مسؤولون لـ "البيان الاقتصادي":

الصناعة والنقل والإنشاءات أكبر المستفيدين

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

وقع قطاع الإنشاءات في «غرام» الديزل بعد عداء استمر سنين طوالاً بسبب تقلبات أسعار الأخير. وتأتي هذه التطورات على خلفية قرار وزارة الطاقة في الدولة تحرير أسعار الوقود واعتماد آلية للتسعير وفقاً للأسعار العالمية، حيث يشمل قرار تحرير الأسعار مادتي الجازولين والديزل. هذا غير ما يمثله القرار من دعم لاقتصاد الدولة وترشيد لاستهلاك الوقود وحماية للموارد الطبيعية وللمحافظة على البيئة.

وقال مسؤولون في دوائر وشركات عاملة في قطاعي الإنشاءات والعقارات، إن قرار تحرير أسعار الديزل سيجعل من قطاع الإنشاءات أكثر القطاعات الاقتصادية استفادة، لاسيما وأن القرار يأتي على خلفية الدراسة التي قامت بها وزارة الطاقة في الدولة مقارنة بالأسعار العالمية للمشتقات البترولية، والتي أثمرت عن قناعة تامة من انخفاض أسعار بيع الديزل عن مستوياتها الحالية.

ووصفوا الانخفاض المتوقع للديزل بالعامل الإيجابي والمحفز للاقتصاد الوطني نتيجة لارتباط الديزل بالعمليات التشغيلية في مجموعة كبيرة من القطاعات الحيوية في الدولة وفي مقدمتها الإنشاءات والصناعة، والنقل، والشحن، وهو ما يعني مكاسب وربحية لتلك القطاعات بسبب المحصلة النهائية لانخفاض الفاتورة التشغيلية لمختلف الشركات في تلك القطاعات.

جاذبية

قال هشام عبدالله القاسم الرئيس التنفيذي لمجموعة وصل لإدارة الأصول: جاء إعلان وزارة الطاقة عن تحرير أسعار الوقود في الدولة خطوة متسقة من النظام الاقتصادي الحر الذي تنتهجه الدولة، والذي سيتمخض عنه حتماً فوائد عدة لترسيخ المناخ المرن المتوافق مع المعطيات الاقتصادية العالمية.

لافتاً إلى أن لهذا القرار تبعات إيجابية على الجاذبية الاستثمارية لدولة الإمارات، وسيساعدها على تعزيز قدرتها التنافسية بين الملاذات الإقليمية والعالمية الأخرى، خاصة وأن تحرير أسعار الوقود في الإمارات يبعث برسالة مفادها أن البيئة الاقتصادية تحكمها قواعد ونظم متناغمة مع الوضع الاقتصادي وعناصره ومقوماته المختلفة، بما في ذلك معادلة العرض والطلب.

وأكد القاسم أنه حتى إذا أدى هذا التعويم إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية للمستهلكين، سيكون ذلك دافعاً قوياً لترشيد الاستهلاك في المنزل، ما يعني بطبيعة الحال حماية الموارد الوطنية لمصلحة أجيال المستقبل. وعلى الصعيد المؤسسي، سيحفز ذلك الشركات إلى البحث عن مصادر الطاقة البديلة بل والحرص على استخدامها في المصانع والشركات ووسائل النقل. أما على المستوى الرسمي، فستحرص الدولة على تشجيع وإطلاق المبادرات التي تقود إلى إبداع الحلول المبتكرة لما لها من فوائد متعددة، من حيث حماية البيئة وخفض استهلاك الوقود الأحفوري.

وأشار القاسم إلى أن تحرير الأسعار على مستوى الدولة سيساعد على إيجاد الحلول الناجعة والدائمة للتفاوت في السياسات التسعيرية لبعض المشتقات، مثل الديزل، وذلك بالاعتماد على لجنة وطنية تكون مهمتها تحديد أسعار المنتجات، بناءً على المعطيات القائمة في السوق العالمية، والتوقعات المستمدة من القراءات الذكية والرصد المستنير للظروف والعوامل المؤثرة في المناخ الاقتصادي برمته. واستبعد القاسم حدوث تبعات سلبية حادة على المستهلكين الأفراد، خاصة وأن ما يستحوذ عليه استهلاك المشتقات النفطية مع معدل دخل الفرد في الإمارات يظل من المعدلات الأدنى عالمياً.

