شهد سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان صاحب السمو ولي عهد أبوظبي، مساء أول من أمس انطلاق فعاليات ملتقى الإمارات إندونيسيا للأعمال الذي نظمته غرفة تجارة وصناعة أبوظبي في قصر الإمارات في أبوظبي بحضور جوكو ويدودو رئيس جمهورية إندونيسيا ومشاركة 200 شركة ومؤسسة إماراتية وإندونيسية.

شهد الملتقى معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد ومعالي عبد الله بن محمد غباش وزير الدولة، وتوماس ليمبونغ وزير التجارة الإندونيسي وإبراهيم المحمود النائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي وفرانكي سبراني رئيس هيئة تشجيع الاستثمار في إندونيسيا، وأعضاء مجلس إدارة الغرفة وعدد من ممثلي الهيئات والمؤسسات الاقتصادية الرسمية في البلدين.

حجم التبادل التجاري

وأكد معالي سلطان المنصوري وزير الاقتصاد في كلمته في افتتاح الملتقى أن الإمارات تعد حاليا أكبر شريك تجاري لإندونيسيا بين دول التعاون، مشيرا إلى أن حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين بلغ حوالي ملياري دولار العام الماضي 2014، مسجلاً نسبة نمو بلغت 22% عن عام 2013.

ونوه بأن الإمارات تعتبر ضمن أهم 18 سوقاً عالمياً للصادرات الإندونيسية، بينما تعتبر إندونيسيا ضمن أهم 11 دولة تستورد منها دولة الإمارات السلع والمنتجات. وشدد على أن العلاقات الإماراتية الاندونيسية شهدت تطوراً ملحوظاً منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في العام 1976، حيث يرتبط البلدان بعلاقات وصلات وثيقة خاصة على الصعيد الاقتصادي والتجاري.

استثمارات

وأوضح أن الإمارات تولي أهمية كبيرة لاستثماراتها الخارجية خاصة في الدول التي تربطها بها علاقات تعاون وصداقة وطيدة ومن بينها جمهورية اندونيسيا، مشيرا إلى أن هذه الاستثمارات موجهة لعدد من المشاريع المهمة والحيوية مثل المواصلات، والتنقيب عن النفط والغاز والفنادق والمطاعم.

وأوضح أنه رغم التقدم الملحوظ في علاقاتنا الثنائية الاقتصادية إلا أن طموحاتنا تتجاوز الواقع القائم حالياً ونحن على قناعة بأن التبادل التجاري والاستثمار المشترك بين بلدينا، لا يلبي طموحنا المشترك ولا يزال دون الإمكانيات المتاحة ولا يساير العلاقات الطيبة التي تجمعنا.

وذكر معاليه أن الهدف من الملتقى هو تفعيل الاتفاقيات والشراكات والمضي قدماً في تطوير العلاقة للاستفادة المثلى من الإمكانيات الكبيرة المتاحة لدى الطرفين، وقال «نرى أن على الجانبين بذل المزيد من الجهود لاستقطاب الاستثمارات عبر الترويج للمشاريع المتاحة وإقامة المشاريع المشتركة في مختلف الأنشطة الاقتصادية، ونرى العمل معاً على وضع إطار زمني محدد لرفع حجم التبادل التجاري الى مستويات غير مسبوقة خلال السنوات الخمس القادمة».

نافذة واعدة

وقال إن الزيارة الحالية للرئيس الاندونيسي إلى الدولة ولقائه بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة تشكل محطة مهمة في مسار العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، لما لها من تأثير قوي على العلاقات الثنائية الأخوية وفتح آفاق جديدة لمزيد من التعاون بين البلدين. ونؤكد بأن اهتمام القيادة الرشيدة في كلا البلدين نتيجة طبيعية للروابط التاريخية بين الشعبين الصديقين.

حماية الاستثمارات

وقال إننا نرى على ضرورة النظر بتوقيع اتفاقية لحماية الاستثمار بين البلدين بما يعزز من ثقة المستثمرين الإماراتيين لضخ مزيد من رؤوس الأموال في اندونيسيا بشكل أكبر بكثير مما هو عليه الحال الآن، كما نتمنى من الحكومة الإندونيسية عقد جولة مفاوضات مع الجهات المعنية في بلادنا تهدف للانتهاء من توقيع الاتفاقية المعدلة لتجنب الازدواج الضريبي.

وخاطبه الوفد الأندونيسي قائلا إن بلادكم الجميلة تعد واحدة من بلدان العالم التي تتوافر فيها المياه والأراضي الزراعية الخصبة وأنها تستحق فعلاً بأن تكون «سلة غذائية»، وبهذه المقومات الكبيرة، ومع وجود الرغبة الإماراتية النابعة من الاهتمام بملف الأمن الغذائي فإنني أعتقد بأن المسارات تتقاطع بما يمكن أن يشكل تحالفات قوية بين الشركات الوطنية الإماراتية ونظيراتها الإندونيسية لضخ استثمارات في القطاع الزراعي بما يتواكب مع المصلحة المشتركة للطرفين.

مجالات الاستثمار

وأشار إلى أن الإمارات ترى بأن الاستثمار في مجال الأمن الغذائي يعد اليوم أولوية لمختلف حكومات العالم في عصرنا الراهن. ونوه بأن قطاع الزراعة والمنتجات الزراعية في اندونيسيا يعد مجالاً واعداً، مؤكدا على رغبة الإمارات القوية في بذل المزيد من الجهود على صعيد تعريف شركاتها الوطنية بالبيئة الزراعية الخصبة في إندونيسيا وإطلاع رجال الأعمال الإماراتيين على المزيد من المعلومات حول التشريعات والقوانين المنظمة لعملية الاستثمار في هذا المجال الحيوي.

