارات في الإمارات والأسواق الخارجية النامية.

من التحديات الأخرى كذلك زيادة الطلب على المركبات زهيدة التكلفة وخاصة من قبل اقتصادات الأسواق النامية. يمكن تلبية هذا الطلب من خلال تصنيع وتصدير سيارات صغيرة الحجم إلى هذه الأسواق.

تعتبر كذلك الحاجة إلى تحسين الحصول على تمويل لشراء السيارات في الأسواق النامية، مثل إفريقيا، تحدياً آخر. وبما أن الشركات الإماراتية تبيع سيارات إلى دول نامية تشمل إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، فإن من الفرص الأخرى الجمع بين تمويل السيارات وبيعها في هذه الدول.

يمكن أن يساعد قيام أسواق متخصصة الشركات الإماراتية على تحقيق مزايا تنافسية استراتيجية والحصول على حصة أكبر من السوق في هذه الأسواق النامية. كذلك يمكن للشركات الإماراتية تعزيز قدراتها التنافسية من خلال استخدام التكامل الرأسي عبر تشجيع العلامات التجارية الرئيسية للسيارات من تجميع السيارات في الإمارات.

ولأن تجميع السيارات وتصنيع قطع الغيار يتطلب مهارات عالية، فإن تحسين مستوى مهارات الموظفين العاملين في المجال وإتباع مقاربة متكاملة من قبل المعنيين بما في ذلك شركات السيارات، المؤسسات التعليمية، المصدرين والموردين، يمكن أن يساعد الشركات الإماراتية على الاستفادة من الفرص المجزية في مجال تجارة السيارات على المدى الطويل.

ويمكن لمثل هذه التدابير وغيرها أن تساعد الإمارات لأن تصبح مركزاً لتجميع وتصدير السيارات إلى الاقتصادات النامية في الشرق الأوسط وإفريقيا.

بين البيع المحلي وإعادة التصدير

 

 

لطالما كانت نسبة 70% من إجمالي الطلب تأتي على السيارات الجديدة المخصصة للتصدير وما نسبته 30% يذهب للسيارات المستعملة في السوق المحلي.

ويمكن للمشتري شراء السيارة دون أي قيود، حيث يمكنه شراء السيارات كأي سلعة في السوق من دون ضرائب وهو الأمر الذي جعل الناس يتوافدون من أقطار مختلفة من العالم لشراء السيارات من الإمارات وهذا السبب يسهم بشكل كبير في انتعاش مبيعات السيارات المخصصة للتصدير.

وتمتعت حركة إعادة تصدير السيارات المستعملة بنمو كبير وسريع، بلغت بأعوام سابقة 40% سنوياً. علماً أن هذه النسبة تتفوق على نسبة نمو مبيعات السيارات المستعملة على الصعيد المحلي. علماً أن حركة إعادة التصدير تنشط إلى العديد من الدول المجاورة، منها العراق، وإيران، والمملكة العربية السعودية، الأردن، والكويت، بالإضافة إلى السودان.

ويرى تجار وأصحاب المعارض أن الأفارقة والمقيمين هم الأكثر طلباً على السيارات اليابانية فيما يفضل المشترون الخليجيون السيارات الأميركية، ويشكل الأفارقة أكبر شريحة من زوار المعرض كما تأتي إيران من بين الدول المهمة في التعامل مع سوق العوير وأسواق السيارات في دبي عموماً ولفترة طويلة كان الزوار الروس ومواطنو دول جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً هم الأغلب .

ولكن بعد تغير نظام الجمارك في روسيا تراجع عددهم بصورة ملحوظة نتيجة للقيود المفروضة وارتفاع تكلفة الاستيراد بعد رفع قيمة التعرفة الجمركية في بلدهم ثم يأتي المشترون من دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة عمان والسعودية والكويت وقطر يليهم المقيمون في الدولة.

ويفضل أكثر الزوار شراء السيارات اليابانية ثم تأتي العلامات الألمانية في المرتبة التالية تليها الأميركية، حيث يعتبر العديد من المشترين أن السيارات اليابانية أكثر عمراً كما أنها اقتصادية لاستهلاكها المحدود للوقود وطول عمر قطع غيارها.

وتتمتع بسهولة بيعها حيث تحظى بإقبال كبير فضلاً عن احتفاظها بقيمتها حيث لا يتراجع سعرها بشدة بعد فترة من استعمالها على عكس أنواع أخرى تفقد الكثير من قيمتها بمجرد استعمالها كما أن بيعها قد يستغرق فترات أطول.