التشييد يستفيد

من جهته، قال العضو المنتدب في دبي للاستثمار خالد بن كلبان إن التراجع المتوقع في أسعار الديزل بعد تحريره سيعود بالنفع بوضوح على قطاع المقاولات والإنشاءات الذي يعد من أهم القطاعات الحيوية التي تحرك عجلة النمو الاقتصادي في الدولة، ويرتبط به نحو 30 نشاطاً اقتصادياً أبرزها صناعات الحديد والصلب والرمل والإسمنت والألمنيوم والخشب وغيرها. ووصف بن كلبان الانخفاض المتوقع للديزل بالعامل الإيجابي والمحفز للاقتصاد الوطني نتيجة لارتباط الديزل بالعمليات التشغيلية في مجموعة كبيرة من القطاعات الحيوية في الدولة وفي مقدمتها الإنشاءات والصناعة، والنقل، والشحن، وهو ما يعني مكاسب وربحية لتلك القطاعات بسبب المحصلة النهائية لانخفاض الفاتورة التشغيلية لمختلف الشركات في تلك القطاعات.

تأثير مباشر

وقال الدكتور أحمد سيف بالحصا، رئيس جمعية المقاولين بالدولة، إن أسعار المحروقات مرتبطة إلى حد كبير بكلفة البناء والتشييد. ووصف بالحصا القرار بمثابة دعم كبير يتلقاه قطاع الإنشاءات والعامل المهم في نمو الشركات العاملة في صناعة البناء والتشييد. مشيراً إلى أن خفض سعر الديزل يدعم بقوة نمو قطاع الإنشاءات وسيؤدي تراجع أسعار الديزل إلى تخفيف العبء على سلسلة طويلة من المستهلكين وتبدأ بالمقاول (وتحديداً شركات المقاولات الصغيرة) الذي سيخفض تكاليف التنفيذ ومن ثم مطوري العقار بتخفيض أسعار البيع أو الإيجار ولو بنسب متواضعة، لكنها بالتأكيد ستقلل من حجم الضغوط المالية التي يتعرض لها. وسيشكل تخفيض أسعار الديزل خطوة إيجابية في اتجاه تخفيض تكاليف العديد من الصناعات التي يدخل الديزل فيها كوقود، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الكثير من الصناعات وتكاليف الحياة المعيشية في الدولة.

ولفت بالحصا إلى أن الديزل «يدخل بدوره في مواد التصنيع والإنتاج، والنقل والشحن، وكذا قطاعي العقارات والمقاولات والإنشاءات، ونقل العمالة والبضائع والسلع، فيما كانت أسعاره المرتفعة عاملاً مؤثراً في مؤشرات التضخم».

ولفت بالحصا إلى أن قطاع توريد المعدات الثقيلة والرافعات على سبيل المثال تراجع عن تسجيل معدلات نمو بسبب تقلبات أسعار الديزل، وإلى الدرجة التي بات معها استمرار أسعار الديزل في التهام نسبة كبيرة من نفقات المقاولين مشكلة التوقف عن توريد آلات ومعدات لمواقع البناء، ومن ثم تتوقف مشروعات إنشائية عن العمل.

وقال إن «قطاع مقاولات البناء يعتبر بمثابة شبكة من العلاقات والمصالح الاقتصادية المنظمة، وتالياً فإن تضرر أي جزء منه، يمثل تهديداً مباشراً للقطاع بأكمله»، لافتاً إلى أن «شركات تأجير المعدات الثقيلة، متضررة فعلياً من ارتفاع تكاليف التشغيل، خصوصاً أسعار الديزل».

كلفة

من جهته، قال العضو المنتدب لشركة إعمار العقارية أحمد المطروشي: إن أسعار المحروقات مرتبطة إلى حد كبير بكلفة البناء والتشييد. مؤكداً أن سعر الديزل لابد أن يتراجع طبقاً للقرار الوزاري. وأوضح المطروشي أن ثمار الخطوة لن تتوقف عند دعم قطاع الإنشاءات بل تمتد إلى أنشطة اقتصادية مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بأنشطة عدة، إذ إن كلفة الوقود تؤثر في أسعار البناء وبالتالي تؤثر في كلفة المعيشة في الشق المتعلق بتملك العقارات، لكن قد لا يطال الإيجارات.

وأضاف المطروشي إن قطاع الإنشاءات يتأثر بشكل مباشر بكلفة المحروقات والقرار يدعم مرونتها في خفض أسعار التنفيذ وتحقيق عائدات جيدة، هذا غير أن أسعار الديزل ستصبح لاعباً مؤثراً في عملية التسعير، ما يخدم المقاولين ومن ثم ملاك المشاريع وصولاً للمستخدم النهائي.