وشدد معاليه على ضرورة تحفيز الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات الحيوية الأخرى في مجالات مثل النفط والغاز وصناعة البتروكيماويات، ومواد البناء، وتطوير البنية التحتية الحضرية، وموارد الطاقة البديلة، والعقارات والسياحة، والمصارف الإسلامية، ولتسهيل مهمة المستثمرين من البلدين.

ودعا القطاع الخاص في البلدين الصديقين لفهم أهمية تلبية الطموحات والتوقعات النابعة من توافر هذه الفرص مع الالتزام بتقديم خدمات بمستويات ومعايير عالمية، مؤكدا على أنه سيكون لجهود القطاع الخاص أهمية عظمى في تكوين علاقات اقتصادية ثنائية فعالة.

إنجازات الإمارات

وتحدث معاليه عن أبرز إنجازات الإمارات، مشيرا إلى أن الإمارات شهدت العديد من التطورات على مختلف المجالات في السنوات العشر الماضية وخصوصاً على الصعيد الاقتصادي، حيث شهد اقتصادها الوطني قفزات نوعية خلال السنوات الأخيرة، وسجلت دولة الإمارات معدلات نمو قياسية بفضل السياسات الاقتصادية الناجحة التي انتهجتها الحكومة الاتحادية على قاعدة التنويع الاقتصادي والتنمية الاقتصادية المستدامة والهادفة لتطوير مختلف القطاعات حيث ارتقى حجم الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير منذ إعلان قيام دولة الإمارات إذ بلغ حوالي 1.77 مليار دولار في العام 1971 في حين وصل إلى 400 مليار دولار مع نهاية العام الماضي 2014.

الاستثمارات الأجنبية

وأوضح أن الإمارات تمثل اليوم محوراً استراتيجياً للاستثمارات الأجنبية وكبرى الشركات العالمية، ونموذجاً جاذباً لرؤوس الأموال العالمية، ووجه الدعوة رجال الأعمال الاندونيسيين للاطلاع على الفرص الاستثمارية الواعدة التي تقدمها الإمارات والدخول في شراكات مع كبرى المؤسسات الإماراتية أو الاستثمار الحر ضمن المناطق الحرة العديدة والمتنوعة التي تغطي مختلف القطاعات الاقتصادية الحيوية.

كما دعا الوفد إلى المشاركة في ملتقى الاستثمار السنوي في العام القادم 2016 لما يمثله من قبة تجمع تحت مظلتها عشرات الدول للتباحث واستطلاع فرص الاستثمار المتبادل.

عمق العلاقات

وألقى الرئيس الاندونيسي كلمة أكد فيها على عمق ومتانة العلاقات التي تربط بين بلاده والإمارات، داعياً رجال الأعمال والمستثمرين والشركات الإماراتية لتعزيز وتكثيف استثماراتها في إندونيسيا، وخاصة في قطاعات البنية التحتية والنقل وإنتاج الكهرباء، ومؤكداً أن حكومته على استعداد تام لتوفير كافة أشكال الدعم والمساندة والتسهيلات لدعم وإنجاح الاستثمارات الإماراتية في إندونيسيا.

ونوه بأن الحكومة الإندونيسية تعمل على تطوير البنية التحتية وتطوير التعليم وزيادة ميزانيته للإسهام في إحداث عملية التنمية المستدامة، حيث تشمل هذه الخطط بناء مطارات وطرق جديدة وسدود ومحطات توليد طاقة وتطوير شامل لوسائل النقل وخطط تنمية تشمل 23 مدينة كبرى في إندونيسيا. وأشار إلى أن هذه المشاريع توفر فرصاً استثمارية مميزة للشركات الإماراتية لتعزيز استثماراتها وتواجدها في أسواق بلاده.

شريك تجاري

وألقى إبراهيم المحمود النائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي كلمة رحب فيها بالرئيس الإندونيسي والوفد المرافق، مشيراً إلى متانة وعمق علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والفني التي تربط الإمارات عامة وإمارة أبوظبي بشكل خاص مع إندونيسيا، حيث إن إندونيسيا تعتبر شريكاً تجارياً مهماً للإمارات وأبوظبي، إلا أن أرقام المبادلات التجارية بين البلدين لا تعكس الإمكانيات المتوفرة فيهما، مما يتطلب جهوداً مشتركة لتعزيز التعاون بين الشركات والمؤسسات في كلا البلدين، خاصة في المجالات التي تركز إمارة أبوظبي عليها في رؤيتها الاقتصادية 2030، وبالأخص قطاعات الصناعة والسياحة والخدمات الصحية والتعليم.

مشروعات مشتركة

وأكد المحمود أهمية إقامة مشروعات صناعية مشتركة، داعياً الشركات في إندونيسيا للاستفادة من الفرص المتاحة في أبوظبي والمميزات التي توفرها للشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار. كما أكد على رغبة الغرفة في رؤية المزيد من المشاركة الإندونيسية في المشاريع الصناعية والعقارية بأبوظبي، والتي تخطط الجهات المعنية في الإمارة لتنفيذها خلال السنوات المقبلة، مما يوفر فرصاً مميزة لهذه الشركات لزيادة تواجدها وتعزيز شراكاتها مع الشركات الوطنية.