قالت نشرة «أخبار الساعة» إن ما شهدته الأسابيع الأخيرة من تطورات محورية متسارعة في العديد من القضايا الاقتصادية والجيوسياسية العالمية التي ألقت بظلالها على جانبي العرض والطلب العالمي على النفط تثير التساؤلات بشأن مستقبل أسواق النفط العالمية وتزيد من حساسية المرحلة بالنسبة إلى دور الفاعلين الرئيسيين في الأسواق، ولا سيما منظمة «أوبك» بجانب منتجي النفط الرئيسيين خارج المنظمة.
وأوضحت النشرة، التي تصدر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في افتتاحيتها أمس بعنوان «تطورات محورية في أسواق النفط العالمية»، أنه على جانب العرض فإن القضية المحورية التي شهدت تطوراً مثيراً الفترة الماضية هي قضية الملف النووي الإيراني، فالاتفاق النووي النهائي الذي تم إبرامه بين إيران من ناحية ومجموعة 5+1 من ناحية أخرى في حال التزام الطرفين به سيفتح الباب تدريجياً أمام عودة صادرات النفط الإيرانية إلى الأسواق العالمية بشكل كامل وهذه العودة وإن استلزمت بعض الوقت فإنها من دون شك سوف يترتب عليها زيادة ملحوظة في العرض العالمي للنفط.
الإنتاج الإيراني
ولفتت النشرة إلى أن إيران التي تنتج نحو 3.6 ملايين برميل من النفط يومياً وتستهلك نصف هذه الكمية لم تكن في استطاعتها تصدير سوى 1.2 مليون برميل من النفط يومياً وذلك بسبب العقوبات المفروضة عليها ليبقى نحو 600 ألف برميل يومياً كمخزون إجباري على ظهور الناقلات النفطية وبالتالي فإن إزالة تلك العقوبات كجزء من الاتفاق النووي يعني أن الصادرات النفطية الإيرانية قد تزداد بنحو 50 بالمائة في الأجلين القصير والمتوسط، وقد تزداد بشكل أكبر في الأجل الطويل في حال تمكنت الحكومة الإيرانية من تنفيذ مشروعات نفطية جديدة تزيد من خلالها الطاقة الإنتاجية لقطاعها النفطي ما سيلقي بظلاله حتماً على أسواق النفط، وفي هذا الموضع لا يمكن إغفال التطورات الأخرى التي ارتبطت بجانب العرض العالمي للنفط خلال الشهور الماضية والمتعلقة بزيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأميركية والتوسع الروسي المبالغ فيه في الإنتاج وهي التطورات التي تسببت في إحداث طفرة في جانب العرض وضغطت بشكل كبير على الأسعار العالمية للنفط.
قضية الديون
وأضافت أنه على الجانب الآخر وفي ما يتعلق بالطلب العالمي على النفط تأتي قضية الديون الحكومية لليونان التي ألقت بظلالها الكثيفة على أسواق النفط العالمية خلال الأسابيع الأخيرة وأثرت بشكل مباشر في جانب الطلب العالمي على النفط، إذ إنها كشفت عن حقيقة واضحة بشأن هشاشة الأوضاع الاقتصادية الكلية ليس في اليونان فقط ولكن في منطقة اليورو ككل.
التباطؤ في الصين
ولفت إلى أنه وبالتزامن مع هذه الأزمة شهدت الفترة الماضية أيضاً تطورات أخرى ذات تأثير سلبي في جانب الطلب وأهمها التباطؤ الاقتصادي في الصين الذي يعد الأول من نوعه منذ ما يقرب من ثلاثة عقود وهو تطور مثير في هذا الإطار، ولا سيما أن الصين هي المستهلك الأول للطاقة في العالم الآن، ولا يمكن في هذا الإطار أيضاً تجاهل حالة الهشاشة الاقتصادية التي تعانيها كل من الولايات المتحدة الأميركية واليابان، وهي جميعها تغيرات أضعفت بشكل كبير الطلب العالمي على النفط وأثارت المزيد من الشكوك حول مستقبله.
مرحلة
أكدت «أخبار الساعة» أن أسواق النفط العالمية تمر الآن بمرحلة حساسة في تاريخ تطورها وتشهد تغيرات استثنائية على جانبي العرض والطلب وقد تستمر هذه الوضعية لفترة ليست بالقصيرة في المستقبل، الأمر الذي يتطلب حرصاً شديداً من قبل الفاعلين الرئيسيين في الأسواق، ولا سيما أولئك المرتبطين بشكل مباشر بجانب العرض وعلى رأسهم أوبك ومنتجو النفط الكبار الآخرون من أجل المحافظة على استقرار الأسواق كأحد متطلبات استقرار الاقتصاد العالمي برمتـه.