ووصف المطروشي القرار بأنه تطور لافت في الطريقة التي تتعامل بها الدولة مع الاستحقاقات الاقتصادية المحلية والعالمية. ولفت إلى أن من الضروري التثقيف بأن الدراسات المختصة تشير إلى أنه وبالرغم من تحرير الأسعار، ستظل أسعار الوقود في دولة الإمارات هي الأقل بالنسبة لدخل الفرد، مقارنة بأسواق الدول المجاورة أو الأسواق العالمية.

مراجعة

تخضع سياسة التسعير الجديدة للمراجعة الشهرية مع التأكيد على أن قرار تحرير أسعار الوقود عموماً والديزل على وجه الخصوص، يتوافق مع التوجهات الاقتصادية العالمية فيما يتعلق بتحرير الأسواق وتعزيز التنافسية. ويأتي القرار عشية دراسات دقيقة رشحت منافع اقتصادية واجتماعية على اقتصاد الدولة والمجتمع.

تراجع كلفة المشاريع وتنافسية في الأسعار

قال موفق القداح رئيس مجلس إدارة مجموعة ماج، إن للقرار الذي اتخذته وزارة الاقتصاد فوائد اقتصادية وتأثيرات إيجابية ستنعكس على جميع القطاعات، بما في ذلك القطاع العقاري الذي يعدّ أحد محركات النمو في اقتصاد الدولة. وبالتأكيد سيتجلى ذلك في تنافسية أسعار البيع في مناطق التملك الحر تحديداً.

ومن جهة أخرى، سيشعر المجتمع الاستثماري في الإمارات بالطمأنينة التامة، لأن مسؤولية الأسعار ستقع على عاتق لجنة متخصصة تتمتع بالدراية التامة والنزاهة الموضوعية من خلال متابعتها لحركة أسعار النفط في الأسواق العالمية، كما أن القرار ذاته تم اتخاذه بعد إجراء الدراسات المطلوبة التي وضعت في الحسبان كافة الجوانب التي تقتضيها المصلحة الوطنية.

مزايا

وأضاف القداح أن العمل في بيئة اقتصادية قوية بعيدة عن الدعم الحكومي له مزايا كثيرة للشركات، لأنها تتيح خوض المنافسة على المستوى العالمي، لاسيما وأن مثل هذه الخطوة تعزز ترتيب الإمارات على مؤشرات التنافسية، وتساعد على زيادة جاذبيتها الاستثمارية، ما يعني حتماً توفير روافد قوية للقطاع العقاري. وبهذه الطريقة تستطيع المؤسسات صياغة استراتيجيتها على المدى المنظور، وتحديداً ما يتعلق بتكاليف المشتريات وأسعار المنتجات التي ستكون بدورها متناغمة مع الأسواق العالمية.

خفض التكاليف

من جهته، قال المهندس عماد عزمي المدير الشريك في شركة الشعفار للمقاولات، إن الشركات العاملة في الإنشاءات تنفق بشكل عام 35% على المحروقات فيما تصل نفقات المقاولين المتخصصين بأعمال الطرق إلى نحو 60 %.

مؤكداً أن أي تراجع في أسعار الديزل سيؤدي إلى خفض تكاليف العديد من الصناعات التي يدخل الديزل فيها كوقود، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الكثير من الصناعات وتكاليف الحياة المعيشية في الدولة. لافتاً إلى أن معاناة المقاولين تحديداً مع الديزل باتت من الماضي.

وأوضح عزمي أن الدورة الاقتصادية مرتبطة بشكل رئيس بثلاثة قطاعات، العقاري، والبتروكيماويات، والمالي، وهذه القطاعات معروفة بهامش متذبذب، بالتالي فإن عدم استقرار الإيرادات والمصروفات، لابد أن يؤثر في القرارات التي يبنيها رجال الأعمال والموردون والمصدرون، بصورة تجعلهم يضيفون هوامش أرباح تفوق المعدلات الطبيعية سعياً لحماية أنفسهم من تقلبات الأسعار، ما يعني أن المستهلك هو المتضرر الوحيد وهو ما يسعى القرار إلى تفاديه وحماية المستهلك بقوة، خصوصاً أن العجلة الاقتصادية لا تمنح المستهلك فوائدها إلا بعد فترة ليست بالقصيرة، بينما يشعر المستهلك بارتفاع مؤشرات التضخم على نحو واضح.

Email